الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد من معاني المعروف ومدلولاته
قال ابن منظور (1): (والمعروف: ضد المنكر، والعُرف والمعروف: الجود، وقيل: اسم ما تبذله وتسديه، وقوله تعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، أي: مصاحبًا معروفًا، قال الزجاج: المعروف هنا: ما يستحسن من الأفعال.
وقد تكرر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرُّب إليه والإِحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسّنات والمقبّحات، وهو من الصفات الغالبة، أي: أمر معروف بين الناس، إذا رأوه لا ينكرونه
…
) (2).
وقال ابن العربي (3): (حقيقة المعروف: المعلوم، لكنه أطلق في العربية على خير منفعة يستحمدها جميع الناس مما يجب على المرء فعله أو يستحب، ومعنى تسميته بذلك: أنه أمر لا يجهل، ومعنًى لا يختلف فيه كل أحد). انتهى (4).
(1) ابن منظور محمد بن مكرم الإِفريقي المصري (630 - 711) صاحب لسان العرب، ترجم له ابن حجر في الدرر الكامنة.
(2)
انظر مادة (عرف) من اللسان.
(3)
القاضي أبو بكر بن العربي المالكي: محمد بن عبد الله المعافري (468 - 543)، صاحب "أحكام القرآن". الأعلام 6/ 230.
(4)
فيض القدير 2/ 441 حديث (2245).
وللقصري (1) رحمه الله معنى لطيف وتعبير رائق عن المعروف، كتبه بقلم الحكيم العارف، فقال رحمه الله تعالى:(المنكر والمعروف ضدان، كالليل والنهار، إذا ظهر هذا غاب هذا، وفي ذلك حكمة عظيمة لمن تفطن لها، فإن المعروف مأخوذ من (العُرف) الذي هو: العادة التي عرفها الناس، والمنكر: هو الذي أنكرته العقول والقلوب عند رؤيته، فالمنكر لا أصل له فإنه مجهول ومنكور في أصل الخلقة.
فإن المعروف الحقَّ الذي لم يزل ولا يزال: هو اللهُ. ومخلوقاتُه في الملك والملكوت والعرش والجبروت لم تعرفْ إلَّا إيَّاه ربًّا، ولم تعرفْ طاعةً إلَّا طاعته، فكان التعبد له والقيام بحقه هو المعروف فقط.
فلما خُلق آدم عليه السلام وخلق إبليس وذريتهما وحدثت المعاصي عند الثقلين، صار العصيان منكرًا، أي: أنكره العقل؛ لأنه لم يألفه ولم يعهده، وليس له أصل في العرف المتقدِّم.
ولهذا .. إذا كان المنكر مخفيًّا غير ظاهر لا يضر غير صاحبه الذي ظهر على قلبه وجوارحه فقط؛ لأنه شبيه بأصله لم يعرفه أحد، فإذا ظهر وفشى: وجب تغييره وردّه إلى أصله بإنكار النفس واللسان واليد، حتى لا يبقى إلَّا المعروف الذي لم يزل معروفًا قديمًا وحديثًا). انتهى (2).
هذا نزر من معاني المعروف ومدلولات هذه الكلمة الحاوية لأصناف وأنواع البر والخير والإِحسان، ومن أراد التوسع فعليه بمعاجم اللغة وقواميسها يجد فيها الكثير والكثير.
* * *
(1) القصري: فتح بن موسى الجزيري المصري، توفي سنة 663، الأعلام.
(2)
فيض القدير 2/ 441، شرح الحديث رقم (2245).
ترجمة المصنف (1): الشيخ مرعي الكرمي
(000 - 1033 هـ = 000 - 1624 م)
مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف الكرمي ثم المقدسي ثم المصري الحنبلي.
قال المحبِّي: كان فقيهًا محدِّثًا ذا اطِّلاع واسع على نقول الفقه ودقائقه، ومعرفة تامَّة بالعلوم النقلية والعقلية، وجميع العلوم المتداولة له فيها اليد الطولى.
والكرمي: نسبة لطور كرم (2) قرية بقرب نابلس، ولد بها، ولم يذكر كل من ترجم له سنة مولده.
(1) اعتمدت فيما نقلته على: السحب الوابلة لابن حميد النجدي ط: مكتبة الإِمام أحمد 1409 هـ: 263 - 267، والأعلام للزركلي 7/ 203، ومقدمة كتاب إرشاد ذوي العرفان للمصنف، لبسام الجابي، ونقل فيها الترجمة التي وضعها الشيخ شعيب الأرنؤوط للمصنف ونشرف في مجلة البصائر (العدد الخامس) وفيها تفصيل ذكر مؤلفاته ما طبع وما هو مخطوط منها مع ذكر أماكن وجودها.
(2)
وهي المعروفة اليوم بـ (طول كرم)، باللام، تقع شمال غريب نابلس، بينها وبين البحر سهول خصبة، كانت تسمَّى في عهد صلاح الدين الأيوبي "الطراز الأخضر". بسام الجابي، مقدمة إرشاد ذوي العرفان.