الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واتّفق لمنكوتمر مقدّم هذا الجيش أمر عجيب.
ذكر ما اتفق لمنكوتمر في هذا اليوم
/ 48 ب / كان الملك المنصور صاحب حماة قد أهدى للمقرّ الحسامي طرنطاي نائب السلطنة المعظّمة فرسا جيّدا، قيل إنّ ثمنه خمسة عشر ألف درهم. وكان الأمير حسام الدين قد توغّل في المحاربة، فجرح فرسه، فطلب الفرس المهدى إليه، فلمّا أقبل ليركبه ساب من يد أمير أخوره، ولم يزل إلى أن وقف قدّام منكوتمر، فاستبشر به، وانثنى ليركبه. وكان منكوتمر هذا معؤجّ الرّقبة، أصور
(1)
خلقه، فحين انثنى ليركب جاءته نشّابة في عوجة عنقه. فأخذها وهرب على تلك الفرس. فكانت له نعشا أدناه من مصرعه. ورجعت به ولكن لا تسل كيف مرجعه، وخذل القوم بخذلانه، ولم يمت حتى أكل ما نقل لسانه، من شدّة الألم بأسنانه
(2)
.
ذكر ما اتفق عند مواجهة القوم
لما ركب مولانا السلطان للملتقى وقعت البطاقة / 49 أ / من حصن الأكراد على جناح الطائر، مضمونها أنه قد وصل إليه الخبر من جوّا طرابلس الشام أنّ التتار المخذولين سيّروا جمعا كبيرا منهم إلى طرابلس ليخرجوا منه ويكونوا من وراء العساكر المنصورة عند مواجهتهم القوم باللقاء. ولما قرأها قريب المملوك
= وتاريخ ابن الوردي 2/ 228، 229، ومرآة الجنان 4/ 191، والبداية والنهاية 13/ 295، 296، وعيون التواريخ 21/ 278 - 280، وتذكرة النبيه 1/ 62، 63، وتاريخ ابن خلدون 5/ 398، ومآثر الإنافة 2/ 129، وتاريخ الخميس 2/ 424، والسلوك ج 1 ق 3/ 690 - 699، وعقد الجمان (2) 272 - 278، ومشارع الأشواق 2/ 947، 948، والنجوم الزاهرة 7/ 302 - 306، وتاريخ ابن سباط 1/ 475 - 478، وتاريخ الأزمنة 259، وتاريخ ابن الفرات 7/ 212، وبدائع الزهور ج 1 ق 2/ 350، والتحفة الملوكية 98 - 102.
(1)
هكذا في الأصل.
(2)
أنظر عن موت منكوتمر في: تاريخ مختصر الأول 289، وتاريخ الزمان 343 وفيهما أن منكوتمر» مات مسموما، وتشريف الأيام والعصور 18، ونهاية الأرب 27/ 399، 400، والمختصر في أخبار البشر 4/ 15، 16، والدرّة الزكية 243، ودول الإسلام 2/ 183 و 185، والتحفة الملوكية 107 (حوادث سنة 681 هـ). وتاريخ ابن الوردي 2/ 229، وعيون التواريخ 21/ 293، وتاريخ ابن خلدون 5/ 399، ومآثر الإنافة 2/ 129، وتاريخ الخميس 2/ 242، والنهج السديد 234، 235، والسلوك ج 1 ق 2/ 705، والنجوم الزاهرة 7/ 348، وتاريخ ابن سباط 1/ 478، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 350.
الصدر فتح الدين المذكور على مولانا السلطان أحضر أمراء المشور، وقرئت عليهم، فلم يلووا على ذلك، وقالوا: نحن إذا لقينا القوم ودارت بنا رحى الحرب الزّبون لم يبق يعرف لنا إقبال من إدبار.
وأمر مولانا السلطان بتسريح الطائر بجوابها، مضمونه أن تثبت ولا تخرج من القلعة أنت والبحريّة
(1)
المجرّدون بها إن مرّوا به ويدعهم. غير أنه يسارع بتسريح الطائر مخبرا بمرورهم عليه لا غير، ويدعنا ولطف الله وإيّاهم. فلم يكن بأسرع من أن عادت الطيّر بأنّ جماعة خرجوا من الحصن بشعار التتار من السراقوجات
(2)
وغيرها. / 49 ب / وأنّ الخبر الصحيح ورد عليه من مكاتبي طرابلس النّصحاء أنّ الذين خرجوا ليسو
(3)
تتارا بل فرنجا أرادوا التشويش والإبهام والإيهام. وأنهم لم يجسروا أن يبعدوا عن باب طرابلس. بل حيّلوا وتحيّلوا
(4)
.
ففهم مولانا السلطان الصورة، وهو آخذ في شأنه من جهاد القوم، مكبّ على حملاته التي لم ير في أنف وسالف ما لها من يوم.
ولما فرّ القوم لا يلوي أولهم على آخرهم، وانهزموا بين يديه كلمى قد أثّرت الجراحات في بواطنهم وظواهرهم، وعاد مولانا السلطان إلى منزلته وقد ظفر بيوم نصره الموعود المنزل من السماء بمحكم آيته. فبينما هو كذلك إذ عاد من كان من التتار قد ساق خلف الميسرة عندما خاتلتهم بالانحياز، واستجرّتهم لتريهم صدق الكرّة التي جعلها الله للمسلمين عليهم الحقيقة من المجاز. وكان هؤلاء القوم من التتار عشرة آلاف فارس أو يزيدون. وللوقت ركب مولانا السلطان في شرذمة يسيرة / 50 أ / من مماليكه. ولم يكن عند ركوبه من هو من الأمراء واقف بين يديه، إلاّ الأمير سابق الدين بوزبا الساقي الظاهري، وعلم الدين زريق الجولاني
(5)
. وللوقت أمر مولانا السلطان فدقّت الكوسات، ونشرت الرايات، وأتت العساكر عند سماعها مسرعين، وعند إعلان بوقاتها باستدعائهم لإتمام إهلاك عدوّ الله سامعين مطيعين.
(1)
البحرية: جماعة من المماليك كانوا يبيتون بالقلعة حول دهاليز السلطان بهدف الحراسة.
(2)
السراموج: غطاء الرأس عند المغول.
(3)
هكذا، والصواب، «ليسوا» بالألف في آخره.
(4)
تفرّد المؤلّف بهذا الخبر فلم أجده في المصادر المتوفّرة.
(5)
في الدرّة الزكية 243 «علم الدين زريق الرومي» .