الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
الطبعة الأولى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعاملين، وعلى آله، وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
وبعد فإن المجتمع في الإسلام موضوع يمكن بحثه باستمرار، للتذكير بالأسس التي بني عليها، والثوابت التي تشده.
ولحل القضايا التي تحدث فيه، لا سيما والعالم يشهد تغيرات متوالية، تحمل أفكارا متعددة الاتجاهات، يعمل أصحابها على نشرها خارج أقطارهم، بوسائل الإعلام المتطورة التي تدخلها البيوت، مما يجعل تأثيرها على الأسر سريعًا وخطيرًا، لذلك كان من تمام بحث موضوع المجتمع بحث الأسرة لما بينهما من تلازم.
وليظل المجتمع متماسكا، ودور الأسرة إيجابيًا يجب التصدي للتيارات الزاحفة عليهما، لحمايتهما من التفكك والذوبان، ويحصل ذلك باعتماد الإسلام عقيدة ومنهج حياة حتى لا يقع انحراف، ولا تيه، ولا ضعف إيمان، ويعتصم الجميع بالإسلام.
ولهذا القصد ألفت كتابي هذا بعنوان المجتمع والأسرة في الإسلام وقسمته إلى قسمين، الأول: المجتمع، والثاني: الأسرة.
تناولت في القسم الأول: تعريف المجتمع المسلم، وتكوينه، وبيان أسسه، ومنهج بنائه، ومصادر وأصول التربية التي يقام عليها هذا البناء، ووسائل تقوية الروابط الاجتماعية، ومعالجة بعض مشاكل هذا المجتمع، وعرض خصائصه.
ففي نشأة المجتمع أوجزت الحديث عن مسألتين: الأولى تهيئة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بمكة لتأسيس مجتمع المدينة، الثانية: بيان الأسس التي أقامه عليها.
وأشرت بعد ذلك إلى مصادر التربية في الإسلام، ووضحت أصولها التالية:
عقيدة التوحيد، عباد الله تعالى، الالتزام بأخلاق الإسلام، تطبيق أحكامه، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، طلب العلم، ضرروة العمل.
وهي أصول جامعة لمضمون الإسلام، وشاملة لحاجات الإنسان الروحية، والحياتية، الفردية، والاجتماعية.
وتقي المسلم من كل الشبهات التي تستهدفه.
وبما أن التربية تقتضي اللين، والتسامح، والترغيب، والتحذير، والعقاب لمن لم يُجْد معه إلا هذا الأسلوب، فقد تعرضت إلى دفع الشبهة الموجهة إلى احكام العقوبات في الإسلام، فبينت الحكمة من تشريعها، والتحري في تنفيذها، وأنها وسيلة، وليست غاية.
ثم عرضت وسائل تقوية الروابط الاجتماعية من العبادات كصلاة الجماعة، والجمعة، والعيدين، ومن الآداب كالسلام، والزيارة، ومن الحقوق كحقوق الجوار، وتحمل العاقلة للدية.
ونظراً إلى ما في الطبائع البشرية من ميل إلى الخطأ، وإلى ما في المجتمع من المزالق، فقد نبهت إلى أخطار بعض المشاكل الاجتماعية، وإلى طرق الوقاية منها، وعلاجها.
وختمت هذا القسم بإشارة وجيزة إلى خصائص المجتمع المسلم، لأني رأيت أن إطالتها تُعَدُّ كالتكرار لما سبق.
وتعرضت في القسم الثاني من هذا الكتاب، وهو الأسرة إلى بيان أهميتها.
وبما أن منطلق الأسرة وجوهرها هو الزواج، فقد حاولت الإلمام بمسائلة، وأحكامه، فذكرت الترغيب فيه، وحكمه، وغاياته، ونوّعتها بما.
يحقق مصالح الناس، وركزت في أسسه على اختيار الزوجين وفق الالتزام بالإسلام، وأخلاقه، والصفات التي تحقق الانسجام، وأوجزت أحكام الخطبة لأنها المناسبة التي يتم فيها التعارف.
وبينت بتفصيل شروط الزواج، فأكدت على رضا الزوجين، وأوردت الأحاديث الصريحة المتضمنة رضا الزوجة، والقاضي بعضها بفسخ زواج المكرهة.
ووضحت دور الولاية في إتمام عقد الزواج، وعرضت أحكام المهر داعيا إلى تيسيره.
وسردت أصناف النسوة المحرمات لبيان موانع الزواج الؤبدة والمؤقتة، لئلا يقع زواج غير صحيح.
وبعد أن اتممت الحديث عن تكوين الأسرة وتحدثت عن دعائهما متمثلة في حقوق الزوجين، وركزت على الحقوق المشتركة بينهما لإسهام الطرفين فيها، ، ولأنها إذا توفرت شملت معظم الحقوق الأخرى، ومع هذا فلم أغفل عن حقوق الزوج، وحقوق الزوجة.
وبما أن كثيرًا من الأسر لا تقتصر على الزوجين، وتشمل الأبوين، والأبناء، وربما أخوة الزوج في بعض الأحوال، وضحت حقوق الأبوين، والأبناء، والأقارب، مؤكداً على الترابط العائلي لتحقيق الترابط الاجتماعي.
وتعرضت في الأخير إلى المشكلات العائلية التي قد تنشأ عن الزواج كالطلاق، والخلع، والظهار، والإيلاء، واللعان، فعرفت بها، وبأحكامها ليطلع عليها القارئ، ويتجنب أسبابها، ويكون على علم بحلولها إن وقعت له.
واجتهدت في تقديم هذه المعلومات بأسلوب ميسر مختصر لتكون في مستوى طالبيها. واستمددتها من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، مستعيناً بالتفاسير، وشروح الأحاديث وآراء أهل السنة معرضًا عن التفصيلات الجزئية، مكتفياً بأصل المسألة وأشهر الآراء فيها.
وشجعني على اختيار هذا الموضوع تدريسي معظمه لطلاب جامعة الملك سعود بالرياض بالمملكة العربية السعودية في عدد من كلياتها كالعلوم الإدارية، والآداب، العلوم، والتربية، والطب، والهندسة، والزراعة في مقرر الإسلام وبناء المجتمع.
وقد لقيت أثناء التدريس تجاوباً مع الطلاب على مختلف اختصاصاتهم لارتباط المقرر بالواقع، ومعالجته قضايا المجتمع والأسرة بالاعتماد على الشريعة الإسلامية.
والله تعالى أرجو أن أكون وفقت فيما قدمت، وأن ينتفع به أكبر عدد ممكن من طلاب العلم، وأن أنال به الثواب الأوفى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
الرياض- المملكة العربية السعودية
ربيع الثاني 1417/ ديسمبر 1996
أ. د محمد طاهر الجوابي
مقدمة الطبعة الثالثة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فإني لست في حاجة في هذه الطبعة الثالثة لكتاب المجتمع والأسرة في الإسلام إلى التعريف بموضوعه، وأسباب تأليفه، وأهدافه، فقد ذكرت ذلك في مقدمة الطبعة الأولى، وإنما أشير فقط إلى أن الرغبة الملحة من أهل العلم في شراء الكتاب والانتفاع به جعلت الطبعتين السابقتين تنفدان من المكتبات، مما شجعني على إعادة طبعه للمرة الثالثة ليكون في متناول من يطلبه.
وتم في هذه الطبعة مراجعته بالإصلاح، والتنقيح، والإضافة.
تناول الإصلاح معالجة الأخطاء التي حصلت سابقا بتصويب ما اختل من الكلمات والجمل، وإكمال ما نقص منها، وإرجاع ما حذف، وسوى ذلك.
وتمثل التنقيح في حذف بعض الجمل والتفريعات الجزئية لبعض المسائل التي يمكن الاستغناء عنها.
وأكثر ما كانت الزيادة في التوضيح المتمثل في شرح الألفاظ والتراكيب، وإضافة ألفاظ وعبارات إلى العناوين لتأكيد ربطها بما سبقها ولتوضيحها أكثر.
وحتى لا تكثر مباحث الكتاب اكتفيت بإضافة مبحث واحد لم يكن في السابق.
والمراجعة التي حصلت تعلقت بالشكل والتوضيح، ولم تغير الموضوع. فما هي إلا إصلاح محدود وتوضيح قليل.
وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليمًا.
الزهراء - الجمهورية التونسية
رببع الثاني 1420/ أوت 1999
أ. د محمد طاهر الجوابي