المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌724 - (13) باب النهي عن الظن السييء والتجسس ونحوهما وما يحرم على المسلم من المسلم والنهي عن الشحناء وفضل الحب في الله وفضل عيادة المرضى - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌712 - (1) والرابع عشر منها باب فضائل جليبيب رضي الله عنه وأبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌713 - (2) والخامس عشر منها باب فضائل جرير وابن عباس وابن عمرو وابن مالك رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌(714) - (3) (والسادس عشر منها باب فضائل عبد الله بن سلام وحسَّان بن ثابت رضي الله عنهما

- ‌715 - (4) والسابع عشر منها باب فضائل أبي هريرة وقصة حاطب بن أبي بلتعة مع بيان فضله وفضل أهل بدر وفضائل أهل بيعة الرضوان

- ‌فضائل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌716 - (5) والثامن عشر منها باب فضائل الأشعريين وأبي سفيان بن حرب وفضائل أهل السفينة من جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم وفضائل سلمان وصهيب وبلال رضي الله عنهم

- ‌فضائل أبي سفيان بن حرب

- ‌فضائل جعفر بن أبي طالب

- ‌فضائل أسماء زوجة جعفر

- ‌فضائل سلمان رضي الله عنه

- ‌فضائل صهيب رضي الله عنه

- ‌717 - (6) والتاسع عشر منها باب فضائل الأنصار والتخيير بين دُورهم وحسن صحبتهم ودعائه لغفار وأسلم رضي الله عنهم ودعائه على بعض القبائل من العرب

- ‌718 - (7) "والعشرون منها باب فضائل بعض قبائل العرب وبيان خيار الناس وفضائل نساء قريش ومؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم

- ‌719 - (8) والحادي والعشرون منها باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي وخير القرون أصحابي ثم الذين يلونهم إلخ وقوله صلى الله عليه وسلم لا تمضي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم

- ‌720 - (9) الباب الثاني والعشرون منها باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم وفضل أويس القرني رضي الله عنه وما ذُكر في مصر وأهلها وفي فضل عمان

- ‌حكم سبّ الصحابة رضي الله عنهم

- ‌فضل: أويس القرني رضي الله تعالى عنه

- ‌وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر

- ‌721 - (10) الباب الثالث والعشرون منها بابُ ذكر كذّاب ثقيف ومُبيرها وفضل فارس وقوله صلى الله عليه وسلم الناس كمائة إبل لا تجد فيها راحلةً

- ‌ كتاب البر والصلة

- ‌722 - (11) باب برّ الوالدين وتقديمه على التطوع بالصلاة

- ‌723 - (12) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبرّ أهل وُدّهما وتفسير البرّ والإثم ووجوب صلة الرحم وثوابها والنهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم يجوز الهجران

- ‌724 - (13) باب النهي عن الظن السيِّيء والتجسس ونحوهما وما يحرم على المسلم من المسلم والنهي عن الشحناء وفضْل الحبّ في الله وفضْل عيادة المرضى

- ‌725 - (14) باب ثواب المؤمن على ما يصيبه من مرض أو غيره وتحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم بظلمه

- ‌726 - (15) بابُ نصر الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا وكون المؤمنين كالبنيان وتراحمهم والنهي عن السباب واستحباب التواضع وتحريم الغيبة وبشارة من ستره الله في الدنيا بستره في الآخرة ومداراة من يتقى فحشه وفضل الرفق

- ‌727 - (16) بابُ النهي عن لعن الدَّواب وغيرها ومن لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبَّه أو دعا عليه وذمّ ذي الوجهين وتحريم فعله وتحريم الكذب وبيان المباح منه وتحريم النميمة وقبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌728 - (17) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وخَلْق الإنسان خلقًا لا يتمالك والنهي عن ضرب الوجه والوعيد الشديد لمن عذَّب الناس بغير حقٍّ وأمر منْ يمرُّ بسلاحٍ في مجامع الناس بإمساك نصالها والنهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح

- ‌729 - (18) باب فضل إزالة الأذى من الطريق وحرمة تعذيب الهرَّة ونحوها وحُرمة الكبر والنهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله

- ‌730 - (19) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه وإذا أحبّ الله عبدًا حببّه لعباده والأرواح جنود مجنّدة والمرء مع من أحبّ وإذا أُثني على الصالح فهي بشرى فلا تضرّه

- ‌ كتاب القدر

- ‌731 - (20) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته وكل إنسان ميسر لما خلق له

- ‌732 - (21) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام وأنّ الله كتب المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض وتصريف الله القلوب كيف شاء وأن كل شيء بقدر وأن الله قدر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره

- ‌733 - (22) باب معنى كل مولود يُولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم وبيان أن الآجال والأرزاق لا يزيدان ولا ينقصان عمَّا سبق به القدر وبيان الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله تعالى

- ‌كتاب العلم

- ‌734 - (23) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن وعن الاختلاف فيه وكون الألدّ الخصم أبغض الناس إلى الله واتباع سنن اليهود والنصارى وقوله صلى الله عليه وسلم هلك المتنطِّعون

- ‌735 - (24) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان ومنْ سَنَّ سنّةً حسنةً أو سيئة إلخ

الفصل: ‌724 - (13) باب النهي عن الظن السييء والتجسس ونحوهما وما يحرم على المسلم من المسلم والنهي عن الشحناء وفضل الحب في الله وفضل عيادة المرضى

‌724 - (13) باب النهي عن الظن السيِّيء والتجسس ونحوهما وما يحرم على المسلم من المسلم والنهي عن الشحناء وفضْل الحبّ في الله وفضْل عيادة المرضى

6381 -

(2545)(103) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ. فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ

ــ

724 -

(13) باب النهي عن الظن السيِّيء والتجسس ونحوهما وما يحرم على المسلم من المسلم والنهي عن الشحناء وفضْل الحبّ في الله وفضْل عيادة المرضى

6381 -

(2545)(103)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والظنَّ) السيئ أي باعدوا أنفسكم عن ظن السوء بالغير والظنّ هنا هو التهمة ومحل التحذير والنهي إنما هو تهمة لا سبب لها يوجبها كتهمة من يتهم الإنسان بفاحشة أو بشرب الخمر أو بسرقة ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك ودليل كون الظن هنا بمعنى التهمة قوله بعد هذا "ولا تحسّسوا ولا تجسَّسوا" وذلك أنه قد يقع له خاطر التهمة ابتداءً فيريد أن يتجسس خبر ذلك يبحث عنه ويتبصّر ويستمع ليحقق ما وقع له من تلك التهمة فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقد جاء في بعض الحديث "إذا ظننت فلا تحقق" ذكره ابن عبد البر في التمهيد [6/ 125] والحافظ في فتح الباري [10/ 213] وقال الله تعالى: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح: 12]، وذلك أن المنافقين تطيّروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأصحابه حين انصرفوا إلى الحديبية فقالوا إن محمدًا وأصحابه أكلة رأس ولن يرجعوا إليكم أبدًا وذلك ظنهم السيئ الذي وبخهم الله عليه وهو من نوع ما نهى عنه الشرع إلا أنه أقبحُ النَّوع وأما الظن الشرعي الذي هو تغليب أحد الاحتمالين أو بمعنى اليقين فغير مرادٍ من الحديث ولا من الآية يقينًا فلا يلتفت لقول من استدل بذلك على إنكار الظن الشرعي كما قررناه في الأصول اهـ من المفهم.

(فإنَّ الظنَّ) السيئ (كذبُ الحديث) وأقبحه أي أقوى مستندًا من أحاديث النفس التي منها الهاجس والخاطر والتردد والشك والوهم لقربه إلى اليقين وللمؤاخذة به دون

ص: 306

وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُموا، وَلَا تَنَافَسُوا،

ــ

الخاطر والهاجس مثلًا قال الخطابي إن المحرم من أحاديث النفس الظن وهو ما يستمر عليه صاحبه ويتفرق قلبه دون ما يعرض على القلب ولا يستقر فيه كالخاطر والشك والوهم اهـ من الدهني بتصرف وزيادة قال الحافظ في الفتح [1/ 482] أمَّا وصف الظنِّ بكونه أكذب الحديث مع أن تعمّد الكذب الذي لا يستند إلى ظنَّ أصلًا أشد من الأمر الذي يستند إلى الظن فللإشارة إلى أن الظن المنهي عنه هو الذي لا يستند إلى شيء يجوز الاعتماد عليه فيكون الجازم كاذبًا وإنما صار أشد من الكذب لأن الكذب في أصله مستقبح مستغنىً عن ذمه بخلاف هذا فإن صاحبه بزعمه مستند إلى شيء فوصف بكونه أشد الكذب مبالغة في ذمة والتنفير عنه دماشارة إلى أن الاغترار به أكثر من الكذب المحض لخفائه غالبًا ووضوح الكذب المحض ويحتمل أيضًا أن يكون المراد من الحديث حديث النفس وهو الحديث الذي يدور في القلب وهو على أقسام كالهاجس والخاطر والوهم والشك والتردد وما كان منه بدون اختيار الإنسان فهو معفو عنه وإن كان كاذبًا أما الظن الممنوع فهو ما يجزم به المرء بدون تحقق ويتهم به غيره فهو أشد من حديث النفس الذي لا يجزم وبالنظر إلى هذه الجهة وصف بكونه أكذب الحديث ويحتمل أن المراد بالحديث هو الكلام وبالظن التهمة الملفوظة المبنية على الظن فكأنه صلى الله عليه وسلم قال إن اتهام رجل مسلم بدون تحقيق هو أشد من الكلام الكاذب الذي لا تهمة فيه لأحد فإنه لا ضرر فيه لمسلم بخلاف التهمة فإنها تجمع بين أمرين الكذب وإضرار الرجل الآخر والله أعلم. (ولا تحسّسوا) بحذف إحدى التاءين مع الحاء المهملة أي لا تبحثوا بحواسّكم الخمسة من العين والأذن والشم والذوق واللمس عمّا لا يدرك إلا بها كالبحث عن رائحة الخمر بالشم وطعمها بالذوق وعن صوت الملاهي والمزامير بالسمع مثلًا (ولا تجسّسوا) بحذف إحدى التاءين مع الجيم وهو البحث عن بواطن الأمور وأكثر ما يكون في الشر ومنه الجاسوس وهو صاحب سر الشر أي لا تبحثوا عن معايب الناس وعوراتهم بعقولكم وأفكاركم وبحواسكم وعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص وقيل من عطف المرادف للتأكيد والمراد لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتّبعوها ورُوي عن يحيى بن أبي كثير أن المراد من التجسس بالجيم البحث عن عوراتهم وبالتحسس بالحاء استماع حديث القوم وقيل بالجيم البحث عن بواطن الأمور وبالحاء البحث عما يدرك بالحواس الظاهرة ورجّحه القرطبي والنهي عنهما إذا لم يتعينا طريقًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قاله الحافظ في الفتح. (ولا تنافسوا) أي

ص: 307

وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا، عِبَادَ اللهِ، إِخْوَانًا".

6382 -

(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ)، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَهَجَّرُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعِ بَعْضٍ. وَكُونُوا، عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا"

ــ

لا تتنافسوا بحذف إحدى التاءين أي لا تبادروا ولا تسارعوا إلى المنافسة والرّغبة في الدنيا وأسبابها وحظوظها وأما التنافس في الخير فمأمور به كما قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} أي في الجنة ونعيمها (ولا تحاسدوا) أي لا يحسد بعضكم بعضًا وقد مرّ معنى الحسد قريبًا (ولا تباغضوا) أي يبغض بعضكم بعضًا بقلبه (ولا تدابروا) أي لا يعرض بعضكم عن بعض بوجهه وبكلامه (وكونوا عباد الله إخوانًا) وقد مرّ البحث عن ذلك كله قريبًا فراجعه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 245] والبخاري في مواضع منها في الأدب باب يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظنَّ إلخ [6066] وأبو داود في الأدب باب الغيبة [4882] وباب في الظن [4917] والترمذي في البر والصلة باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم [1928].

ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:

6382 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد) الدراوردي (عن العلاء عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب (عن أبي هريرة رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة عبد الرحمن بن يعقوب للأعرج (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تهجَّروا) بفتحات مع تشديد الجيم أي لا تتكلّموا بالهُجر بضم الهاء وهو الكلام الفاحش الكاذب كالسبّ والشتم وفي بعض النسخ "ولا تهاجروا" وهما بمعنى واحد أو لا يهجر بعضكم بعضًا بترك المكالمة معه (ولا تدابروا ولا تحسسوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض) بأن يقول للصثمتري افسخ البيع الأول الذي اشتريته من فلان وأنا أبيعك مثله بثمن أرخص منه (وكونوا عباد الله إخوانًا).

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 308

6383 -

(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا. وَكُونُوا، عِبَادَ اللهِ، إِخْوَانًا".

6384 -

(00)(00) حدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِي وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ

ــ

6383 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا جرير) بن عبد الحميد (عن الأعمش عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي صالح للأعرج وعبد الرحمن بن يعقوب (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسَّسوا ولا تحسَّسوا ولا تناجشوا) وهو تفاعل من النجش والنجش في البيع هو أن يمدح السلعة لينفقها ويروِّجها أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليوقع غيره فيها. والأصل فيه تنفير الوحش من مكان إلى مكان اهـ نووي قال القرطبي وفي هذا المعنى بعد لأن صيغة تفاعل لا تكون إلا من اثنين فـ "ـتناجش" لا يكون من واحد والنجش يكون من واحد فافترقا وإن كان أصلهما واحدًا لأن أصل النجش الاستخراج والإثارة يقول نجشت الصيد أنجشه نجشًا إذا أثرته من مكانه وقيل لا تناجشوا معناه لا ينافر بعضكم بعضًا أي لا يعامله من القول بما ينفره كما ينفر الصيد بل يسكنه ويؤنسه كما قال صلى الله عليه وسلم "سكّنا ولا تنفرا" رواه أحمد [3/ 13] والبخاري [6125] بلفظ سكنوا ولا تنفروا وهذا أحسن من الأول وأولى بمساق الحديث والله تعالى أعلم اهـ من المفهم (وكونوا عباد الله إخوانًا).

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6384 -

(00)(00)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي الخلال (الحلواني) المكي ثقة من (11) روى عنه في (8) أبواب (وعلي بن نصر) بن علي بن نصر بن علي (الجهضمي) الصغير أبو الحسن البصري ثقة من (11) مات سنة (250) روى عن وهب بن جرير في الصلة وعبد الصمد ويزيد بن هارون ويروي عنه (م د ت س) وابن أبي حاتم وخلق وثقه أبو حاتم وأطنب فيه وقال في التقريب ثقة حافظ

ص: 309

قَالا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ:"لَا تَقَاطَعُوا، ولا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا. وَكُونُوا إِخْوَانًا. كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ".

6385 -

(00)(00) وحدَّثني أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا وُهَيبٌ. حَدَّثَنَا سُهَيلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَنَافَسُوا. وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ، إِخْوَانًا".

6386 -

(2546)(104) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا دَاوُدُ، (يَعْنِي ابْنَ قَيسٍ)،

ــ

كلاهما (قالا حدثنا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي البصري ثقة من (9) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا شعبة عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي صالح عن أبي هريرة غرضه بيان متابعة شعبة لجرير بن عبد الحميد وقال شعبة في روايته (لا تقاطعوا) أي لا تقطعوا المؤاخاة والمواصلة بينكم (ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخوانًا كما أمركم الله) سبحانه وتعالى.

ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6385 -

(00)(00)(وحدَّثني أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي) أبو جعفر النيسابوري ثقة من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا حبّان) بفتح المهملة والموحدة المشددة بن هلال الباهليّ البصري ثقة من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي البصري ثقة من (7) روى عنه في (13) بابا (حدثنا سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح السمان المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة سهيل لسليمان الأعمش (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تنافسوا وكونوا عباد الله إخوانًا).

ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة يعني بيان ما للمسلم على المسلم بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6386 -

(2546)(104)(حدَّثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي القعنبي البصري المدني ثقة من (9)(حدثنا داود يعني ابن قيس) الفرَّاء الدبّاغ القرشي مولاهم

ص: 310

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كُرَيزٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعِ بَعْضٍ. وَكُونُوا، عِبَادَ اللهِ، إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمٍ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ

ــ

أبو سليمان المدني ثقة من (5) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي سعيد مولى) عبد الله بن (عامر بن كريز) مصغرًا الخزاعي روى عن أبي هريرة في الصلاة والبر والصلة والحسن البصري وأُسامة بن زيد ويروي عنه (م س ق) وداود بن قيس وصفوان بن سليم ومحمد بن عجلان والعلاء بن عبد الرحمن وغيرهم وثقه ابن حبان وقال الذهبي في الكاشف ثقة وقال في التقريب مقبول من الرابعة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض) منكم (وكونوا عباد الله إخوانًا المسلم أخو المسلم لا يظلمه) من باب ضرب أي لا ينقصه حقه أو يمنعه حقه (ولا يخذله) من باب نصر أي لا يتركه لمن يظلمه ولا ينصره وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا فقال كيف أنصره ظالمًا قال تكفه عن الظلم فذلك نصره" رواه أحمد والبخاري والترمذي والمعنى أي لا يترك نصره ومعونته إذا احتاج إليه في الحق قاله القاضي عياض وقال النووي معناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي ويؤيده ما وقع في حديث ابن عمر عند البخاري في المظالم [2424]"لا يظلمه ولا يسلمه" ويقال أسلم فلان فلانًا إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه قال الحافظ في الفتح [5/ 97] أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون واجبا أو مندوبا بحسب اختلاف الأحوال وزاد الطبراني من طريق أخرى عن سالم "ولا يسلمه في مصيبة نزلت به" ولعل وجوب النصرة إنما يتوجه إذا رأى مسلمًا يشارف الهلاك أو يلحقه ضرر شديد وهو قادر على دفعه بدون مضرة تلحقه والنصرة في غيره من الأحوال مندوبة (ولا يحقره) من باب ضرب أي لا ينظره بعين الاستصغار والقلة وهذا إنما يصدر في الغالب عمن غلب عليه الكبر والجهل وذلك أنه لا يصح له استصغار غيره حتى ينظر إلى نفسه بعين أنه أكبر منه وأعظم وذلك جهل بنفسه وبحال المحتقر فقد يكون فيه ما يقتضي عكس ما وقع للمتكبر اهـ من المفهم.

ص: 311

التَّقْوَى ههُنَا" ويشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ. دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ"

ــ

وقوله: "ولا يحقره" بكسر القاف من باب ضرب كما مر أي لا يحتقره فلا ينكر على أحواله الخارجة عن اختياره كالدّمامة وقلة المال ودناءة النسب ولا يستصغر شخصيته ولا يستقلها ولو رأى منه منكرًا أنكر على فعله لا على شخصه ورواه بعضهم "ولا يخفره" أي لا يغدر عهده ولا ينقض أمانه والصواب المعروف هو الأول ثم قال صلى الله عليه وسلم (التقوى ها هنا و) الحال أنه (يشير إلى صدره ثلاث مرات) ومعنى هذا الكلام على ما فسره النووي أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته وقال القرطبي التقوى مصدر اتّقى تُقاة وتقوى وأن التاء فيه بدل من الواو لأنه من الوقاية والمتقي هو الذي يجعل بينه وبين ما يخافه من المكروه وقاية تقية منه ولذلك يقال اتقى الطعنة بدرقته وبترسه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة والمعنى اجعلوا هذه الأمور وقاية بينكم وبين النار وعلى هذا فالمتقي شرعًا هو الذي يخاف الله تعالى ويجعل بينه وبين عذابه وقاية من طاعته وحاجزًا عن مخالفته فإذًا أصل التقوى الخوف والخوف إنما ينشأ عن المعرفة بجلال الله وعظمته وعظيم سلطانه وعقابه والخوف والمعرفة محلهما القلب والقلب محله الصدر فلذلك أشار صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال التقوى والتقوى خصلة عظيمة وحالة شريفة آخذة بمجامع علوم الشريعة وأعمالها موصلة إلى خيري الدنيا والآخرة والكلام في التقوى وتفاصيلها وأحكامها وبيان ما يترتب عليها يستدعي تطويلًا قد ذكره أرباب القلوب الضافية في كتبهم المطولة وليس كتابنا محلًّا لها لأنه من المختصرات التي وضعت لبيان الأغراض المهمّة في هذا الجامع المبارك للطلاب رجاء منهم صالحَ الدعوة في الحياة وبعد الممات (بحسب امرئ من) جهة (الشرّ) والباء فيه زائدة وهو بإسكان السين لا بفتحها وهو خبر مقدم لمبتدأ منسبك من جملة قوله (أن يحقر أخاه المسلم) تقديره حسب امرئ من الشرّ احتقاره وإهانته أخاه المسلم أي كافيه من الشر ذلك فإنه النصيب الأكبر والحظ الأوفى ويفيد أن احتقار المسلم حرام اهـ من المفهم (كل المسلم) أي كل ماله من متعلقاته (على المسلم حرام) بسبب أخوة الدين وقوله (دمه) أي إراقة دمه (وماله) أي أخذ ماله (وعرضه) أي طعن

ص: 312

6387 -

(00)(00) حدّثني أَبُو الطّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ، (وَهُوَ ابْنُ زَيدٍ)؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيزٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ دَاوُدَ، وَزَادَ، وَنَقَصَ، وَمِمَّا زَادَ فِيهِ:"إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ. وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ" وَأَشَارَ بِأَصابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ.

6489 -

(34) حدَّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا

ــ

عرضه أي كل ما ذكر حرام على أخيه المسلم تفصيل لقوله كل المسلم كما أشرنا إليه في الحل آنفًا وهذا الحديث نفس الحديث الذي قبله غير أن فيه بعض الزيادة وأخرجه الترمذي أيضًا وأحمد في مسنده [2/ 277 و 365] ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6387 -

(00)(00)(حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح) الأموي المصري (حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم المصري (عن أسامه وهو ابن زيد) الليثي المدني صدوق من (7) روى عنه في (8) أبواب (أنه سمع أبا سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز) الخزاعي المدني (يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أسامة بن زيد لداود بن قيس (فذكر) أسامة (نحو حديث داود وزاد) أسامة على داود بعض الزيادة (ونقص) عن حديث داود بعض النقص (ومما زاد) أسامة على داود (فيه) أي في الحديث قوله (أن الله لا ينظر إلى) كبر (أجسادكم ولا إلى) جمال (صوركم ولكن ينظر إلى) نية (قلوبكم) وإخلاصها لله (وأشار) النبي صلى الله عليه وسلم عند قوله إلى قلوبكم (باصابعه إلى صدره) لأن القلب في الصدر ونظر الله سبحانه وتعالى إلى قلوب عباده صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيّفها ولا نمثلها أثرها الإثابة على ما فيها من الإخلاص، والانتقام على ما فيها من الشرك.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة هذا رضي الله عنه فقال:

6489 -

(34)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثنا كثير بن هشام) الكلابي أبو سهل الرقي نزيل بغداد ثقة من (7) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا

ص: 313

جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ".

6389 -

(2547)(105) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "تُفَتْحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَينِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ

ــ

جعفر بن برقان) الكلابي مولاهم الرقي صدوق من (7) روى عنه في (7) أبواب (عن يزيد بن الأصمِّ) عمرو بن عبيد البكّائي الكوفي نزيل الرقة ثقة من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة يزيد بن الأصم لأبي سعيد مولى عامر بن كريز (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله لا ينظر إلى) جمال (صوركم و) إلى كئرة (أموالكم ولكن ينظر إلى) نية (قلوبكم و) إلى إخلاص (أعمالكم) والحاصل أن من حسن عمله وصلحت نيته سواء كان نحيف الجسم دميم الصورة فارغ اليد رضي الله عنه ونظر إليه ومن ساء عمله وفسدت نيته سخط الله عليه وأعرض عنه وإن كان كبير الجسم جميل الصورة كثير المال وقال محمد الدهني يعني أن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم المجرّدة عن السيرة المرضية ولا إلى أموالكم العارية عن الخيرات ولكن ينظر إلى قلوبكم التي هي محل التقوى وأعمالكم التي يتقرب بها إلى الله العلي الأعلى اهـ.

ثم استدل المؤلف على الجزء الئالث من الترجمة وهي النهي عن الشحناء بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6389 -

(2547)(105)(حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس) الأصبحي المدني (فيما قرئ عليه عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح السمّان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تفتح أبواب الجنة) الثمانية (يوم الإثنين) أعني كل يوم الإثنين من الأسبوع (و) في كل (يوم الخميس) منه فضلًا من الله تعالى وتكرّمًا منه على عباده المؤمنين قال القرطبي وفتح أبواب الجنة في هذين اليومين حقيقة محمول على ظاهره ولا ضرورة تحوج إلى تأويله

ص: 314

فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيئًا. إلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ. فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. أَنْظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. أَنْظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصْطَلِحَا"

ــ

بأن الفتح كناية عن المغفرة ورفع الدرجات ويكون فتحها تأهبًا وانتظارًا من الخزنة لروح من يموت في ذينك اليومين ممن غفرت ذنوبه أو يكون فتحها علامة للملائكة على أن الله تعالى غفر في ذينك اليومين للموحِّدين والله تعالى أعلم وهذا الحديث حجة لأهل السنة على قولهم إن الجنة والنار قد خلقتا ووجدتا خلافًا للمبتدعة القائلين بأنهما لم تخلقا بعد وستخلقان (فيغفر لكل عبد) موحد (لا يشرك بالله شيئًا) من المخلوق (إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه) المسلم (شحناء) وبغضاء وعداوة (فيقال) من جهة الله (أنظروا) أي أخروا (هذين) المتباغضين مغفرة ذنوبهما (حتى يصطلحا) ويعفوا عن تباغضهما ويتحابا (أنظروا هذين حتى يصطلحا) ويتحابا (أنظروا هذين حتى يصطلحا) ويتحابا كرره للتأكيد قال القرطبي وقد خصّ الله تعالى هذين اليومين بفتح أبواب الجنة فيهما وبمغفرة الله تعالى لعباده وبأنهما تعرض فيهما الأعمال على الله تعالى كما جاء في الحديث الآخر كما سيأتي وهذه الذنوب التي تغفر في هذين اليومين هي الصغائر والله تعالى أعلم كما تقدم ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" رواه أحمد ومسلم [233] والترمذي [4/ 2] ومع ذلك فرحمة الله وسعت كل شيء وفضله يعم كل حي وميت والمقصود من هذا الحديث التحذير من الإصرار على بغض المسلم ومقاطعته وتحريم استدامة هجرته ومشاحته والأمر بمواصلته ومكارمته اهـ من المفهم.

قوله: "إلَّا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء" أي كان بينهما مباغضة فيستثنى من المغفرة وظاهر هذا الحديث أن هذا الرجل لا يغفر له الصغائر أيضًا وليس المراد أنه يغفر له الصغائر. ويترك إثم الشحناء غير مغفور لأن الشحناء من الذنوب العظام والظاهر أنه كبيرة فلو كان المراد أنه لا يغفر له هذه الكبيرة لم يكن لتخصيصه وجه فإن الكبائر كلها مما لا يغفر إلا بالتوبة ولا يظهر وجه لتخصيص الشحناء بالذكر إلا أن يكون المراد أنها مانعة من مغفرة الصغائر أيضًا أو يقال إنما خص بالذكر من بين الكبائر لبيان زيادة شناعتها وأهمية الحذر منها والله أعلم.

ص: 315

6390 -

(00)(00) حدّثنيه زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. كِلاهُمَا عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِإِسْنَادِ مَالِكٍ، نَحْوَ حَدِيثِهِ. غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ:"إلا الْمُتَهَاجِرَينِ" مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدَةَ. وَقَال قُتَيبَةُ: "إلا الْمُهْتَجِرَينِ"

ــ

قوله "أنظروا هذين" بفتح الهمزة وكسر الظاء من الإنظار بمعنى الإمهال والتأخير أي أخروا أمرهما قال البيضاوي يعني يقول الله تعالى للملائكة النازلين بهدايا المغفرة أخروا وأمهلوا اهـ زرقاني على الموطأ [4/ 266] قوله "حتى يصطلحا" أي حتى يتصالحا بينهما قال ابن عبد البر إن ذنوب العباد إذا وقع بينهم المغفرة والتجاوز سقطت المطالبة بها من الله تعالى لقوله حتى يصطلحا فإذا اصطلحا غفر لهما ذلك وغيره من صغائر ذنوبهما اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب فيمن يهجر أخاه المسلم [4916] والترمذي في البر والصلة باب ما جاء في المتهاجرين [2524] وابن ماجه في الصيام باب صيام يوم الإثنين والخميس [1744].

ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:

6390 -

(00)(00)(حدثنيه زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد (ح وحدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن عبدة) بن موسى (الضبي) البصري ثقة من (10) روى عنه في (8) أبواب (عن عبد العزيز) بن محمد بن عبيد الجهني المدني (الدراوردي كلاهما) أي كل من جرير وعبد العزيز رويا (عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح السمان (بإسناد مالك) يعني عن أبي هريرة غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة جرير وعبد العزيز لمالك بن أنس وساقا (نحو حديثه) أي نحو حديث مالك أي مثله (غير أن) أي لكن أن (في حديث الدراوردي) وروايته لفظة (إلا المتهاجرين) حالة كون حديث الدراوردي (من رواية) أحمد (بن عبدة) الضبي (وقال قتيبة) أي وقال الدراوردي في رواية قتيبة عنه لفظة (إلا المُهتجرين) بضم الميم وسكون الهاء وفتح المثناة وكسر الجيم أي المتباغضين.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 316

6391 -

(00)(00) حدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ. سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ رَفَعَهُ مَرَّةً قَال:"تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَينِ. فَيَغْفِرُ اللهُ عز وجل فِي ذَلِكَ الْيَوْم لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيئًا. إلا امْرَأً كَانَتْ بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَرْكُوا هَذَينَ حَتَّى يَصْطَلِحَا. ارْكُوا هَذَينِ حَتى يَصْطَلِحَا"

ــ

6391 -

(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن مسلم بن أبي مريم) يسار السلولي مولاهم المدني ثقة من (4) روى عنه في (2) بابين الصلاة والبر والصلة (عن أبي صالح) السمان (سمع أبا هريرة) حالة كونه (رفعه) أي رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم (مرةً) أي تارة ويقفه أخرى وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة مسلم بن أبي مريم لسهيل بن أبي صالح (قال) أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تُعرض الأعمال) أي أعمال العباد على الله سبحانه وتعالى (في كل يوم خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم) أي في يوم عرض الأعمال عليه وهما اليومان المذكوران (لكل امرئ) وامرأة (لا يشرك بالله شيئًا) من المخلوق الصغائر من الذنوب دون الكبائر لما مر آنفًا (إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه) المسلم (وشحناء) أي بغضاء وعداوة قال في المصباح شحنت البيت وغيره كالسفن شحنًا من باب نفع ملأته وشحنه طرده والشحناء العداوة والبغضاء وشحنت عليه شحنًا من باب تعب حقدت وأظهرت العداوة اهـ (فيقال) من جهة الله (اركوا) أمر للجماعة من باب دعا قال ابن الأعرابي يقال ركاه يركوه إذا آخره وقيل بفتح الهمزة من الإركاء ومعناه التأخير أيضًا أي أخروا أمر (هذين) المتباغضين أي أخروا مغفرة ذنوبهما مطلقًا زجرًا لهما عن الشحناء أو ذنب الشحناء فقط (حتى يصطلحا) أي يرجعا إلى الصلح والمودة وكرره بقوله (اركوا هذين حتى يصطلحا) تأكيدًا لما قبله وفي السنوسي وأتى باسم الإشارة بدل الضمير لمزيد تعيينهما وتمييزهما بتلك الخصلة القبيحة بين المسلمين ففيه إشارة إلى عظيم قبحها وشناعتها حتى اشتهر صاحبها وصار كالحاضر المحسوس اهـ.

قوله "تعرض الأعمال في كل يوم خميس وإثنين" قال النووي وهذا العرض قد يكون بنقل الأعمال من صحائف الحفظة إلى محل آخر ولعله اللوح المحفوظ كما قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29]، قال الحسن الخزنة تستنسخ من الحفظة صحائف الأعمال وقد يكون العرض في هذين اليومين ليباهي الله سبحانه بصالح

ص: 317

6392 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو الطَّاهِرِ وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُسْلِم بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَينِ. يَوْمَ الاثْنَينِ وَيوْمَ الْخَمِيسِ. فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ. إلا عَبْدًا بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ. فَيُقَالُ: اتْرُكُوا، أَو ارْكُوا، هَذَينِ حَتَّى يَفِيئَا"

ــ

أعمال بني آدم الملائكة عليهم السلام كما يباهيهم بأهل عرفة وقد يكون العرض لتعليم الملائكة عليهم السلام المقبول من أعمال بني آدم من المردود كما جاء أن الملائكة تصعد بصحائف الأعمال لتعرضها على الله فيقول ضعوا هذا واقبلوا هذا فتقول الملائكة وعزتك ما علمنا إلا خيرًا فيقول إن هذا كان لغيري ولا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي وقال الزرقاني في شرح الموطأ [4/ 267] ولا يعارض هذا الحديث ما صحَّ مرفوعًا إن الله تعالى يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل.

قال الوليّ العراقي لاحتمال عرض الأعمال عليه تعالى كل يوم ثم تعرض عليه كل اثنين وخميس ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان فتعرض عرضًا بعد عرض ولكل عرض حكمة يستأثر بها مع أنه لا تخفى عليه من أعمالهم خافية أو يطلع عليها من شاء من خلقه ويحتمل أنها تعرض في اليوم تفصيلًا وفي الجمعة إجمالًا أو عكسه اهـ منه.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6392 -

(00)(00)(حدَّثنا أبو الطاهر) أحمد بن عمرو الأموي المصريّ (وعمرو بن سواد) بن الأسود بن عمرو العامري السرحي أبو محمد المصري ثقة من (11) روى عنه في (4) أبواب (قالا أخبرنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرنا مالك بن أنس عن مسلم بن أبي مريم) يسار السلولي المدني (عن أبي صالح عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة مالك بن أنس لسفيان بن عيينة (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعرض أعمال الناس في كل جمعة) أي في كل أسبوع (مرتين) مرة (يوم الاثنين و) مرة (يوم الخميس فيغفر لكل عبد مومن إلَّا عبدًا بينه وبين أخيه) المسلم (شحناء) أي عداوة (فيقال) للملائكة (اتركوا أو) يقال لهم (اركوا) أي أخروا بالشك من الراوي شأن (هذين) المتشاحنين (حتى يفيئا) ويرجعا عما كانا عليه من الشحناء ويصطلحا ويتحابا في الله تعالى.

ص: 318

6393 -

(2548)(106) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ، سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَينَ الْمُتَحَابُونَ بِجَلالِي. الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي. يَوْمَ لَا ظِلَّ إلا ظِلِّي"

ــ

ثم استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة وهو فضل الحب في الله بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6393 -

(2548)(156)(حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر) الأنصاري النجاري أبي طوالة المدني قاضيها ثقة من (5) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي الحباب سعيد بن يسار) مولى ميمونة وقيل مولى شقران المدني ثقة من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي) أي بسبب جلالي وعظمتي وطاعتي أي في أخوّة الإيمان بجلالي لا للدنيا ولا للقرابة ولا للصداقة أي أين الذين يتحابّ بعضهم بعضًا لأخوة الله ودينه. وهو نداء تنويه وإكرام والمراد من المتحابين بجلاله تعالى الذين أحبّ بعضهم بعضًا لرضاء الله سبحانه وتعالى وطاعته لا لمنافع الدنيا اهـ تكملة وفي المرقاة أي إنَّ الله يقول يوم القيامة على رؤوس الأشهاد تعظيمًا لبعض العباد من العباد "أين المتحابُّون بجلالي" أي بسبب عظمتي ولأجل تعظيمي أو الذين يكون التحابب بينهم لأجل رضاء جنابي وجزاء ثوابي اهـ منه قال القرطبي ويجوز أن يخرج هذا الكلام مخرج الأمر لمن يحضر منهم مكرمين منوَّهين وقوله "بجلالي" روي باللام وبالباء ومعناهما متقارب لأن المقصود بهما هنا السببية أي لعظيم حقي وحرمة طاعتي لا لغرض من أغراض الدنيا (اليوم) أي هذا اليوم الحاضر يعني يوم القيامة (أظلهم في ظلِّي) أي في ظل عرشي (يوم لا ظلّ إلّا ظلّي) أي إلا ظل عرشي وهذه الإضافة إضافة خلق وتشريف وإكرام إذ الظلال كلها ملكه وخلقه وجاء مفسرًا في ظل عرشي وهذا أولى التفاسير وقيل إن في القيامة ظلًّا بحسب الأعمال الصالحة تقي صاحبها من وهج الشمس ولفح النار وأنفاس الخلق كما قال صلى الله عليه وسلم الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس ولكن ظل العرش أعظم الظلال وأشرفها فيخص الله به من يشاء من صالحي عباده ومن

ص: 319

6394 -

(2549)(107) حدّثني عَبْدُ الأعلَى بْنُ حَمَّادٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِع، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى. فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ

ــ

جملتهم المتحابون لجلال الله فإن قيل كيف يقال في القيامة ظلال بحسب الأعمال وقد قال صلى الله عليه وسلم "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وهو ظل العرش المذكور في الحديث قلنا يمكن أن يقال كل ظلٍّ في القيامة إنما هو له لأنه بخلقه واختراعه بحسب ما يريده تعالى من إكرام من يخصه به فعلى هذا يكون كل واحد من هؤلاء السبعة في ظل يخصه وكلها ظل الله لا ظل غيره إذ ليس لغيره هنالك ظلّ ولا يقدر له على سبب ويحتمل أن يقال إنه ليس هنالك إلا ظل واحد وبه يستظل المؤمنون لكن لما كان الاستظلال بذلك الظل لا ينال إلّا بالأعمال الصالحات نسب لكل عمل ظل لأنه به وصل إليه والله تعالى أعلم وهذا كله بناء على أن الظلال حقيقية لا مجازية وهو قول جمهور العلماء وقال عيسى بن دينار إن معناه يكنّهم من المكاره ويجعلهم في كنفه وستره كما يقال أنا في ظلك أي في حفظك وسترك ورعايتك ومنه قولهم السلطان ظل الله في الأرض اهـ من المفهم.

ثم استشهد المؤلف لهذا الحديث بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6394 -

(2549)(107)(حدّثني عبد الأعلى بن حماد) بن نصر الباهلي مولاهم البصري المعروف بالنرسي بفتح النون وسكون الراء وبالمهملة نسبة إلى نرس نهر بالكوفة عليه عدة قرى ثقة من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدَّثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة من (4) روى عنه في (14) بابا (عن أبي رافع) نفيع بن رافع الصّائغ المدني نزيل البصرة ثقة من (2) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى) لم أر أحدًا من الشرّاح ولا من غيرهم ذكر اسم هذا الرجل ولا اسم الأخ ولا اسم القرية أي أراد زيارته (فأرصد الله) سبحانه وتعالى أي أقعد وأجلس (له) أي لانتظار هذا الرجل الزائر (على مدرجته) أي على طريقه إلى الأخ المزور والمدرجة الطريق سميت بذلك لأن الناس يدرجون عليها أي يمضون ويمشون فيها قوله "فأرصد الله" قال القرطبي أي جعل

ص: 320

مَلَكًا. فَلَمَّا أَتَى عَلَيهِ قَال: أَينَ تُرِيدُ؟ قَال: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَال: هَلْ لَكَ عَلَيهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَال: لَا. غَيرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عز وجل. قَال: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ".

قَال الشَّيخُ أَبُو أَحْمَدَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ

ــ

الله تعالى ملكًا على طريقه يرصده أي يرتقبه وينتظره ليبشره والمرصد موضع الرّصد والمدرجة بفتح الميم موضع الدّرج وهو المشي اهـ من المفهم (فلما أتى) ومرّ الرجل (عليه) أي على الملك (قال) الملك للرجل (أين تريد) أيها الرجل (قال) الرجل (أريد أخًا لي في هذه القرية) التي أمامي أي أُريد زيارته (قال) الملك (هل لك) أيها الرجل (عليه) أي على ذلك الأخ (من نعمة تربها) أي تقوم بإصلاحها فتتعاهده بسببها وتنهض إليه لأجلها (قال) الرجل للملك (لا) أي ليس لي عليه نعمة (غير أني أحببته في الله عز وجل قال) الملك (فإني رسول الله) أرسلت (إليك) لأبشرك (بأن الله قد أحبّك كما أحببته) أي كما أحببت أخاك (فيه) أي في الله لأجل أخوّة الله قوله "ترُبُّها" بضم الراء والموحدة المشددة أي تقوم بإصلاحها وإتمامها وتعاهدها أي هل هو مملوكك أو ولدك أو غيرهما ممن هو في نفقتك وشفقتك لتحسن إليه من رب فلان الضيعة أي أصلحها وأتمها وفي بعض النسخ "هل له عليك من نعمة ترُبُّها" أي تقوم بشكرها اهـ مرقاة "فقال لا" أي لم أزره لغرض من أغراض الدنيا ثم أخبر بأنه إنما زاره من أجل أنه أحبه في الله تعالى فبشره الملك بأن الله تعالى قد أحبّه بسبب ذلك وقد تقدم لك بيان معنى محبة الله لعبده بأنه صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها أثرها إكرامه وإحسانه إليه ومعنى محبة العبد لله تعالى امتثال مأموراته واجتناب نواهيه وفي هذا الحديث ما يدل على أن الحب في الله والتزاور فيه من أفضل الأعمال وأعظم القرب إذا تجرّد ذلك عن أغراض الدنيا وأهواء النفوس وقد قال صلى الله عليه وسلم "من أحبَّ لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" رواه أحمد [3/ 438 و 440] وأبو داود [4681].

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد [2/ 292].

قال بعض من روى عن الجلودي أو قال هو نفسه على سبيل التجريد البديعي (قال الشيخ أبو أحمد) محمد بن عيسى الجلودي النيسابوري (أخبرني أبو بكر محمد) بن عبد

ص: 321

ابْنُ زَنْجُوَيَةَ القُشَيرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

6395 -

(2550)(108) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، (يَعْنِيَانِ ابْنَ زَيدٍ)، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ - (قَال أَبُو الرَّبِيعِ: رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ:

ــ

الملك (بن زنجويه القشيري) الغزّال نسب هنا إلى جده لشهرته به وكان جارًا للإمام أحمد بن حنبل سمع منه أبو حاتم وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات قال ابن مخلد مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين ومائتين كما في التهذيب [9/ 315] قال أبو بكر (حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا حمّاد بن سلمة) وقوله (بهذا الإسناد) يعني عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة متعلق بأخبرني أي أخبرني أبو بكر بن زنجويه بهذا الإسناد (نحوه) أي نحو ما أخبرني الإمام مسلم عن عبد الأعلى بن حمّاد غرضه بيان متابعة ابن زنجويه للإمام مسلم في الرواية عن عبد الأعلى وهذه الرواية ليست من إخراج الإمام مسلم وإنما ذكرها تلميذه الشيخ أبو أحمد الجلودي للمتابعة فإنه سمعها من محمد بن زنجويه بمثل ما سمعها من الإمام مسلم ولذلك لم يعتبر محمد بن زنجويه من رجال مسلم ورمز إليه في التهذيب بالأربعة فقط.

ثم استدل المؤلف على الجزء الخامس من الترجمة وهو فضل عيادة المرضى بحديث ثوبان رضي الله عنه فقال:

6395 -

(2550)(108)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني ثقة من (10) روى عنه في (15) بابا (وأبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (قالا حدثنا حماد يعنيان ابن زيد) بن درهم الأزدي البصري ثقة من (8)(عن أيوب) السختياني العنزي البصري (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي البصري (عن أبي أسماء) الرحبي عمرو بن مرثد الدمشقي ثقة من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن ثوبان) بن بجدد الشامي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته (قال أبو الربيع) في روايته لفظة (رفعه) أي قال أبو أسماء حدثنا ثوبان حالة كونه رفعه أي رفع هذا الحديث (إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث سعيد) بن منصور وروايته لفظة

ص: 322

قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ".

6396 -

(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَادَ

ــ

(قال) ثوبان (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائد المريض في مخرفة) وسكة (الجنة حتى يرجع) من عند المريض قال المازري المخرفة بفتح الميم وسكون الخاء وفتح الراء قال شمر هي السكة بين صفين من نخل يجتنى من أيهما شاء وقال غيره هي الطريق ومنه قول عمر تركتكم على مثل مخرفة النعم أي على مثل طرقها.

وقال القاضي عياض وقيل هي البستان الذي فيه الفاكهة تخترف وقيل الفاكهة وقيل القطعة من النخل وقال الخطّابي المخرفة بفتح الميم الفاكهة نفسها وأما بكسر الميم فالوعاء الذي يجتنى فيه ومنهم من يفتح الميم ويجعله كالمسجد والمسجد موضع السجود قال القرطبي ومعنى الحديث أن عائد المريض لما نال من أجر العيادة الموصل إلى الجئة كأنه يجني ثمرات الجنة أو كأنه في مخرفة الجنة أي في طريقها الموصل إلى الاختراف وسُمي الخريف خريفًا لأنه فصل تخترف فيه الثمار قال القاضي عياض عيادة المريض عظيمة الأجر وهي فرض كفاية لأن المريض لا يقدر أن يتصرف ولو لم يعد لضاع حاله وهلك لا سيّما الغريب أوالضعيف وهو من إغاثة الملهوف وانقاذ الغريق قال القرطبي ولفظ العيادة يقتضي التكرار والرّجوع إليه مرة بعد أخرى ليعلم حاله اهـ من الأبي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في الجنائز باب ما جاء في عيادة المريض [967].

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ثوبان رضي الله عنه فقال:

6396 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (أخبرنا هيثم) بن بشير السلمي الواسطي (عن خالد) بن مهران الحذاء المجاشعي أبي المنازل البصري ثقة من (5) روى عنه في (15) بابا (عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته غرضه بسوقه بيان متابعة خالد الحذاء لأيوب السختياني (قال) ثوبان (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد) وزار

ص: 323

مَرِيضًا، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ".

6397 -

(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ"

ــ

(مريضًا) لمرضه (لم يزل) ماشيًا (في خرفة الجنة) أي في الطريق الموصل إلى الجنة والخرفة بضم الخاء المعجمة وقد تفتح والراء ساكنة ما يخترف أي يجتنى من الثمرات أي لم يزل كأنه في بستان يجتني منه الثمر شبّه ما يحوزه العائد من الثواب بما يحوزه المخترف من الثمر وقيل المراد بالخرفة هنا الطريق اهـ مناوي وفي النهاية الخرفة بالضم اسم ما يخترف من النخل حين يدرك اهـ (حتى يرجع) إلى بيته قال الأبي والمحكم في المرض الذي يعاد منه العرف ولا ينبغي أن يعجل الرجوع إلا لمن يعلم أنه لا يكره ذلك ولا يعاد من يعلم أنه يكره ذلك ولا ينبغي أن يذكر عند المريض ما يؤلمه من حال مرضه اهـ ولا يبعد أن يضع العائد يده على يد المريض.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:

6397 -

(00)(00)(حدَّثنا يحيى بن حبيب) بن عربي (الحارثي) أبو زكريا البصري ثقة من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا يزيد بن زريع) مصغرًا التيمي أبو معاوية البصري ثقة من (8) روى عنه في (12) بابا (حدثنا خالد) الحذاء المجاشعي البصري ثقة من (5)(عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي) البصري (عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة يزيد لهيثم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إنَّ المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل) من أن يكون (في خرفة الجنة) أي في بستانها (حتى يرجع) من عيادته.

ومن آداب العيادة أن لا يطيل في جلوسه أو إقامته عند المريض إلا إذا كان من أقاربه أو ممرضيه الذين يستأنس بهم وأن لا يأتيه في أوقات راحته لئلا يتأذى بذلك والحاصل أن يكون المقصود إراحته وتسليته والاجتناب عمّا يسوءه أو يؤذيه.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث ثوبان رضي الله عنه فقال:

ص: 324

6398 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ، (وَاللَّفْظُ لِزُهَيرٍ)، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زيدٍ، (وَهُوَ أَبُو قِلابَةَ)، عَنْ أَبِي الأشعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ عَادَ مَرِيضًا، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَال:"جَنَاهَا".

6399 -

(00)(00) حدّثني سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويةَ،

ــ

6398 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعًا) أي كلاهما رويا (عن يزيد) بن هارون بن زاذان السلمي الواسطي ثقة من (9) روى عنه في (19) بابا (واللفظ) الآتي (لزهير أخبرنا عاصم) بن سليمان (الأحول) التميمي البصري ثقة من (4) روى عنه في (17) بابا (عن عبد الله بن زيد) الجرمي البصري (وهو) أي عبد الله بن زيد (أبو قلابة) أي المعروف بأبي قلابة (عن أبي الأشعث) شراحيل بن آداة بالمد وتخفيف الدال (الصنعاني) صنعاء دمشق وقيل صنعاء اليمن ثقة من (2) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة عاصم الأحول لخالد الحذّاء قال الأبي في سند هذا الطريق روى أبو قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء وفي الطرق الأخرى روى أبو قلابة عن أبي أسماء قال المازري قال الترمذي سألت البخاري عن إسناد هذا الحديث فقال أحاديث أبي قلابة كلها عن أبي أسماء ليس بينهما أبو الأشعث إلا في سند هذا الحديث اهـ من الأبي (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عاد مريضًا لم يزل) كائنًا (في خرفة الجنة) وبستانها (قيل يا رسول الله) ولم أر من ذكر اسم هذا القائل (وما خرفة الجنة قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم خرفة الجنة (جناها) أي ثمارها قال في النهاية والجنا اسم لما يجتنى من الثمر ويجمع الجنا على أجن مثل عصا وأعص اهـ كذا في الدهني.

ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث ثوبان رضي الله عنه فقال:

6399 -

(00)(00)(حدثني سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني صدوق من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا مروان بن معاوية) الفزاري

ص: 325

عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

6400 -

(2551)(109) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيمُونٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَال: يَا رَبِّ، كَيفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالمِينَ؟ قَال: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟

ــ

الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (13) بابا (عن عاصم الأحول) غرضه بيان متابعة مروان ليزيد بن هارون وساق مروان (بهذا الإسناد) يعني عن أبي قلابة عن أبي الأشعث إلخ مثله أي مثل حديث يزيد.

ثم استشهد المؤلف لحديث ثوبان بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6400 -

(2551)(109)(حدّثني محمد بن حاتم بن ميمون) السمين البغدادي صدوق من (10) روى عنه في (11) بابا (حدَّثنا بهز) بن أسد العمّي البصري ثقة من (9) روى عنه في (13) بابا (حدَّثنا حمّاد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة من (4) روى عنه في (14) بابا (عن أبي رافع) الصائغ نفيع بن رافع المدني ثم البصري ثقة من (2) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلمْ تعدني) قال العلماء وإنما أضاف المرض إلى نفسه سبحانه وتعالى والمراد مرض العبد تشريفًا للعبد وتقريبًا له والعرب إذا شرّفت أحدًا أحلّته محلًّا وعبّرت عنه كما تعبّر عن نفسه اهـ أبي (قال) ابن آدم (كيف أعودك وأنت ربّ العالمين) حال مقررة للإشكال الذي تضمنه معنى كيف يعني أن العيادة إنما هي للمريض العاجز وأنت المالك القادر قال في العيادة لوجدتني عنده وفي الإطعام والسقي لوجدت ذلك عندي رمزًا إلى أكثرية ثواب العيادة كذا في المناوي (قال) الرب سبحانه (أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده أما علمت أنَّك لو عدته لوجدنني عنده) قال المازري هو استعارة أي لوجدت ثوابي وكرامتي وعليه يحمل ووجد الله عنده أي مجازاته قال القرطبي هو تنزل وتلطف في الخطاب والعتاب ومقتضاه التعريف بعظيم ثواب تلك الأشياء ففيه أن الإحسان بالعبد

ص: 326

يَا بْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَال: يَا رَبِّ، وَكَيفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالمِينَ؟ قَال: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ يَا بْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَال: يَا رَبِّ، كَيفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالمِين؟ قَال؛ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ. أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي"

ــ

إحسان بالسادة فينبغي للسادة أن يعرفوا ذلك ويقوموا بحقه اهـ والحق أن عندية الله مع عبده صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

(يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال) ابن آدم (وكيف أطعمك) يا رب (وأنت ربّ العالمين قال) الربّ جل جلاله (أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنَّك لو أطعمته لوجدت) جزاء (ذلك) مدخرًا لك (عندي يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني قال) العبد (يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال) الربّ جل جلاله (استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت) جزاء (ذلك) مدخرًا لك (عندي) وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث الأول حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات والثاني حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين والثالث حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والرابع حديث أبي هريرة الرابع ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة والخامس حديث أبي هريرة الخامس ذكره للاستشهاد والسادس حديث ثوبان ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات والسابع حديث أبي هريرة السادس ذكره للاستشهاد والله أعلم.

***

ص: 327