المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأصل الأول من الأصول التي ترتكز عليها عقيدة المسلم: عقيدة التوحيد وصلتها بالسلوك الإنساني - المجتمع والأسرة في الإسلام

[محمد طاهر الجوابي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول:‌‌ المجتمعالمسلم

- ‌ المجتمع

- ‌منهج بناء المجتمع المسلم

- ‌الأصل الأول من الأصول التي ترتكز عليها عقيدة المسلم: عقيدة التوحيد وصلتها بالسلوك الإنساني

- ‌الأصل الثاني: العبادة وأثرها في الفرد والمجتمع

- ‌الأصل الثالث: تنظيم المعاملات حسب أحكام الشريعة الإسلامية

- ‌الأصل الرابع: الأخلاق الإسلامية وأثرها في العلاقات الاجتماعية

- ‌الأصل الخامس: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ودوره التربوي

- ‌الأصل السادس: طلب العلم ودوره في وعي المجتمع

- ‌الأصل السابع: ضرورة العمل وقيمته

- ‌الأصل الثامن: الدعوى إلى الاعتزاز بالإسلام

- ‌وسائل تقوية الروابط الاجتماعية

- ‌معاجلة بعض المشكلات الاجتماعية

- ‌خصائص المجتمع المسلم

- ‌القسم الثاني:‌‌ الأسرةفي الإسلام

- ‌ الأسرة

- ‌الزواج:

- ‌أسس الزواج

- ‌عقد الزواج

- ‌المهر

- ‌الولاية في الزواج

- ‌الشهادة

- ‌النسوة المحرمات

- ‌تعدد الزوجات

- ‌دعائم الأسرة

- ‌المشكلات العائلية الناشئة عن الزواج وحلولها - المشكلة الأولى: الطلاق

- ‌المشكلة الثانية: الخلع

- ‌المشكلة الثالثة: الظهار

- ‌المشكلة الرابعة: الإيلاء

- ‌المشكلة الخامسة: اللعان

- ‌الخاتمة

- ‌فهارس

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌التعريف بالمؤلف

الفصل: ‌الأصل الأول من الأصول التي ترتكز عليها عقيدة المسلم: عقيدة التوحيد وصلتها بالسلوك الإنساني

‌الأصل الأول من الأصول التي ترتكز عليها عقيدة المسلم: عقيدة التوحيد وصلتها بالسلوك الإنساني

الأصل الأول: عقيدة التوحيد وصلتها بالسلوك الإنساني

- تعريف العقيدة:

العقيدة، لغة عقد الخيط: شد ربطه.

واصطلاحًا:

العقيدة الإسلامية هي الجزم بوجود الله تعالى، وتوحيده، ووصفه بما وصف به نفسه من الصفات من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، وتنزيهه عن المشابهة والنقص. وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم، والإيمان بما أخبر به من المغيبات.

- عناصرها:

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، رسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"1.

فالعناصر هي ما ذكرت في هذا الحديث.

- دليلها:

وردت عدة آيات وأحاديث متضمنة عنصرًا من عناصر العقيدة أو أكثر وحاثة على الإيمان بما تضمنته، ففي قوله تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} 2.

1 صحيح مسلم 1، والإيمان 1، باب الإيمان والإسلام حديث 1 ج1:29.

2 البقرة 163.

ص: 25

وصفت هذه الآية الله تعالى بالوحدانية والرحمة.

ووصفته آيتا {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 1. بالربوبية والرحمة.

وعن معاذ بن جبل، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ " قال: الله ورسوله أعلم. قال: "أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئا، أتدري ما حقهم عليه؟ " قال الله ورسوله أعلم، قال:"أن لا يعذبهم".

وفي رواية مسلم: "حق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا

" 2 ففي هذا الحديث وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الله تعالى بالوحدانية وبالمعبود وحده، وبأنه لا يعذب من وحده وخصه بالعبادة.

- توضيح هذه العناصر:

إن هذه العناصر واضحة لا تتطلب زيادة بيان، وسأوضح قليلا الإيمان بالقدر.

- الإيمان بالقدر:

القدر هو علم الله تعالى في الأزل بمصير كل مخلوق، وباختياره، وبكل ما وقع، ويقع في العالم.

والقضاء: حكمه تعالى في خلقه على النحو الذي سوف يقع لهم، أو عليهم في الحياة. والمسلم يعتقد أن ما وقع له من خير، أو شر، هو بعلم الله تعالى، ويتحمل مسؤولية أعماله، لأنه محاسب على اختياره.

والإيمان بالقضاء والقدر عامل من عوامل راحته، لعلمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

1 سورة الفاتحة 2-3.

2 صحيح مسلم 1، الإيمان 10، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا. حديث 49 ج 1:43.وصحيح البخاري 97، التوحيد 1، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى ج4: 273 واللفظ له.

ص: 26

قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَاّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} 1.

ويجب أن لا يدفعه إيمانه بالقدر إلى الاستسلام، بل عليه أن يتوكل على الله تعالى، ويطلب توفيقه، ويأخذ بالأسباب.

الأثر الفكري لعقيدة التوحيد

يظهر أثرها الفكري في المسلم فيما يلي:

1 حثه على التفكير:

تمثل هذا الحث فيما يلي:

أدعوة القرآن الإنسان إلى النظر في الكون، وما فيه من أرض وبحار، وفضاء، وسماء، وكواكب للتمعن في آياته تعالى الدالة على وجوده، وعظمته.

قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} 2.

ب دعوته إلى النظر في نشأة الطعام.

قال تعالى: {فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً} {ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً} {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً} {وَعِنَباً وَقَضْباً} {وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً} {وَحَدَائِقَ غُلْباً} {وَفَاكِهَةً وَأَبّاً} {مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} 3.

ج دعوته إلى النظر في الإنسان ذاته.

قال: {فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ} 4.

1 سورة التوبة: 51.

2 سورة الغاشية: 17- 20.

3 سورة عبس: 24- 32.

4 سورة الطارق: 5.

ص: 27

2 تخصيص المسلم الله تعالى بوحده بالألوهية والربوبية، وتحرره من تأليه من سواه وما سواه بشرًا كان، أو حيوانًا، أو كوكبًا، أو جمادًا، أو غير ذلك.

3 ارتباطه الروحي بالله تعالى، فيكون على صلة به حين يعبده، وحين يقوم بأي عمل، أو حركة، وفي أي وقت وعلى أي حال.

الأثر النفسي

1 تخلص المسلم من الفزع، والحيرة، والقلق، والهواجس، وشعوره براحة البال، والاطمئنان.

قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} 1.

2 بعده عن اليأس، وفتح أبواب الرجاء والأمل أمامه.

قال تعالى: {يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} 2.

3 إحساسه بالكرامة وعزة النفس في غير تهور.

قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} 3.

وقال: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} 4.

1 سورة الرعد: 28.

2 سورة يوسف: 87.

3 سورة الإسراء: 70.

4 سورة المنافقون: 8.

ص: 28

4 تحرره من اتباع الهوى والشهوات.

قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} 1.

الأثر الخلقي

1 تطهير قلب المسلم من الحس، والحقد، والبغض، والكبرياء، والظلم.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا. ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام"2.

2 امتلاء القلب بحب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحب الوالدين، والأبناء والزوجة، والأخوة، والمسلمين.

قال تعالى: {قلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 3.

عن أنس بن مالك قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"4.

وارتباط الإيمان بالأخلاق غايته التكامل بين العقيدة والسلوك.

1 سورة الكهف: 28.

2 صحيح البخاري 78، الأدب 57، باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر ج60:4 واللفظ له.

صحيح مسلم 45، والبر والصلة والآداب 9، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس حديث 24ج 8:10.

3 آل عمران: 31.

4 صحيح البخاري 2، الإيمان 8، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان ج1: 12 واللفظ له.

صحيح مسلم 1، والإيمان 16، باب وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، حديث 69ج1:49.

ص: 29

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان"1.

وتعدد شعب الإيمان علامة على الإرتباط الواسع بينه وبين السلوك، ومن عرف أن أعماله تؤثر في إيمانه زيادة ونقصا أكثر من طاعة الله، واجتنب معاصيه.

الأثر الاجتماعي

يتمثل هذا الأثر في اتساع العلاقات الاجتماعية ومتانتها ورسوخها، إذ أن المؤمن يدعم هذه العلاقات من خلال حبه لغيره، واحترامهم، واخلاصه في التعاون معهم، وعمله لأجل الصالح العام.

عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه"2.

1 صحيح البخاري 2، الإيمان 3، باب أمور الأيمان ج1:11.

صحيح مسلم 1، الإيمان 12، باب شعب الإيمان، حديث 57 ج1: 46 واللفظ له.

2 صحيح البخاري 46، المظالم 5، باب نصر المظلوم ج2:670.

صحيح مسلم 45، كتاب البر والصلة والآداب 17، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، حديث 65 ج8:20.

ص: 30