الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آلاف فارس، وهي نوبة الروم
(1)
، ودخول الملك الظاهر إليها، وتغرّره بالتجاسر عليها.
ولم يقدم أحد من الأمراء ولا الملك الظاهر على خوض الفرات إلى التتار إلاّ مولانا السلطان وتابعه الناس أول
(2)
فأوّل، وكان عليه في الاقتداء بالتجاسر المعوّل.
هذه وقعات التتار مع المسلمين، وأين وأين، ولا أثر بعد عين. وأين العشرات من المئين
(3)
والألوف، وأين مواطن الأمن من الموطن المخوف. وأين الذّرّة من القنطار، وأين ارتكاب الحذر من ارتكاب ذوي الأخطار، لم يسمع بمثل هذا الجيش الذي عالجه مولانا السلطان وعاجله، وناجزه وما أجّله. / 56 ب / وكاثره وما كابره، وساوره وما شاوره.
[التهنئة بنصرة السلطان]
وفي هذه النصرة يقول الصدر فتح الدين بن عبد الظاهر مادحا لمولانا السلطان ومهنّئا له بهذه النصرة:
الله أعطاك لا زيد ولا عمرو
…
هذا العطاء وهذا الفتح والنصر
هذا المقام الذي لو لم تحلّ به
…
لم يبق - والله - لا شام ولا مصر
من ذا الذي كان يلقى العدوّ كذا
…
أو يدّرع لأمة ما لامها الصبر
يا أيها الملك المنصور قد كسرت
…
جنودك المغل كسرا ما له جبر
واستأصلوا شأفة الأعداء وانتصروا
…
لمّا ثبتّ وزال الخوف والذّعر
(1)
نوبة الروم هي موقعة قيسارية التي جرت أيضا في سنة 675 هـ. أنظر عنها في: تاريخ الملك الظاهر 157 - 164 و 175 - 177، والروض الزاهر 453 - 471، وتاريخ الزمان 335، 336، وتاريخ مختصر الدول 287، 288، والمختصر لأبي الفداء 4/ 9 ونهاية الأرب 30/ 354 - 357، وذيل مرآة الزمان 3/ 170، وزبدة الفكرة 9 / ورقة 184 أ، ب، والتحفة الملوكية 84، والمختار من تاريخ ابن الجزري 285، 286، ودول الإسلام 2/ 176، والعبر 5/ 305، والدرّة الزكية 193، 194، ومرآة الجنان 4/ 174، والبداية والنهاية 13/ 271، 272، وعيون التواريخ 21/ 93، 94 و 101، وتاريخ ابن خلدون 5/ 392، والسلوك ج 1 ق 2/ 629 - 631، وعقد الجمان (2) 159 - 162، والنجوم الزاهرة 7/ 170 - 173، وتاريخ ابن سباط 1/ 441، 442، وتاريخ الأزمنة 253، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 338.
(2)
الصواب: «أولا» .
(3)
في الأصل: «الماين» .
يا عزمة ما رأى الراؤن مشبهها
…
ووقعة سار في الدنيا لها ذكر
لمّا بغى جيش «أبغا» في تجاسره
…
ولم يمدّك إلاّ القنا جسر
وأجمع المغل والتكفور واتفقوا
…
مع الفرنج ومن أردى به (الكفر)
(1)
جاءت ثمانون ألفا من بعوثهم
…
لأرض حمص فكان البعث والنشر
وافا
(2)
الخميسان في يوم الخميس ضحى
…
وامتدّت الحرب حتّى أذّن العصر
/ 57 أ / والسيف يركع والأعلام رافعة
…
والرؤس تسجد لا عجب ولا كبر
والخيل لا تغتدي إلاّ على جثث
…
والسهل من أرؤس القتلى به وعر
والبيض تغمد في الأجفان من مهج
…
والسمر ناهيك يا ما تفعل السمر
فجاء في رجب عيدان من عجب
…
للسيف والرمح هذا الفطر والنحر
فكان أسلمهم من أسلموه لأن
…
يقوده القيد أو يسري به الأسر
وراح فارسهم في إثر راجلهم
…
تنتابه الوحش أو ينبو به القفر
فما رعى منهم راع رعيّته
…
إلاّ ارعوى لهم من روعة فكر
وكان يوم الخميس النصف من رجب
…
عام الثمانين هذا الفتح والنصر
وعاد سلطاننا المنصور منتصرا
…
والحمد لله تمّ الحمد والشكر
وقلت مادحا له ومهنّئا بهذه النصرة إلاّ أنها صدرت عن قلب جريح بألم جسمي الجريح:
نجحت مساعي سيفك البتّار
…
بالحدّ في دم أرمن وتتار
/ 57 ب / وخطا إلى الخطاء
(3)
الذين تجاسروا
…
فأصارهم في ذلّة وصغار
رام الأعاجم ردّه بتناصر
…
فبدا بقتل النجدة الأنصار
عفّيت إذ عفّيت عن آمالهم
…
بالعزم ما لهم من الآثار
وردوا فأوردهم حسامك
…
منهل الإضرام والإضراء والإضرار
وقصدتهم بعوامل من شأنها
…
بالقصف قصف مؤجّل الأعمار
وأسلت بحرا من حديد سلا
…
حك المردي العداة بقوّة التيّار
(1)
عن الهامش.
(2)
الصواب: «وافى» .
(3)
الخطا: بفتح الخاء المعجمة وكسرها، وهو الأشهر. وهم أهل البلاد الصين.
ومن العجائب قدح نار زناده
…
أسمعتم ما يكون بنار
جاءوا لأخذ الثأر يا ملك الورى
…
فتلوت ثارا جاولوه بثار
هم يمّموك بقضّهم وقضيضهم
…
كيما ينالوا غاية الأوطار
فحبيتهم آثار من أفقدته
…
فاستبدلوا الأوطار بالأوتار
قد جرّ أبغا للتلاف جيوشه
…
إذ قاسها بالعسكر الجرّار
ما شكّ في إهلاكهم بتجارب
…
لكنّما الإضرار بالإصرار
ولكم إليه أعذرت عزماته
…
وإزالة الإعذار بالأعذار
/ 58 أ / وافوا ذمارك ضلّة من رأيهم
…
فقرنت طيف غرورهم بدمار
وأتوا لحمص مقبلين بهمّة
…
إقبالها في غاية الإدبار
ما هال إكثار لديك وقد أتوا
…
في صورة الإكبار والإكثار
أرشفتهم كأس المنون فأمعنوا
…
جهلا ولم يلووا على الإسار
خادعتهم بتحيّز فتراسلوا
…
واستأنسوا من بعد طول نفار
وحملت فيهم (حملة)
(1)
علويّة
…
لم تبق في الآثار من ديّار
«أبغا» تأدّب لا تلمّ بمثلها
…
وحذار ممّا قد جنيت حذار
واقنع ولا تطمع فلست بطامع
…
في زور ملك في بديل معار
يا هل ترى نجّى الفرار مخبّرا
…
وأتى إليك بأسوأ الأخبار
وأظنّه لم ينج إذ عمّ البلا
…
جمعا جمعتهم من الأمصار
أبقيت يا مخذول للمنصور ما
…
قد صار جلّ مآثر السّمّار
أمّت جيوشك والهلاك يقول:
…
يا أطلاب «هولاكو» بدار بدار
أو ما قلاون المبيد جموعهم
…
بتواتر الإيراد والإصدار
/ 58 ب / من سالف أبدى الزمان وآنف
…
بتعاضد من عزمه الكرار
كم وقعة بالرأي منه وحرمة
…
دارت دوائرها على الكفّار
عزّت مناقبك التي أوتيتها
…
عن أن توفيها ذوو الأشعار
وتضاءلت لعظيم قدر مديحها
…
نظّامه يا عالي المقدار
تعس امروء وافى يحاول
…
عزمك الخطار بالخطار للأخطار
(1)
كتبت فوق السطر.