الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان حمارًا تأول فيه طول العمر والوقاحة والقوة والجلَد. وإن كان كلبًا تأول فيه الحراسة واليقظة وبُعد الصوت والكسب وغير ذلك". وجاء بآراء آخرين على هذه التسميات وعلى آرائهم فيها1.
وتعرض "الجاحظ" إلى أسماء الحيوان التي تسَمّى بها الناس. فذكر منها: غراب، وصُرد، وفاختة، وحمامة، ويمام، ويمامة، وعقاب، وقطامي، وحجل، وصقر، وصقير، وطاووس، وطويس، وحيقطان، والغرانيق، والغرنوق2.
1 الحيوان "1/ 325 وما بعدها"، "هارون".
2 الحيوان "7/ 53 وما بعدها"، "هارون".
المعمرون:
وقد عمر بعض أهل الجاهلية عمرًا طويلا، فعُدّوا من المعمّرين في الجاهلية. وروى أهل الأخبار وألف بعضهم كتبًا فيهم. فلأبي حاتم السجستاني مؤلف في المعمرين1. والعادة عند العرب أن المرء إذا شاخ وكبر بالغوا في تقدير عمره، وزادوا في سني حياته. حتى جعلوا المعمر من عاش فوق المائة عام. ولا يعد المعمر معمرًا عندهم إلا إذا عاش مائة وعشرين سنة وصاعدًا2. ولهذا، فلا نستغرب ما يرويه أهل الأخبار عن بعضهم من أنهم عاشوا فوق المائة بكثير.
ومن المعمرين: الحارث بن كعب بن عمرو بن وعلة بن خالد المذحجي. يزعمون أنه عاش مائة وستين سنة. ورووا له وصية في الأخلاق والآداب والمواعظ والحكم. بَيَّن فيها أنه على دين شعيب النبي، وما عليه أحد من العرب غيره، وغير أسد بن خزيمة، وتميم بن مُرّة. وأنه لم يصافح غادرًا، ولم يتخلق بأخلاق فاجر، ولا صبى بابنة عم له ولا كنة. ولا جاءته مومسة. وأوصى أولاده بالتجمع، وبالموت في سبيل العز، وبالحذر من الناس، وبتزوج الأكفاء وبتجنب الزواج من المرأة الحمقاء، لانتقال الحمق منهن إلى من يلدن. وأوصى بوصل
1 أخبار المعمرين.
2 أمالي المرتضى "1/ 336".
الرحم، وبلزوم إطاعة الوالدين، ونبذ الحقد والضغينة1.
ومنهم: المستوغر: وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة. ذكروا أنه عاش ثلاثمائة وعشرين، وأدرك الإسلام أو كاد يدرك أوله. ونسبوا له شعرًا وحكما2.
وحشروا في المعمّرين: "دويد بن زيد" من قضاعة. ذكروا أنه عاش أربعمائة سنة وستًّا وخمسين سنة ونسبوا له وصية فيها: "أوصيكم بالناس شرًّا، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقيلوا لهم عثرة" إلى آخر ذلك من وصية فيها شدة على الناس وحث لأهله على عدم الرحمة بهم، وألا يرحموا أحدًا، وألّا يهنوا3. وهي تمثل وضعًا خاصًّا ورأيًا لواضع هذه الوصية ولراويها من أناس زمانه، فيها سوء ظن، ووجوب الحذر والاعتماد على النفس: حيث لا ينفع الإنسان في حياته إلا نفسه.
ومن المعمرين زهير بن جناب. عاش مائتي سنة وعشرين سنة. وأوقع مائتي وقعة، وكان سيّدًا مطاعًا شريفًا في قومه. فيه عشر خصال لم يجتمعن في غيره من أهل زمانه، كان سيد قومه وشريفهم، وخطيبهم، وشاعرهم، ووافدهم إلى الملوك، وطبيبهم، وحازي قومه، وكان فارس قومه وله البيت فيهم. وقد نسبوا له وصية، على عادتهم في نسبتهم الوصايا إلى المعمرين. ذكروا أنه أوصى بنيه فيها بوجوب التجمع ومقاومة النوائب وترك التخاذل والاتكال، وبعدم الغرور في هذه الدنيا، فإنما الإنسان في هذه الدنيا غرض تعاوره الرماة فمقصر دونه، ومجاوز موضعه، وواقع عن يمينه وشماله، ثم لا بد أنه مصيبه. ورووا له شعرًا وحكمًا.
وذُكر أنه كان على عهد "كليب وائل"، ولم يكن في العرب أنطق من زهير ولا أوجَه منه عند الملوك، وكان لسداد رأيه يسمى كاهنًا، ولم تجمع قضاعة إلا عليه وعلى رزاح بن ربيعة4.
واختلف في عمر "ذو الأصبع العدواني" يوم مات. فذكر بعضهم أنه
1 أمالي المرتضى "1/ 232 وما بعدها".
2 أمالي المرتضى "1/ 334 وما بعدها".
3 أمالي المرتضى "1/ 236 وما بعدها".
4 أمالي المرتضى "1/ 240 وما بعدها".
عاش مائة وسبعين سنة. واستقل "أبو حاتم السجستاني" هذا المقدار، فجعله ثلاثمائة سنة. وهو من "عدوان". وأحد حكّام العرب في الجاهلية. ونسبوا له على عادتهم بالنسبة للمعمرين حكمًا وشعرًا1.
ومن المعمرين الذين ذكرهم أهل الأخبار "معد يكرب الحميري"، من آل ذي رعين، و "الربيع بن ضبع الفَزاري". ذكر أنه عاش أكثر من مائتي سنة. وأنه لما بلغ مائتين وأربعين سنة قال شعرًا في ذلك. وقد عاش في الإسلام أيضًا وأدرك أيام معاوية2.
وجعلوا عمر "أبو الطحان القيني" مائتي سنة ونسبوا له حكمًا وشعرًا3. وأبي "الكلبيُّ" أن يجعل عمر "عبد المسيح بن بقيلة الغساني"، وهو عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيّان بن بقيلة، أقل من ثلاثمائة وخمسين سنة. وجاراه في ذلك "أبو مخنف" وآخرون. وذكروا أنه عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام فلم يسلم، ومات نصرانيًا. وذكروا أن "خالد بن الوليد" لما نزل على الحيرة، وتحصن منه أهلها أرسلوا إليه "عبد المسيح بن بقيلة" ليكلمه فسأله خالد أسئلة عديدة. منها: أعرب أنتم أم نبط؟ قال عبد المسيح: عرب استنبطنا ونبيط استعربنا. ثم سأله: كم أتى لك؟ قال: ستون وثلاثمائة سنة. ثم عاد إلى قومه فنصحهم بمصالحة خالد. ورووا له شعرًا في دخول المسلمين الحيرة، وكيف صار أمر "آل المنذر"، وقد تحسر فيه على الأيام الماضية، التي ولت حتى آل الأمر بهم أن يؤدوا الخراج إلى "معدّ" التي اقتسمتهم علانية كأقسام الجزور، يؤدون لهم الخراج، بعد خراج كسرى وخراج من قريظة والنضير. ثم خلص إلى أن الدهر هو كذلك لا يدوم على حال. فيوم من مساءة ويوم من سرور4.
وذكر أن بعض سادات أهل الحيرة خرج إلى ظاهرها يختط4 دارًا، فلما احتفر
1 أمالي المرتضى "1/ 244 وما بعدها"، الأغاني "3/ 94 وما بعدها"، الكامل، للمبرد "5/ 94 وما بعدها".
2 أمالي المرتضى "1/ 253 وما بعدها".
3 أمالي المرتضى "1/ 257 وما بعدها".
4 أمالي المرتضى "1/ 261 وما بعدها".