الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوازل في الأشربة والأطعمة
حدثت نوازل في الأشربة والأطعمة لم تكن موجودة من قبل، ونتكلم في بيانها والحكم الشرعي لها:
المرطبات والمشروبات الغازية:
تعددت المشروبات الغازية في هذا العصر، وأصبح الناس يتناولونها بكثرة فهل هي من المشروبات المباحة أو الممنوعة؟
إن المشروبات الغازية من النوازل التي وجدت في هذا العصر، ويحتاج الحكم عليها إلى معرفة حقيقتها ومضارها ومنافعها إن وجدت.
جاء في الموسوعة العربية العالمية (1) المرطبات: مشروبات غير كحولية تضاف إليها نكهة، وتحضر من الماء المشبع بثاني أكسيد الكربون، وتسمى المرطبات بهذا الاسم للتفريق بينها وبين المشروبات الكحولية، وتسمى المرطبات أيضًا بالمياه الغازية أو الصودا، ويعد مشروب الكولا أكثر المرطبات استهلاكًا إلى حد بعيد، والمرطبات رائجة في كثير من بلاد العالم، وتحتوي المرطبات على ماء مشبع بثاني أكسيد الكربون وعصير مركز، ويصنع الماء المشبع بثاني أكسيد الكربون بإضافة غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الماء تحت الضغط، ويجعل الغاز ماء فوارًا له فقاقيع وصوت كالأزيز ومن هذا جاءت تسميتها غازية.
الحكم الشرعي للمرطبات أو المشروبات الغازية:
اختلفت أراء أهل العلم المعاصرين:
1 -
فمنهم من يرى عدم جوازها لأسباب أوردوها.
(1)(23/ 121) الطبعة الثانية.
2 -
وأكثر أهل العلم المعاصرين يرون جوازها لأدلة ذكروها.
الأدلة والأسباب التي استند عليها كل من المانعين والمجيزين:
أولًا: الأسباب التي أدت بالمانعين إلى القول بعدم جوازها:
1 -
دخول الكحول فيها لغرض إذابة المواد الأولية فيها، يقول الدكتور محمَّد على البار (1): لعل كثيرًا لا يعلمون أن المشروبات الغازية مثل (البيبسي كولا) وغيرها قد أذيبت موادها الأولية بشيء من الكحول، والكحول هو روح الخمر (spirit) أو (سبيرتو) كما يسميها العامة. انتهى.
2 -
دخول مادة الهضمين واسمها اللاتيني (الببسين) في مكوناته، وهي تنتج بمادة من غشاء أمعاء الخنزير، جاء في الموسوعة العربية العالمية (2): الهضمين أو الببسين إنزيم هاضم يوجد في عصارة المعدة يقوم بتحويل الأطعمة البروتينية إلى مواد تسمى (ببتيدات)، والهضمين يشبه الإنزيمات في التركيب الكيميائي، وتنتج مادة الهضمين بتجفيف الغشاء المخاطي لمعدة الخنزير والعجول. انتهى.
3 -
وجود بعض الأضرار الصحية مثل هشاشة العظام وأمراض الكلى وغيرها، وقد أصدرت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية توجيهات للمدارس عمومًا بمنع بيع المشروبات الغازية واستبدالها بالحليب والعصائر؛ تفاديًا لما تسببه من أمراض.
ثانيًا: الأدلة التي استند إليها المجيزون:
1 -
أن الأصل في الأطعمة والأشربة الإباحة حتى يثبت تحريمها بنص أو ثبوت مضره.
(1) الخمر بين الطب والفقه (ص: 65).
(2)
(26/ 108) الطبعة الثانية.
2 -
أن استعمال الكحول والببسين المشتق من الخنزير غير لازم في جميع المشروبات، فقد تستعمل مواد أخرى في الإذابة، وفي كثير من البلاد الإِسلامية يتم اجتناب استعمال الكحول في الإذابة واستبداله بمواد أخرى خالية من الشبهة، وأما الببسين فقد يشتق من أمعاء العجول كما يمكن تصنيعه في المختبرات بطرق كيميائية أخرى، وفي بعض البلاد الإِسلامية يتم اجتناب استعمال المواد المصنعة من أمعاء الخنزير.
3 -
وأما الأضرار الصحية فقالوا بأنه لم يثبت وجود هذه الأضرار في هذه المشروبات، وغاية ما هنالك أخبار تنقل هنا وهناك، وإن رافقها شيء من الحجة العلمية؛ غير أنها لا ترقى لمستوى إثبات الضرر العام الذي يصل بحكمها إلى التحريم.
الراجح:
بدراسة ما ورد من أسباب كل من المانعين والمجيزين يتضح ما يأتي:
1 -
أن كلًّا من المانعين والمجيزين يتفقون على أنه إذا ثبت إضافة شيء من الكحول أو غشاء أمعاء الخنزير إلى المشروبات الغازية فإنه لا يجوز تناولها.
2 -
أنه إذا ثبت ضرر المشروبات الغازية على الصحة فإنه لا يجوز شربها؛ لأن الشارع الحكيم ينهي عن كل ما يؤدي إلى الضرر، فعلى الجهات المختصة بالشؤون الصحية أن تقوم بدراسة ذلك وبيان مدى ضرره على الإنسان كي يقال بمنعه أو إباحته.
3 -
أما والحال ما ذكر فإنه يبقى على الإباحة حتى يرد ما يدل على منعه، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للفتوى في السعودية رقم (1413):"أما ما يختص بالبيبسي فلم يتبين لنا فيها ما يقتضي التحريم؛ لأن الأصل في الأشياء الحل حتى يتبين ما يوجب الحرمة، لكن من حصل في نفسه ما يريبه فليدعه إلى ما لا يريبه للحديث الوارد في ذلك" انتهى.