الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقال لمن لا يأتي النساء عجزًا أو لا يريدهن" العنين". كما يقال للمرأة التي لا تريد الرجال ولا تشتهيهم "العنينة" على بعض الآراء1. ويقال امرأة مساحقة. وامرأة سحاقة، لمن تشتهي النساء. ويقال إنها لفظة مولدة2.
وقد عرف "التبتل" عند بعض الجاهليين، ممن تأثر بآراء الرهبان. ويراد به ترك النكاح والزهد فيه، ويكون ذلك للرجال كما يكون للنساء. وتعرف المرأة المنقطعة عن الرجال ب" البتول". وقد نهى الرسول "عثمان بن مظعون" عن التبتل. وورد في الحديث:"لا رهبانية ولا تبتل في الإسلام"3. ويقال لمن لم يأت النساء ولم يتزوج "الصارور". و"الصارورة"، المتبتلة، فلم تتزوج ولم تتصل برجل. ومن ذلك:"لا صرورة في الإسلام"4. و "الصرورة" عند الجاهليين أرفع الناس في مراتب العبادة، وقد أطلقت على الراهب المتعبد، كما جاء في شعر "ربيعة بن مقروم" الضبي، من مخضرمي الجاهلية والإسلام:
لو أنها عرضت لأشمط راهب
…
عبد الإله صرورة متبتل
لدنا لبهجتها وحسن حديثها
…
ولهمَّ من تاموره بتنزل5
وقد عيب العازف عن اللهو والنساء، والذي لا يطرب للهو ويبعد عنه. ولا يقرب النساء، ولا يحدثهن ولا يلهو. فإن مثل هذا الرجل هو كالحجر الصلد الجلمد، وفيه غفلة. ويقال له "العزهاة"6.
1 تاج العروس "9/ 281"، "عن".
2 تاج العروس "6/ 378"، "سحق".
3 تاج العروس "7/ 220"، "بتل"، "رد النبي صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل"، الإصابة "2/ 457". "رقم 5455".
4 تاج العروس "3/ 331"، "صرر".
5 الحيوان "1/ 347". "هارون".
6 اللسان "13/ 514 وما بعدها"، "عزه".
عدد الزوجات:
ومن حق الرجل في الجاهلية أن يتزوج ما يشاء من النساء من غير تحديد ولا
حصر. إذ لم تحدد شرائعهم للرجال عدد ما يتزوجونه من نسائهم. فلما جاء الإسلام، حدد العدد وجوَّز للرجل أن تكون له أربع زوجات في وقت واحد، ومنعه من تجاوز العدد في حالة الجمع، بمعنى أنه لا يسمح له أن يجمع بين خمس زوجات أو أكثر من ذلك في وقت واحد بشرط العدالة بينهن، فإن خاف الزوج ألا يعدل بينهن فواحدة.
ويذكر أهل الأخبار أن أهل الحرم أول من اتخذ الضرائر1، والضرائر زوجات الرجل الواحد، وكل منها ضرة للأخرى.
والغاية الأولى من الزواج هي النسل، لذلك قالت العرب: من لا يلد لا وُلد2. وكرهت العاقر وعدتها شؤمًا. واتخذ العقر من الأسباب الشرعية للطلاق، إذ كان الرجل يأبى البقاء مع امرأة لا تلد. لذلك كان يطلقها في الغالب، لانتفاء الفائدة منها مع إنفاقه عليها، أو يتزوج عليها ليكون له عقب، وعندهم أن المرأة القبيحة الولود، خير من الحسناء العاقر، وأن "سوداء ولودًا خير من حسناء عاقر"3. وليست هذه العادة من عادات العرب وحدهم ولكن يشاركهم فيها أكثر الشعوب الأخرى، ومنها الشعوب السامية.
ولسادات القبائل والأشراف والملوك غرض آخر من الزواج، هو غرض كسب الألفة واجتذاب البعداء، والنصرة، حتى يرجع المنافر مواليًا، ويصير العدو مؤالفًا، فهو زواج "سياسي". يتزوج الملك أو سيد قبيلة ابنة سيد قبيلة أخرى، فيشد بزواجه هذا من أزر ملكه أو من قوة قبيلته. لا سيما إذا كانت البنت من قبيلة كبيرة. وقد عمل بهذا الزواج كثيرًا في الجاهلية، كما عمل به في الإسلام. فقد استفاد معاوية كثيرًا من زواجه من قبيلة "كلب"، إذ ساعدته وأيدته. وروعي هذا الزواج في المواضع التي تغلبت عليها الحياة القبلية بصورة خاصة للتغلب على طباع البداوة، القائمة على النفرة من الخضوع لحكم حاكم غريب عنها. وبهذا الزواج تخف هذه النفرة، فتشعر القبيلة أنها من أصهار هذا الحاكم، وعليها واجب مساعدته بحكم عصبية المصاهرة.
1 اللسان "12/ 121". "حرم".
2 بلوغ الأرب "2/ 9".
3 بلوغ الأرب "2/ 10".
وكثرة الإخوة عزة، فمن كثرت إخوته استظهر بهم. فلا يتمكن أحد من النيل منه بسوء، ولا من ابتزاز حق من حقوقه، ولا من الاعتداء عليه1.
وحظ الرجل العقيم خير من حظ المرأة العاقر. فهو يتزوج عدة زوجات فإن لم يلدن منه، آمن عندئذ بعقمه. أما المرأة، فتبقى قانعة راضية في بيت الزوجية، إن أراد زوجها ذلك، لأن من الصعب عليها الحصول على زوج آخر إن طلقت، إذ كان الرجال يفضلون الأبكار على المطلقات، وإذا طلقت المرأة العاقر، بقيت بين أهلها من غير زواج في الغالب.
ويرغب العرب في التزوج بالأبكار، ويفضلون الأبكار الصغار على الأبكار الكبار، والبكارة من الشروط التي يجب توافرها في الزواج، وإذا تبين أن البنت ليست بكرًا، عُدّ ذلك نكبة2 وعير أهلها بها، ولذلك يكون مصيرها القتل تخلصًا من عارها. أما الزواج بالثيب، فلا يشترط فيه البكارة لأن المرأة كانت قد تزوجت من قبل، ثم طلقها زوجها أو مات عنها، فهي مما لا يتوافر فيها شروط البكارة، وهو زواج يعزف عنه الشباب ويعير به من يقدم عليه، إذ يتهم بالوهن الجنسي وبالطمع في مال الزوجة، فليس يجمل بالشاب أن يتزوج امرأة أعطت بكارتها غيره. ومن صارت ثيبًا من النساء، صار نصيبها الثيب من الرجال في الغالب، وإن كانت لا تزال شابة صغيرة السن.
ويكره العرب الجمال البارع، لما يحدث عنه من شدة الإدلال، ومن الخوف من محنة الرغبة وبلوى المنازعة وشدة الصبوة وسوء عواقب الفتنة، لكنهم كانوا يراعون حسن الصورة وجمال الجسم وتناسق أعضائه. ولهم صفات ونعوت ذكروا أنها تمثل جمال المرأة، تختلف باختلاف الأذواق3، كما أن لهم رأيًا في محاسن أخلاق المرأة وفي الخصال التي يجب أن تتحلى بها في معاشرة زوجها وفي العناية ببيتها وفي تربية أولادها4. من ذلك أن تكون حريصة على إرضاء زوجها وخدمة أولادها والعناية ببيتها.
1 الثعالبي، ثمار "143".
2 تاج العروس "3/ 56 وما بعدها"، "بكر".
3 بلوغ الأرب "2/ 13 وما بعدها".
4 بلوغ الأرب "2/ 14 وما بعدها"، عيون الأخبار "4/ 1 وما بعدها".
وللعرب نعوت رأوا أنها إن وجدت في المرأة عابتها، منها أن تكون بذيئة اللسان، نمامة كذوبة، عابسة قطوبًا، كثيرة الانتباه والتدخل، طويلة مهزولة، ظاهرة العيوب، سبابة وثوبة إن ائتمنها زوجها خانته، وإن لان لها أهانته، وإن أرضاها أغضبته، وإن أطاعها عصته، إلى غير ذلك من نعوت رووها عن الجاهليين في ذم المرأة المتخلقة بها1. وقد نعتت المرأة التي تلبس درعها مقلوبًا، وتكحل إحدى عينيها وتدع الأخرى ب "القرثع"، وهي المرأة الجريئة القليلة الحياء البذيئة الفاحشة2.
ويرغب العرب في الزواج بالنساء الشقراوات البيض، ورد أن بعض العرب قالوا الملوك: هل لكم في النساء الزهر، والخيل الشقر، والنوق الحمر3.
والعادة أن أمر الزواج بيد الأبوين، وليس للبنت معارضة وليّها الشرعي في الزواج، غير أن بعض بنات الأسر الشريفة لم يكنّ يقبلن بالزواج بأحد إلا بموافقتهن، فإلى البنت يكون حق قبول الزوج أو رفضه4. كما اشترطت بعض النسوة أنهن إن أصبحن عند زوجهن، كان أمرهن إليهن، إن شئن أقمن معهم، وإن شئن تركنهم، أي أن حق الطلاق بيدهن. وذلك لشرفهن وقدرهن. ومن هؤلاء "سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش"، وهي أم عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، و "فاطمة بنت الخرشب الأنمارية"، وهي أم الكَمَلة من بني عبس، وهم: الربيع الكامل، وعمارة الوهاب، وقيس الحفاظ، وأنس الفوارس، بنو زياد5.
ومنهن "عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة"، وهي أم هاشم، وعبد شمس، والمطلب بني عبد مناف. و "السوا بنت
1 بلوغ الأرب "2/ 22 وما بعدها".
2 عيون الأخبار "4/ 3".
3 كتاب البغال من رسائل الجاحظ "2/ 342".
4 ابن سعد، طبقات ج1 قسم 1 ص41، ابن هشام، سيرة "1/ 148"، القالي أمالي "1/ 198".
5 المحبر "398".