الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نخبة قريش وخاصتها، في مقابل "أوباش قريش"، الذين قال عنهم الرسول للأنصار: يا معشر الأنصار! هل ترون أوباش قريش1.
والأخضر عند العرب الأسود. وقد افتخر "الفضل بن عبّاس بن عتبة اللهبي" بلونه، إذ قال:
وأنا الأخضر من يعرفني
…
أخضر الجلدة في بيت العرب
يقول: أنا خالص لأن ألوان العرب السمرة، وأنه عربي محض لأن العرب تصف ألوانها بالسواد: وتصف ألوان العجم بالحمرة، والخضرة عند العرب السواد2. وورد "خضر غسان"، و "خضر محارب". قال الشاعر:
إن الخضارمة الخضر الذين غدوا
…
أهل البريص ثمانٍ منهم الحكم
والخضارمة جمع خضرم، وهو السيّد الحمول3.
ويقال لمن هم دون الأشراف وفوق الطبقات الدنيا، "أوساط الناس"، و "الأوساط"، و "اللهازم". يقال هو من لهازم القبيلة، أي من أوساطها لا أشرافها4.
1 صحيح مسلم "5/ 170 وما بعدها"، "باب فتح مكة".
2 تاج العروس "3/ 179 وما بعدها"، "خضر".
3 الحيوان"3/ 247"، "هارون".
4 تاج العروس "9/ 69"، "لهزم".
المستضعفون من الناس:
والمستضعفون من الناس، كثيرون، وقد نظر إليهم مجتمعهم نظرة ازدراء واستهجان، واعتدّهم من الطبقات الدنيا. إما لفقرهم وضيق ذات يدهم، ومنهم الفقراء والصعاليك والمحتاجون وأبناء السبيل، وإما لطيشهم وخروجهم من مجتمعهم، ومنه الطريد والضال والخليع، وإما لانشغالهم بحرف يدوية، وهي حرف لا تليق بالرجل الكريم، ولا سيما الحرف الدنيا مثل الحلاقة والحجامة والحمالة وأمثالها، وأما من ناحية أصلهم، مثل أن يكونوا عبيدًا أو عبيدًا مملوكين.
ولاستصغارهم شأن، الحرف اليدوية، لم يقبل عليها الأحرار وأبناء البيوت. إلا
من اضطرته الفاقة ووجد ألّا سبيل له إلى العيش إلا بالاشتغال بها، فانصرف إليها صاغرًا. ولهذا كان أكثر أصحاب الأعمال اليدوية من الرقيق والأعاجم واليهود. وإذا أخذنا بروايات أهل الأخبار نجد أن عدد أصحاب الحرف اليدوية كان قليلا جدًّا، فلم يكن في مكة مثلًا أحد من النجارين البارعين على ما يفهم من رواياتهم كروايتهم عن إعادة بناء الكعبة قبل النبوة بخمس سنين، أو كانوا قلة يعدون عدًّا. وكذلك يقال عن بقية الحرف، ويقال مثل ذلك عن يثرب. ولا أستبعد أن تكون في روايات أهل الأخبار مبالغات، ولكننا لا نستطيع نكران ازدراء العرب للحرف والصناعات.
وكانوا يعيرون من يتزوج من ابنة صائغ أو حداد أو نجار، ويعيرون نسله، ولا سيما إذا كان من بيت رفيع. وقد وجد أعداء "النعمان بن المنذر" آخر ملوك الحيرة وحساده في أُمه "سلمى" التي قيل إنها ابنة قين أو صائغ يهودي، سببًا قويًّا من أسباب استهزائهم به والاستصغار لشأنه. أما الحرفي، أي الذي يشتغل بالحرف اليدوية، فلم يكن من السهل عليه التزوج من بنات الأحرار، لما قد تتعرض له أسر البنات من تعيير وسبّة وإهانة بين الناس، بتزويجهم ابنة حرة لشخص وضيع مستصغر.
وأدنى المتعيشين بالحرف منزلة، الحلاقون والحجامون والحمالون، ثم أولئك الذي يعيشون على تلهية الناس، مثل سائس قرد، وهو الشخص الذي يربي القردة ويعلمها القيام ببعض الألعاب لتسلية المتفرجين وإضحاكهم في مقابل صدقة يقدمونها لقردته وله، ومثل أناس آخرين يربون حيوانات أخرى للغرض نفسه، أو يتخذون لهم مهنة إضحاك الناس عليهم لدر عطفهم والجود عليهم، ومثلهم المخنثون والمغنون المطربون.
وقد عرف المعدمون المتربون، وهم الذين لا يملكون شيئًا ب "بني غبراء"، للزقهم بغبراء الأرض، ويقال لهم "الصعاليك" أيضا1، وقد ذكرت قبل قليل
1 اللسان "14/ 92"، "بني"، "هم اللصوص والصعاليك المهتدون في مجاهل الأرض، والعالمون بطرقها، وقيل بل هم الفقراء اللاصقون بالغبراء من سوء الحال. على غير غطاء ولا وطاء، وقال طرفة بن العبد:
رأيت بني غبراء لا ينكرونني
…
ولا أهل هذاك الطراف الممدد
يقول: أنا معروف عند الأخيار والأشرار، وعند اللئام والكرام"، الثعالبي، ثمار "1/ 270".
ورود لفظة "غبر" في الكتابات القتبانية، وأن لها صلة ب "غبراء الناس" وب "بني غبراء" في عربيتنا. وقد تكون لهذا المصطلح صلة بمصطلح اختلف علماء التوراة في المراد منه، هو مصطلح "عم هـ - أرز"، أي "ناس الأرض""أهل الأرض"، فقد ذهب بعض العلماء إلى أنها تعني طبقة وضيعة من سواد الناس، أو "الفلاحين" الذين يعيشون على استغلال الأرض.
ونعت الخادم الذي يخدم بطعام بطنه "بالعضروط"، وهو الصعلوك، والعضاريط الصعاليك. وتعهد إلى العضروط مختلف الخدمات، مثل العناية بالراحلة وأداء أي عمل آخر يقوم به في مقابل طعام بطنه1. ويقال للعضروط: اللعموظ، وهو الذي يخدم بطنه. و "العضارط" الأجراء2.
و"الخول" العبيد والخدم، ويقال: القوم خول فلان، أي أتباع، وهم حشم الرجل وأبتاعه. ويقع على العبد والأَمة3 فهم إذن الأتباع المغلوبون على أمرهم الخاضعون لحكم المتحكمين في رقابهم من السادة.
والمملوك خلاف الحر، والرقيق: المملوك واحد وجمع. والرقيق العبد4. ورَقّ صار في عبودية5 والعبد: المملوك خلاف الحر6. ونجد لعلماء اللغة تفاسير كثيرة لمعنى "العبد"، والرقيق، وفي مدى حرية كل واحد منهما. وقد استعملت لفظة "العبد" للدلالة على معان مجازية، ومعان حقيقية. فقد قصد بها الخضوع والتذلل، ولهذا نهي عن استعمالها بهذا المعنى في الإسلام، فورد:"لا يقل أحدكم لمملوكه عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي"7. وقصد بها أيضًا العبودية الحقيقية.
ولفظة "عبد" و "العبد" لفظة عامة في الأصل، وقد وردت بهذا المعنى في أكثر اللغات السامية، فاستعملت في معانٍ مجازية وفي معان حقيقية، ولم تكن
1 اللسان "7/ 351".
2 اللسان "7/ 351، 460".
3 اللسان "11/ 225"، "صادر"، "خول".
4 اللسان "10/ 124"، "صادر "رقق".
5 اللسان "10/ 123"، "صادر"، "رقق".
6 اللسان "3/ 270"، "عبد".
7 اللسان "3/ 271"، "عبد".
تعني شخصًا مملوكًا بالمعنى الحقيقي من لفظة "مملوك" بالضرورة. وطالما نقرأ في كتب أهل الأخبار جملًا، مثل:"ومن هو؟ عبد من عبيدي"، و "أنت عبد من عبيدي"، وذلك تعبيرًا عن ازدراء شخص لشخص آخر، واستصغار لشأنه، لأنه جعله في منزلة خدمه وعبيده.
واستعملوا لفظة: "عبد" و "العبد" بالمعنى الحقيقي الخاص بالعبودية، وقصدوا بها "مملوكًا"، فقالوا:"كان عبدًا روميًّا"، وقالوا:"كان عبدًا حبشيًّا"، فقصدوا بها "مملوكًا" كائنا ما كان لونه، أو جنسه. والظاهر أن المتأخرين قد غلَّبوا استعمالها على العبيد والسود، فأطلقوا عليهم من غير ذكر صفتهم، وعنوا بها الرقيق الأسود فحسب.
وقد ذكر بعض علماء اللغة أن "العبد" إذا مُلك ولم يملك أبواه، أو الذي سبي، ولم يُملك أبواه. وقالوا: هم عبيد مملكة، وهو أن يغلب عليهم ويستعبدوا وهم أحرار. وفي الحديث: "أن الأشعث بن قيس خاصم أهل نجران إلى عمر في رقابهم، وكان قد استعبدهم في الجاهلية، فلما أسلموا، أبوا عليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين إنا إنما كنا عبيد مملكة ولم نكن عبيد قن1. أي أن يغلب عليهم فيستعبدهم وهم في الأصل أحرار.
وذكر علماء العربية أن القن: العبدُ الذي مُلك هو وأبوه، وأن العبد القن الذي ولد عندك ولا يستطيع أن يخرج عنك. وعبد قن خالص العبودة2. فالقن إذنْ، هو العبد المملوك، الذي تنقل إليه العبودية عن أبيه. وقد أسلفت أن هذه اللفظة وردت في لغة المسند، وإنها كانت تعني هذا المعنى عندهم أيضا. ويشبه العبد القن، العبد الذي يقال له "CERF" عند الرومان. و "القين": العبد والجمع قيان3.
ويعبر عن العبد بلفظة "مولى" أيضا، ويراد بها المعتق كذلك. وتؤدي معاني اجتماعية أخرى ذكرها علماء اللغة منها: الحليف، والعقيد، والربّ
1 اللسان "10/ 493"، "ملك".
2 اللسان "13/ 348"، "قنن".
3 اللسان "ق/ ي/ ن"، "13/ 351".
والمالك، والسيد. ويتبين معناها من الاستعمال1. وقد كان بمكة وسائر الأمكنة الأخرى من جزيرة العرب عدد كبير من الموالي.
والعبيد هم حاصل الحروب. فإذا وقع انسان أسيرًا في غزو أو حرب صار ملكًا لآسره، إن شاء مَنّ عليه ففك رقبته، وإن شاء ملكه فصار عبدًا له. يحتفظ به لنفسه إن أراد، أو أن يهديه لغيره فيصير في ملك من أهدي له، أو أن يبيعه، فيقبض ثمنه، فتنتقل ملكية العبد إلى شاريه، فالسباء هو مصدر مهم من مصادر الرقيق.
ومورد آخر أمدَّ الجاهليين بالعبيد، وهو التجارة: تجارة العبيد. وقد اختص بها قوم عرفوا بالنخاسين. يأتون بالرقيق من مختلف الأماكن ويبيعونه. وكانت تجارة رابحة.
ومن العبيد، قوم كانوا مدينون فلم يتمكنوا من سداد ديونهم فبيعوا رقيقًا. ومنهم من صار رقيقًا لعدم تمكنه من دفع مال يجب عليه تأديته. كالذي روي من تقامر أبي لهب والعاص بن هشام على أن من قمر صار عبدًا لصاحبه، فقمره أبو لهب فاسترقه واسترعاه إبله2.
ويكون عدد ما يملكه الإنسان من الرقيق أمارة على الغنى والمنزلة والجاه والقوة. هم قوة لأنهم عُدّة لسيدهم في القتال وفي الدفاع عنه حتى وإن كرهوه. وهم خدم له يؤدون له كل ما يطلبه منهم من أعمال، ولا يخلو منهم بيت. وذكر أن بعض السادات كان يملك المئات من العبيد فلما وفد "ذو الكلاع ملك حمير" على أبي بكر "ومعه ألف عبد دون من كان معه من عشيرته وعليه التاج، وما وصفنا من البرود والحلل"3.
وكان كثير من ملاك الرقيق ذوو قلوب غلاظ، لا يرحمون عبيدهم ولا يرفقون بهم. وإذا شهد العبد غزوًا أو حربًا وغنم فلا يعطي حقه له. ويؤخذ
1 اللسان "و/ ل/ ي"، "15/ 409".
2 الأغاني "3/ 100".
3 التنبيه "2/ 299"، "باب ذكر خلافة أبي بكر الصديق".
سهمه ويعطي إلى سيده. ولم يكونوا يثقون بأمانة رقيقهم1 لذلك حقد العبيد على سادتهم، وانضموا إلى أعدائهم إن وجدوا فرصة مواتية لهم أملًا منهم بإصلاح الحال. ولما حاصر الرسول الطائف نادى مناديه: أيما عبد نزل فهو حر وولاؤه لله ورسوله" فنزل جمع منهم وأسلموا وصاروا أحرارًا2.
ويذكر علماء اللغة طبقة سموها "القطين"، وهم في عرفهم تبّاع الملك ومماليكه، والخدم والأتباع. وقالوا أيضا: إن القطين تبع الرجل، ومماليكه، وخدمه3.
ويقال للرعية من الناس "السُّوقة" سموا بذلك لأن الملوك يسوقونهم فينساقون لهم4. وأما "سواد الناس"، فعامتهم.
وكل من ذكرت من الطبقات الدنيا هم "سوقة". و "عوام"، و "سواد".
ويقال للأخلاط والسفلة من الناس: الأوباش. وهم مثل الأوشاب5. وأما الأشابة فأخلاط الناس تجتمع من كل أوب والتأشب التجمع. ويقال: أوباش من الناس وأوشاب. وهم الضروب المتفرقون6.
ويذكر علماء اللغة أن أهل اليمن يطلقون على المستضعفين من الناس "مستخمرون". و "المستخمرون" هم الجيران الضعفاء. ومن "أخمره الشيء"، بمعنى أعطاه إياه أو ملكه بلغة اليمن7.
ويقال لأوغاد الناس وأرذالهم "الطغام" و "الطغامة". وذكر أن "طغامة"
1 الأغاني "1/ 32"، "14/ 1241".
2 العقد الفريد "3/ 2".
3 اللسان "13/ 343"، "قطن".
4 ديوان بشر بن أبي خازم "ص200".
5 تاج العروس "4/ 361"، "وبش".
6 تاج العروس "2/ 148"، "أشب"، "هل ترون أوباش قريش"، صحيح مسلم "5/ 171"، "فتح مكة".
7 اللسان "4/ 258"، "خمر".