الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تولي المرأة القضاء
بحث الفقهاء تولية المرأة القضاء، واختلفوا في ذلك وفقًا لما يأتي:
يرى جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة والمالكية (1) أنه لا يجوز تولية المرأة القضاء مطلقًا لحديث: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"(2). والقضاء نوع من الولاية فلا يجوز توليها إياه.
يرى الحنفية جواز أن تتولى المرأة القضاء في الأمور التي تقبل شهادتها فيها، وذلك في غير القصاص والحدود، قال في شرح القدير (3):"وأما الذكورة فليست بشرط إلا للقضاء في الحدود والدماء فتقضي المرأة في كل شيء إلا فيهما".
يرى بعض الفقهاء ومنهم ابن جرير الطبري وابن حزم (4) أنه يجوز تولية المرأة القضاء مطلقًا، ذلك أن المرأة يجوز لها الاحتساب كما حدث للشفاء بنت عبد الله حيث عينت من قبل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه محتسبة على السوق في المدينة، والحسبة نوع من القضاء.
واختلف الفقهاء المعاصرون في ذلك، فذهب بعضهم إلى الأخذ برأي الجمهور، وذهب آخرون إلى الأخذ برأي الحنفية، وذهب غيرهم إلى الأخذ برأي الطبري وابن حزم ومنهم الدكتور يوسف القرضاوي وشرط لذلك شروطًا.
الترجيح:
القول بتولي المرأة القضاء أو منعه لا يعد نازلة، حيث تم بيان الحكم في ذلك
(1) مغني المحتاج (4/ 375)، والمغني لابن قدامة (14/ 12)، ومواهب الجليل للخطاب (6/ 87).
(2)
أخرجه البخاريُّ في باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر ورقمه (4425).
(3)
شرح فتح القدير لابن الهمام (5/ 454) نشر وزارة الشؤون الإِسلامية في السعودية.
(4)
بداية المجتهد لابن رشد (3/ 445)، والمحلى لابن حزم (9/ 429). وانظر: حكم تولية المرأة القضاء وهو بحث أعده مصطفى محمود سليخ.
قديمًا، ولكن يعد نازلة من حيث التطبيق العملي؛ حيث لم يذكر تولي امرأة للقضاء منذ عصور الإسلام الأولى حتى عصرنا، كما أن القوانين والأنظمة في أكثر الدول تجيز تولي المرأة القضاء، وأمور الحياة تتشابك بين الأمم، ويسهل التواصل بين الحضارات، والمرأة تعمل قاضية في كثير من الدول.
ونرى أن ولاية المرأة في شؤون الأسرة وما له علاقة بالنساء جائزة، فما رأى ولي أمر المسلمين أن من المصلحة توليها له فلا بأس به، بشرط أن تتوفر فيها شروط تولي القضاء، وأن عدم توليها ما عدا ذلك إنما هو رحمة بها وشفقة عليها (1)، فتولي القضاء إنما هو تكليف قبل أن يكون تشريفًا، فقد ورد في الحديث: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة
…
" (2)، كما أن كثيرًا من كبار العلماء ومنهم أبو حنيفة امتنع عن تولي القضاء؛ لما يعلمه من عظم مسؤوليته وخطر أمره. والله أعلم.
(1) ويرى الدكتور عبد الله الطيار عدم جواز تولي المرأة القضاء مطلقا.
(2)
رواه أبو داود والترمذيُّ وابن ماجه والطبرانيُّ، واللفظ له عن أبي موسى مرفوعًا، وصححه الحاكم وغيره كشف الخطأ ومزيل الإلباس للعجلوني (2/ 126)، ورقمه (1778).