الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
721 - (10) الباب الثالث والعشرون منها بابُ ذكر كذّاب ثقيف ومُبيرها وفضل فارس وقوله صلى الله عليه وسلم الناس كمائة إبل لا تجد فيها راحلةً
6341 -
(2527)(85) حدَّثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، (يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيَّ)، أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ. رَأَيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيرِ عَلَى
ــ
721 -
(10) الباب الثالث والعشرون منها بابُ ذكر كذّاب ثقيف ومُبيرها وفضل فارس وقوله صلى الله عليه وسلم الناس كمائة إبل لا تجد فيها راحلةً
ثم استدل المؤلف على الجزء الأول من الترجمة بحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها فقال:
6341 -
(2527)(85)(حدثنا عقبة بن مكرم) بصيغة اسم المفعول (العمي) أي المنسوب إلى بني العم بطن من تميم أبو عبد الملك البصري ثقة من (11) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا يعقوب يعني ابن إسحاق) بن زيد (الحضرمي) مولاهم أبو محمد البصري صدوق من (9) روى عنه في (3) أبواب (أخبرنا الأسود بن شيبان) السدوسي أبو شيبان البصري روى عن أبي نوفل بن أبي عقرب في الفضائل والحسن ويزيد بن الشخير وغيرهم ويروي عنه (م د ت س) ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وابن مهدي ووكيع وعفّان وجماعة وثقه ابن معين وأحمد والنسائي والعجلي وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال في التقريب ثقة عابد من السادسة مات سنة (160) ستين ومائة (عن أبي نوفل) مسلم بن أبي عقرب وقيل اسمه عمرو بن مسلم بن أبي عقرب وقيل معاوية بن مسلم بن أبي عقرب وأبو عقرب اسمه عمرو البكري الكندي العربجي بفتح المهملة وبالجيم وقيل بفتح المهملتين وإسكان النون "العرنجي" روى عن عبد الله بن عمر قوله وأسماء بنت أبي بكر الصديق في الفضائل وعائشة وأبي ويروي عنه (خ م د س) والأسود بن شيبان وعبد الملك بن عمير وعلي بن زيد بن جدعان وابن جرير وعدة وثقه ابن معين وابن حبان وقال في التقريب ثقة من الثالثة روى عن أبي عمر قوله وعن أسماء الحديث الآتي فيكون السند من خماسياته قال (رأيت عبد الله بن الزبير) بن العوام (على
عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ. قَال: فَجَعَلَتْ قُرَيشٌ تَمُرُّ عَلَيهِ وَالنَّاسُ. حَتَّى مَرَّ عَلَيهِ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ. فَوَقَفَ عَلَيهِ. فَقَال: السَّلامُ عَلَيكَ، أَبَا خُبَيبٍ، السَّلامُ عَلَيكَ، أَبَا خُبَيبٍ، السَّلامُ عَلَيكَ، أَبَا خُبَيبٍ، أَمَا وَاللهِ، لَقَد كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا. أَمَا وَاللهِ، لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا. أَمَا وَاللهِ، لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هذَا. أَمَا وَاللهِ، إِنْ كُنْتَ، مَا عَلِمْتُ، صَوَّامًا قوَّامًا. وَصُولًا لِلرَّحِمِ
ــ
عقبة المدينة) هي عقبة بمكة ولعلها الصواب مصلوبًا على خشبة منكسًا صلبه الحجاج بن يوسف بعد أن قتل في المعركة (قال) أبو نوفل (فجعلت قريش تمر عليه) أي على ابن الزبير لا تتكلم شيئًا (و) يمرّ (الناس) عليه لا يتكلمون في شأن ابن الزبير خوفًا من الحجاج (حتى مرّ) يومًا (عليه) أي على ابن الزبير وهو مصلوب (عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (فوقف) ابن عمر (عليه) أي عند ابن الزبير فعلى بمعنى عند (فقال) ابن عمر مخاطبًا لابن الزبير بكنيته (السلام عليك) يا (أبا خبيب) كني بابنه خبيب لأنه أكبر أولاده وكرّره ثلاث مرات، بقوله:(السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب) تعجبًا من حاله وتأسفًا عليه وفيه جواز السلام على الميت سواء كان مدفونًا أو لا وفيه تكرار السلام ثلاث مرات (أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرف استفتاح وتنبيه أي أما (والله لقد كنت) فيما مضى (أنهاك) وأزجرك (عن هذا) التخلف والتعارض للمتغلبين من الحكام ومقاومتهم خوفًا من فتنتهم وكأنه أشار إليه بالصلح ونهاه عن قتالهم بما رأى من كثرة عدوِّه وشدة شوكتهم فإن ابن عمر كان يرى أن في ذلك فتنة أكثر من تحمل تبعاتهم والصلح معهم وكان رأي ابن الزبير بالعكس وذلك أمر موكول إلى الاجتهاد كما مرَّ تفصيله في كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمير ويحتمل أن يكون ابن عمر نهاه عن أصل الخلافة لما فيها من الخطر وكرره بقوله "أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا" ثم إنه شهد بما علم من حاله فقال (أما والله إن كنت) بفتح التاء كان مخففة من الثقيلة واسمها محذوف تقديره أما والله إنك كنت وما المصدرية مع مدخولها في قوله (ما عملت) بضم التاء في تأويل مصدر معمول لمحذوف تقديره أما والله إنك كنت متصفًا بعلمي منك أي بمعلومي منك من الصيام والقيام وصلة الرّحم وقوله (صوّامًا قوّامًا وصولًا للرحم) بدل من خبر كان الذي أخذناه من جملة ما المصدرية أي أما والله إنك كنت متصفًا بمعلوماتي فيك كنت صوامًا إلخ وكان يصوم
أَمَا وَاللهِ، لأُمَّةٌ أَنْتَ أَشَرُّهَا لأُمَّةُ خَير.
ثُمَّ نَفَذَ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ. فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ مَوْقِفُ عَبْدِ اللهِ وَقَوْلُهُ. فَأَرْسَلَ إِلَيهِ. فَأُنْزِلَ عَنْ جِذْعِهِ. فَأُلْقِيَ فِي قُبُورِ اليَهُودِ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أمِّهِ
ــ
الدهر ويواصل الأيام ويحيي الليل وربما قرأ القرآن كله في ركعة الوتر وفيه منقبة لابن عمر لأنه شهد بما يعلم به من خير ابن الزبير وأبطل ما أشاع عليه الحجاج وشيعته من قولهم فيه إنه عدو الله وظالم فأراد ابن عمر تبرئته من ذلك وإعلام الناس بمحاسنه مع علمه بأن كلامه يصل إلى الحجاج ولم يكترث به ولا خافه وقوله "وصولًا للرحم" بفتح الواو مبالغة في الواصل يعني أنه كان يصل الأرحام ويبالغ في ذلك قال القاضي عياض هذا أصح مما نسب إليه أهل الأخبار من البخل لإمساكه مال الله تعالى عمن لم يستحقه من الشعراء وغيرهم وقد عدّه صاحب كتاب الأجواد فيهم وهو الذي يشبه أفعاله وشيمته اهـ.
قوله (أما والله لأمة أنت أشرّها) يعني بهم الذين كانوا معه (لأمة خير) قال القرطبي يعني بذلك أنهم إنما قتلوه وصلبوه لأنه شر الأمة في زعمهم مع ما كان عليه من الفضل والدين والخير فإذا لم يكن في تلك الأمة شر منه فالأمة كلها أمة خير وهذا الكلام يتضمن الإنكار عليهم فيما فعلوه به (ثم نفذ عبد الله بن عمر) أي انطلق وانصرف من ذلك الموقف الذي وقف عند ابن الزبير (فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر) أي وقوفه عند ابن الزبير (وقوله) أي قول ابن عمر في ذلك الموقف مخاطبًا لابن الزبير من قوله لأمة أنت أشرها لأمة خير (فأرسل) الحجاج (إليه) أي إلى ابن الزبير. (فأُنزل) ابن الزبير (عن جذعه) الذي صلب عليه وظاهر هذا أنه إنما أنزله عن الخشبة لقول عبد الله بن عمر وموقفه وقد نقل أن إنزاله كان عن سؤال عروة لعبد الملك بن مروان في ذلك فيجوز أن يكون قد اجتمع إذن عبد الملك وموقف عبد الله بن عمر فكان إنزاله عنهما (فأُلقي) ابن الزبير بعد إنزاله من الخشبة أي رمي (في قبور اليهود) وقبور اليهود إنما كانت في المدينة لا في مكة فقوله سابقًا "على عقبة المدينة" على ظاهره كأنه نقل إليها وكانت قبور اليهود بمكة أيضًا والمراد بالمقبرة إذًا القبور المنبوذة القليلة التي دفن فيها من دخل مكة من اليهود ومات فيها في الجاهلية وهي جمع قبر وليس المراد المقبرة المشهورة لليهود في مكة التي يدفن فيها موتى أهل مكة (ثم أرسل) الحجاج (إلى أمه) أي إلى أم ابن الزبير
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. فَأَبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ. فَأَعَادَ عَلَيهَا الرَّسُولَ: لَتَأْتِيَنِّي أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيكِ مَنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ. قَال: فَأَبَتْ وَقَالتْ: وَاللهِ لَا آتِيَكَ حَتَّى تَبْعَثَ إلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي. قَال: فَقَال: أَرُونِي سِبْتَيَّ. فَأَخَذَ نَعْلَيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيهَا. فَقَال: كَيفَ رَأَيتِنِي صَنَعْتُ بِعَدُوِّ الله؟ قَالتْ: رَأَيتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيكَ آخِرَتَكَ. بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَينِ! أَنَا، وَاللهِ ذَاتُ النِّطَاقَينِ. أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ
ــ
(أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله عنهما لتأتي إلى ابنها فتنظر كيف فعلوا به (فأبت) أي امتنعت أمه (أن تأتيه) أي أن تأتي الحجاج (فأعاد عليها) مرة ثانية (الرسول) فحلف عليها وقال والله (لتأتيني أو لأبعثن) أي لأرسلن (إليك من يسحبك) أي يجرك على الأرض (بقرونك) أي بضفائر شعرك والقرون الضفائر (قال) أبو نوفل (فأبت) أسماء وامتنعت أن تأتي إليه (وقالت والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني) ويجرني إليك (بقروني) أي بضفائري (قال) أبو نوفل (فقال) الحجاج لمن عنده (أروني سبتي) أي سبتين ونعلين لي تثنية سبت بكسر السين وسكون الموحدة وهي النعل التي لا شعر عليها (فأخذ) الحجاج (نعليه ثم انطلق) أي ذهب الحجاج إلى أسماء حالة كونه (يتوذف) بتشديد الذال المعجمة من باب تفعل الخماسي قال أبو عبيد معناه يسرع وقال أبو عمرو معناه يتبختر اهـ نووي (حتى دخل عليها) أي على أسماء (فقال) لها (كيف رأيتني) بكسر التاء خطابًا لأسماء أي كيف علمتني (صنعت) وفعلت (بعدو الله) ابنك هل أصبت أم أخطأت (قالت) له أسماء (رأيتك) أي عرفت أنك (أفسدت عليه دنياه) بقتله (و) أنه (أفسد عليك آخرتك) بظلمه (بلغني) أي وصلني بواسطة الناس (أنك) يا حجاج (تقول له) أي لولدي عبد الله بن الزبير تحقيرًا له (يابن) امرأة (ذات النطاقين) وهو لقب أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله قال العلماء النطاق أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل تفعل ذلك عند معاناة الأشغال لئلا تعثر في ذيله اهـ نووي قال الأبي وهذا المعنى أراد الحجاج بقوله لها ذات النطاقين تعريضًا لإهانتها بالخدمة لأن التي تنتطق أي تتحزم إنما هي الخادم لتقوى على الخدمة ولذلك أجابته بقولها (أنا والله ذات النطاقين) أي أنا المرأة التي جعلت نطاقها وهو ما تشد به المرأة وسطها نصفين (أما أحدهما) أي أحد النصفين (فكنت) أربط و (أرفع به) أي
طَعَامَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَطَعَامَ أَبِي بَكْرِ مِنَ الدَّوَابِّ. وَأَمَّا الآخَرُ فَنِطَاقُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لا تَسْتَغْنِي عَنْهُ، أَمَا إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا "أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا" فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَينَاهُ. وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلَا إخَالُكَ إلا إِيَّاهُ. قَال: فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا
ــ
بذلك النصف وأعلق (طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر) الصديق أي زادهما في سفر هجرتهما (من الدّواب) أي على جنس الدواب أي على راحلتهما فمن بمعنى على والمراد بالدواب الجنس الصادق بدابتين (وأما) النصف (الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه) أي وأما النصف الآخر من الشقين فجعلته على وسطي فكان لي مثل نطاق المرأة الذي لا تستغني عنه المرأة غالبًا وفي خدمتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ما لا يقادر قدره من الشرف فليس ذلك نقصًا ومهانة.
وقال القاضي عياض وقع تفسير النطاقين في البخاري بأبين من هذا وأنها لما صنعت سفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسفرة أبي بكر حين هاجرا شقت نطاقها نصفين فربطت السفرة بأحدهما وانتطقت بالآخر اهـ.
ثم قالت أسماء (أما) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبه واستمع مني ما أقول لك (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثنا) أي أخبرنا (أن) الله سبحانه وتعالى سيظهر (في ثقيف) قبيلة مشهورة في الطائف وغيره شخصًا (كذّابًا) أي شديد الكذب لأنه يدعي النبوة وهو المختار بن أبي عبيد فإنه تنبأ وتبعه ناس كثير حتى أهلكه الله تعالى (و) شخصًا (مبيرًا) أي مهلكًا كثير القتل للناس ظلمًا (فأما الكذّاب فـ) ـقد (رأيناه) قد أهلكه الله تعالى (وأما المبير فلا إخالك) بكسر الهمزة على الأشهر وهو على خلاف القياس وضبطه بعضهم بفتح الهمزة وهو صحيح لغة وقياسًا ولكن الأول هو الجاري على ألسنة كثير من العرب أي فأما المبير الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فلا أظنك أيها الحجاج (إلا إيّاه) أي إلا ذلك المبير ففي العبارة قلب أي فلا أظن ذلك المبير إلا إياك (قال) أبو نوفل (فقام) الحجاج (عنها) أي من عند أسماء (ولم يراجعها) جوابًا لكلامها بل سكت عنها وحاصل هذا القول أنها جعلت الحجاج مصداقًا للمبير الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهوره من ثقيف وكان الحجاج من ثقيف وكان معروفًا بسفك الدماء والله أعلم وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
6342 -
(2528)(86) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. (قَال عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا) عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ جَعْفَرٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَذَهَبَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ -أَوْ قَال- مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ، حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ"
ــ
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6342 -
(2528)(86)(حدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (وعبد بن حميد) الكسي (قال عبد أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي (عن جعفر) بن برقان الكلابي مولاهم أبي عبد الله (الجزري) الرقي صدوق من (7) روى عنه في (7) أبواب (عن يزيد بن الأصم) عمرو بن عبيد بن معاوية أبي عوف البكائي الكوفي نزيل الرقة ثقة من (3) روى في (6) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان الدين) الإسلامي (عند) مناط (الثريا) نجم معروف من المنازل الثمانية والعشرين كما ذكره بعض الميقاتيين نظمًا:
أولها الشرطين ثم البطين
…
ثم الثريا الواضح المستبين
أي لو كان هذا الدينُ عند موضع الثريا يعني في السماء السابعة لما قيل إن النجوم معلقة بها (لذهب به) أي لذهب إليه (رجل من فارس) ليأخذه (أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي والشك من الراوي أو ممن دونه أي لذهب إليه رجل (من أبناء فارس حتى يتناوله) ويأخذه لشدة اهتمامه واجتهاده به قال النووي فيه فضيلة ظاهرة لأهل فارس قال المناوي وقيل أراد بفارس هنا أهل خراسان لأن هذه الصفة لا تجدها في المشرق إلا فيهم اهـ وفي الحديث جدهم على تحصيل الإيمان.
قال القرطبي: وأحسن ما قيل فيهم أنهم أبناء فارس بدليل نص هذا الحديث وقد كثرت أقوال المفسرين في ذلك وقد ظهر ذلك للعيان فإنهم ظهر فيهم الدين وكثر فيهم العلماء فكان وجودهم كذلك دليلًا من أدلة صدق النبي صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم.
6343 -
(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ)، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الْغَيثِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ
ــ
قوله "لو كان الدين عند الثريا" وفي رواية لأحمد "لو كان العلم عند الثريا" وهو نجم معروف يكنى به عن البعد والارتفاع يعني لو كان الدين وعلمه بعيدًا لا يدركه عامة الناس قوله "لذهب به رجل" بصيغة المفرد وورد في الرواية الآتية "رجال" بصيغة الجمع وشك سليمان بن بلال في رواية البخاري فقال "لناله رجل أو رجل من هؤلاء" وأكثر الروايات وردت بصيغة الجمع وقد ذكره الحافظ في الفتح [8/ 642] قوله "من فارس" قال الحافظ قيل إنهم من ولد هدرام بن أَرْفَخْشَد بن سام بن نوح عليه السلام وأنه ولد بضعة عشر رجلًا كلهم كان فارسًا شجاعًا فسموا الفرس للفروسية وقيل في نسبهم أقوال أخرى وفيه فضيلة ظاهرة لأهل فارس وأن رجالًا منهم يجدّون في طلب العلم والدين وقد ذكر بعض العلماء أن مصداق هذا الحديث الإمام أبو حنيفة، وذكر بعضهم أن مصداقه الإمام البخاري والظاهر أن هناك جماعة كثيرة من الفقهاء والمحدثين أصلهم من فارس وكلهم يجوز أن يكون مصداقًا لهذه البشارة النبوية ومنهم الإمام أبو حنيفة والإمام البخاري رحمهما الله تعالى والله تعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 417]، والبخاري [4897] في التفسير باب قوله تعالى:"وآخرين منهم لما يلحقوا بهم"[4898] والترمذي في المناقب باب في فضل المعجم [3929].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
6343 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد) بن عبيد الدراوردي المدني (عن ثور) باسم الحيوان المعروف ابن يزيد الديلي بكسر الدال المهملة بعدها تحتانية مولاهم أي مولى بني الديل بن بكر المدني روى عن سالم أبي الغيث في الإيمان والفضائل وصفة الجنة والفتن والزهد والزهري وعكرمة ويروي عنه (4) والدراوردي ومالك وسليمان بن بلال وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وقال في التقريب ثقة من (6) روى عنه في (5) أبواب مات سنة [135](عن أبي الغيث) سالم مولى عبد الله بن مطيع القرشي العدوي المدني ثقة من (3) روى عنه في (2) الإيمان والفضائل (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي
قَال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. إِذْ نَزَلَتْ عَلَيهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ. فَلَما قَرَأَ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] قَال رَجُلٌ: مَنْ هؤُلاءِ يَا رَسُولَ الله؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّة أَوْ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا. قَال: وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسيُّ. قَال: فَوَضَع النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَال:"لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالهُ رِجَالٌ مِنْ هؤُلاءِ".
6344 -
(2529)(87) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ -وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدٍ- (قَال عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا) عَبْدُ الرَّزَّاقِ
ــ
الغيث ليزيد بن الأصم (قال) أبو هريرة (كنَّا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ) النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3]، وقبلها {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)} [الجمعة: 2، 3]، فقوله وآخرين معطوف على قوله الأميين والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى من كان في زمنه من الأميين وإلى من يجيء من بعدهم ولا يرونه فهذا شامل لجميع الأمة وخص رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم بالذكر أهل فارس لمزيتهم في طلب العلم والدين (قال رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسمه (من هؤلاء) الآخرون (يا رسول الله فلم يراجعه) أي فلم يرجع للرجل جواب سؤاله (النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة) أي حين سأله مرة (أو) بمعنى بل أي بل أجابه حين سأله (مرتين أو ثلاثًا قال) أبو هريرة (وفينا سلمان الفارسي) رضي الله عنه (قال) أبو هريرة (فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده) الشريفة (على سلمان) الفارسي (ثم قال) النبي صلى الله عليه وسلم (لو كان الإيمان عند الثريا لناله) أي لأخذه (رجال من هولاء) الفارسيين.
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
6344 -
(2529)(87)(حدثني محمد بن رافع) القشيري (وعبد بن حميد) الكسي (واللفظ لمحمد) بن رافع (قال عبد أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق) بن همام
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلِ مِائَةٍ. لَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً"
ــ
(أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجدون الناسر كإبل مائة) بالتنوين فيهما على أنهما موصوف وصفة أي كإبل معدودة بالمائة والمعنى كمائة إبل وورد في رواية البخاري كالإبل المائة معرّفًا باللام وهو الأوفق للاستعمال واللام فيه للجنس قوله (لا يجد الرجل) الذي يريد الركوب (فيها) أي في تلك المائة (راحلة) تصلح للركوب والراحلة هي الناقة النجيبة المختارة من الإبل التي تصلح للركوب وتطيع راكبها وتسمى بالذلولة أي المذللة لراكبها وقد فسر العلماء هذا الحديث بمعنيين الأول أن المقصود من هذا الحديث بيان مساواة الناس في النسب لا فضل لأحدهم على الآخر فشبّه الناس بمائة من الإبل التي ليس فيها راحلة فلا فضل لأحد من الإبل على الآخر وهذا المعنى قد اختاره ابن قتيبة وكذلك البيهقي والمعنى الثاني وإليه ذهب أكثر العلماء أن المقصود بيان قلة أهل الفضل فالناس في الدنيا كثير ولكن لا تجد فيهم من أهل الفضل إلا عددًا قليلًا كما أن الإبل كثيرة ولكن النجيبة منها المختارة للركوب قليلة جدًّا وعبارة القرطبي هنا "قوله لا تجد فيها راحلة" قال الأزهري الراحلة الناقة النجيبة والجمل النجيب والهاء فيها للمبالغة لا للتأنيث كرجل داعية ونسابة وعلامة وسميت بذلك لأنها ترحل فهي فاعلة بمعنى مفعولة كعيشة راضية أي مرضية قال ومعنى الحديث عندي أن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليل "قلت" ويقع لي أن الذي يناسب التمثيل بالراحلة إنما هو الرجل الكريم الجواد الذي يتحمل كل الناس وأثقالهم بما يتكفله من القيام بحقوقهم والغرامات عنهم وكشف كربهم وقضاء حوائجهم فهذا هو القليل الوجود بل قد يصدق عليه اسم المفقود وهذا أشبه القولين والله تعالى أعلم ثم لفظ مسلم "لا يجد الرجل فيها راحلة" يدل بظاهره على نفي أهل الفضل على الإطلاق مع أنه غير مراد وهو أولى وأوفى بالمراد لما فيها من زيادة المعنى ومطابقة الواقع وسند البخاري لهذا الحديث معدود في أصح الأسانيد كما ذكره الحافظ في الفتح [11/ 33] والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 88] والبخاري في الرقاق باب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رفع الأمانة [6498] والترمذي في الأمثال باب ما جاء في مثل ابن آدم وأجله وأمله [2876]، وابن ماجه في الفتن باب من ترجى له السلامة من الفتن [4038].
إلى هنا كمل كتاب الفضائل والفواضل في ليلة الثلاثاء من شهر ذي القعدة وقت السحر قبيل الفجر بعون الله وتوفيقه وتيسيره في تاريخ: [21/ 11 / 1427 هـ] من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات والصلات وأزكى التحيات وأصحابه الهداة وآله القادات وتابعيهم إلى يوم المجازات:
والله أرجو المن بالإخلاص
…
لكي يكون موجب الخلاص
***