المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضائل أسماء زوجة جعفر - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌712 - (1) والرابع عشر منها باب فضائل جليبيب رضي الله عنه وأبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌713 - (2) والخامس عشر منها باب فضائل جرير وابن عباس وابن عمرو وابن مالك رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌(714) - (3) (والسادس عشر منها باب فضائل عبد الله بن سلام وحسَّان بن ثابت رضي الله عنهما

- ‌715 - (4) والسابع عشر منها باب فضائل أبي هريرة وقصة حاطب بن أبي بلتعة مع بيان فضله وفضل أهل بدر وفضائل أهل بيعة الرضوان

- ‌فضائل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌716 - (5) والثامن عشر منها باب فضائل الأشعريين وأبي سفيان بن حرب وفضائل أهل السفينة من جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم وفضائل سلمان وصهيب وبلال رضي الله عنهم

- ‌فضائل أبي سفيان بن حرب

- ‌فضائل جعفر بن أبي طالب

- ‌فضائل أسماء زوجة جعفر

- ‌فضائل سلمان رضي الله عنه

- ‌فضائل صهيب رضي الله عنه

- ‌717 - (6) والتاسع عشر منها باب فضائل الأنصار والتخيير بين دُورهم وحسن صحبتهم ودعائه لغفار وأسلم رضي الله عنهم ودعائه على بعض القبائل من العرب

- ‌718 - (7) "والعشرون منها باب فضائل بعض قبائل العرب وبيان خيار الناس وفضائل نساء قريش ومؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم

- ‌719 - (8) والحادي والعشرون منها باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي وخير القرون أصحابي ثم الذين يلونهم إلخ وقوله صلى الله عليه وسلم لا تمضي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم

- ‌720 - (9) الباب الثاني والعشرون منها باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم وفضل أويس القرني رضي الله عنه وما ذُكر في مصر وأهلها وفي فضل عمان

- ‌حكم سبّ الصحابة رضي الله عنهم

- ‌فضل: أويس القرني رضي الله تعالى عنه

- ‌وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر

- ‌721 - (10) الباب الثالث والعشرون منها بابُ ذكر كذّاب ثقيف ومُبيرها وفضل فارس وقوله صلى الله عليه وسلم الناس كمائة إبل لا تجد فيها راحلةً

- ‌ كتاب البر والصلة

- ‌722 - (11) باب برّ الوالدين وتقديمه على التطوع بالصلاة

- ‌723 - (12) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبرّ أهل وُدّهما وتفسير البرّ والإثم ووجوب صلة الرحم وثوابها والنهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم يجوز الهجران

- ‌724 - (13) باب النهي عن الظن السيِّيء والتجسس ونحوهما وما يحرم على المسلم من المسلم والنهي عن الشحناء وفضْل الحبّ في الله وفضْل عيادة المرضى

- ‌725 - (14) باب ثواب المؤمن على ما يصيبه من مرض أو غيره وتحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم بظلمه

- ‌726 - (15) بابُ نصر الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا وكون المؤمنين كالبنيان وتراحمهم والنهي عن السباب واستحباب التواضع وتحريم الغيبة وبشارة من ستره الله في الدنيا بستره في الآخرة ومداراة من يتقى فحشه وفضل الرفق

- ‌727 - (16) بابُ النهي عن لعن الدَّواب وغيرها ومن لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبَّه أو دعا عليه وذمّ ذي الوجهين وتحريم فعله وتحريم الكذب وبيان المباح منه وتحريم النميمة وقبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌728 - (17) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وخَلْق الإنسان خلقًا لا يتمالك والنهي عن ضرب الوجه والوعيد الشديد لمن عذَّب الناس بغير حقٍّ وأمر منْ يمرُّ بسلاحٍ في مجامع الناس بإمساك نصالها والنهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح

- ‌729 - (18) باب فضل إزالة الأذى من الطريق وحرمة تعذيب الهرَّة ونحوها وحُرمة الكبر والنهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله

- ‌730 - (19) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه وإذا أحبّ الله عبدًا حببّه لعباده والأرواح جنود مجنّدة والمرء مع من أحبّ وإذا أُثني على الصالح فهي بشرى فلا تضرّه

- ‌ كتاب القدر

- ‌731 - (20) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته وكل إنسان ميسر لما خلق له

- ‌732 - (21) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام وأنّ الله كتب المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض وتصريف الله القلوب كيف شاء وأن كل شيء بقدر وأن الله قدر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره

- ‌733 - (22) باب معنى كل مولود يُولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم وبيان أن الآجال والأرزاق لا يزيدان ولا ينقصان عمَّا سبق به القدر وبيان الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله تعالى

- ‌كتاب العلم

- ‌734 - (23) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن وعن الاختلاف فيه وكون الألدّ الخصم أبغض الناس إلى الله واتباع سنن اليهود والنصارى وقوله صلى الله عليه وسلم هلك المتنطِّعون

- ‌735 - (24) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان ومنْ سَنَّ سنّةً حسنةً أو سيئة إلخ

الفصل: ‌فضائل أسماء زوجة جعفر

‌فضائل أسماء زوجة جعفر

6256 -

(2487)(43) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادِ الأَشْعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ

ــ

الهجرة واختط له النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد وقال له النبي صلى الله عليه وسلم "أشبهت خلقي وخُلقي" رواه أحمد [1/ 98 - 99] والحاكم [3/ 120] من حديث علي ورواه البخاري [2699] والترمذي [3765] من حديث البراء ثم غزا غزوة مؤتة وذلك في سنة ثمان من الهجرة فقتل فيها بعد أن قاتل فيها حتى قطعت يداه جميعًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء" أخرجه البغدادي في معجمه وأبو عمر في الاستيعاب [1/ 210] وابن الأثير في أُسد الغابة [/ 1 343] وانظر ذخائر العقبى [ص 217] فمن هناك قيل له ذو الجناحين ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم نعي جعفر أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزاها في زوجها فدخلت فاطمة تبكي وهي تقول واعمّاه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل جعفر فلتبك البواكي رواه ابن الأثير في أُسد الغابة وأبو عمر في الاستيعاب.

فضائل أسماء زوجة جعفر

وأمَّا أسماء زوجة جعفر فهي ابنة عميس مصغرًا بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك الخثعمية من خثعم أنمار وهي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت لبابة أم الفضل زوجة العباس وأخت أخواتها وهن تسع وقيل عشر هاجرت أسماء مع زوجها جعفر إلى أرض الحبشة فولدت له هناك محمدًا وعبد الله وعوفًا ثم هاجرت إلى المدينة فلما قتل جعفر تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وولدت له محمد بن أبي بكر ثم مات عنها فتزوجها علي بن أبي طالب فولدت له يحيى بن علي لا خلاف في ذلك وقيل كانت أسماء بنت عميس تحت حمزة بن عبد المطلب فولدت له ابنة تسمى أمة الله وقيل أمامة ثم خلف عليها بعده شداد بن الهادي الليثي فولدت له عبد الله وعبد الرحمن ثم خلف عليها بعده جعفر ثم كان الأمر كما ذكر آنفًا.

ثم استدل المؤلف على فضائل أهل السفينة بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:

6256 -

(2487)(43) (حدثنا عبد الله بن برّاد الأشعري ومحمد بن العلاء

ص: 135

الْهَمْدَانِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنِي بُرَيدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ. فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيهِ. أَنَا وَأَخَوَانِ لِي، أَنَا أَصْغَرُهُمَا، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ -إِمَّا قَال بِضْعًا، وَإِمَّا قَال ثَلاثَةً وَخَمْسِينَ، أَو اثْنَينِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي- قَال: فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَألْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى

ــ

الهمداني قالا حدثنا أبو أسامة حدثني بريد) بن عبد الله (عن) جده (أبي بردة) عامر بن أبي موسى (عن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو موسى (بلغنا) معاشر الأشعريين (مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ظهوره وبعثته (ونحن) معاشر الأشعريين مقيمون (باليمن فخرجنا مهاجرين) من اليمن (إليه) صلى الله عليه وسلم (أنا) تأكيد لفاعل خرجنا ليعطف عليه قوله (وأخوان لي) تثنية أخ مرفوع بالألف (أنا أصغرهما) أي أنا أصغر منهما وفي رواية للبخاري (وأنا أصغرهم) أي أصغر الثلاثة أنا وهما (أحدهما) أي أحد الأخوين لي كنيته (أبو بردة) واسمه عامر بن قيس وله حديث عند أحمد والحاكم (والآخر) منهما كنيته (أبو رهم) بضم الراء وسكون الهاء واسمه مجدي بن قيس على وزن مهدي قال أبو بردة بن أبي موسى (إما قال) والدي أبو موسى فخرجنا مهاجرين إليه حالة كوننا (بضعًا) وخمسين والبضع الآحاد التي بين العقود ونصبه على الحال من فاعل خرجنا ومن الضمير المستكن في مهاجرين وما بعده من العدد المشكوك فيه معطوف عليه وإما الأُولى للتفصيل والثانية للشك والمعنى: أي فخرجنا مهاجرين حالة كوننا معدودين ببضع وخمسين (وإمّا قال) والدي أبو موسى حالة كوننا (ثلاثة وخمسين) رجلًا أي معدودين بهذا العدد (أو) قال والدي حالة كوننا (اثنين وخمسين رجلًا من قومي) يعني من الأشعريين قال القرطبي و (قول أبي بردة إما قال أبو موسى بضعة واما قال ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلًا" كذا صواب الرواية فيه بإثبات هاء التأنيث في بضعة لأن المعدود مذكر وبالنصب على الحال من خرجنا المذكور وإما موطئة للشك وما بعدها معطوف عليها مشكوك فيه وقد وقع في بعض النسخ "إمّا قال بضع" بإسقاط الهاء وبالرفع مع نصب خمسين وذلك لحن واضح والأول هو الصواب اهـ من المفهم (قال) أبو موسى فخرجنا مهاجرين (فركبنا سفينة) لتوصلنا إلى الحجاز (فألقتنا سفينتنا) بسبب غلبة الريح عليها أي رمتنا إلى الحبشة فوصلنا (إلى

ص: 136

النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ. فَقَال جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنَا ههُنَا. وَأَمَرَنَا بالإِقَامَةِ، فَأقِيمُوا مَعَنَا. فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا. قَال: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ افْتَتَحَ خَيبَرَ. فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَال: أَعْطَانَا مِنْهَا. وَمَا قَسَمَ لأَحَدِ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيبَرَ مِنْهَا شَيئًا. إلا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ. إلا لأَصْحَابِ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ. قَال: فَكَانَ

ــ

النجاشي) الملك (بالحبشة) أي في الحبشة والنجاشي بتخفيف الجيم لقب لكل من ملك الحبشة واسم هذا الملك أصحمة قال أبو موسى (فوافقنا) أي رأينا هناك (جعفر بن أبي طالب وأصحابه) أي أصحاب جعفر ورفقته الذين هاجروا معه من مكة إلى الحبشة (عنده) أي عند النجاشي وهم ستة عشر نفرًا فمنهم امرأته أسماء بنت عميس وخالد بن سعيد بن العاص وامرأته وأخوه عمرو بن سعيد ومعيقيب بن أبي فاطمة قال أبو موسى (فقال) لنا (جعفر) بن أبي طالب (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا) أي أرسلنا (ها هنا) أي عند النجاشي (وأمرنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بالإقامة) ها هنا أي عند النجاشي (فأقيموا) يا معشر الأشعريين (معنا) ها هنا قال أبو موسى (فأقمنا معه) أي مع جعفر بن أبي طالب وأصحابه هناك (حتى قدمنا جميعًا) أي كل من أصحاب جعفر وأصحاب أبي موسى عليهما السلام المدينة (قال) أبو موسى (فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فأسهم) أي قسم (لنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمًا من غنائم خيبر مع الغانمين قال أبو بردة (أو قال) أبو موسى (أعطانا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (منها) أي من غنائم خيبر شيئًا لا سهمًا كاملًا كسهم الغانمين بدل قوله فأسهم لنا والشك من أبي بردة قال النووي هذا الإعطاء محمول على أنه برضا الغانمين وقد جاء في صحيح البخاري ما يؤيده وفي رواية البيهقي التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كلّم المسلمين فشركوهم في سهمانهم قال أبو موسى (وما قسم) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأحد غاب عن فتح خيبر منها) أي من غنائم خيبر (شيئًا) قليلًا ولا كثيرًا (إلا لمن شهد معه) فتح خيبر (إلا لأصحاب سفينتنا) الذين جاؤوا (مع جعفر وأصحابه) الذين هاجروا من مكة إلى الحبشة فإنه صلى الله عليه وسلم (قسم لهم) أي لأصحاب سفينتنا معاشر اليمانيين (معهم) أي مع جعفر وأصحابه (قال) أبو موسى (فكان

ص: 137

نَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا -يَعْنِي لأَهْلِ السَّفِينَةِ-: نَحْنُ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ.

- قَال: فَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيسٍ، وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زَائِرَةً. وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَيهِ. فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَها. فَقَال عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هذِهِ؟ قَالتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيسٍ. قَال عُمَرُ: الْحَبَشِيَّةُ هذِهِ؟ الْبَحْرِيَّةُ هذِهِ؟ فَقَالتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. فَقَال عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ

ــ

ناس) أي فريق (من الناس) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة (يقولون لنا) أي لأصحاب السفينة قال أبو بردة (يعني) أبو موسى بقوله يقولون لنا أي (لأهل السفينة نحن) معاشر المهاجرين من مكة إلى المدينة (سبقناكم) يا أصحاب السفينة (بالهجرة) من مكة إلى المدينة فلنا فضل السابقية عليكم (قال) أبو موسى (فدخلت أسماء بنت عميس) زوجة جعفر (وهي) أي أسماء (ممن قدم معنا) من الحبشة أي فدخلت أسماء (على حفصة) بنت عمر (زوج النبي صلى الله عليه وسلم حالة كون أسماء (زائرة) لحفصة رضي الله عنها (وقد كانت) أسماء (هاجرت) مع زوجها جعفر (إلى النجاشي فيمن) أي مع من (هاجر إليه) أي إلى النجاشي من الصحابة الذين هاجروا من مكة إلى الحبشة (فدخل عمر) بن الخطاب (على حفصة وأسماء): أي والحال أن أسماء بنت عميس جالسة (عندها) أي عند حفصة (فقال عمر حين رأى أسماء) عند حفصة (من هذه) المرأة الجالسة عندك (قالت) حفصة لعمر رضي الله عنه هذه الجالسة عندي (أسماء بنت عميس) زوجة جعفر بن أبي طالب (قال عمر الحبشية) خبر مقدم (هذه) مبتدأ مؤخر لغرض الحصر وقد وقع في بعض الروايات بالمد في أوله آلحبشية هذه على أن الهمزة للاستفهام الاستخباري أي هل هذه الجالسة عندك هي الحبشية ونسبها إلى الحبشة لكونها هاجرت إلى الحبشة ومثله التركيب في قوله (البحرية هذه) أي هذه المرأة الجالسة عندك هي البحرية ونسبها إلى البحر لركوبها البحر وعبارة القرطبي ونسبها إلى الحبشة لمقامها فيهم وإلى البحر لمجيئها في طريق البحر وهو استفهام قُصد به المطايبة والمباسطة فإنه كان قد علم من هي حين رآها اهـ من المفهم.

(فقالت أسماء) في جواب استفهامه (نعم) هي الحبشية البحرية (فقال عمر) رضي الله عنه لأسماء (سبقناكم) معاشر أهل السفينة (بالهجرة) إلى المدينة المنورة فإنهم أتوها

ص: 138

فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكُمْ، فَغَضِبَتْ، وَقَالتْ كَلِمَةً: كَذَبْتَ. يَا عُمَرُ، كَلَّا، وَاللهِ، كنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُطْعِمُ جَائِعَكُم، ويعِظُ جَاهِلَكُمْ. وَكُنَّا فِي دَارِ، أوْ فِي أَرْضِ، الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ فِي الْحَبَشَةِ. وَذَلِكَ فِي اللهِ وَفِي رَسُولِهِ. وَايمُ اللهِ، لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا

ــ

قبل أسماء ورفقتها فزعم عمر أن الهجرة المعتبرة هي الهجرة إلى المدينة (فنحن أحق بـ) ـالقرب إلى (رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم) يا أهل السفينة صدر هذا لقول من عمر على جهة الفرح بنعمة الله والتحدث بها لما علم من عظيم أجر السابق إلى الهجرة ورفعة درجته على اللاحق لا على جهة الفخر والتوقع فإن عمر منزه عن ذلك (فـ) ـلما سمعت أسماء ذلك (غضبت) غضب منافسة في الأجر وغيره على جهة السبق (وقالت) أسماء (كلمة) مقول لقالت فجعلت لفظة كلمة مقولًا لقال مع أن مقول القول لا يكون إلَّا جملة لكونها في معنى الجملة فلذلك أبدل منها جملة قوله (كذبت يا عمر) أي أخطأت في ظنك لا أنها نسبته إلى الكذب الذي يأثم قائله وكثيرًا ما يطلق الكذب بمعنى الخطأ كما قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه "كذب أبو محمد" وهو مسعود بن زيد الأنصاري انظر أسد الغابة [5/ 61] لما زعم أن الوتر واجب (كلَّا) أي ارتدع يا عمر عما قلت فإنه ليس صحيحًا فهي نفي لما قال وزجر عنه وهذا أصل كلّا وقد تأتي للاستفتاح بمعنى ألا المخففة (والله كنتم) يا أصحاب الهجرة إلى المدينة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنّا) نحن معاشر المهاجرين إلى الحبشة (في دار) أي بلدة البعداء البغضاء (أو) قالت أسماء وكنا (في أرض البعداء البغضاء) بالشك من الراوي في أيّ اللفظين قالته أسماء وقوله كنّا (في الحبشة) بدل من الجار والمجرور قبله والبعداء جمع بعيد وأكثر ما يطلق على من نسبه سافل والبغضاء جمع بغيض وأكثر ما يستعمل فيمن ساء دينه وعمله كلاهما كظريف وظرفاء وشريف وشرفاء والمعنى كنّا في أرض البعداء عنّا في النسب لأنهم عجم ونحن عرب البغضاء لله تعالى لأنَّ الحبشة كلها وقتئذ كفار ولم يسلم منها إلا النجاشي وكان يستخفي بإسلامه عن قومه كذا في النووي (وذلك) أي كوننا في أرض البعداء البغضاء (في) ذات (الله) سبحانه وطلب رضاه (وفي) اتباع (رسوله) صلى الله عليه وسلم والإيمان به ثم أقسمت أسماء فقالت "وأيم الله" قسمي (لا أطعم طعامًا ولا أشرب شرابًا) ظاهره

ص: 139

حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَنَحْنُ كُنَّا نؤْذَى وَنُخَافُ. وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَسْألُهُ. وَوَاللهِ، لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. قَال: فَلَمَّا جَاءَ النبِي صلى الله عليه وسلم قَالتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّ عُمَرَ قَال كَذَا وَكَذَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَيسَ بِأحَقَّ بِي مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ. وَلَكُمْ أَنْتُمْ، أَهْلَ السَّفِينَةِ، هِجْرَتَانِ"

ــ

العموم أي لا عند حفصة ولا عند غيرها (حتى أذكر ما قلت) يا عمر الرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن) أصحاب السفينة (كنا نؤذى) في بلاد الحبشة ببغضهم إيّانا (ونخاف) من بطشهم علينا والفعلان مبنيان للمفعول وكل ذلك في ذات الله تعالى فكيف تكونون أحق منّا برسول الله صلى الله عليه وسلم (وسأذكر ذلك) الذي قلت لي قريبًا (لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أحقيتكم منا برسول الله صلى الله عليه وسلم (وأسأله) صلى الله عليه وسلم عما قلت يا عمر هل هو كلام صادق أم لا (ووالله لا أكذب) بالزيادة على ما قلت لي (ولا أزيغ) أي لا أميل عن الحق في الإخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالإلحان في الدعوى عليك (ولا أزيدُ على ذلك) الذي قلت لي توكيد لفظي بالمراد (قال) الراوي أبو موسى (فلمَّا جاء النبي صلى الله عليه وسلم ودخل بيت حفصة (قالت) أسماء (يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا) من قوله سبقنا بالهجرة ونحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس) عمر وأصحابه (بأحق) وأقرب (بي منكم) منزلة قال القرطبي يعني في الهجرة لا مطلقًا وإلا فمرتبة عمر رضي الله عنه وخصوصية صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم معروفة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم له ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أهل السفينة هجرتان وسبب ذلك أن عمر وأصحابه هاجروا من مكة إلى المدينة هجرة واحدة في طريق واحد وهاجر جعفر وأصحابه إلى أرض الحبشة وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثم إنهم لما سمعوا بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ابتدؤوا هجرة أخرى إليه فتكرر الأجر بحسب تكرار العمل والمشقة في ذلك اهـ من المفهم. (وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة) بنصب أهل على الاختصاص يعني من كان معكم في السفينة عند مقدمكم إلى المدينة (هجرتان) قال أبو بردة بالسند السابق:

ص: 140

قَالتْ: فَلَقَدْ رَأَيتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعَظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

قَال أَبُو بُرْدَةَ: فَقَالتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيتُ أَبَا مُوسَى، وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذا الْحَدِيثَ مِنِّي

ــ

(قالت) أسماء (فـ) ـوالله (لقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني) في بيتي (أرسالًا) أي أفواجًا فوجًا بعد فوج يقال أورد إبله أرسالًا أي متقطعة وأوردها عراكًا أي مجتمعة اهـ نووي قال القرطبي قوله: "أرسالًا" أي متتابعين جماعة بعد جماعة واحد الأرسال رسل كأحمال جمع حمل يقال جاءت الخيل أرسالًا أي قطعة قطعة ففيه قبول أخبار الآحاد وإن كان خبر امرأة فيما ليس طريقًا للعمل والاكتفاء بخبر الواحد المفيد لغلبة الظن مع التمكن من الوصول إلى اليقين فإن الصحابة رضي الله عنهم اكتفوا بخبرها ولم يُراجعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك وخبرها يفيد ظن صدقها لا العلم بصدقها فافهم هذا اهـ مفهم.

حالة كونهم (يسألوني عن هذا الحديث) الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي وفي قولها "يأتوني يسألوني" حذف نون علامة الرفع فرارًا من كراهية توالي المثلين وقالت أسماء أيضًا (ما من الدنيا شيء هم) أي أصحاب السفينة (به أفرح) أي هم أشد فرحًا به (و) لا شيء (أعظم) بشارة (في أنفسهم) أي في قلوبهم (مما قال) أي من القول الذي قاله الهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني قوله لهم هجرة ولكم هجرتان قال القرطبي تعني أسماء ما من الدنيا شيء يحصل به ثواب عند الله تعالى هو في نفوسهم أعظم قدرًا ولا أكثر أجرًا مما تضمنه هذا القول لأن أصل أفعل أن تضاف إلى جنسها وأعراض الدنيا ليست من جنس ثواب الآخرة فتعين ذلك التأويل والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

(قال أبو بردة) بالسند السابق (فقالت أسماء فلقد رأيت أبا موسى وإنه) أي والحال أنه (ليستعيد هذا الحديث منّي) أي ليطلب مني إعادة هذا الحديث عليه وتكراره له ليحفظه لشدة فرحه به.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد [3136] وفي فضائل

ص: 141