الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيارة الأماكن الأثرية والمتاحف والعناية بالآثار
سادت حضارات كثيرة ثم بادت، ومن تلك الأمم من أرسل إليهم الرسل لدعوتهم إلى الإيمان وعبادة الله وحده لا شريك له، ولكنهم كذبوا وعصوا رسلهم فأخذهم الله بعذابه جزاء تكذيبهم وشركهم مع الله غيره، ومن تلك الأمم من بقي لها آثار من مبانٍ وأسواق ومقتنيات ومعابد وغيرها، فهل يجوز للمسلم زيارة تلك الأماكن؟ مثل آثار ثمود (مدائن صالح)، وآثار مدين (مدائن شعيب)، والآثار الفرعونية (الأهرامات والأقصر وغيرها) أم أن زيارتها لا تجوز؟
الحكم الشرعي لذلك:
لا يخلو الأمر من إحدى الحالات الآتية ولكل حكمها:
1 -
إذا كانت زيارة تلك الأماكن للمتعة والنزهة والتسلية فإنها لا تجوز؛ لأنها كانت مساكن الكافرين الذين كذبوا الله ورسله، وفيها تنزل عليهم العذاب، ودليل ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين"، ثم قنع رأسه وأسرع بالسير حتى أجاز الوادي (1).
وقد جاءت الفتوى رقم (19592) وتاريخ 16/ 4 / 1418 هـ بذلك من اللجنة الدائمة في السعودية: بأنه لا يجوز زيارة تلك الآثار بقصد الفرجة والاطلاع، قال ابن القيم: أن من مر بديار المغضوب عليهم والمعذبين، لم ينبغ له أن يدخلها ولا يقيم بها، بل يسرع السير ولا يدخل عليهم إلا باكيًا معتبرًا (2).
2 -
وإذا كانت زيارة تلك الأماكن بقصد الاعتبار والعظة مع تذكر ما حل بمن
(1) رواه البخاري برقم (4419)، ومسلمٌ برقم (7464).
(2)
زاد المعاد لابن القيم (3/ 560).
عصى الله وخالف أمره مع ذكر الله والاستغفار، فلا بأس بزيارتها والنظر فيما آل إليه المكذبون ممّن كفر بالله وأشرك معه غيره.
قال الشيخ بن جبرين في الفتوى رقم 633: لا بأس بزيارتها إذا كان القصد الاعتبار، ولم يكن القصد التعظيم أو التبرك، فإذا وصل إلى بلد فيها شيء من الآثار القديمة جاز له الوقوف عليها؛ لعموم قوله تعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [غافر: 82].
3 -
أما إذا كانت تلك الآثار لأمم وحضارات لم يذكر أنه أرسل إليهم رسل وأنهم كفروا بالله وخالفوا أمره، فلا مانع من زيارتها مع قصد الفائدة والاعتبار بحال الأمم التي كانت ثم ذهبت، وأن الدنيا دار ممر لا دار مقر فيزيده ذلك إيمانًا وإقبالًا على الأعمال الصالحة. والله أعلم.