الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشاركة المرأة في العمل السياسي
خلق الله الرجل والمرأة لعمارة الأرض والتزود من الدنيا للآخرة، وجعل كلًّا منهما يكمل الآخر في تأدية رسالته في الحياة.
وقد كانت الحياة العامة فيما مضى تجعل دور الرجل في الأمور العامة من سياسة وإدارة وتولي الولايات العامة والخاصة، وكانت المرأة تقوم بدورها الأساسي في تربية النشء والقيام بالأعمال المكملة لذلك.
وفي هذا العصر نتيجة للتطور البشري في كل المجالات، ومنها المجال السياسي جدت أمور تتطلب بحثها ودراستها وإبداء الحكم الشرعي لها، كنازلة من النوازل التي نزلت بالأمة، ومن ذلك مشاركة المرأة في العمل السياسي ومدى جواز قيامها بذلك، وقد اختلف علماء العصر في ذلك بناء على اختلافهم في جواز تولي المرأة ولاية عامة وذلك على النحو الآتي:
1 -
ذهب بعض من المعاصرين إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى ولاية وذلك لحديث: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"(1)، وهذا يتفق مع رأي الجمهور من فقهاء الشافعية والمالكية والحنابلة في عدم جواز تولي المرأة القضاء.
ولأن المرأة لها رسالة ودور في الحياة يختلف عن دور الرجل بحيث يكمل دور كل منهما الآخر.
2 -
وذهب بعضهم؛ ومنهم مفتي مصر نصر فريد واصل إلى أنه يجوز للمرأة أن تتولى ولاية خاصة، وتمارس من العمل ما يناسب ويلائم تكوينها، وبناء عليه فتتولى كل الأعمال ما عدا القضاء والإمامة والرئاسة؛ لأنها من الولاية العامة، وذلك لأن الحديث جاء بمناسبة تولي ابنة كسرى رئاسة قومها فيقتصر على ما ورد فيه.
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ورقمه (4425).
3 -
وذهب آخرون غيرهم ومنهم المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث إلى أنه يجوز أن تتولى المرأة الأعمال العامة والعمل السياسي انتخابًا وترشيحًا؛ لأن الإسلام قد جعل المرأة شقيقة الرجل ومساوية له في الإنسانية وفي حمل أمانة الله وفي تكامل الحقوق والواجبات، قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، وقيام المرأة بتلك الأعمال مشروط بأن يكون وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وآدابها في جميع الأحوال.
واستدل المجيزون بأن المبايعة التي جاءت بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ
…
} الآية [الممتحنة: 12]، وهذه البيعة بمثابة عملية انتخابية وهي من العمل السياسي (1).
وبقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
…
} [التوبة: 71].
وهي تجعل النساء والرجال سواء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من الحسبة والحسبة من الولاية العامة.
(1) ويرى الدكتور عبد الله الطيار أنه لا يجوز تولية المرأة العمل السياسي مطلقا.