الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مبادئ وقواعد في النوازل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين. وبعد:
تمهيد: فإن من سنن الله القائمة في كونه تبدل الأحوال وتغير الظروف، فلكل عصر أدواته ووسائله، ولكل أهل زمان عاداتهم وأعرافهم الخاصة، وقد تميز هذا العصر عن العصور السابقة بالتطور المادي الكبير الذي شمل كافة نواحي الحياة، وبخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا؛ حيث نشهد هذه الأيام ثورة عارمة وتقدمًا مذهلًا في وسائط الإعلام والاتصال وتقنية المعلومات، إلى درجة أن المرء بات عاجزًا عن ملاحقة ما يستجد في هذا المجال.
وكان لانتشار هذه الوسائل دور هام في تيسير أمور الناس وقضاء احتياجاتهم، فصاروا يعتمدون عليها في أغلب شؤون حياتهم، ولم يعد بإمكان أحد الاستغناء عنها في هذا الزمن، وقد أفرز هذا التطور جملة من النوازل والمسائل الجديدة التي تتطلب من علماء الشريعة بذل الجهد واستفراغ الوسع في استنباط أحكامها.
ولقد اهتم علماء الشريعة بما يستجد من النوازل الفقهية، وحظيت هذه النوازل باهتمام علماء العصر اهتمامًا بالغًا، فقاموا ببيان المنهج الشرعي في استنباط أحكامها، وبذل الوسع في بيان حكم ما وقع منها.
ونبين معنى فقه النوازل وأهميته، والضوابط التي ينبغي لأهل العلم أن يسلكوها عند حصول النازلة، وبيان الحكم الشرعي فيها.
أولًا: تعريف فقه النوازل لغة واصطلاحًا:
أ- تعريف الفقه لغة: الفِقه بالكسر: فهم الشيء.
وفي الاصطلاح: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية.
ب- تعريف النوازل: النوازل جمع نازلة، وهي لغة: تدل على هبوط شيء ووقوعه.
واصطلاحًا: يختلف مفهوم النازلة عند أهل العلم في القديم والحديث:
ففي القديم كانت تطلق ويراد بها: الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس ومن ذلك مشروعية القنوت في النوازل، أما في الحديث فقد عرفت النازلة بعدة تعريفات منها:
أ- الوقاع والمسائل المستجدة، والحادثة التي تحتاج إلى حكم شرعي.
فيكون تعريف فقه النوازل بناء على ما سبق: معرفة الحوادث التي تحتاج إلى حكم شرعي.
فقولنا معرفة: يشمل العلم والظن، فخرج بذلك الجهل والوهم والشك؛ لأن إدراك الأحكام الفقهية قد يكون يقينيًّا وقد يكون ظنيًّا.
وقولنا الحوادث: يراد بها الشيء الذي يقع ولم يكن له ما يماثله، ولها عدة صور:
1 -
حوادث جديدة تقع لأول مرة، مثل: النقود الورقية، وزراعة الأعضاء.
2 -
حوادث جديدة تغيّر حكمها؛ لتغير ما اعتمدت عليه من عرف، مثل: صور قبض المبيع المعاصرة.
3 -
حوادث اشترك في تكوينها أكثر من صورة من الصور القديمة، مثل: عقد الاستصناع، بيع المرابحة للآمر بالشراء.
وقولنا تحتاج إلى حكم شرعي: يخرج بهذا القيد الحوادث التي لا تحتاج إلى حكم شرعي، مثل، الزلازل والكوارث والبراكين.
ويطلق على العلم الذي يُعنى بالنازلة عدة مصطلحات منها:
1 -
فقه النوازل.