الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر الأعلاف الصناعية المركبة في الحيوانات المأكول لحمها والحكم الشرعي
حيث إن الناس قد كثروا، وذلك يتطلب زيادة أطعمتهم من اللحوم، وقد ترتب على ذلك أن قامت المشاريع الكبيرة لتلبية هذه الاحتياجات، وأدى ذلك إلى إدخال مواد في الأعلاف المقدمة للحيوانات لتكفي كميتها للأعداد الكبيرة منها وتؤدي إلى تسمينها بشكل أسرع لتخفيف الأعباء الاقتصادية المترتبة على طول مدة تربيتها.
فما حكم هذه الأعلاف المركبة التي قد تشتمل على مواد ليست طاهرة أو مواد ضارة كالهرمونات والمضادات الحيوية؟ اختلف الفقهاء المعاصرون ولهم في ذلك قولان:
1 -
فريق من المعاصرين يقول بالمنع من استخدام الأعلاف الصناعية المركبة أو التي تشتمل على نجاسة كالهرمونات والمضادات الحيوية، وإذا استخدمت أدت إلى عدم طهارتها وبالتالي عدم جواز أكلها.
2 -
وفريق آخر يرى جواز استعمالها، ويعتبرها طاهرة وبناء عليه يحل أكل الحيوان المتناول لها.
الأدلة:
أولًا: استدل القائلون بالمنع بما يأتي:
1 -
حديث ابن عباس رضي الله عنه: "لا ضرر ولا ضرار"(1)؛ وذلك لأن تلك الأعلاف تجعل الحيوان عرضة للإصابة بالأمراض الخطيرة، وهو بذلك يكون مصدر خطر وضرر على الإنسان فيحرم تناوله.
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام في باب من بنى في حقه ما يضر بجاره ورقمه (2340)، وقال السيوطي في الجامع الصغير: رواه أحمد وابن ماجه كلاهما عن ابن عباس ولابن ماجه من حديث عبادة حديثٌ حسنٌ (2/ 749).
2 -
أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الجلاله التي تتغذى على النجاسات وهو لأذى عارض مؤقت، والنهي عن أكل اللحوم التي فيها ضرر دائم أولى.
ثانيًا: استدل المبيحون بما يأتي:
1 -
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1]. والأصل في اللحوم الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه ومنعه، وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].
وقد دلت الآية على أن ما لم يبين تحريمه فهو حلال.
2 -
إن المواد المستخلصة من عظام الميتات طاهرة، وعلى القول بنجاستها فإنها لا تؤثر في الحيوانات التي تأكلها لسببين هما:
أ - إن نسبتها إلى مجموع خلطة العلفية لا تزيد على 10 % وهذه النسبة لا تؤثر في لحمها؛ لأنها قليلة جدًّا.
ب- إن هذه النسبة قد عولجت بوسائل الطهو المتطورة معالجة أزالت منها آثار الميكروبات الضارة وحولتها إلى أشياء أخرى تختلف اسمًا ووصفًا وتركيبًا وحكمًا شرعيًّا وهو ما يسمى بالاستحالة.
الراجح:
بدراسة أقوال الفريقين وأدلتهما يتبين لنا ما يأتي:
1 -
استعمال تلك الأعلاف والمواد جائز ما لم يؤدِ إلى ضرر الحيوان الذي بدوره يؤدي إلى ضرر الإنسان.
2 -
أنه ينبغي الاتجاه إلى الأعلاف والمواد المركبة السليمة والبعد عن الأعلاف التي تؤدي إلى الضرر.
3 -
أنه لا يجوز استعمال الهرمونات والمضادات الحيوية التي يترتب عليها ضرر الإنسان.
4 -
أن ما فيه ضرر على الحيوان وينعكس أثره على الإنسان من الأعلاف المركبة والمواد الأخرى لا يجوز استعماله، فإذا أعطي للحيوان فلا يجوز أكله إبعادًا لضرر على الإنسان، وقد جاء في الحديث الذي رواه ابن عباس:"لا ضرر ولا ضرار"(1).
(1) سبق تخريجه (ص: 32، 36، 45).