المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الجماعة - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب المياه

- ‌باب الآنية

- ‌باب الاستنجاء

- ‌باب السواك وسنن الوضوء

- ‌باب فروض الوضوء وصفته

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب في الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الحبوب والثمار

- ‌باب زكاة النقدين

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب أهل الزكاة

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

- ‌باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء

- ‌باب صوم التطوع

- ‌باب الاعتكاف وأحكام المساجد

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإحرام

- ‌باب محظورات الإحرام

- ‌باب الفدية

- ‌باب دخول مكة

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌الصلاة في المسجد النبوي والسلام على الرسول والوقوف للدعاء

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الأضحية

- ‌العقيقة

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الأمان والهدنة

الفصل: ‌باب صلاة الجماعة

‌باب صلاة الجماعة

الإمامة

مسألة: وإذا كان الرجلان من أهل الديانة فأيهما كان أعلم بالكتاب والسنة وجب تقديمه على الآخر، وكان ائتمامه به متعينا (1) .

ومن لا سبب له إلا قراءة سيرة عنترة والبطال ونحوهما لا يجوز أن يرتب إماما يصلي بالمسلمين فإنه يحدث دائما بالأكاذيب ويأكل الجعل عليها، وكلاهما محرم، فإن عنترة والبطال، - وإن كانا موجودين - لكن كذب عليهما ما لا يحصيه إلا الله (2) .

فصل

من شرب الخمر يوما ثم لم يشربها إلى شهر ونيته إذا قدر عليها شربها فهو مصر ليس بتائب وكذلك جميع الذنوب.

ومن اعتاد شربها كما يعتاد أمثالها من الشراب فهو مدمن عليها، فاعتياد الخمر كاعتياد اللحم من الناس من يأكله كل يوم، ومنهم من يأكله كل أسبوع، أو يومين أو أكثر أو أقل.

ولا يجوز أن يولى المصر ولا المدمن إمامة صلاة؛ لكن لو ولي صلي خلفه عند الحاجة، كالجمعة والجماعة التي لا يقوم بها غيره، وإن أمكن الصلاة خلف البر فهو أولى (3) .

(1) مختصر الفتاوى (82) ف (2/ 78) .

(2)

مختصر الفتاوى (65، 66) ف (2/ 79) .

(3)

مختصر الفتاوى (56) ف (2/ 79) .

ص: 115

ويصح ائتمام المسلمين بعضهم ببعض مع اختلافهم في الفروع بإجماع السلف وأصح قول الخلف، فإن صلاة الإمام جائزة إجماعا، لأنه صلى باجتهاده فهو مأجور فاعل الواجب عليه الذي يكفي، وهو من المصلين.

ومن قال: إن صلاته لا تسقط الفرض فقد خالف الإجماع يستتاب بخلاف من صلى بلا وضوء مع علمه، فهذا صلاته فاسدة فلا يأتم به من علم حاله، ولم يزل التابعون رضي الله عنهم أجمعين يؤم بعضهم بعضا مع أنهم مختلفون في الفروع.

وسر المسألة: أن ما تركه المجتهد من البسملة وغيرها إن لم يكن واجبا في نفس الأمر فلا كلام، إن كان واجبا فقد يسقط عنه باجتهاده، وقد قال الله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [286/2] فقال الله: قد فعلت (1) .

ولو ترك الإمام ركنا يعتقده المأموم ولا يعتقده الإمام صحت صلاته خلفه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ومذهب مالك واختيار المقدسي.

وقال في موضع آخر: إن الروايات المنقولة عن أحمد لا تجب اختلافا وإنما ظواهرها أن كل موضع يقطع فيها بخطأ المخالف تجب فيه الإعادة، وما لا يقطع فيه بخطأ المخالف لا تجب فيه الإعادة، وهو الذي تدل عليه السنة والآثار وقياس الأصول، وفي المسألة خلاف مشهور بين العلماء.

وعبارة تصحيح الفروع (2/ 26) ولو فعل الإمام ما هو محرم عند المأموم دونه مما يسوغ فيه الاجتهاد صحت صلاته خلفه وهو

(1) مختصر الفتاوى (55) ف (2/ 80) .

ص: 116

المشهور عن أحمد، وقال في موضع آخر إلى آخر ما تقدم (1) .

وإذا فعل الإمام ما يسوغ فيه الاجتهاد يتبعه المأموم فيه وإن كان هو لا يراه مثل القنوت في الفجر، ووصل الوتر، وإذا ائتم من يرى القنوت بمن لا يراه تبعه في تركه (2) .

وإذا قال الرجل: لا أصلي إلا خلف من يكون من أهل مذهبي، فهو كلام محرم قائله يستحق العقوبة فإنه ليس من أئمة المسلمين من قال: لا تشرع صلاة المسلم إلا خلف من يوافقه في مذهبه المعين (3) .

ومن قال: لا تجوز الصلاة خلف من لا تعرف عقيدته وما هو عليه فهو قول لم يقله أحد من المسلمين، فإن أهل الحديث السنة كالشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم متفقون على أن صلاة الجمعة تصلى خلف البر والفاجر، حتى إن أهل البدع كالجهمية الذين يقولون بخلق القرآن وأن الله لا يرى في الآخرة، ومع أن أحمد ابتلي بهم، - وهو أشهر الأئمة بالإمامة في السنة - ومع هذا فلم تختلف نصوصه أنه تصلى الجمعة خلف الجهمي والقدري والرافضي، وليس لأحد أن يدع الجمعة لبدعة في الإمام، لكن تنازعوا: هل تعاد؟ على قولين هما روايتان عن أحمد: قيل: تعاد خلف الفاسق، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة لا تعاد (4) .

ومن قال: إن الإمام إن سبح أكثر من ثلاث بغير رضا المأمومين بطلت صلاته فهو قول باطل محدث لم يقله أحد من الأئمة (5) .

(1) الاختيارات (70) وتصحيح الفروع (2/ 26) ف (2/ 80) .

(2)

اختيارات (70) ف (2/ 81) .

(3)

مختصر الفتاوى (60) ف (2/ 80) .

(4)

مختصر الفتاوى (63) ف (2/ 80) .

(5)

مختصر الفتاوى (53) ف (2/ 80) .

ص: 117

ولا إمامة من به حدث مستمر (و) وفيه بمثله وجهان ولا - على الأصح - (ش) إمامة عاجز عن ركن أو شرط، واختار شيخنا الصحة قاله في إمام عليه نجاسة يعجز عنها (1) .

واللحن الذي يحيل المعنى: إن أحاله إلى ما هو من جنس معنى من معاني القرآن خطأ فهذا لا يبطل صلاته، كما لو غلط في القرآن في موضع الاشتباه فخلط سورة بغيرها، وأما إن أحاله إلى ما يخالف معنى القرآن كقوله:(أنعمت) بالضم فهذا بمنزلة كلام الآدميين وهو في مثل هذه الحال كلام محرم في الصلاة؛ لكنه لو تكلم به في الصلاة جاهلا بتحريمه ففي بطلان صلاته نزاع في مذهب أحمد وغيره كالناسي، الصحيح أنه لا يبطل صلاته.

والجاهل بمعنى أنعمت عذره أقوى من عذر الناسي والجاهل، فإنه يعلم أنه كلام الآدميين لكن لا يعلم أنه محظور.

وعلى هذا فلو كان مثل هذا اللحن في نفل القراءة لم تبطل، وأما إذا كان في الفاتحة التي هي فرض فيقال: هب أنها لا تبطل من جهة كونه متكلما، لكنه لم يأت بفرض القراءة، فيكون قد ترك ركنا في الصلاة جاهلا، ولو تركه ناسيا لم تصح صلاته فكذلك إن تركه جاهلا؛ لكن هذا لم يترك أصل الركن وإنما ترك صفة فيه وأتى بغيرها، ظانا أنها هي، فهو بمنزلة من سجد إلى غير القبلة.

ولو ترك بعض الفروض غير عالم بفرضه، ففي هذا الأصل قولان، في مذهب أحمد وغيره.

وأصل ذلك خطاب الشارع: هل يثبت قبل البلوغ والعلم به،

(1) فروع (2/ 21) ف (2/ 80) لفظ الاختيارات (70) وتصح إمامة من عليه نجاسة يعجز عن إزالتها بمن ليس عليه نجاسة.

ص: 118

أم لا؟ على ثلاثة أقوال: أصحها أنه يعذر فلا تجب الإعادة على هذا الجاهل، ومثله ما لو لم تعلم المرأة أنه يجب ستر رأسها وجسدها لم تعد، ولهذا إذا تغير اجتهاد الحاكم لم ينقض ما حكم فيه، وكذلك المفتي إذا تغير اجتهاده.

وأما إن تعمد اللحن عالما بمعناه بطلت صلاته من جهة أنه لم يقرأ الفاتحة، ومن جهة أنه تكلم بكلام الآدميين بل لو عرف معناه وخاطب به الله كفر، وإن تعمده ولم يعلم معناه لم يكفر، وإن لم يتعمد لكن ظن أنه حق ففي صحة صلاته نزاع، كما ذكرناه.

وكذلك لو علم أنه لحن لكن اعتقد أنه لا يحيل المعنى حتى لو كان إماما ففي صحة صلاة من خلفه نزاع، هما روايتان عن أحمد.

وفي إمامة المتننفل بالمفترض ثلاثة أقوال: يجوز، ولا يجوز ويجوز عند الحاجة نحو أن يكون المأمومين أميين.

أما لو صلى من يلحن بمثله فيجوز إذا كانوا عاجزين عن إصلاحه هذا في الفاتحة، أما في غير الفاتحة فإن تعمده بطلت صلاته.

والذي يحيل المعنى مثل (أنعمتُ) و (إياك) بالضم والكسر، والذي لا يحيله مثل فك الإدغام في موضعه، أو قطع همز الوصل، ومثل الرحمن الرحيم ومالك يوم الدين.

وأما إن قال: (الحمدَ) أو (ربَّ) أو (نستعين) أو (أنعَمَتَ) فهذا تصح صلاته لكل أحد فإنها قراءة وليست لحنا (1) .

ومن يبدل الراء غينا والكاف همزة: لا يؤم إلا مثله، أما من يشوب الراء بغين يخرجها من فوق مخرجها بقليل فتصح إمامته للقارئ.

(1) مختصر الفتاوى (53-55) هذه مستوفاة أكثر من الموجود في المجموع (2/ 81) .

ص: 119

وغيره، وهذا كله مع العجز (1) .

ولا يجوز للعامي أن يقدم على فعل لا يعلم جوازه ويفسق به إن كان مما يفسق به ذكره القاضي (2) .

ويلزم الإمام مراعاة المأموم إن تضرر بالصلاة أول الوقت أو آخره.

وليس له أن يزيد على القدر المشروع وينبغي أن يفعل غالبا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ويزيد وينقص للمصلحة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد وينقص أحيانا (3) .

وليس للإمام تأخير الصلاة عن الوقت المستحب وبعد حضور أكثر الجماعة منتظرا لأحد؛ بل ينهى عن ذلك إذا شق ويجب عليه رعاية المأمومين (4) .

وإن كان بين الإمام والمأمومين معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء أو المذاهب لم ينبغ أن يؤمهم لأن المقصود بالصلاة جماعة الائتلاف ولهذا قال النبي: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» فإن أمهم فقد أتى بواجب ومحرم يقام به الصلاة فلم تقبل؛ إذ الصلاة المقبولة ما يثاب عليها (5) .

وتجوز الصلاة خلف ولد الزنا باتفاقهم، لكن تنازعوا في كراهتها فكرهه مالك وأبو حنيفة، وغير ولد الزنا أولى (6) .

وتجوز صلاة الفجر خلف الظهر في إحدى الروايتين عن أحمد (7) .

(1) مختصر الفتاوى (64) فيها زيادات عما في المجموع (2/ 81) .

(2)

اختيارات (71) ف (2/ 80) .

(3)

الاختيارات (69) ف (2/ 81) .

(4)

مختصر الفتاوى (82) ف (2/ 81) .

(5)

اختيارات (70) ف (2/ 81) .

(6)

مختصر الفتاوى (64) ف (2/ 81) .

(7)

مختصر الفتاوى (64) ف (2/ 81) .

ص: 120

مسألة: ولو قام رجل يقضي ما فاته فائتم به رجل آخر جاز في أصح قولي العلماء إذا نويا (1) .

موقف الإمام والمأمومين

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية الصفوف ورصها وسد الفرج، وتكميل الأول فالأول، وأن يتوسط الإمام وتقاربها -يعني: الصفوف- خمس سنن (2) .

وتجوز الصلاة قدام الإمام لعذر من زحمة ونحوها في أعدل الأقوال، وكذا المأموم إذا لم يجد من يقوم معه صلى وحده ولم يدع الجماعة ولم يجذب أحدا يصلي معه، كالمرأة إذا لم تجد من يصافها فيها تصف وحدها بالاتفاق، وهو مأمور بالمصافة مع الإمكان لا مع العجز (3) .

وتصح صلاة الفذ لعذر وفاقا للحنفية، وإذا لم يجد إلا موقفا خلف الصف فالأفضل أن يقف وحده ولا يجذب من يصافه لما في الجذب من التصرف في المجذوب، فإن كان المجذوب يطيعه قائما أفضل له، وللمجذوب الاصطفاف مع بقاء فرجه أو وقوف المتأخر وحده، وكذلك لو حضر اثنان وفي الصف فرجة فأيهما أفضل، وقوفهما جميعا، أو سد أحدهما الفرجة وينفرد الآخر؟ رجح أبو العباس الاصطفاف مع بقاء الفرجة، لأن سد الفرجة مستحب والاصطفاف واجب (4) .

(1) مختصر الفتاوى (59) ف (2/ 81) .

(2)

مختصر الفتاوى (74) ف (2/ 81) .

(3)

مختصر الفتاوى (66) فيها زيادة تفصيل عما في المجموع ف (2/ 81) .

(4)

اختيارات (71) ف (2/ 81) .

ص: 121

والمرأة إذا كان معها امرأة أخرى تصافها كان من حقها أن تقف معها، وكان حكمها إن لم تقف معها حكم المنفرد عن صف الرجال، وهو أحد القولين في مذهب أحمد (1) .

قال ابن القيم رحمه الله: وقال في رواية المروذي: إذا جاء ولا يمكنه الدخول في الصف هل يمد رجلا يصلي معه؟ قال: لا؛ ولكن يزاحم الصف ويدخل.

قال أبو حفص: وقد ذكرنا عن أحمد جواز جر الرجل في رواية المروذي فإن صح النقل كان في المسألة روايتان، روي عن أبي أيوب قال: تحريك الرجل من الصف ظلم، قلت: وفي المدونة قال مالك: هو خطأ منهما.

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ينكره أيضا: ويقول: يصلي خلف الصف فذًا ولا يجذب غيره، قال: وتصح صلاته في هذه الحالة فذًا لأن غاية المصافة أن تكون واجبة فتسقط بالعذر (2) .

وتصح صلاة الجمعة ونحوها قدام الإمام لعذر، وهو قول في مذهب أحمد، ومن تأخر بلا عذر فلما أذن جاء فصلى قدام الإمام عزر (3) .

وحيث صحت الصلاة عن يسار الإمام كرهت إلا لعذر (4) .

ومن آخر الدخول في الصلاة مع إمكانه حتى قضى الإمام القيام، أو كان القيام متسعا لقراءة الفاتحة ولم يقرأها فهذا تجوز صلاته عند جماهير العلماء.

(1) اختيارات (71) ف (2/ 81) .

(2)

بدائع (3/ 87) ف (2/ 81) .

(3)

اختيارات (71) ف (2/ 81) .

(4)

اختيارات (2/ 71) ف (2/ 81) .

ص: 122