الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجهاد
قد جدت نوازل وقضايا مما يندرج في كتاب الجهاد ومنها:
الهدنة مع اليهود في فلسطين:
إن اليهود أشد الناس عداوة للمسلمين، قال تعالى:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].
وقد كان منهم نقض العهود التي أبرمها معهم محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة وساعدوا المشركين عليه، وهم اليوم قد اغتصبوا فلسطين ودنسوا مقدساتها، ولم يبق أمام المسلمين إلا جهادهم وقتالهم لاسترداد حقوقهم والذود عن أراضيهم ومقدساتهم، وقد أفتى بذلك علماء المسلمين في شتى الأقطار وعلى مر العقود الماضية، وحيث إن اليهود اليوم قد أصبحت لهم شوكةٌ ومنعةٌ نتيجة لاستعدادهم ووقوف الدول الاستعمارية معهم ضد المسلمين وهذا هو الحبل الذي أخبر الله عنه بقوله: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ
…
} [آل عمران: 112].
والمسلمون اليوم في حالة من الضعف والتفرق، فهل يجوز عقد الهدنة مع اليهود في فلسطين لأجلٍ مسمى، أم أن ذلك غير جائز؟
حكم عقد الهدنة:
حيث إن المسلمين في حالة من الضعف كما أن القوى الاستعمارية تقف مع اليهود في الوقت الحاضر تمشيًا مع مصالحهم وحقدهم على الإسلام والمسلمين فإنا نرى أنه لا مانع من عقد الهدنة معهم بشروط:
1 -
أن تكون الهدنة لمصلحة المسلمين، كما إذا كان القتال غير ممكن لعجزهم وتفرقهم على أن يتم إعداد العدة وتهيئة الأمة للقتال واسترداد الحقوق ما أمكن ذلك.
2 -
أن تكون فترة الهدنة محددة بمدة معينة قدرها بعض الفقهاء ومنهم الشافعية وهو رواية عن أحمد بحدٍّ أقصى عشر سنين؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عقد هدنة مع قريش في الحديبية مدتها عشر سنين، وأجازها بعضهم ومنهم الحنفية وهو رواية عن أحمد حتى لو زادت عن عشر سنين ما دام أن فيها حاجة ومصلحة راجحة للمسلمين، كما إذا كان في المسلمين ضعف وعدوهم أقوى منهم (1). قال الشيخ ابن باز: الصلح لا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكًا مؤبدا، وإنما يقتضي ذلك تمليكهم تمليكًا مؤقتًا حتى تنتهي الهدنة المؤقتة أو يقوى المسلمون على إبعادهم عن ديار المسلمين بالقوة في الهدنة المطلقة (2).
أما عقد الصلح الدائم معهم فلا يجوز؛ لأنه إقرار لهم على الظلم، وإضاعة لحق المسلمين في بلادهم ومقدساتهم، وإبطال للجهاد الذي شرعه الله لحماية دينه والدفاع عن الحقوق في البلاد وعلى مختلف الأزمان، وإذا كان المسلمون اليوم في ضعف وتفرق، فإنه سيجيء يوم -بحول الله- يكونون على حال من القوة والمنعة والاجتماع، يستطيعون فيها أخذ حقوقهم، واسترداد بلادهم ومقدساتهم، ونصر دين الله بنشره في المعمورة، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
وعقد الصلح الدائم يغلق الباب أمام الأجيال القادمة، فلا ينالون حقوقهم واسترداد مقدساتهم وأراضيهم بما التزم به من سبقهم من اتفاقيات وعقود مع اليهود.
(1) توضيح الأحكام لابن بسام (6/ 410).
(2)
مجموع فتاوى الشيخ (8/ 22).