الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
728 - (17) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وخَلْق الإنسان خلقًا لا يتمالك والنهي عن ضرب الوجه والوعيد الشديد لمن عذَّب الناس بغير حقٍّ وأمر منْ يمرُّ بسلاحٍ في مجامع الناس بإمساك نصالها والنهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح
6483 -
(2583)(151) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، (وَاللَّفْظُ لِقُتَيبَةَ)، قَالا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيدٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟ " قَال: قُلْنَا: الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ. قَال: "لَيسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ. وَلَكِنَّهُ
ــ
728 -
(17) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وخَلْق الإنسان خلقًا لا يتمالك والنهي عن ضرب الوجه والوعيد الشديد لمن عذَّب الناس بغير حقٍّ وأمر منْ يمرُّ بسلاحٍ في مجامع الناس بإمساك نصالها والنهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح
6483 -
(2583)(151)(حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة واللفظ لقتيبة قالا حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد بن شريك (التيمي) الكوفي ثقة من (5) روى عنه في (6) أبواب (عن الحارث بن سويد) التيمي أبي عائشة الكوفي ثقة ثبت من (2) روى عنه في (4) أبواب (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (قال) عبد الله بن مسعود (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدّون) وتعتقدون وتحسبون وتظنون أنه (الرّقوب فيكم) يعني ما علمكم واعتقادكم في معنى الرّقوب (قال) ابن مسعود (قلنا) له معاشر الحاضرين الرّقوب هو الشخص (الذي لا يولد له) ولد لأنه يرقب وينتظر كل وقت ولادة الولد له ويطمع فيها والرقوب بفتح الراء وتخفيف القاف أصل معناه في كلام العرب هو الذي لا يعيش له ولد قال النووي ومعنى الحديث أنكم تعتقدون أن الرقوب المحزون هو المصاب بموت أولاده وليس هو كذلك شرعًا بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته فيحتسبه ويكون له ثواب مصيبته به وثواب صبره عليه ويكون له فرطًا وسلفًا كما ذكره بقوله (ليس ذاك) الذي ذكرتموه في معنى الرّقوب (بالرَّقوب) شرعًا (ولكنَّه) أي ولكن
الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيئًا" قَال: "فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرْعَةَ فِيكُمْ؟ " قَال: قُلْنَا: الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجِالُ. قَال: "لَيسَ بِذَلِكَ. وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ"
ــ
الرَّقوب شرعًا هو (الرَّجل الذي لم يقدم من ولده شيئًا) أي لا واحدًا ولا أكثر بالموت قبله ثم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فما تعدُّون) وتعتقدون وتعلمون (الصرعة) بضم الصاد وفتح الراء أي فأي شيء تعلمون وتعتقدون في معنى الصرعة (فيكم) أي عندكم أي فما معناه عندكم وأصله في كلام العرب هو الرجل القوي يصرع الناس كثيرًا (قال) ابن مسعود (قلنا) له صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله الصرعة عندنا هو الرجل (الذي لا يصرعه الرجال) أي الذي لا يقدر أحد من الرجال على صرعه وإسقاطه على الأرض عند المصارعة لقوته بل يصرع الناس (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس) الصرعة شرعًا (بذلك) الذي ذكرتموه يعني أنكم تعتقدون أن الصرعة الممدوح القوي الفاضل هو القوي الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم وليس هو كذلك شرعًا (ولكنَّه) أي ولكن الصرعة الممدوح شرعًا هو الرجل (الذي يملك نفسه عند الغضب) لا يستفزّه الغضب بالانتقام ممن أغضبه فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل من يقدر على التخلّق بخلقه ومشاركته في فضيلته بخلاف الأول اهـ نووي.
قال القرطبي "ما تعدُّون الرّقوب" إلخ الرقوب فعول وهو الكثير المراقبة وهو من صيغ المبالغة كضروب وقتول لكنَّه صار في عرف استعمالهم عبارة عن المرأة التي لا يعيش لها ولد كما قال عبيد بن الأبرص:
باتت على إرم عذوبا
…
كأنها شيخة رقوب
قلت هذا نقل أهل اللغة ولم يذكروا أن الرقوب يقال على من لم يولد له مع أنه قد كان معروفًا عند الصحابة رضي الله عنهم ولذلك أجابوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس يقتضيه لأن الذي لا يولد له يكثر ارتقابه للولد وانتظاره ويطمع فيه إذا كان ممن يرتجى ذلك كما يقال على المرأة التي ترقب موت زوجها رقوب والناقة التي ترقب الحوض فتنفر منه ولا تقربه رقوبٌ "قلت" ويحتمل أن يحمل قولهم في الرقوب إنه الذي لا يولد له بعد فقد أولاده لوصوله من الكبر إلى حال لا يولد له فتجتمع عليه مصيبة الفقد ومصيبة اليأس وهذا هو الأليق بمساق الحديث ألا ترى قوله "ليس ذلك الرَّقوب ولكنَّه الرجل الذي لا يقدم من ولده شيئًا" أي هو أحق باسم الرقوب من ذلك لأن هذا
6484 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ مَعْنَاهُ.
6485 -
(2584)(152) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ. قَالا، كِلاهُمَا: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛
ــ
الذي أصيب بفقد أولاده في الدنيا ينجبر في الآخرة بما يعوّض على ذلك من الثّواب وأما من لم يمت له ولد فيفتقد في الآخرة ثواب فقد الولد فهو أحق باسم الرّقوب من الأول وقد صدر هذا الأسلوب من النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا كقوله "ليس المسكين بالطوّاف عليكم" رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وكقوله "ليس الشديد بالصرعة" وقوله "ليس الواصل بالمكافئ" رواه البخاري وأبو داود والترمذي ولم يرد بهذا السلب سلب الأصل لكنه سلب الأولى والأحق بالصرعة والصرعة بضم الصاد وفتح الراء هو الذي يصرع الناس كثيرًا وبالسكون هو الذي يصرعه الناس وكذلك هُزَأة وهُزْأة وسُخَرة وسُخْرة اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 236] وأبو داود في الأدب باب كظم غيظه [4779].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
6484 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي ثقة من (8)(كلاهما) أي كل من أبي معاوية وعيسى بن يونس رويا (عن الأعمش) غرضه بيان متابعتهما لجرير بن عبد الحميد (بهذا الإسناد) يعني عن إبراهيم التيمي عن الحارث عن عبد الله وساق (مثل معناه) أي مثل معنى حديث جرير.
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن مسعود بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
6485 -
(2584)(152)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وعبد الأعلى بن حماد) بن نصر الباهلي البصري ثقة ثبت من كبار (10)(قالا كلاهما) أي كلاهما قال (قرأت على مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة) رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَيسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ".
6587 -
(108) حدَّثنا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ،
ــ
وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد) الممدوح شرعًا الشديد (بالصرعة إنما الشديد) الممدوح شرعًا هو (الذي يملك نفسه عند الغضب) أي يكظم نفسه عن الانتقام ممن أغضبه قوله "إنما الشديد الذي يملك" إلخ فإنه قوة دينية معنوية إلاهية باقية فحوّل النبي صلى الله عليه وسلم معنى هذا الاسم من القوة الظاهرة إلى الباطنة ومن أمر الدنيا إلى أمر الدين اهـ مرقاة وفي النهاية الصُّرعة بضم الصاد وفتح الراء المبالغ في الصّراع الذي لا يُغلب فنقله إلى الذي يغلب نفسه عند الغضب ويقهرها فإنه إذا ملكها كان قد قهر أقوى عدائه وشرَّ خصومه اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 236] والبخاري في الأدب باب الحذر من الغضب [6114].
"فائدة" عرَّف بعضهم الغضب بأنه صفة غريزيّة أودعها الله سبحانه في قلب ذي روح يغلي بها دم قلبه وينتشر في العروق ويرتفع إلى أعالي البدن فلذلك ينصب إلى الوجه ويحمرّ الوجه والعين وإنما خلق الله هذه الغريزة ليدافع بها الإنسان عن نفسه وماله وعرضه فكلما استعمل الإنسان هذه الغريزة في أفعال مشروعة كالجهاد والدفاع عن نفسه وأهله كان حسنًا وكلما استعمله في أفعال غير مشروعة وصدر منه في ثوران الغضب ما لا يجوز فعله كالقتل والقذف كان قبيحًا ومن ملك نفسه في حالة ثوران الغضب فأمسك نفسه عن العمل بمقتضاه فهو القويّ الذي مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فمجرّد الغضب الذي يثور في قلب الإنسان بدون اختياره لا مؤاخذة عليه ولكنه إنما يؤاخذ بما يصدر منه في هذه الحالة من أفعال غير مشروعة فيحتاج ذلك إلى رياضة ومجاهدة اهـ.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6486 -
(00)(00)(حدثنا حاجب بن الوليد) بن ميمون الشامي الأعور نزيل بغداد صدوق من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا محمد بن حرب) الخولاني
عَنِ الزُّبَيدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي حُمَيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ" قَالُوا: فَالشَّدِيدُ أَيُّمَ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ".
6487 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامَ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ. كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ،
ــ
الحمصي الأبرش ثقة من (9) روى عنه في (5) أبواب (عن الزبيديّ) بالزاي والموحدة مصغرًا محمد بن الوليد بن عامر الحمصي القاضي ثقة من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن الزهري) قال (أخبرني حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهريّ المدني (أن أبا هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة حُميد بن عبد الرحمن لسعيد بن المسيب (قال) أبو هريرة (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس الشديد بالصُّرعة) أي الذي يسقط الناس عند المصارعة كثيرًا لأنه من صيغ المبالغة كهُمَزة والباء زائدة في خبر ليس (قالوا) أي قال الحاضرون له صلى الله عليه وسلم (فالشديد أيُّم هو) أي فالشديد أيٌّ هو إذا لم يكن بالصرعة فأيُّ اسم استفهام خبر مقدم وجوبًا مرفوع بالضمة وما زائدة زيدت تعويضًا عما فات أيُّ من الإضافة مبني بسكون على الألف المحذوفة تشبيهًا لها بما الاستفهامية التي دخل عليها حرف الجر لوقوعها بعد اسم الاستفهام وهو في محل الرفع مبتدأ مؤخر (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم الشديد الممدوح هو (الذي يملك نفسه) أي يمسكها عن الانتقام (عند) شدَّة (الغضب).
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6487 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري (وعبد بن حميد) الكسي (جميعًا عن عبد الرزاق) بن همام (أخبرنا معمر ح وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام) الدارمي السمرقندي ثقة من (11)(أخبرنا أبو اليمان) الحكم بن نافع القضاعي الحمصي ثقة من (10)(أخبرنا شعيب) بن أبي حمزة دينار الأموي الحمصي ثقة من (7)(كلاهما) أي كل من معمر وشعيب رويا (عن الزهري) غرضه بسوق هذين السندين بيان
عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
6488 -
(2585)(153) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ الْعَلاءِ: حَدَّثَنَا) أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَال: اسْتَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَينَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ"
ــ
متابعتهما للزبيدي (عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وساقا (بمثله) أي بمثل حديث الزبيدي.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن مسعود بحديث سليمان بن صُرد رضي الله عنهما فقال:
6488 -
(2585)(153)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (و) أبو كريب (محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني (قال يحيى أخبرنا وقال ابن العلاء حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عديّ بن ثابت) الأنصاري الكوفي ثقة من (4) روى عنه في (9) أبواب (عن سليمان بن صُرد) بضم الصاد وفتح الراء بن الجون بفتح الجيم وسكون الواو الخزاعيّ الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) سليمان (استبَّ رجلان) لم أر من ذكر اسم الرجلين أي تسابَّا (عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل) أي شرع (أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ) أي ترتفع (أوداجه) لشدة غضبه جمع ودج بفتحتين وهو عرق في العنق معروف وقد روى هذه القصة معاذ بن جبل رضي الله عنه أيضًا وقد أخرجها عنه أصحاب السنن وأحمد ولفظه عند أبي داود "استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فغضب أحدهما غضبًا شديدًا حتى خُيّل إليَّ أن أنفه يتمزَّع من شدة غضبه" فـ (ـقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن عنده (إني لأعرف كلمة لو قالها) هذا الرجل (لذهب عنه) الغضب (الذي يجد) من نفسه وتلك الكلمة (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وفي قوله إني لأعرف كلمة إلخ فيه أن الغضب لغير الله تعالى من نزغ الشيطان
فَقَال الرَّجُلُ: وَهَل تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ؟
قَال ابْنُ الْعَلاءِ: فَقَال: وَهَلْ تَرَى. وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّجُلَ.
6489 -
(00)(00) حدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيُّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَال: اسْتَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ. فَنَظَرَ إِلَيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:
ــ
وأنه ينبغي لصاحب الغضب أن يستعيذ فيقول أعوذ بالله من الشيطان وأنه سبب لزوال الغضب عملًا بقوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} اهـ نووي (فقال الرجل) الذي اشتد غضبه للنبي صلى الله عليه وسلم حين قال له ما ذكر (وهل ترى) وتظن (بي من جنون) أي جنونًا وهذا كلام من لم يتفقه في دين الله تعالى ولم يهذب بأنوار الشريعة المكرّمة وتوهّم أن الاستعاذة مختصة بالمجنون ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان ويحتمل أن هذا القائل كان من المنافقين أو من جفاة الأعراب اهـ نووي باختصار.
(قال) محمد (بن العلاء) في روايته لفظة (فقال) أي الرجل الذي غضب (وهل ترى) بي يا محمد من جنون (ولم يذكر) محمد بن العلاء لفظة (الرجل) أي لم يقل لفظة فقال الرجل بل قال: فقال وهل ترى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 394] والبخاري في مواضع منها في الأدب باب الحذر من الغضب [6048] وباب ما ينهى عن السباب واللعن [6115] وأبو داود في الأدب باب ما يقال عند الغضب [4781].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه فقال:
6489 -
(00)(00)(حدثنا نصر بن علي الجهضمي) البصري الأزدي ثقة ثبت من (10) روى عنه في (16) بابا (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (سمعت الأعمش يقول سمعت عديّ بن ثابت يقول سمعت سليمان بن صرد قال) وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي أسامة لأبي معاوية (استبّ رجلان) لم أر من ذكر اسمهما (عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب) غضبًا شديدًا حتى انتفخت أوداجه (ويحمرُّ وجهه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لمن
"إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ" فَقَامَ إِلَى الرَّجُلِ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَتَدْرِي مَا قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آنِفًا؟ قَال: "إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ" فَقَال لَهُ الرَّجُلُ: أَمَجْنُونًا تَرَانِي؟
490 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ
ــ
عنده (إني لأعلم كلمة لو قالها) هذا الرجل (لذهب) هـ (ـذا) الغضب (عنه) وتلك الكلمة (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقام إلى الرجل) الغضبان (رجل) آخر (ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم أي كلامه المذكور وذلك الرجل القائم إليه هو معاذ بن جبل كما وقع التصريح به في سنن أبي داود في رقم [4780] اهـ من تنبيه المعلم (فقال) الرجل القائم للرجل المغضب (أتدري) أي هل تدري وتعلم (ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفًا) أي في الزمن القريب (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لأعلم كلمة لو قالها) هذا المغضب (لذهب) هـ (ـذا) الغضب (عنه) أي عن ذلك المغضب وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقال له) أي لهذا القائم المخبر له كلام الرسول صلى الله عليه وسلم (الرجل) المغضب (أمجنونًا تراني) أي أتحسبني أيها المخبر لي مجنونًا يستعيذ من مسة الجن فإني صحيح كامل ليس بي نقص عقل ولا مسة جن.
ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:
6490 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (14) بابا (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن عدي بن ثابت عن سليمان بن صرد غرضه بيان متابعة حفص بن غياث لأبي أسامة وأبي معاوية والله أعلم وقوله صلى الله عليه وسلم للغضبان "إني لأعرف كلمةً لو قالها لذهب عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" يدلُّ على أن الشيطان له تأثير في تهييج الغضب وزيادته حتى يحمله على البطش بالمغضوب عليه أو إتلافه أو إتلاف نفسه أو شر يفعله يستحق به العقوبة في الدنيا والآخرة فإذا تعوذ الغضبان بالله من الشيطان الرجيم وصح قصده لذلك فقد التجأ إلى الله تعالى وقصده واستجار به والله تعالى أكرم
6491 -
(2586)(154) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَمَّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ. فَجَعَلَ إِبْلِيسُ
ــ
من أن يخذل من استجار به ولما جهل ذلك الرجل ذلك المعنى وظن أن الذي يحتاج إلى التعوذ إنما هو المجنون فقال أمجنونًا تراني منكرًا على من نبّهه على ما يصلحه ورادًّا لما ينفعه وهذا من أقبح الجنون والجنونُ فنون وكأن هذا الرجل كان من جفاة الأعراب الذين قلوبهم من الفقه والفهم خراب اهـ من المفهم.
"قلت" وهذه الاستعاذة التي أخبرها الرسول صلى الله عليه وسلم إحدى طرق معالجة الغضب وقد أخرج أبو داود رقم [4782] عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع وأخرج أيضًا عن عطية السعدي مرفوعًا إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ وقد أخرج ابن السنِّي في عمل اليوم والليلة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غضبت عائشة أخذ بأنفها وقال يا عويش قولي اللهم ربّ النبي محمد اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلّات الفتن ذكره العراقي في تخريج الإحياء وقد أخرج ابن ماجه رقم [4242] عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله تعالى من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله عز وجل.
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة وهو كون الإنسان خلقًا لا يتمالك بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:
6491 -
(2586)(154)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يونس بن محمد) بن مسلم البغدادي ثقة من (9) روى عنه في (8) أبواب (عن حمّاد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة من (4)(عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما صوّر الله) سبحانه (آدم في الجنة) قال القرطبي يعني لما شكل الله طينته على شكلها الخاص على ما سبق في علمه (تركه) أي ترك آدم على طينته (ما شاء الله أن يتركه) طينًا من الزمن (فجعل إبليس) اللعين أي شرع
يُطِيفُ بِهِ. يَنْظُرُ مَا هُوَ. فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالكُ".
6492 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
6493 -
(2587)(155) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ،
ــ
(يطيف به) أي يطوف ويدور بآدم حالة كونه يريد أن (ينظر ما هو) أي ما هذا الجسم الذي هو آدم هل هو مملوء الجوف أو فارغ جوفه حتى دخله (فلما رآه أجوف) أي فارغ الجوف ليس فيه شيء (عرف) إبليس (أنه) أي أن آدم (خلق) حالة كونه (خلقًا لا يتمالك) أي لا يملك نفسه ولا يستغني مما يسد جوفه من الشهوات الطعامية والشرابية أي لا يملك نفسه ولا يستطيع أن يحبسه عن الشهوات وقيل لا يملك دفع الوسواس عنه وقيل لا يملك نفسه عند الغضب والمراد جنس بني آدم لا كلهم لأن فيه معصومًا قال القرطبي: يعني أن الله تعالى لما صور طينة آدم وشكّلها بشكله على ما سبق في علمه رآها إبليسُ وأطاف بها أي دار حولها وجعل ينظر في كيفيتها وأمرها فلما رآها ذات جوف وقع له أنها مفتقرة إلى ما يسد جوفها وأنها لا تتمالك عن تحصيل ما تحتاج إليه من أغراضها وشهواتها فكان الأمر على ما وقع اهـ من المفهم وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
6492 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري صدوق من (15) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري ثقة من (9) روى عنه في (13) بابا (حدثنا حمَّاد) بن سلمة غرضه بيان متابعة بهز ليونس بن محمد (بهذا الإسناد) يعني عن ثابت عن أنس وساق بهز (نحوه) أي نحو حديث يونس بن محمد.
ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة وهو النهي عن ضرب الوجه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6493 -
(2587)(155)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي البصري ثقة من (9)(حدثنا المغيرة) بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام القرشي
(يَعْنِي الْحِزَامِيَّ)، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ".
6494 -
(00)(00) حدّثناه عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ
ــ
الأسدي (يعني الحزاميَّ) منسوب إلى الجد المذكور المدني ثقة من (7) روى عنه في (6) أبواب، (عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قاتل) وضارب (أحدكم أخاه) الآدمي وقيل المسلم (فليجتنب الوجه) أي فليحترز عن ضرب وجهه لأنه لطيف يجمع المحاسن وأعضاؤه لطيفة نفيسة وأكثر الإدراك بها فقد يبطلها ضرب الوجه وقد ينقصها وقد يشوه الوجه والشين فيه فاحش لأنه بارز ظاهر لا يمكن ستره اهـ نووي ومعنى قاتل هنا ضرب يؤيده رواية إذا ضرب لأن المؤمن لا يقاتل أخاه غالبًا والله أعلم.
وفي السنوسي قال الطبري والمراد بالأخوة الآدمية ويدل عليه قوله في آخر الحديث فإن الله خلق آدم على صورة المضروب فكأن الضارب ضرب وجه أبيه آدم عليه السلام إذ لو أريد به أخوة الدين لما كان للتعليل لخلق آدم على صورته معنى وعلى هذا فيحرم لطم الوجه من المؤمن والكافر أيضًا لا يقال الكافر مأمور بقتله وضربه في أي عضو كان جائز إذ المقصود إتلافه والمبالغة في الانتقام منه ولا شك في أن ضرب الوجه أبلغ في الانتقام والعقوبة فلا يمنع وإنما مقصود الحديث إكرام المؤمن لحرمته لأنا نقول مسلم أنا مأمورون بقتل الكافر والمبالغة في الانتقام منه لكنا إذا تمكنا منه اجتنبناه لشرفية هذا العضو لأن الشرع قد نزل هذا الوجه منزلة وجه أبينا وقبيح لطم الرجل وجهًا يشبه وجه أبي اللاطم وليس كذلك سائر الأعضاء لأنها كلَّها تابعة للوجه وهذا الذي ذكرناه هو ظاهر الحديث ولا يكون في الحديث إشكال يوهم في حق الله تعالى تشبيهًا وإنما أشكل ذلك على من أعاد الضمير في صورته على الله تعالى وذلك ينبغي أن لا يصار إليه شرعًا ولا عقلًا اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 244] والبخاري في العتق باب إذا ضرب العبد فليتق الوجه [2559] وأبو داود في الحد وبابٌ في ضرب الوجه في الحد [4493].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
6494 -
(00)(00)(حدثناه عمرو) بن محمد (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب
قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَال:"إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ".
6495 -
(00)(00) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ".
6496 -
(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ الله بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ
ــ
قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد بهذا الإسناد) يعني عن الأعرج عن أبي هريرة غرضه بيان متابعة سفيان للمغيرة بن عبد الرحمن (و) لكن (قال) سفيان في روايته (إذا ضرب أحدكم) بدل قول المغيرة "إذا قاتل أحدكم" ورواية سفيان هذه هي أعم وأوضح قال الحافظ في الفتح [5/ 182] وهذه الرواية تفيد أن قاتل في رواية المغيرة وهمام وغيرهما بمعنى قتل وأن المفاعلة ليست على ظاهرها ليتناول ما يقع عند دفع الصائل مثلًا فينهى دافعه عن القصد بالضرب إلى وجهه ويدخل في النهي كل من ضرب في حد أو تعزير أو تأديب وقد وقع في حديث أبي بكرة وغيره عند أبي داود وغيره في قصة التي زنت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها وقال ارموا واتقوا الوجه وإذا كان ذلك في حق من تعين إهلاكه فمن دونه أولى.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6495 -
(00)(00)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي (حدثنا أبو عوانة) الوضّاح بن عبد الله اليشكري الواسطي (عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي صالح لعبد الرحمن الأعرج (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إذا قاتل) أي إذا قتل وضرب (أحدكم أخاه) الآدمي مسلمًا كان أو كافرًا (فليتق الوجه) أي فليجتنب ضرب وجهه.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا فقال:
6496 -
(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري) البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ البصري (حدثنا شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب) يحيى بن مالك ويقال
يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلَا يَلْطِمَنَّ الْوَجْهَ".
6497 -
(00)(00) حدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الجهْضَمِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ حَاتِمٍ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ. فَإِنَّ اللهَ
ــ
حبيب بن مالك الأزدي المراغي قبيلة من الأزد البصري ثقة من (2) روى عنه في (2) الصلاة والبر والصلة (يحدِّث عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة أبي أيوب لمن روى عن أبي هريرة (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قاتل) أي قتل وضرب (أحدكم أخاه) الآدمي (فلا يلطمن) أي فلا يضربن (الوجه) أي وجهه لأنه على صورة وجه آدم عليه السلام.
ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6497 -
(00)(00)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي البصري (الجهضمي) الصغير ثقة ثبت من (10) روى عنه في (16) بابا (حدثني أبي) علي بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي البصري الجهضمي الكبير أبو الحسن ثقة من (9) روى عنه في (11) بابا (حدثنا المثنى) بن سعيد الضبعيُّ بضم المعجمة وفتح الموحدة أبو سعيد البصري ثقة من (6) روى عنه في (5) أبواب (ح وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي.
(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصريُّ (عن المثنى بن سعيد) الضبعي البصري (عن قتادة) بن دعامة البصري (عن أبي أيوب) يحيى بن مالك الأزدي المراغي البصري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة المثنى بن سعيد لشعبة بن الحجاج (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث ابن حاتم) وروايته لفظة (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا قاتل أحدكم أخاه) الآدميَّ (فليجتنب الوجه) أي فليتق ضرب وجهه وليبتعد عنه (فإن الله) عزَّ
خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ".
6498 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ الْمَرَاغِيِّ، (وَهُوَ أَبُو أَيُّوبَ)، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ".
6499 -
(2588)(156) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ،
ــ
وجلَّ (خلق آدم) عليه السلام (على صورته) أي على صورة وجه المضروب أي خلق وجه آدم على صورة وجه المضروب فيتعين عود الضمير على المضروب لأنه هو الذي سبق الكلام لبيان حكمه وفي المناوي "قوله فليجتنب الوجه" أي وجوبًا لأنه شين ومثلة للطافته هذا في المسلم ونحوه كذمي ومعاهد أما الحربي فالضرب في وجهه أنجح للمقصود وأردع لأهل الجحود كما هو بين اهـ "قوله فإن الله خلق آدم على صورته" الأكثرون على أن الضمير يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه ولولا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها وقيل يعود على آدم أي على صفته الشبيهة بهذا المضروب فأمر بالاجتناب إكرامًا لآدم لمشابهة صورته لصورة المضروب ومراعاة لحق الأبوة وظاهر النهي التحريم كذا في القسطلاني.
ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6498 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث العنبريُّ البصريُّ (حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي العوذي البصري ثقة من (7) روى عنه في (12) بابا (حدثنا قتادة عن يحيى بن مالك المراغي) نسبة إلى مراغ قبيلة من الأزد وقيل موضع بناحية عمان (وهو أبو أيوب) المذكور سابقًا (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة همام لشعبة والمثنى بن سعيد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه) وجوبًا كما مرّ.
ثم استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة وهو الوعيد الشديد لمن عذب النّاس بحديث هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنهما فقال:
6499 -
(2588)(156)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث) بن
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. عَنْ أَبِيهِ. عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. قَال: مَرَّ بِالشَّامِ عَلَى أُنَاسٍ، وَقَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ، وَصُبَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الزَّيتُ. فَقَال: مَا هَذَا؟ قِيلَ: يُعَذَّبُونَ فِي الْخَرَاجِ. فَقَال: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا"
ــ
طلق بن معاوية النخعي الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (14) بابا (عن هشام بن عروة) بن الزبير الأسدي المدني (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن هشام بن حكيم بن حزام) بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي الشامي الصحابي بن الصحابي رضي الله عنهما كان هو وأبوه من مسلمة الفتح وكان رجلًا مهيبًا له ذكر في الصحيحين في حديث عمر حيث سمعه يقرأ سورة الفرقان روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث انفرد له مسلم بحديث وهو هذا الحديث روى عنه عروة بن الزبير فيمن يعذب الناس ويروي عنه (م د س) وعروة بن الزبير وجبير بن نفير وقتادة السلمي قال الزهري وكان شاميًا يأمر بالمعروف مع رجال وكان له فضل ومات قبل أبيه وهذا السند من خماسياته (قال) عروة بن الزبير (مرَّ) هشام بن حكيم (بالشام على أُناس) من الأنباط يعذبون (وقد أقيموا في) حرِّ (الشمس وصُبَّ على رؤوسهم الزيت) أي زيت الزيتون (فقال) هشام بن حكيم لأميرهم (ما هذا التعذيب) أي ما سبب هذا التعذيب (قيل) له لم أو من ذكر هذا القائل إنهم (يعذبون في الخراج) أي بسبب إبائهم عن دفع الخراج الذي جعل على أرضهم (فقال) هشام بن حكيم لأميرهم (أما) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبه واستمع ما أقول لك (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يعذب) يوم القيامة (الذين يعذبون) الناس (في الدنيا) قال النووي هذا محمول على التعذيب بغير حق فلا يدخل فيه التعذيب بحق كالقصاص والحدود والتعزير وغير ذلك اهـ قال القرطبي يعني إذا عذبوهم ظالمين إما في أصل التعذيب فيعذبونهم في موضع لا يجوز فيه التعذيب أو بزيادة على المشروع في التعذيب إما في المقدار وإما في الصفة كما بيناه في الحدود اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 403] وأبو داود في الخراج والإمارة باب التشديد في الجباية [3045].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
6500 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: مَرَّ هِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الأَنْبَاطِ بِالشَّامِ. قَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ. فَقَال: مَا شَأْنُهُمْ؟ قَالُوا: حُبِسُوا فِي الْجِزْيَةِ. فَقَال هِشَامٌ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا".
6501 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاويَةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ،
ــ
6500 -
(00)(00)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي أسامة لأبي الأحوص (قال) عروة: (مرَّ هشام بن حكيم بن حزام على أُناس من الأنباط بالشام) هم فلّاحوا العجم والأنباط جمع نبط بفتح النون وسكون الباء وهم قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين سموا بذلك لأنهم ينبطون الماء أي يحفرون عليه حتى يخرج على وجه الأرض يقال نبط الماء ينبط من بابي نصر وضرب إذا نبع وأنبط الحفار الماء إذا بلغ إليه والاستنباط استخراج العلوم ويقال على النبط: نبيط أيضًا، وكانوا إذ ذاك أهل ذمة، ولذلك عذبوا بالشمس وصب الزيت على رؤوسهم لأجل الجزية، وكأنهم امتنعوا من الجزية مع التمكن فعوقبوا لذلك فأما مع تبين عجزهم فلا تحل عقوبتهم بذلك ولا بغيره لأن من عجز عن الجزية سقطت عنه اهـ مفهم (قد أقيموا في الشمس فقال) هشام بن حكيم لمن عندهم (ما شأهم) أي ما شأن هؤلاء الأنباط يعذبون (فقالوا) له (حُبسوا في الجزية) أي بسبب إبائهم من أداء الجزية (فقال هشام) بن حكيم لمن عندهم (أشهد) أي احلف بالله (لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله) سبحانه (يعذب) يوم القيامة (الدين يعذبون الناس في الدنيا) بغير حق.
ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:
6501 -
(00)(00)(حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع وأبو معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير) بن عبد الحميد (كلهم) أي كل من وكيع وأبي معاوية وجرير رووا (عن هشام) بن عروة (بهذا الإسناد) يعني عن عروة عن هشام بن حكيم
وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: قَال: وَأَمِيرُهُمْ يَوْمَئِذٍ عُمَيرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى فِلَسْطِينَ. فَدَخَلَ عَلَيهِ فَحَدَّثَهُ. فَأَمَرَ بِهِمْ فَخُلُّوا.
6502 -
(00)(00) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ؛ أَنَّ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ وَجَدَ رَجُلًا، وَهُوَ عَلَى حِمْصَ، يُشَمِّسُ نَاسًا مِنَ النَّبْطِ فِي أَدَاءِ الْجزْيَةِ. فَقَال: مَا هَذَا؟ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا"
ــ
غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لأبي أسامة وحفص بن غياث (و) لكن (زاد) إسحاق بن إبراهيم (في حديث جرير) لفظة (قال) عروة (وأميرهُم) أي وأمير أهل الشام (يومئذ) أي يوم إذ مر عليهم هشام بن حكيم (عمير) بالتصغير (بن سعد) بن عمر القارئ الأنصاري من بني عمرو بن عوف يكنى أبوه أبا زيد وهو أحدُ من جمع القرآن الذي تقدّم ذكره في حديث أنس الذي قال فيه أنس أبو زيد أحد عمومتي واختلف في اسم أبي زيد هذا فقيل هو سعد كما تقدم وهو الأعرف وقيل سعيد وكان عمر رضي الله عنه ولى عميرًا حمص وكان يقال له نسيج وحده كان عمير واليًا (على فلسطين) وهي بلاد بيت المقدس وما حولها (فدخل) هشام بن حكيم (عليه) أي على عمير بن سعد (فحدثه) أي فحدث هشام هذا الحديث لعمير بن سعد (فأمر) عمير بن سعد (بهم) أي بتخلية هؤلاء الأنباط المعذبين في الشمس (فخلُّوا) أي أُطلقوا وفكّوا من تعذيبهم وهو بالبناء للمجهول ضبطوه بالخاء المعجمة وبالحاء المهملة والمعجمة أشهر وأحسن.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في هذا الحديث فقال:
6502 -
(00)(00)(حدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن هشام بن حكيم وجد رجلًا) هو عمير بن سعد المذكور آنفًا (وهو) أي ذلك الرجل والٍ (على حمص) ولّاه عمر رضي الله عنه عليها وعلى ما حولها وحمص بكسر الحاء وسكون الميم مدينة كبيرة قديمة في الشام (يشمِّس) من التشميس وهو مفعول ثان لوجد أي وجد رجلًا يقيم في الشمس (ناسًا من النبط) أي من فلّاحي العجم تعذيبًا لهم (في أداء الجزية) أي بسبب امتناعهم عن أداء الجزية (فقال) هشام بن حكيم للرجل الوالي (ما هذا) التعذيب لهؤلاء في الشمس خلّوهم فـ (ـإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنَّ الله يعذب) يوم القيامة (الذين يعذّبون الناس في الدنيا)
6503 -
(2589)(157) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا) سُفْيَانُ بنُ عُيَينَةَ، عَنْ عَمْرٍو. سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ بِسِهَامٍ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا"
ــ
بغير حق وقوله هنا وفيما قبله "حُبسوا في الجزية" وفي الرواية السابقة "يُعذّبون في الخراج" لا تعارض بينهما لأن لفظ الخراج قد يطلق على جزية وسيأتي أنه كان بعد فتح المسلمين للشام ولعلّ الأمير إنما أمر بهذا التعذيب اجتهادًا منه على أنه تعزير.
ثم استدل المؤلف على الجزء الخامس من الترجمة وهو أمْر من حمل السلاح في مجامع الناس أن يمسك بنصالها بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال:
6503 -
(2589)(157)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي (سمع جابرًا) بن عبد الله الأنصاريّ المدني رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته (يقول) جابرٌ (مرَّ رجل) من المسلمين لم أر من ذكر اسمه (في المسجد) النبوي (بسهام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بنصالها) أي بحديداتها بيدك لئلَّا تخدش الناس بها والنصال وكذا النصول جمع نصلٍ وهو حديدة السهم اهـ نووي. وفيه اجتناب كل ما يخاف منه ضرر وإنما أمر بإمساكها لئلا يضرّ أحدًا ممن هو في المسجد وفيه كراهة المرور فيما بين العامّة بشيء يحتمل الإضرار وفيه جواز إدخال السِّلاح في المسجد بشرط أن يؤمن الضَّرر اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 308] والبخاري في الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلاح فليس منَّا [7073 و 7074] وفي مواضع أُخر وأبو داود في الجهاد باب في النبل يدخل به المسجد والنسائي في المساجد باب إظهار السلاح في المسجد [8/ 7] وابن ماجه في الأدب باب من كان معه سهام فليأخذ [3822].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث جرير رضي الله عنه فقال:
6504 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو الرَّبِيعِ. (قَال أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا. وَقَال يَحْيَى -وَاللَّفْظُ لَهُ-: أَخْبَرَنَا) حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ بِأَسْهُمٍ فِي الْمَسْجِدِ. قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا. فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا، كَي لَا يَخْدِشَ مُسْلِمًا.
6505 -
(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا، كَانَ يَتَصَدَّقُ بِالنَّبْلِ فِي الْمَسْجِدِ، أَنْ لَا يَمُرَّ بِهَا إلا وَهُوَ آخِذٌ
ــ
6504 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وأبو الرَّبيع) الزهراني سليمان بن داود البصري (قال أبو الربيع حدثنا وقال يحيى واللفظ له أخبرنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري ثقة من (8) روى عنه في (14) بابا (عن عمرو بن دينار عن جابر وعبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته غرضه بيان متابعة حماد بن زيد لسفيان بن عيينة (أن رجلًا) من المسلمين (مرَّ) أي عبر حالة كونه ملتبسًا (بأسهم) جمع سهم (في المسجد) النبوي حالة كونه (قد أبدى) وأظهر (نصولها) جمع نصل وهي الحديدة الصغيرة التي تركب بالسهم وتُرمى وهي المسمومة التي تقتل الحيوان (فأُمر) الرجل بالبناء للمجهول أي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بـ (ـأن يأخذ) ويمسك بيده (بنصولها) أي بأطرافها المحددة (كي لا يخدش) من باب ضرب ولا يجرح بأطرافها (مسلمًا) من المسلمين المجتمعين في المسجد وفي الحديث ما يدّل على صحة القول بالقياس وعلى صحة تعليل الأحكام الشرعية.
ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:
6505 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد (ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من رباعياته غرضه بيان متابعة أبي الزبير لعمرو بن دينار (أنه) صلى الله عليه وسلم (أمر رجلًا كان يتصدَّق بالنبل) أي بالسهم (في المسجد) النبوي بـ (ـأن لا يمرَّ) ولا يعبر (بها) بين القوم (إلا هو) أي والحال أنه (آخذ)
بِنُصُولِهَا، وَقَال ابْنُ رُمْحٍ: كَانَ يَصَّدَّقُ بِالنَّبْلِ.
6506 -
(00)(00) حدَّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ سُوقٍ، وَبِيَدِهِ نَبْلٌ، فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا. ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا. ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا".
قَال: فَقَال أَبُو مُوسَى: وَاللهِ، مَا مُتْنَا حَتَّى سَدَّدْنَاهَا، بَعْضُنَا فِي وُجُوهِ بَعْضٍ
ــ
ممسك بيده (بنصولها) أي بأطرافها كي لا يجرح بها الناس (وقال ابن رمح) في روايته كان) الرجل (يصدِّق بالنبل) بإدغام التاء في الصاد لكونها من حروف الإطباق ودل هذا الحديث على أن هذا الرجل إنما جاء بها في المسجد ليتصدق بها بين من يحتاج إليها فكان غرضه حسنًا وإنما أمر بالإمساك لئلا يتضرر به غيره وهو غافل.
ثم استشهد المؤلف لحديث جابر بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما فقال:
6506 -
(00)(00)(حدثنا هدّاب بن خالد) بن الأسود بن هدبة القيسي البصري ثقة من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا حمّاد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري ثقة من (8)(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري (عن أبي بردة) الكبير عامر بن أبي موسى (عن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مرَّ أحدكم) أيها المسلمون (في مجلس) قوم ومجمعهم (أو) مرَّ في (سوق) مشتملة على أخلاط من الناس (وبيده نبل) أي سهم (فليأخذ) أي فليمسك بيده (بنصالها) أي بحديدة تلك النبال كي لا يخدش ناسًا بها وقوله (ثم ليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها) مرتين توكيد لفظي للأول (قال) أبو بردة بالسند السابق (فقال) لنا (أبو موسى) الأشعري فـ (ـوالله ما متنا) معاشير الصحابة (حتى سدَّدناها) أي حتى سددنا النبال وقومناها وقابل (بعضنا) إيَّاها (في وجوه بعض) منَّا وقصدنا بها قتل إخواننا من السداد وهو القصد والمقاومة بها إلى وجوه بعض منهم.
قال القرطبي يعني ما مات معظم الصحابة رضي الله عنهم حتى وقعت بينهم الفتن
6507 -
(00)(00) حدَّثنا عَبدُ اللهِ بْنُ بَرَّادِ الأَشْعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، (وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ اللهِ)، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا، أَوْ فِي سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ، فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ
ــ
والمحن فرمى بعضهم بعضًا بالسهام وقاتل بعضهم بعضًا ذكر هذا في معرض التأسف على تغير الأحوال وحصول الخلاف لمقاصد الشرع من التعاطف والتواصل على قرب العهد وكمال الجد اهـ من حياة المفهم يعني أن أبا موسى قال ذلك حسرة وتأسفًا على ما وقع بين المسلمين من القتال بعد شهادة عثمان رضي الله عنه فتأسف على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اهتم بدفع الضرر عن كل مسلم حتى لم يأذن في المرور بالنبل فيما بين المسلمين إلا ونصالها مقبوضة ولكنا وقعنا في القتال حتى سدّد بعضنا السهام في وجوه بعض والعياذ بالله من كل شرٍ وفتنة وحديث أبي موسى هذا قولٌ عام لجميع المكلفين بخلاف حديث جابر فإنه واقعة حال لا تستلزم التعميم ودلّ هذا الحديث أيضًا على أن الحكم لا يختص بالمسجد بل هو عام لجميع الأمكنة التي فيها جمع من الناس وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 410] والبخاريُّ في المساجد [452] وفي الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلاح فليس منا [7075] وأبو داود في الجهاد باب النبل يدخل به المسجد [2587] وابن ماجه في الآداب باب من كان معه سهام فليأخذ بنصالها [3823].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:
6507 -
(00)(00)(حدثنا عبد الله بن برّاد) بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى (الأشعري) الكوفي صدوق من (10) روى عنه في (5) أبواب (ومحمد بن العلاء) الهمداني أبو كريب الكوفي (واللفظ لعبد الله) بن برّاد (قالا حدثنا أبو أسامة) حمّاد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن) أبي بردة الصغير (بريد) بن عبد الله بن أبي بردة الكبير (عن) جدِّه (أبي بردة) الكبير عامر بن أبي موسى (عن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة بريد لثابت بن أسلم (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مرَّ أحدكم في مسجدنا أو في سُوقنا ومعه نبل) أي سهم (فليمسك على نصالها) أي على نصال تلك النبل وحديدتها (بكفه) أي بيده وليس الكف طريقًا متعينًا في
أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيءٍ".
أَوْ قَال: "لِيَقْبِضْ عَلَى نِصَالِهَا".
6508 -
(2591)(159) حدّثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَال عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ. سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ. حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ"
ــ
دفع الضرر عن الناس بل المراد الحرص على أن لا يصيب مسلمًا بوجه من الوجوه خشية (أن يصيب أحدًا من المسلمين منها) أي من تلك النبل وهو بيان مقدم لقوله (بشيء) وهو متعلق بيصيب والمعنى خشية أن يصيب أحدًا من المسلمين بشيء منها قال بريد (أو قال) لي (أبو بردة) عندما روى لي هذا الحديث لفظة (ليقبض على نصالها) بدل قوله "فليمسك على نصالها" والشك من بريد.
ثم استدلّ المؤلف على الجزء السادس من الترجمة وهو النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6508 -
(2591)(159)(حدثني عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (و) محمد بن يحيى (ابن أبي عمر) العدني المكي (قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب) السختياني (عن) محمد (بن سيرين سمعت أبا هريرة يقول) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم من أشار إلى أخيه) المسلم أر إلى منْ في حكمه كالذميِّ والمعاهد (بحديدة) لترويعه بغير حق أي حديدة كانت من رمح أو سيف أو سكين أو خنجرة (فإن الملائكة) أي ملائكة الرّحمة أو الحفظة (تلعنه) أي تدعو عليه بالبعد عن الجنة أول الأمر لأنه خوف مسلمًا بإشارته وهو حرام لقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا أو ذميًا اهـ مبارق وقال النووي فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه اهـ. وقوله (حتى) كذا صحت الرواية بالاقتصار على حتَّى ولم يذكر المجرور بها استغناء عنه لدلالة الكلام عليه تقديره حتى يترك أو يدع وما أشبهه أي فإن الملائكة تلعنه حتى يدع ويترك ذلك الذي فعله من تخويف أخيه المسلم بالإشارة إليه بحديدة (وإن كان) المشير (أخاه) أي أخا المشار إليه (لأبيه) أي لأبي المشار إليه (وأمه) أي وإن كان المشير بحديدة أخًا
6509 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
6510 -
(2592)(160) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَال
ــ
شقيقًا للمشار إليه يعني وإن كان هازلًا ولم يقصد ضربه غيًا بالأخ الشقيق لأن الأخ الشقيق لا يقصد قتل أخيه غالبًا اهـ من المبارق قال القرطبي يعني أن ذلك محرّم وإن وقع من أشفق الناس عليه وأقربهم رحمًا وهو يشعر بمنع الهزل بذلك ثم قال ولعن النبي صلى الله عليه وسلم للمشير بالسلاح دليل على تحريم ذلك مطلقًا جدًّا كان أو هزلًا ولا يخفى وجه لعن من تعمد ذلك لأنه يريد قتل المسلم أو جرحه وكلاهما كبيرة وأما إن كان هزلًا فلأنه ترويع مسلم ولا يحل ترويعه ولأنه ذريعة إلى القتل والجرح المحرَّمين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 256] والبخاري في الفتن [7072] والترمذي في الفتن [2163] وابن ماجه في الحدود [6204].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
6509 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي ثقة متقن من (9) روى عنه في (19) بابا (عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان المزني أبي عون البصري ثقة ثبت من (6) من أقران أيوب روى عنه في (11) بابا (عن محمد) بن سيرين (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بيان متابعة ابن عون لأيوب السختياني وساق ابن عون (بمثله) أي بمثل حديث أيوب.
ثم استشهد المؤلف لهذا الحديث بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6510 -
(2592)(160)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري ثقة من (11) روى عنه في (11) بابا (حدَّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد (عن همّام بن منبه) بن كامل الصنعاني (قال) همام (هذا) الذي أمليه عليكم من صحيفتي (ما حدَّثنا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) همام (أحاديث) كثيرة (منها) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (و) منها (قال
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُشِيرُ أَحَدُكمُ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ. فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ. فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ"
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشيرُ) هكذا هو في جميع النسخ لا يشير بالياء بعد الشين على صيغة الخبر وهو صحيح فيكون نهيًا بلفظ الخبر كقوله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} وهو أبلغ من لفظ النهي اهـ نووي أي لا يشير (أحدكم إلى أخيه) المسلم ومن في حكمه (بالسلاح) ليروعه (فإنه) أي فإن الشأن والحال (لا يدري أحدكم لعلّ الشيطان ينزع) أي يرمي (في يده) ويحقق ضربته ورميته (فيقع) أحدكم (في حفرة من النار) بسبب قتل أخيه.
قوله "لعل الشيطان ينزع في يده" كذا ورد في روايات مسلم بالعين المهملة ومعناه إن الشيطان ينزع ويرمي في يده ويحقق ضربته وإن كان المشير لا يقصد ذلك وفي رواية البخاري "ينزغ" بالغين المعجمة ونزغُ الشيطان حمله وإغراؤه على الفساد يعني أن الشيطان ربما يوقع بينهما العداوة والفساد من أجل هذه الإشارة قوله "فيقع في حفرة من النار" هو كناية عن وقوعه في المعصية التي تفضي به إلى دخول النار وقال القاضي معنى ينزع بالعين المهملة أي يرمى في يده أي يدفع في يده ويحقق ضربته ومعنى ينزغ بالغين المعجمة الإغراء وحمله على تحقيق الضرب وتزيينه له لا سيّما عندما يحدث من غضب وتغير حال والهزل قد يفضي إلى جد اهـ قال الأبي التعليل بنزع الشيطان في يده يقتضي منع الإشارة حتى للتعليم لكن حديث عائشة في لعب الحبشة بالحراب في المسجد يخصّصُ ذلك وانظر لو أشار بالحديدة فمات المشار إليه خوفًا فكان الشيخ يقول إن قصد قتله قتل به والله أعلم اهـ منه.
قال القرطبي وقد نصَّ في هذه الرواية على صحة مراعاة الذريعة حيث قال "فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار" اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 317] والبخاري [7072].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث عشرة الأول حديث ابن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والثاني حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين والثالث حديث سليمان بن صُرد ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين والرابع حديث أنس ذكره للاستدلال به على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والخامس حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه خمس متابعات والسادس حديث هشام بن حكيم ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والسابع حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة وذكر فيه متابعتين والثامن حديث أبي موسى الأشعري ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والتاسع حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء السادس من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والعاشر حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد والله أعلم.
***