الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
713 -
(2) - باب: من فضائل جرير بن عبد الله، رضي الله تعالى عنه
6208 -
(2459)(4) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ
ــ
713 - (2) والخامس عشر منها باب فضائل جرير وابن عباس وابن عمرو وابن مالك رضي الله تعالى عنهم أجمعين
" أما جرير" فهو جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نصر أبو عمرو اليماني البجلي الكوفي نسبة إلى بجيلة وبجيلة من ولد أنمار بن نزار بن معد بن عدنان واختلف في بجيلة هل هو أبي أو أم نسبت القبيلة إليها وجرير هذا هو سيد بجيلة وقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما زلت سيدًا في الجاهلية والإسلام وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل وافدًا "يطلع عليكم خير ذي يمن كأن على وجهه مسحة ملك فطلع جرير" رواه أحمد [4/ 360 - 364] والحميدي في مسنده [800] وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فيه "جرير بن عبد الله يوسف هذه الأمة" وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" رواه الحاكم [4/ 292] أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا نزل جرير الكوفة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم واتخذ بها دارًا ثم تحول إلى قرقيسيا ومات بها سنة أربع وخمسين وقيل سنة إحدى وخمسين وقيل مات بالسراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة لمعاوية روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث أخرج له في الصحيحين خمسة عشر حديثًا اهـ من المفهم وقوله أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا قال القسطلاني فيه نظر لأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع استنصت الناس وذلك قبل موته صلى الله عليه وسلم بأكثر من ثمانين يومًا اهـ واستدل المؤلف على الجزء الأول من الترجمة بحديث جرير رضي الله عنه فقال:
6208 -
(2459)(4)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (أخبرنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي الطحان ثقة من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن بيان) بن بشر الأحمسي الكوفي المعلم ثقة من (5) روى عنه في (8) أبواب (عن قيس بن أبي حازم) عوف بن عبد الحارث البجلي الأحمسي أبي عبد الله الكوفي ثقة مخضرم من (2) روى عنه في (10) أبواب (عن جرير
ابْنِ عَبْدِ اللهِ، ح وحدّثني عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ بَيَانٍ قَال: سَمِعْتُ قَيسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُولُ: قَال جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ. وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ.
6209 -
(0)(0) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ،
ــ
ابن عبد الله) بن جابر البجلي الكوفي رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (ح وحدثني عبد الحميد بن بيان) بن زكرياء اليشكري الواسطي صدوق من (10) روى عنه في (2) بابين (حدثنا خالد) بن عبد الله الطحان الواسطي (عن بيان) بن بشر الكوفي (قال سمعت قيس بن أبي حازم يقول قال جرير بن عبد الله) البجلي الكوفي وهذا السند من خماسياته أيضًا (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ما منعني من الدخول عليه إذا كان في بيته فاستأذنت عليه (منذ أسلمت) وكان إسلامه سنة تسع (ولا رآني إلا ضحك) أي تبسّم فرحًا بي وسرورًا.
قوله "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي ما منعني الدخول عليه حين أردت ذلك.
"منذ أسلمت" أي بعدما أسلمت وكان إسلامه سنة تسع ووهم من قال إنه أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا قال (ع) يعني بمجرد ما يعلم أني استأذنت يترك ما يكون فيه ويأذن لي ولا يفهم منه أنه كان يدخل عليه بغير إذن فإن ذلك لا يصح لحرمة بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولما يفضني ذلك إليه من الاطلاع على ما لا يجوز من عورات البيوت قال (ط) فيه بر أشراف الناس وحسن لقائهم لأنه كبير قومه "ولا رآني إلا ضحك" أي تبسم كما في الرواية الآتية "في وجهي" أي في مقابلتي بوجهه قال (ط) فرحًا بي وسرورًا لأنه من كملة الرجال خلقًا وخُلقًا قال النووي فعل ذلك إكرامًا له ولطفًا وبشاشة ففيه استحباب هذا اللطف للوارد وفيه فضيلة ظاهرة لجرير اهـ من شرحنا على ابن ماجه مرشد ذوي الحجا والحاجة وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في فضائل الصحابة باب ذكر جرير بن عبد الله [3822] والترمذي في مناقب جرير [3822] وابن ماجه في المقدمة فضل جرير [146] ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث جرير رضي الله عنه فقال:
6209 -
(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وأبو أسامة) حماد بن
عَنْ إِسْمَاعِيلَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيسٍ، عَنْ جَرِيرٍ. قَال: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ. وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي، زَادَ ابْنُ نُمَيرٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ: وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيلِ. فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَال:"اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا".
6210 -
(2460)(5) حدّثني عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ بَيَانٍ،
ــ
أسامة الهاشمي الكوفي (عن إسماعيل) بن أبي خالد سعيد البجلي الأحمسي الكوفي ثقة من (4) روى عنه في (8) أبواب (ح وحدثنا) محمد (بن نمير حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (17) بابا (حدثنا إسماعيل) بن أبي خالد (عن قيس) بن أبي حازم (عن جرير) بن عبد الله رضي الله عنه وهذان السندان من خماسياته غرضه بيان متابعة إسماعيل بن أبي خالد لبيان بن بشر (قال) جرير (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في) مقابلة (وجهي زاد ابن نمير في حديثه) وروايته (عن ابن إدريس) أي زاد على أبي بكر بن أبي شيبة لفظة "وقد شكوت إليه" أي أخبرته على سبيل الشكوى (أني لا أثبت على الخيل) يعني أنه يسقط أو يخاف السقوط من فوق ظهورها حالة إجرائها (فضرب) صلى الله عليه وسلم (بيده) الشريفة (في صدري) فدعا لي (وقال) في دعائه (اللهم ثبته) أي ثبت جريرًا على ظهر الخيل (واجعله هاديًا) لغيره إلى طريق الهدى (مهديًا) في نفسه إلى الطريق المستقيم أي فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر مما طلب بالثبوت مطلقًا وبأن يجعله هاديًا لغيره ومهديًا في نفسه فكان قال ذلك وظهر جميع ما دعا له وأوّل ذلك أنه نفر في خمسين ومائة فارس لذي الخلصة فحرقها وعمل فيها عملًا لا يعمله خمسة آلاف وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم لذي الكِلاعِ وذي رُعَين وله المقامات المشهورة رضي الله عنه وأرضاه.
ثم استشهد المؤلف لحديث جرير الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:
6210 -
(2460)(5)(حدثني عبد الحميد بن بيان) بن زكرياء اليشكري الواسطي ثقة من (10). (أخبرنا خالد) بن عبد الله الطحان المزني الواسطي (عن بيان) بن بشر
عَنْ قَيسٍ، عَنْ جَرِيرٍ. قَال: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيت يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخَلَصَةِ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَةِ وَالشَّامِيَّةِ؟ "
ــ
الأحمسي الكوفي (عن قيس) بن أبي حازم البجلي الكوفي (عن جرير) بن عبد الله البجلي الكوفي رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) جرير (كان في الجاهلية) في اليمن (بيت يقال له ذو الخلصة) بفتح الخاء واللام وحكى ابن دريد إسكان اللام وحكى ابن هشام ضمها والأول أشهر والخلصة في الأصل نبات له حب أحمر كخرز العقيق ووقع في رواية للبخاري في المغازي وكان ذو الخلصة بيتًا في اليمن لخشعم وبجيلة فيه نصب تعبد يقال له الكعبة وقيل اسم البيت الخلصة واسم الصنم ذو الخلصة وحكى المبرد أن موضع ذي الخلصة صار مسجدًا جامعًا لبلدة يقال لها العَبَلات من أرض خُشعم.
وحقق الحافظ في الفتح [8/ 71] أنه كان في العرب صنمان باسم ذي الخلصة أولهما هذا الذي وقع ذكره في حديث الباب وكان باليمن في أرض خشعم والثاني صنم نصبه عمرو بن لحي في أسفل مكة وكانوا يلبسونه القلائد ويجعلون عليه بيض النعام ويذبحون عنده وهذا الثاني هو المراد في حديث أبي هريرة عند الشيخين في كتاب الفتن "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة"(وكان) ذو الخلصة (يقال له الكعبة اليمانية) لكونها في اليمن (والكعبة) المشرفة بمكة يقال لها الكعبة (الشامية) لأنها في جهة الشام من اليمن وكانوا يقولون إن في العرب كعبتين إحداهما يمانية وأخرى شامية وقيل المعنى وكان ذو الخلصة يقال له الكعبة اليمانية وكان يقال له أيضًا الكعبة الشامية فكلاهما اسمان لذي الخلصة أما تسميته بالكعبة اليمانية فظاهر من جهة كونها في اليمن وأما تسميتهم إياه بالشامية فمن جهة أنه كان لها باب يفتح إلى الشام وهذا المعنى الثاني رجحه الحافظ في الفتح وهو المؤيد بقوله صلى الله عليه وسلم "هل أنت مريحي من ذي الخلصة والكعبة اليمانية والشامية" كما ذكره المؤلف بقوله قال جرير (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنت مريحي) يا جرير أي هل أنت تعطيني الراحة أي راحة قلبي (من) بقاء (ذي الخلصة و) بقاء (الكعبة اليمانية و) بقاء (الشامية) فالمراد بالثلاثة واحد كما بيّناه آنفًا أي هل تحصل راحة قلبي بحرقها لأن قلبي
فَنَفَرْتُ إِلَيهِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ. فَأَتيتُهُ فَأَخبَرْتُهُ. قَال: فَدَعَا لَنَا وَلأَحْمَسَ.
6211 -
(0)(0) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَريرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ. قَال: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا جَرِيرُ، أَلا تُرِيحُنِي مِنْ
ــ
في تعب وتشوش من بقاء هذه الكعبة الشيطانية والمراد بالراحة راحة القلب وأي شيء كان أتعب لقلب النبي صلى الله عليه وسلم من بقاء ما يشرك به من دون الله تعالى وأخرج ابن حبان من حديث جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا جرير إنه لم يبق من طواغيت الجاهلية إلا بيت ذي الخلصة قال جرير (فنفرت) أي خرجت (إليه) أي إلى ذي الخلصة مسرعًا (في مائة) أي مع مائة (وخمسين) نفرًا (من) قبيلة (أحمس) وأحمس إخوة بجيلة رهط جرير ينتسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار وهذا العدد المذكور أعني المائة والخمسين من خصوص قوم جرير وانضم إليهم بعض أتباعهم ووفد قيس بن غربة كما ورد في بعض الروايات فلا تعارض بين هذه الرواية وبين الروايات التي ذكر فيها عدد المائتين أو خمسمائة أو سبعمائة كما فصّله الحافظ في الفتح.
(فكسرناه) أي فكسرنا جداره وحرقنا سقفه (وقتلنا من وجدنا) هـ (عنده) أي عند ذي الخلصة من الخدمة قال جرير (فأتيته) صلى الله عليه وسلم أي جئته (فأخبرته) صلى الله عليه وسلم ما فعلناه به من الكسر والحرق والقتل (قال) جرير (فدعا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لنا) أي لقومي بجيلة (ولأحمس) إخوة بجيلة أي دعا لنا ولهم بالبركة في خيلنا وخيلهم ورجالنا ورجالهم ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
6211 -
(0)(0)(أخبرنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (عن إسماعيل بن أبي خالد) سعيد الأحمسي الكوفي (عن قيس بن أبي حازم) الأحمسي الكوفي (عن جرير بن عبد الله) بن جابر (البجلي) بفتحتين نسبة إلى بجيلة بنت مصعب بن سعد العشيرة أم ولد أنمار بن إراش أحد أجداد جرير اهـ قسطلاني الكوفي رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة إسماعيل بن أبي خالد لبيان بن بشر (قال) جرير (قال لي رسول الله قال الله عليه وسلم يا جرير ألا تريحني) أي ألا تحصل لي راحة قلبي (من)
ذِي الْخَلَصَةِ" بَيتٍ لِخَثْعَمَ كَانَ يُدْعَى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ. قَال: فَنَفَرْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَضَرَبَ يَدَهُ فِي صَدْرِي فَقَال: "اللَّهم ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا".
قَال: فَانْطَلقَ فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ. ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُبَشِّرُهُ. يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ، مِنَّا، فَأَتَى
ــ
تعبه ببقاء (ذي الخلصة) وعبادتها (بيت لخثعم) بدل من ذي الخلصة أو عطف بيان له قال القاضي عياض وفي غير مسلم من ذي الخلصة فيه صنم لها وفي البخاري بيت لخثعم وبجيلة فيه نصب لها اهـ وخثعم بفتحتين بينهما مثلثة ساكنة قبيلة باليمن (كان) ذلك البيت (يدعى) بالبناء للمجهول أي يسمى (كعبة اليمانية) قال النووي هكذا هو في جميع النسخ وهو من إضافة الموصوف إلى صفته وأجازه الكوفيون وقدر البصريون فيه حذفًا أي كعبة الجهة اليمانية واليمانية بتخفيف الياء على المشهور وحُكي تشديدها (قال) جرير (فنفرتُ) أي خرجت إليه مسرعًا (في) أي مع (خمسين ومائة فارس وكنت) أنا (لا أثبت) أي لا أستطيع الثبوت (على الخيل) عند الركوب وعند الإجراء (فذكرت ذلك) أي عدم ثبوتي على الخيل (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب) أي وضع (يده) الشريفة (في صدري) أي على صدري (فـ) ـدعا لي و (قال) في دعائه (اللهم ثبّته) على الخيل (واجعله هاديًا) لغيره إلى الدين القويم (مهديًا) أي موفقًا للطريق المستقيم (قال) قيس بن أبي حازم (فانطلق) جرير رضي الله عنه (فحرَّقها) بتشديد الراء من التحريق أي فحرّق الكعبة اليمانية أي حرَّق سقوفها وأخشابها (بالنار ثم) بعدما حرّقها (بعث جرير) بن عبد الله رضي الله عنه (إلى رسول الله رجلًا يبشّره) صلى الله عليه وسلم بحرقها (يكنى) ذلك الرجل (أبا أرطاة) بفتح الهمزة وسكون الراء كان ذلك الرجل (منَّا) معاشر البجليين وهو من كلام قيس بن أبي حازم واسم الرجل حصين بن ربيعة كما في الرواية الآتية قال الحافظ هو صحابي بجلي لم أر له ذكرًا إلا في هذا الحديث.
قوله "فحرَّقها بالنار" وقد مر في الرواية السابقة أنه كسرها والجمع بينهما أنه كسر جدرانها وبناءها وحرق ما فيها من خشب ونحوه فذكر كل من الراويين ما لم يذكره الآخر ووقع ذكر الأمرين جميعًا فيما أخرجه البخاري في المغازي من طريق أبي أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد ولفظه "فحرَّقها وكسرها"(فأتى) جرير عقب ما أرسل البشير
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال لَهُ: مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْنَاهَا كأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، فَبَرَّكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَيلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.
6212 -
(0)(0) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، (يَعْنِي الْفَزَارِيَّ). ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال فِي حَدِيثِ مَرْوَانَ: فَجَاءَ بَشِيرُ جَرِيرٍ، أَبُو أَرْطَاةَ، حُصَينُ بْنُ رَبِيعَةَ،
ــ
(رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له) صلى الله عليه وسلم (ما جئتك) يا رسول الله الآن (حتى تركناها) وصيرناها (كأنها جمل أجرب) أي ذو جرب مطلي بالقطران والقار لما به من الجرب فصار أسود لذلك يعني صارت سوداء من الإحراق فوجه الشبه السواد الحاصل بالإحراق (فبرّك) بتشديد الراء من التبريك أي دعا بالبركة (رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس) أي في خيل أحمس (ورجالها خمس مرات) أي كرر الدعاء فيهما خمس مرات ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
6212 -
(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير حدثنا أبي) عبد الله (ح وحدثنا محمد بن عبّاد) بن الزبرقان أبو عبد الله المكي نزيل بغداد صدوق من (10) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا سفيان) بن عيينة (ح وحدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا مروان) بن معاوية بن الحارث بن أسماء (يعني الفزاري) أبو عبد الله الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (13) بابا (ح وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري ثقة من (11) روى عنه في (11) بابا (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (كلهم) أي كل من هؤلاء الخمسة يعني وكيعًا وعبد الله بن نمير وسفيان بن عيينة ومروان بن معاوية وأبا أسامة رووا (عن إسماعيل) بن أبي خالد (بهذا الإسناد) يعني عن قيس عن جرير غرضه بيان متابعة هؤلاء الخمسة لجرير بن عبد الحميد (و) لكن (قال) أي زاد ابن أبي عمر (في حديث مروان) وروايته لفظة (فجاء بشير جرير) أي بشير أرسله جرير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبو أرطاة) بدل أول من بشير كنيته (حصين بن ربيعة) بدل ثان منه اسمه
يُبَشِّرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
6213 -
(2461)(6) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ. قَالا: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ
ــ
العلم حالة كون البشير (يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بحرقها وهدمها وكسرها والجملة حال من فاعل جاء ثم شرع المؤلف في فضائل ابن عباس رضي الله عنه الذي هو الجزء الثاني من الترجمة.
"أما ابن عباس" فهو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم يكنى أبا العباس وُلد بالشعب وبنو هاشم محصورون فيه قبل خروجهم منه بيسير وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين واختلف في سنه يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقيل عشر سنين وقيل خمس عشرة رواه سعيد بن جبير عنه وقيل كان ابن ثلاث عشرة سنة وقال ابن عباس إنه كان في حجة الوداع قد ناهز الاحتلام ومات عبد الله بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير لأنه أخرجه من مكة وتوفي ابن عباس وهو ابن سبعين سنة وقيل ابن إحدى وسبعين وقيل ابن أربع وسبعين وصلّى عليه محمد بن الحنفية وقال اليوم مات رباني هذه الأمة وضرب على قبره فسطاطًا ويُروى عن مجاهد عنه أنه قال رأيت جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم مرتين ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين وقال ابن مسعود رضي الله عنه فيه نعم ترجمان القرآن ابن عباس وكان عمر رضي الله عنه يقول فتى كهول لسان سؤول وقلب عقول وقال مسروق كانت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس وإذا تكلم قلت أفصح الناس فإذا تحدث قلت أعلم الناس وكان يسمى البحر لغزارة علمه والحبر لاتساع حفظه ونفوذ فهمه وكان عمر رضي الله عنه يقربه ويدنيه لجودة فهمه وحسن تأنيه وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف حديث وستمائة وستون حديثًا أُخرج له في الصحيحين مئتا حديث وأربعة وثلاثون حديثًا اهـ من المفهم واستدل المؤلف على فضائله رضي الله عنه بحديثه فقال:
6213 -
(2461)(6)(حدثنا زهير بن حرب وأبو بكر) محمد أو أحمد (بن النضر) بن أبي النضر هاشم بن القاسم البغداي ثقة من (11) روى عنه في (7) أبواب (قالا حدثنا هاشم بن القاسم) بن مسلم بن مقسم الليثي مولاهم أبو النضر البغدادي ثقة من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا ورقاء بن عمر) بن كليب (اليشكري) أو
قَال: سَمِعْتُ عُبَيدَ اللهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْخَلاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا، فَلَمَّا خَرَجَ قَال:"مَنْ وَضَعَ هَذَا؟ " - فِي رِوَايَةِ زُهَيرٍ قَالُوا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ - قُلْتُ: ابْنُ عَبَّاسٍ. قَال: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ"
ــ
الشيباني أبو بشر الكوفي أصله من مرو صدوق من (7) روى عنه في (4) أبواب (قال) ورقاء (سمعت عبيد الله بن أبي يزيد) المكي مولى آل قارظ بن شيبة ثقة من (4) روى عنه في (5) أبواب (يحدِّث عن ابن عباس) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى الخلاء) أي موضع قضاء حاجة الإنسان (فوضعت له) صلى الله عليه وسلم (وضوءًا) بفتح الواو أي ماءً يتطهر به (فلما خرج) من الخلاء (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من وضع هذا) الوضوء ها هنا قرب الخلاء (في رواية زهير) بن حرب لفظة (قالوا) أي قال الحاضرون (وفي رواية أبي بكر) بن النضر قال ابن عباس (قلت) له صلى الله عليه وسلم الواضع أنا (ابن عباس) فـ (ـقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم فقّهه) في الدين أي صيّر ابن عباس فقيهًا عالمًا في الدين الإسلامي قال القرطبي "وقوله صلى الله عليه وسلم اللهم فقهه" ها هنا انتهى حديث مسلم وقال البخاري "اللهم فقهه في الدين" وفي رواية قال ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم علمه الكتاب" رواه البخاري (75).
قال أبو عمر وفي بعض الروايات "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" رواه أحمد [1/ 328 و 235] قال وفي حديث آخر: اللهم بارك فيه وانشر منه واجعله من عبادك الصالحين رواه الحاكم [1/ 400] وأبو نعيم في الحلية [1/ 315] وفي حديث آخر "اللهم زده علمًا وفقهًا" انظر سير أعلام النبلاء [3/ 328] والحلية [1/ 314 و 315] قال أبو عمر وكلها حديث صحيح وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 327] والبخاري في مواضع منها في فضائل الصحابة باب ذكر ابن عباس [3756] والترمذي في المناقب باب مناقب ابن عباس رضي الله عنه [3823 - 3824] وابن ماجه في المقدمة في فضل ابن عباس رضي الله عنه [153].
وفي حديث ابن عباس هذا روايات مختلفة منها للبخاري في الوضوء فقهه في الدين وفي رواية له في العلم ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اللهم علمه الكتاب ووقع في رواية مسدد الحكمة بدل الكتاب وفي رواية لأحمد وابن حبان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والطبراني اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ووقع في بعض نسخ ابن ماجه من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء في حديث الباب اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب وأخرج البغوي في معجم الصحابة من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر قال كان عمر يدعو ابن عباس ويقربه ويقول إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يومًا فمسح رأسك وقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وأخرج النسائي والترمذي من طريق عطاء عن ابن عباس قال دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتى الحكمة مرتين فهذه روايات مختلفة الظاهر منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس في عدة مواقع بألفاظ مختلفة والقدر المشترك في هذه الأدعية هو علم القرآن والفقه في الدين وقد تحقق إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لما علم من مكانة ابن عباس رضي الله عنهما في العلم ولا سيما في التفسير.
وقال ابن المنير مناسبة الدعاء لابن عباس بالتفقه على وضعه الماء من جهة أنه تردد بين ثلاثة أمور إما أن يدخل إليه بالماء إلى الخلاء أو يضعه على الباب ليتناوله من قرب أو لا يفعل شيئًا فرأى الثاني أولى لأن في الأول تعرضًا للاطلاع عليه والثالث يستدعي مشقة في طلب الماء والثاني أسهلها ففعله يدل على ذكائه فناسب أن يدعى له بالتفقه في الدين ليحصل به النفع وكذلك كان اهـ من فتح الباري [1/ 244] وقوله: "في رواية زهير قالوا" وفي رواية أبي بكر "قلت ابن عباس" ووقع في رواية للبخاري في الوضوء "فأخبر" ولم يعين من هو المخبر وتعين في رواية أبي بكر أنه ابن عباس نفسه وتعين في رواية زهير أنه غيره وحكى الحافظ في كتاب العلم من الفتح [1/ 17] أن المخبرة ميمونة وقد وقع التصريح بذلك في رواية لأحمد وابن حبان ويحتمل أن كلًّا منهما أخبره صلى الله عليه وسلم وذكر في رواية أحمد وابن حبان أيضًا أن ذلك وقع في بيت ميمونة ليلًا ويمكن أن يكون وقع ذلك في الليلة التي بات فيها ابن عباس في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها اهـ.
قال القرطبي: وقد ظهرت عليه بركات هذه الدعوات فاشتهرت علومه وفضائله وعمّت خيراته وفواضله فارتحل طلاب العلم إليه وازدحموا عليه ورجعوا عند اختلافهم إلى قوله وعوّلوا على نظره ورأيه قال يزيد بن الأصم خرج معاوية حاجًّا معه ابن عباس
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم وقال عمرو بن دينار ما رأيت مجلسًا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس الحلال والحرام والعربية والأنساب والشعر وقال عبيد الله بن عبد الله ما رأيت أحدًا كان أعلم بالسنة ولا أجلّ رأيًا ولا أثقب نظرًا من ابن عباس رضي الله عنه ولقد كان عمر رضي الله عنه يعدّه للمعضلات مع اجتهاد عمر ونظره للمسلمين وقد كان عمي في آخر عمره فأنشد في ذلك:
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما
…
ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكيٌّ وعقلي غير ذي دخل
…
وفي فمي صارم كالسيف مأثور
ورؤي أن طائرًا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إلى الناس ويقال بل دخل طائر أبيض قبره فقيل إنه بصره في التأويل وقال أبو الزبير مات ابن عباس بالطائف فجاء طائر أبيض فدخل في نعشه حين حمل فما رؤي خارجًا منه وفضائله أكثر من أن تحصى اهـ من المفهم قال النووي وفي هذا الحديث فضيلة الفقه واستحباب الدعاء بظهر الغيب واستحباب الدعاء لمن عمل عمل خير مع الإنسان وفيه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له فكان من الفقه بالمحل الأعلى اهـ.
"وأما ابن عمر" فهو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه العدوي المكي ويكنى أبا عبد الرحمن فإنه أسلم صغيرًا لم يبلغ الحلم مع أبيه وهاجر إلى المدينة قبل أبيه وأول مشاهده الخندق لم يشهد بدرًا ولا أحدًا لصغره فإنه عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه وأجازه يوم الخندق وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى وشهدر الحديبية وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل إنه أول من بايع وكان من أهل العلم والورع وكان كثير الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه وكان لا يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كان بعد موته صلى الله عليه وسلم مولعًا بالحج وكان من أعلم الناس بمناسكه وكان قد أشكلت عليه حروب علي لورعه فقعد عنه وندم على ذلك حين حضرته الوفاة رُوي عنه من أوجه أنه قال ما آسى على شيء فاتني إلا تركي لقتال الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه ما منا أحد إلا مالت له الدنيا ومال إليها ما خلا عمر وابنه عبد الله وقال ميمون
6214 -
(2462)(7) حدَّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيُّ. كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيدٍ. قَال أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: رَأَيتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرقٍ، وَلَيسَ
ــ
بن مهران ما رأينا أورع من ابن عمر ولا أعلم من ابن عباس وروى ابن وهب عن مالك قال بلغ عبد الله بن عمر ستًّا وثمانين سنة وأفتى في الإسلام ستين سنة ونشر نافع عنه علمًا جمًّا وروى ابن الماجشون أن مروان بن الحكم دخل في نفر على عبد الله بن عمر بعدما قتل عثمان رضي الله عنه فعزموا عليه أن يبايعوه قال كيف لي بالناس قال تقاتلهم فقال والله لو اجتمع علي أهل الأرض إلا أهل فدك ما قاتلتهم قال فخرجوا من عنده ومروان يقول:
إني أرى فتنةً تغلى مراجلها
…
والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
وأبو ليلى هو كنية معاوية بن يزيد بن معاوية اهـ تاريخ الطبري [5/ 500] مات ابن عمر بمكة سنة ثلاث وسبعين وذلك بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر أو نحوها وقيل ستة أشهر ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين وكان سبب موته أن الحجاج أمر رجلًا فسم زُجَّ رمحه فزحمه فوضع الزُجَّ في ظهر قدمه فمرض منها فمات رحمه الله حكاه أبو عمر وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفا حديث وستمائة وثلاثون حديثًا أُخرج له منها في الصحيحين مائة حديث وثمانون حديثًا اهـ من المفهم.
واستدل المؤلف على فضائله بحديثه رضي الله عنه فقال:
6214 -
(2462)(7)(حدثنا أبو الربيع) سليمان بن داود (العتكي) الزهراني البصري ثقة من (10) روى عنه في (7) أبواب (وخلف بن هشام) بن ثعلب بالمثلثة البزَّار بالراء آخره البغدادي المقرئ ثقة من (10) روى عنه في (5) أبواب (وأبو كامل الجحدري) فُضيل بن حسين البصري ثقة من (10) روى عنه في (7) أبواب (كلهم) رووا (عن حمَّاد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري ثقة من (8) روى عنه في (14) بابا (قال أبو الربيع حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب) بن أبي تميمة السختياني البصري (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته (قال) ابن عمر (رأيت في المنام كأنَّ في يدي قطعة إستبرق) وهو ما رقَّ من ثياب الحرير والديباج ما غلظ منه (وليس
مَكَانٌ أُرِيدُ مِنَ الْجَنَّةِ إلا طَارَتْ إِلَيهِ. قَال: فَقَصَصْتُهُ عَلَى حَفْصَةَ. فَقَصَّتْهُ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَرَى عَبْدَ اللهِ رَجُلًا صَالِحًا".
6215 -
(2463)(8) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، (وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ)، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا رَأَى رُؤْيَا،
ــ
مكان أريد) الوصول إليه (من الجنة إلا طارت) بي تلك القطعة (إليه) أي إلى ذلك المكان (فقصصته) أي فأخبرت ذلك المنام (على) شقيقتي حفصة بنت عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهما أي عرضته عليها (فقصَّته) أي فقصّت ذلك المنام (حفصة) وعرضته (على النبي صلّي الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أوى) بفتح الهمزة أي أعلم وبضمها أي أظنّ (عبد الله رجلًا صالحًا) والصالح هو القائم بحدود الله سبحانه وحقوق العباد وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحسن رؤيته للجنة في المنام قال القرطبي: "قوله كأنَّ في يدي قطعة إستبرق" وكان هذه القطعة مثال لعمل صالح يعمله يتقرب به إلى الله تعالى ويقدمه بين يديه يرشده ثوابه إلى أيّ موضع شاء من الجنة ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم "أرى عبد الله رجلًا صالحًا" وهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بالصلاح ووجدت بخط شيخنا أبي الصبر أيوب مقيدًا أرى بفتح الراء والهمزة فيكون مبنيًّا للفاعل فيكون من رؤية القلب فيكون علمًا ويجوز أن تكون همزته مضمومة فتكون ظنًّا صادقًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم في ظنه كما هو في علمه اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في مناقب عبد الله بن عمر رضي الله عنه [3738 و 3740] والترمذي في مناقب عبد الله بن عمر [3825]. وابن ماجه في تعبير الرؤيا [3966] ثم استشهد المؤلف لحديثه هذا بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:
6215 -
(2463)(8)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (وعبد بن حميد) الكسي (واللفظ لعبد قال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته (قال) ابن عمر (كان الرجل) منَّا (في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا) أي منامًا
فَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَمَنَّيتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال: وَكُنْتُ غُلامًا شَابًّا عَزَبًا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَرَأَيتُ فِي النَّوْمِ كَان مَلَكَينِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ. فَإِذَا هِيَ مَطْويَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ. وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ. وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُم، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ. قَال: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَال لِي: لَمْ تُرَعْ،
ــ
(قصّها) أي عرضها (على رسول الله قال الله عليه وسلم) ليعبرها له (فتمنيت) أي أحببت (أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلّي الله عليه وسلم) ليعبرها لي (قال) ابن عمر (وكنت) أنا (غلامًا) أي ولدًا (شابًّا) أي بالغًا (عزبًا) بفتحتين أي غير متزوج قال في المصباح يقال عزب الرجل يعزب من باب قتل عزبة على وزن غرفة وعزوبة على وزن سهولة إذا لم يكن له أهل فهو عزب بفتحتين وامرأة عزب أيضًا كذلك (وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان إذ ذاك عزبًا لم يكن له أهل فجاز نومه في المسجد لأنه صار ملحقًا بالمسافرين ففيه دليل على جواز النوم في المسجد لمن احتاج إلى ذلك (فرأيت في المنام كأنَّ ملكين أخداني فذهبا بي إلى النار فإذا هي) أي النار (مطوية) أي مبني جوانبها بدكاك وجدران طيًا (كطي البئر) العميق لئلا يسقط فيها شيء (وإذا لها) أي للنار أي في جانبها (قرنان) أي عمودان من الحجارة (كقرني البئر) اللذين يوضع عليهما الخشبة المعروضة التي تعلق بها البكرة وقرون البئر جوانبها التي تبنى من حجارة توضع عليها الخشبة التي تعلق فيها البكرة والعادة أن لكل بئر قرنين قال القرطبي: والقرنان منارتان على جانبي البئر تجعل عليهما الخشبة التي تعلق بها البكرة والبئر المطوية هي المبنية بالحجارة في جانبيها وهي الرَّسُّ أيضًا فكان لم تطو فهي القليب والركي (وإذا فيها) أي في النار (ناس) من المشركين (قد عرفتهم فجعلت) أي شرعت أن (أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار) بالتكرار ثلاث مرات للتأكيد (قال) عبد الله بن عمر (فلقيهما) أي فلقي الملكين اللذين يمشيان بي (ملك) آخر (فقال لي) ذلك الملك الآخر (لم تُرع) بضم التاء الفوقية من الروع وهو الخوف أي لم تفزع وليس المراد أنه لم يقع له فزع وخوف بل المراد أنه زال فزعك فصار كأنه لم يقع وهذا من محاورات العرب ووقع في بعض الروايات "لن تراع" بلن الاستقبالية يعني أنك
فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ".
قَال سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ، بَعْدَ ذَلِكَ، لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيلِ إلا قَلِيلًا
ــ
لا روع عليك بعد هذا ولا ضرر ولا خوف قال عبد الله (فقصصتها) أي عرضت هذه الرؤيا (على حفصة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرتها (فقصَّتها) أي فقصَّت (حفصة) وعرضتها (على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم الرجل) الذي رأى هذه الرؤيا أي حسن وفاق غيره والمخصوص بالمدح (عبد الله) بن عمر (لو كان يصلي من) نوافل (الليل) لكان أحسن من الأول (قال سالم) بن عبد الله بالسند السابق (فكان عبد الله) بن عمر (بعد ذلك) أي بعدما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ذلك الكلام (لا ينام من) آناء (الليل إلا قليلًا) قدر الراحة من تعب القيام قال النووي فيه فضيلة قيام الليل وصلاته.
قال القرطبي: وإنما فهم النبي صلى الله عليه وسلم من رؤية عبد الله للنار أنه ممدوح لأنه عرض على النار ثم عوفي منها وقيل له لا روع عليك وهذا إنما هو لصلاحه وما هو عليه من الخير غير أنه لم يكن يقوم من الليل إذ لو كان ذلك ما عرض على النار ولا رآها ثم إنه حصل لعبد الله رضي الله عنه من تلك الرؤية يقين مشاهدة النار والاحترازُ منها والتنبيه على أن قيام الليل مما يتقى به النار ولذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك رضي الله عنهما وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 146] والبخاري في مواضع منها في التهجد [1121] وابن ماجه [3919] ووقع في رواية للبخاري في التعبير "وأنا غلام حديث السن وبيتي المسجد قبل أن أنكح فقلت في نفسي لو كان فيك خير لرأيت مثل ما يرى هؤلاء فلما اضطجعت ليلة قلت اللهم إن كنت تعلم فيَّ خيرًا فأرني رؤيا فبينما أنا كذلك إذ جاءني ملكان في يد كل واحد منهما مقمعة من حديد يقبلان بي إلى جهنم وأنا بينهما أدعو الله اللهم أعوذ بك من جهنم ثم أراني لقيني ملك في يده مقمعة من حديد فقال لن تراع نعم الرجل أنت لو تكثر الصلاة فانطلقوا بي حتى وقفوا بي على شفير جهنم فإذا هي مطوية كطيّ البئر له قرون كقرون البئر بين كل قرنين ملك بيده
6216 -
(0)(0) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، خَتَنُ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ. وَلَمْ يَكُنْ لِي أَهْلٌ. فَرَأَيتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا انْطُلِقَ بِي إِلَى بِئْرٍ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ
ــ
مقمعة من حديد وأرى فيها رجالًا معلقين بالسلاسل رؤوسُهم أسفلهم عرفت فيها رجالًا من قريش فانصرفوا بي من ذات اليمين"، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
6216 -
(0)(0)(حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن بهرام (الدارمي) السمرقندي ثقة متقن من (11) روى عنه في (14) بابا (أخبرنا موسى بن خالد) أبو الوليد الشامي الحلبي (ختن) أي زوج ابنة محمد بن يوسف (الفريابي) أي المنسوب إلى فرياب مدينة ببلاد ترك روى عن أبي إسحاق الفزاري وابن عيينة وعيسى بن يونس ومعتمر بن سليمان وغيرهم ويروي عنه (م) وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ومحمد بن سهل وعباس بن عبد الله الشرقفي له في (م) فرد حديث حدث ابن عمر في الفضائل كنت أبيت في المسجد ولم يكن لي أهل فرأيت في المنام الحديث يعني هذا الحديث وقال في التقريب مقبول من العاشرة (عن أبي إسحاق) إبراهيم بن محمد بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة (الفزاري) الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (5) أبواب.
(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني ثقة من (5) روى عنه في (12) بابا (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة عبيد الله بن عمر للزهري في رواية هذا الحديث عن ابن عمر ولكنها متابعة ناقصة لأن عبيد الله روى عن ابن عمر بواسطة نافع والزهري روى عنه بواسطة سالم (قال) ابن عمر كنت أبيت في المسجد ولم يكن لي أهل) أي زوج (فرأيت في المنام كأنما انطلق بي) بالبناء للمجهول (إلى بئر) أي ذُهب بي إلى بئر مطوية (فذكر) عبيد الله عن نافع عن ابن عمر (بمعنى حديث الزهري عن سالم عن أبيه) لا بلفظه.
"وأما أنس" فهو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد النجاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا حمزة يروى عنه أنه قال كنَّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم
6217 -
(2464)(9) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيمٍ؛ أَنَّهَا قَالت: يَا رَسُولَ اللهِ، خَادِمُكَ أَنَسٌ، ادْعُ اللهَ لَهُ، فَقَال:"اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيتَهُ"
ــ
ببقلة كنت أجتنيها رواه الترمذي [3829] وأمّه أم سليم بنت ملحان كان سنّ أنس لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة عشر سنين وقيل ثماني سنين وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنس ابن عشرين سنة وشهد بدرًا وتوفي في الطف على فرسخين من البصرة سنة إحدى وتسعين (91) وقيل ثلاث وتسعين (93) وقيل سنة اثنتين وتسعين (92) قال أبو عمر وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أعلم أحدًا ممن مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل واختلف في سنّ أنس يوم توفي فقيل مائة سنة إلا سنةً واحدة وقيل إنه وُلد له ثمانون ولدًا منهم ثمانية وسبعون ذكرًا وابنتان وتوفي قبله من ولده لصلبه وولد ولده نحو المائة وكل ذلك من تعميره وكثرة نسله ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث ألفا حديث ومئتا حديث وستة وثمانون حديثًا أخرج له في الصحيحين ثلاثمائة حديث وثمانية عشر حديثًا اهـ من المفهم. واستدل المؤلف على فضائل أنس رضي الله عنه بحديث أم سليم رضي الله عنها فقال:
6217 -
(2464)(9)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدّث عن أنس عن أمّ سليم) سهلة بنت ملحان بن زيد بن حرام الأنصارية الخزرجية النجارية المدنية وهي أم أنس رضي الله عنها وقيل اسمها رملة وقيل مليكة كما مر البسط في ترجمتها في فضائلها وهذا السند من سداسياته (أنها) أي أن أم سليم (قالت يا رسول الله خادمك) مبتدأ (أنس) عطف بيان له والخبر جملة قوله (ادع الله له) بخيري الدنيا والآخرة (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء له. (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) من الأموال والأولاد وأخرج البخاري في الأدب المفرد من وجه آخر عن أنس "اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته واغفر له" فزاد فيه دعاء طول العمر والمغفرة فأقل ما قيل في عمره أنه بلغ تسعًا وتسعين سنة (99) وأكثر ما قيل فيه أنه بلغ مائة وسغ سنين (107) كما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مر وقوله "وبارك له فيما أعطيته" قال النووي رحمه الله تعالى: فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبارك له فيه ومتى بورك فيه لم يكن فيه فتنة ولم يحصل بسببه ضرر ولا تقصير ولا غير ذلك من الآفات التي تتطرَّق إلى سائر الأغنياء بخلاف غيره وفيه هذا الأدب البديع وهو أنه إذا دعا بشيء له تعلق بالدنيا ينبغي أن يضم إلى دعائه طلب البركة فيه والصيانة ونحوهما وكان أنس ماله وولده رحمة وخيرًا ونفعًا بلا ضرر بسبب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.
قال القرطبي قوله: "اللهم أكثر ماله وولده" يدل على إباحة الاستكثار من المال والولد والعيال لكن إذا لم يشغل ذلك عن الله تعالى ولا عن القيام بحقوقه لكن لما كانت سلامة الدين مع ذلك نادرة والفتن والآفات غالبة تعين التقلل من ذلك فرارًا مما هنالك ولولا دعوة النبي صلَّى الله عليه وسليم لأنس رضي الله عنه بالبركة لخيف عليه من الإكثار الهلكة ألا ترى أن الله تعالى قد حذّرنا من آفات الأموال والأولاد ونبّه على المفاسد الناشئة من ذلك فقال: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28] وصدر الكلام بإنّما الحاصرة المحققة فكأنه قال لا تكون الأموال والأولاد إلا فتنة يعني في الغالب وقال أيضًا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14]، ووجه عداوتهما أن محبتهما موجبة لانصراف القلوب إليهما والسعي في تحصيل أغراضهما واشتغالها بما غلب عليهما من ذلك عمَّا يجب عليها من حقوق الله تعالى ومع غلبة ذلك تذهب الأديان ويعم الخسران فأيّ عداوة أعظم من عداوة من يدمر دينك ويورثك عقوبة النار ولذلك قال الله تعالى وهو أصدق القائلين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)} [المنافقون: 9]، وقال أرباب القلوب والفهوم ما يشغلك من أهل ومال فهو عليك مشؤوم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها باب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه بطول عمره وكثرة ماله [6344] وباب الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة [6378] والترمذي في مناقب أنس بن مالك [3827 و 3828] ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أم سليم رضي الله عنها فقال:
6218 -
(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالتْ أُمُّ سُلَيمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
6219 -
(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيدٍ. سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مِثْلَ ذَلِكَ.
6220 (2465)(20) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَينَا. وَمَا هُوَ إلا أَنَا وَأُمِّي وَأُمُّ حَرَامٍ،
ــ
6218 (0)(0)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري (حدثنا شعبة عن قتادة سمعت أنسًا يقول قالت أم سليم يا رسول الله خادمك أنس) وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة أبي داود لمحمد بن جعفر (فذكر) أبو داود (نحوه) أي نحو ما حدث به محمد بن جعفر ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:
6219 -
(0)(0)(حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن هشام بن زيد) بن أنس بن مالك الأنصاري البصري روى عن جده ويروي عنه شعبة ثقة من (5) روى عنه في (7) أبواب (سمعت أنس بن مالك يقول) وساق هشام (مثل ذلك) الحديث الذي ذكره قتادة من قول أم سليم ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة هشام لقتادة.
ثم استشهد المؤلف لحديث أم سليم بحديث آخر لها رضي الله عنها فقال:
6220 -
(2465)(20)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا هاشم بن القاسم) بن مسلم بين مقسم الليثي مولاهم أبو النضر البغدادي ثقة من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا سليمان) بن المغيرة القيسي البصري ثقة من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن ثابت) بن أسلم البناني ثقة من (4) روى عنه في (14) بابا (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه (قال) أنس (دخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا) في بيتنا (وما هو) أي وما الشأن أو ومن الذي في البيت (إلا أنا وأمّي وأم حرام) بنت
خَالتِي. فَقَالتْ أمِّي: يَا رَسُولَ اللهِ، خُوَيدِمُكَ، ادْعُ اللهَ لَهُ. قَال: فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيرٍ، وَكَانَ فِي آخِرِ مَا دَعَا لِي بِهِ أَنْ قَال:"اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالهُ وَوَلَدهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ".
6221 -
(2466)(21) حدّثني أَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ. حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَال: جَاءَتْ بِي أُمِّي، أُمُّ أَنَسٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِي بِنِصْفِهِ. فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أُنَيسٌ، ابْنِي. أَتَيتُكَ بِهِ
ــ
ملحان (خالتي) أخت أم سليم (فقالت أمي يا رسول الله) هذا (خويدمك) تصغير شفقة فـ (ـادع الله له) بخيري الدنيا والآخرة وهذا السند من سداسياته (قال) أنس (فدعا لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بكل خير) من خيري المال والولد (وكان في آخر ما دعا لي به أن قال) أي قوله (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه) أي فيما دعوتك له به من المال والأولاد وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى وقد أخرجه أيضًا في كتاب المساجد.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أم سليم الأول بحديث آخر لها رضي الله عنها فقال:
6221 -
(2466)(21)(حدثني أبو معن) زيد بن يزيد الثقفي (الرقاشي) بفتح الراء وتخفيف القاف نسبة إلى رقاش بطن من ثقيف البصري ثقة من (11) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا عمر بن يونس) بن القاسم الحنفي الجرسي بضم الجيم أبو حفص اليمامي ثقة من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا عكرمة) بن عمّار العجلي الحنفي أبو عمار اليماني صدوق من (5) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا إسحاق) بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري المدني ثقة حجة من (4) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا أنس) بن مالك (قال جاءت بي أمّي أمُّ أنس) وهي ممسكة بيدي (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته (وقد أزّرتني) أي عقدت لي إزارًا (بنصف خمارها وردَّتني) أي ألبستني رداءً (بنصفه) أي بنصف خمارها (فقالت يا رسول الله) وهذا السند من سداسياته قوله (وقد أزَّرتني) إلخ يعني أنها ألبسته خمارها بحيث قام الخمار مقام الثوبين فصار نصفه كالإزار وردَّت النصف الباقي على أعلى الجسم فصار كالرداء له وذكر المقول بقوله أي قالت (هذا) الولد اسمه (أنيس) تصغير شفقة وهو (ابني) أي ولدي (أتيتك به)
يَخْدُمُكَ، فَادع اللهَ لَهُ. فَقَال:"اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالهُ وَوَلَدَهُ".
قَال أَنَسٌ: فَوَاللهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ، وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْو الْمِائَةِ، الْيَوْمَ. 6222 - (2467)(22) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، (يَعْنِي ابْنَ سُلَيمَانَ)، عَنِ الْجَعْدِ، أَبِي عُثمَانَ. قَال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَال: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَمِعَتْ أُمِّي، أُمُّ سُلَيمٍ صَوْتَهُ. فَقَالتْ:
ــ
والحال أني أريد أن (يخدمك فادع الله) تعالى (له) بكل خير (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم أكثر ماله وولده قال أنس) بالسند السابق (فوالله) أي أقسمت لكم بالإله الذي لا إله غيره (إنَّ مالي لكثير) أجناسها وأنواعها وعددها وأخرج الترمذي رقم [3833] في مناقب أنس عن أبي العالية قال ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين وكان فيها ريحان كان يجيء منها ريح المسك قال الترمذي هذا حديث حسن (وإن ولدي وولد ولدي ليتعادُّون) أي ليزيد عددهم (على نحو المائة) أي ليزيد عددهم (اليوم) على المائة فلفظ نحو مقحم وذكر الحافظ في الفتح [11/ 145] قول أنس رضي الله عنه أخبرتني ابنتي أمينة أنه دفن من صلبي إلى يوم مقدم الحجاج البصرة مائة وعشرون قال ابن قتيبة في المعارف كان بالبصرة ثلاثة ما ماتوا حتى رأى كل واحد منهم من ولده مائة ذكر لصلبه أبو بكرة وأنس وخليفة بن بدر وزاد غيره رابعًا وهو المهلب بن أبي صفرة وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 194].
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أم سليم الأول بحديث آخر لها أيضًا رضي الله عنها فقال:
6222 -
(2467)(22)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر يعني ابن سليمان) الضبعي البصري صدوق من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن الجعد) بن دينار اليشكري (أبي عثمان) الصيرفي البصري ثقة من (4) روى عنه في (6) أبواب (قال) الجعد (حدثنا أنس بن مالك قال) أنس (مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيتنا (فسمعت أمّي أمّ سليم صوته) صلى الله عليه وسلم فخرجت إليه (فقالت) أم سليم لرسول الله صلى الله
بِأَبِي وَأُمِّي، يَا رَسُولَ اللهِ، أُنَيسٌ، فَدَعَا لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ دَعَوَاتٍ، قَدْ رَأَيتُ مِنْهَا اثْنَتَينِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أَرْجُو الثَّالِثَةَ فِي الآخِرَةِ.
6223 -
(2468)(23) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: أَتَى عَلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ. قَال: فَسَلَّمَ عَلَينَا. فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي. فَلَمَّا جِئْتُ قَالتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ
ــ
عليه وسلم وهذا السند من خماسياته (بأبي وأمّي) أنت مفديٌّ (يا رسول الله) هذا (أُنيس) خادمك فادع الله له (فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث دعوات قد رأيت منها) أي من تلك الدعوات (اثنتين) أي أثر إجابتهما (في الدنيا) لعله أراد بهما كثرة ماله وكثرة ولده (وأنا أرجو) أن أرى أثر الدعوة (الثالثة في الآخرة) ولعلّها المغفرة التي دعا له بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في رواية البخاري في الأدب المفرد والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في المناقب باب مناقب لأنس بن مالك [3837] اهـ تحفة الأشراف ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أم سليم بحديث أنس رضي الله عنه فقال:
6223 -
(2468)(23)(حدثنا أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري صدوق من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري ثقة من (9) روى عنه في (13) بابا (حدثنا حمّاد) بن سلمة بن دينار الربعي البصري ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (أخبرنا ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة من (4) روى عنه في (14) بابا (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أنس (أتى عليَّ) أي مر عليَّ (رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان) أي مع الصبيان (قال) أنس (فسلّم علينا) معاشر الغلمان رسول الله صلى الله عليه وسلم (فبعثني) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى حاجة) له (فأبطأت) أي أخرت الرجوع (على أمي) بسبب تلك الحاجة (فلمّا جئت) أمي (قالت) لي (ما حبسك) ومنعك من الرجوع إلي كعادتك (قلت) لها (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ) ـقضاء (حاجة)
قَالتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا.
قَال أَنَسٌ: وَاللهِ لَوْ حَدِّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدِّثْتُكَ، يَا ثَابِتُ
ــ
له فأبطأت فيها (قالت) لي أمي (ما حاجته) صلى الله عليه وسلم التي بعثك فيها (قلت) لها (إنها) أي إن حاجته صلى الله عليه وسلم التي بعثني فيها (سر) من حوائج السر فلا ينبغي لي أن أفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل هذا السرَّ من حوائج نسائه (قالت) لي أمي إذًا (لا تحدثنَّ) يا ولدي (بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا) من الناس أنا ولا غيري (قال أنس) بالسند السابق (والله لو حدّثت به) أي بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحدًا) من الناس (لحدثتك) به (يا ثابت) لأنك من خواصّي وبطائني.
قال القرطبي: "وقول أنس رضي الله عنه أتى عليَّ رسول الله وأنا ألعب مع الغلمان" دليل على تخلية الصغار ودواعيهم من اللعب والانبساط ولا نضيق عليهم بالمنع مما لا مفسدة فيه وقوله "فسلّم علينا" دليل مشروعية السلام على الصبيان وفائدته تعليمهم السلام وتمرينهم على فعله وإفشاؤه في الصغار كما يفشى في الكبار وكتمان أنس سر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمّه دليل على كمال عقله وفضله وعلمه مع صغر سنه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء اهـ من المفهم.
قوله "إنها سر" قال بعض العلماء كأن هذا السر كان يختص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فلو كان من العلم ما وسع أنسًا كتمانه وقال ابن بطال الذي عليه أهل العلم أن السر لا يباح به إذا كان على صاحبه منه مضرة وأكثرهم يقول إنه إذا مات لا يلزم من كتمانه ما كان يلزم في حياته إلا أن يكون عليه فيه غضاضة وقال الحافظ بعد نقله كلام ابن بطال قلت الذي يظهر انقسام ذلك بعد الموت إلى ما يباح وقد يستحب ذكره ولو كرهه صاحب السر كأن يكون فيه تزكية له من كرامة أو منقبة أو نحو ذلك وإلى ما يكره مطلقًا وقد يحرم وهو الذي أشار إليه ابن بطال وقد يجب كأن يكون فيه ما يجب ذكره. كحق عليه كأن يعذر بترك القيام به فيرجى بعده إذا ذكر لمن يقوم به عنه أن يفعل ذلك اهـ منه وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد [3/ 109].
6224 -
(0)(0) حدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ. قَال: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: أَسَرَّ إِلَيَّ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرًّا، فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدُ. وَلَقَدْ سَأَلَتْنِي عَنْهُ أُمُّ سُلَيمٍ، فَمَا أَخْبَرْتُهَا بِهِ
ــ
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
6224 -
(0)(0)(حدثنا حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي المعروف بـ (ـابن الشاعر) البغدادي الرحال ثقة من (11) روى عنه في (13) بابا (حدثنا عارم بن الفضل) السدوسي عارم لقبه واسمه محمد بن الفضل أبو الفضل البصري ثقة من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا معتمر بن سليمان) بن طرخان التيمي البصري ثقة من (9) روى عنه في (10) أبواب (قال) معتمر (سمعت أبي) سليمان بن طرخان التيمي البصري ثقة من (4) روى عنه في (13) بابا (يحدّث عن أنس بن مالك) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة سليمان بن طرخان لثابت بن أسلم (قال) أنس (أسرَّ) أي أخبر (إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم سرًّا) أي أمرًا مخفيًا عن غيري (فما أخبرت به) أي بذلك السر (أحدًا) من الناس (بعد) أي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (ولقد سألتني عنه) أي عن ذلك السر والدتي (أم سليم فما أخبرتها به) أي بذلك السر وكتمانه سره عن أمه دليل على كمال عقله وعلمه مع صغره وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء اهـ سنوسي كما مر عن القرطبي.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب عشرة أحاديث الأول حديث جرير بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والثاني حديث جرير الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين والثالث حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة والرابع حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة والخامس حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعةً واحدة والسادس حديث أم سليم ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعتين والسابع حديث أم سليم الثاني ذكره للاستشهاد والعاشر حديث أنس بن مالك ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***