المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المظاهرات والاعتصامات المظاهرات في اللغة: يقال: ظاهر فلانًا عاونه، وتظاهروا: تعاونوا وتجمعوا - الفقه الميسر - جـ ١٣

[عبد الله الطيار]

فهرس الكتاب

- ‌مبادئ وقواعد في النوازل

- ‌أولًا: تعريف فقه النوازل لغة واصطلاحًا:

- ‌ثانيًا: أهمية دراسة فقه النوازل:

- ‌ثالثًا: أنواع النوازل:

- ‌رابعًا: حكم دراسة النازلة:

- ‌خامسًا: الشروط المعتبرة في المتصدي للنازلة:

- ‌سادسًا: خطوات دراسة النازلة:

- ‌سابعًا: الضوابط التي ينبغي أن يراعيها المجتهد قبل الحكم في النازلة:

- ‌أولًا: أن يذكر دليل الحكم في الفتوى النازلة:

- ‌ثانيًا: أن يبين البديل المباح عند المنع من المحظور:

- ‌ثالثًا: التمهيد في بيان حكم النازلة:

- ‌رابعًا: مراعاة مقاصد الشريعة:

- ‌خامسًا: فقه الواقع المحيط بالنازلة:

- ‌سادسًا: مراعاة العوائد والأعراف:

- ‌سابعًا: الوضوح والبيان في الإفتاء:

- ‌النوازل في الأشربة والأطعمة

- ‌المرطبات والمشروبات الغازية:

- ‌مشروبات الطاقة:

- ‌المنشطات الرياضية:

- ‌المنشطات الجنسية:

- ‌حكم المشروبات العصرية المسكرة (الويسكي والجن والشمبانيا وغيرها):

- ‌المخدرات

- ‌ذبح الحيوان المأكول بواسطة الأجهزة الحديثة

- ‌اللحوم المستوردة

- ‌الأطعمة المحتوية على مواد ومركبات إضافية

- ‌المشروبات والأطعمة المحتوية على الدم:

- ‌حكم الجيلاتين المستخرج من جلود الحيوانات وعظامها:

- ‌شرب الدخان (التبغ) والشيشة

- ‌حكم شرب الدخان والشيشة:

- ‌أثر الأعلاف الصناعية المركبة في الحيوانات المأكول لحمها والحكم الشرعي

- ‌استعمال الأسمدة والمبيدات الكيميائية في زراعة النبات الذي يتغذى به الإنسان

- ‌الأغذية المعالجة بالأشعة

- ‌أنواع الأشعة المستعملة والمسموح باستخدامها في تشعيع المواد الغذائية:

- ‌الحكم الشرعي لمعالجة الأغذية بالأشعة:

- ‌الأغذية المعدلة وراثيًا في النبات والحيوان

- ‌حقيقة التعديل الوراثي:

- ‌الحكم الشرعي للأغذية النباتية والحيوانية المعدلة وراثيًّا:

- ‌النوازل في الأيمان والنذور

- ‌الحكم الشرعي لأداء القسم عند تولي مسؤولية أو منصب وقسم الطبيب وغيره من المهن:

- ‌وضع اليد على التوراة والإنجيل للمسلم حين أداء القسم أمام القضاء أو غيره:

- ‌كتاب الجنايات

- ‌المسؤولية عن أضرار الأشياء من بناء ونحوه:

- ‌التشريح الجنائي:

- ‌الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران:

- ‌مسؤولية سائق وسائل النقل الجماعي في القتل الخطأ وتعدد الكفارة:

- ‌الكفارة المترتبة على ذلك:

- ‌اختطاف الطائرات المدنية واحتجاز الرهائن:

- ‌القيام بأعمال التفجير والتخريب:

- ‌كتاب الديات

- ‌حوادث السير:

- ‌مقدار الدية:

- ‌العاقلة وتحميلها الدية:

- ‌التطبيقات المعاصرة للعاقلة:

- ‌كتاب الحدود

- ‌إعدام الجاني بواسطة الحقن الجرثومي وغيره:

- ‌التخدير عند إقامة الحد أو القصاص:

- ‌زراعة عضو قطع في حد أو قصاص:

- ‌سرقة المال من آلات الصراف الآلي:

- ‌سرقة المال من الحساب المصرفي عن طريق الحاسب الآلي (الإنترنت):

- ‌سرقة السيارات والمعدات:

- ‌سرقة الآثار والتحف واللوحات الفنية:

- ‌إثبات الزنا بالوسائل الحديثة

- ‌التزوير

- ‌التعزير بالعمل التطوعي في الجمعيات الخيرية أو تعلم شيء لمصلحة المخالف وخدمة المجتمع:

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الهدنة مع اليهود في فلسطين:

- ‌العمليات الفدائية في الأعداء من الكفار المحاربين

- ‌أسلحة الدمار الشامل

- ‌خصائص أسلحة الدمار الشامل:

- ‌الحكم الشرعي لاقتناء أسلحة الدمار الشامل واستعمالها:

- ‌الإرهاب

- ‌كتاب القضاء

- ‌الإثبات بالبينات والقرائن الحديثة (المعاصرة):

- ‌أولًا: بصمات الأصابع:

- ‌ثانيًا: البصمة الوراثية (DNA) ومجالات الاستفادة منها:

- ‌ثالثًا: التعرف على المجرم عن طريق الكلب البوليسي:

- ‌رابعًا: التسجيل الصوتي والصور:

- ‌دور الطب الشرعي في إثبات الجرائم والحقوق:

- ‌الموضوعات التي يدرسها المتخصص في الطب الشرعي:

- ‌الهدف من تقارير الطب الشرعي:

- ‌الحكم الشرعي لذلك:

- ‌تولي المرأة القضاء

- ‌حكم اشتراط التحاكم إلى القوانين الوضعية في العقود التجارية

- ‌المحاماة

- ‌التحكيم:

- ‌الحكم الشرعي لما يعد نازلة في التحكيم من الأنظمة واللوائح والتنظيم:

- ‌النوازل العامة

- ‌توزيع نسخ القرآن الكريم في غرف الفنادق:

- ‌الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية

- ‌تطبيق فقه الشورى في الوقت المعاصر

- ‌المواطنة في الإسلام

- ‌حقوق الإنسان في الإسلام

- ‌علاقات الدول الإسلامية بغيرها وبالمواثيق الدولية

- ‌التسجيل العيني للعقار

- ‌تجنس المسلم بجنسية دولة غير إسلامية

- ‌خدمة المسلم في جيش غير إسلامي ومشاركته في القتال

- ‌مقاطعة المنتجات والبضائع الواردة من الدول المعادية

- ‌الحداد على الزعماء وكبار الشخصيات

- ‌مشاركة المرأة في العمل السياسي

- ‌المظاهرات والاعتصامات

- ‌إقامة الأحزاب السياسية وتعددها

- ‌زيارة الأماكن الأثرية والمتاحف والعناية بالآثار

- ‌اللجوء السياسي في الدول غير الإسلامية

- ‌حماية البيئة في الإسلام

- ‌المشاركة في الأيام العالمية كيوم الصحة وأسبوع الشجرة والمرور وغيرها

الفصل: ‌ ‌المظاهرات والاعتصامات المظاهرات في اللغة: يقال: ظاهر فلانًا عاونه، وتظاهروا: تعاونوا وتجمعوا

‌المظاهرات والاعتصامات

المظاهرات في اللغة:

يقال: ظاهر فلانًا عاونه، وتظاهروا: تعاونوا وتجمعوا ليعلنوا رضاهم وسخطهم عن أمر يهمهم.

الاعتصامات:

يقال: اعتصم به، امتنع به ولجأ، ومنه اعتصام الطلبة ونحوهم بمعهدهم لا يعملون ولا يخرجون حتى يجابوا إلى ما طلبوا (1).

واصطلاحًا:

المظاهرات: تجمع مجموعة من الناس في مكان وبيان طلباتهم.

والاعتصامات: هي تواجد مجموعة من الناس وبقاؤهم في مكان لا يعملون ولا يتركون المكان حتى تتحقق مطالبهم.

الحكم الشرعي للمظاهرات والاعتصامات:

أولًا: يرى بعض العلماء المعاصرين ومنهم الشيخ يوسف القرضاوي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في بيانه الذي أصدره بتاريخ 26/ 11 / 2008 م أن المظاهرات والاعتصامات السلمية جائزة، وحق للمسلمين ولغيرهم من البشر إذا كانت سلمية ولا يترتب عليها ارتكاب محرم من قتل أو تخريب أو غيرها.

ثانيًا: ويرى بعض العلماء ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمَّد بن عثيمين (2)، وهيئة كبار العلماء في السعودية وفقًا لما جاء في بيانها الصادر يوم الأحد

(1) المعجم الوسيط مادة (ظهر) ومادة (عصم).

(2)

مجلة البحوث الإسلامية العدد 38 (ص: 210)، والجواب الأبهر لفؤاد سراج (ص: 75).

ص: 123

1/ 4 / 1432 هـ حيث جاء فيه: أن المظاهرات والاعتصامات غير جائزة لما يترتب عليها من مفاسد وأضرار.

أدلة كل من القولين:

أولًا: يستدل القائلون بالجواز بما يأتي:

1 -

أن المظاهرات والاعتصامات من أمور العادات وشؤون الحياة المدنية والأصل في هذه الأمور هو الإباحة إلا ما جاء الدليل الشرعي بمنعه، ولم يأت دليل شرعي بمنعها فتبقى على الأصل، ولا يطلق على تلك الأمور بدعة؛ لأنها ليست من العبادات، وإنما هي من العادات، والعادات تنطلق من حاجات الناس في كل زمان ومكان، وما دامت تحقق مصلحة ولا يترتب عليها مفسدة فلا مانع منها، وقد أنشأ عمر رضي الله عنه الدواوين والأمصار وغيرها وأنشأ المسلمون نظام الحسبة.

2 -

أن في المظاهرات والاعتصامات السلمية تعاونًا على الخير وتكاتفًا في دفع الظلم، والله تعالى يقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

3 -

أن كون هذه المسيرات والاعتصامات قد نشأت عند غير المسلمين لا يمنع الأخذ بها، فكل مفيد لا يعارض نصًّا شرعيًّا من حق المسلمين الأخذ به، فالحق ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، وقد اقتبس المسلمون أشياء من غيرهم لتنظيم حياتهم، وهكذا الحضارات يستفيد بعضها من بعض على مدار التاريخ بما يحقق مصالح شعبها وينظم شؤونها، وهي تندرج تحت قاعدة المصالح المرسلة.

4 -

أن للوسائل أحكام المقاصد، فإذا كان المقصد مشروعًا في هذه الأمور فإن الوسائل إليه تأخذ حكمه، ومن ذلك هذه المسيرات والتظاهرات، إن كان خروجها لتحقيق مقصد مشروع؛ كأن تنادي بتحكيم الشريعة أو بإطلاق سراح المعتقلين بغير تهمة حقيقية أو بتحقيق مطالب للناس، مثل توفير الخبز أو الزيت أو السكر أو غير ذلك من الأهداف المشروعة فإن مثل هذا جائز.

ص: 124

5 -

أنه قد حدث في عهد النبوة، وعندما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث طلب من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: يا رسول الله: ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفين حمزة في أحدهما وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد قال: فنظرت إليّ قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق، وهذا الذي حدث مسيرة من بيت الأرقم إلى المسجد الحرام، وهو يدل على مشروعية ذلك.

6 -

أن في المظاهرات والاعتصامات السلمية أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، حيث يكون عن طريقها تحقيق ما فيه الخير للأمة وإبعاد المنكر، من الظلم والعدوان وضياع الحقوق، ولكل زمان ما يناسبه من الأساليب والطرق المؤدية إلى الخير والصلاح، والله تعالى يقول:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ، وفي الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"(1).

7 -

أن الصحابة الأجلاء طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين قد خرجوا بمسيرة إلى العراق لمطالبة علي بن أبي طالب بدم عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وقد خرج معهم غيرهم، وقد اشتهر ذلك بين الصحابة ولم ينكر أحد عليهم، وهو يدل على مشروعية المسيرة في المظاهرات.

8 -

إن إعادة الحقوق وإزالة المنكرات عن طريق المظاهرات والاعتصامات السلمية أسرع وأكثر تجاوبًا من غيرها كما هو شاهد الحال، كما حدث في جنوب أفريقيا وفي تونس ومصر وغيرها.

(1) رواه مسلم ورقمه (177).

ص: 125

ثانيًا: يستدل القائلون بالمنع بما يأتي:

1 -

أن المظاهرات والاعتصامات ليست وسيلة شرعية بل تشمل كثيرًا من المحرمات من قتل وتخريب وإفساد.

2 -

أن المظاهرات والاعتصامات بدعة مستحدثة أول من فعلها الغرب وقد نهينا عن اتباع اليهود والنصارى.

3 -

أنها باب للخروج على الحكام وفتح لباب الفتنة وفي ذلك من المفاسد الشيء الكثير.

4 -

أن الأحاديث التي استدل بها المجيزون للمظاهرات والاعتصامات السلمية كانت قبل الهجرة والعمدة في الأمر والنهي على ما استقرت به الشريعة بعد الهجرة.

5 -

أنها تكون سببًا في حدوث الشغب والفوضى ومنح فرص للمفسدين والمخربين.

6 -

أن المحافظة على الجماعة من أعظم أصول الإسلام قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يد الله مع الجماعة"(1)، وذلك لما يترتب على اجتماع الكلمة ووحدة الصف من مصالح كبرى، وما يترتب على فقدها من مفاسد عظمى يعرفها العقلاء ولها شواهد في القديم والحديث.

التوفيق بين الأدلة:

إن كلًّا من المانعين والمجيزين قد ذكر أدلةً وأسبابًا يستند إليها في قوله.

ونرى في هذا الشأن أن يترك تقدير الجواز من عدمه لعلماء كل بلد، فهم أدرى بما

(1) أخرجه الترمذيُّ وقال: حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه ورقمه (2166).

ص: 126

يصلحه ويحقق له الخير وما يؤدي إلى الفساد، وذلك انطلاقًا من مبدأ تقدير المصالح والمفاسد، والأخذ بأعلى المصالح وارتكاب أدنى المفاسد عند التعارض. وفي المملكة العربية السعودية فإنها لا تجوز المظاهرات ما دام أنها قائمة على الكتاب والسنة والبيعة ولزوم الجماعة والطاعة كما جاء في بيان هيئة كبار العلماء فيها (1).

(1) البيان منشور في وسائل الإعلام المختلفة ومنها الإنترنت، فمن رغب الاطلاع عليه فليرجع إلى موقع رئاسة الإفتاء وأمانة هيئة كبار العلماء في السعودية.

ص: 127