الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وممن حمل الدماء ودفع أثمان دياتها: "عمرو بن عصم"، الذي حمل الدماء التي كانت بين "بني سدوس" و "بني عنزة" في الجاهلية1، وهرم بن سنان، والحارث بن عوف، إذ تحمل ديات قتلى الحرب التي وقعت بين عبس وذبيان2.
كما يعد حمل ثقل المولودة التي يراد وأدها من الشيم ومن الأعمال الحميدة التي يحمد القائم بها عليها. وقد ذكر أهل الأخبار أسماء جماعة دفعوا مالا لآباء كانوا قد همّوا بوأد بناتهم لإملاقهم ولضعف حالهم، فأبقوا بذلك على حياتهن. وهو عمل يقدر حقًّا، لأنه عن حس انساني ودافع خيري نبيل.
1 الاشتقاق "192".
2 الشعر والشعراء "61"، "ليدن".
فك الأسر:
ومن شيم الرجال المنّ على الأسرى بفك رقابهم وإعطائهم حريتهم. وقد أبت مروءة بعض السادات إلا أن يقوموا بفك أسر الأسرى وإعتاق رقبتهم، ولو بشراء أسرهم بثمن. وقد ذكر العلماء أسماء رجال منهم عاشوا في الجاهلية عرفوا بعدم رضاهم عن الأسر، فكانوا يدفعون مالًا في مقابل فكّ رقبتهم. من هؤلاء "سعد بن مُشمت بن المُخَيّل"، وهو من رجال "بني المخيل" في الجاهلية. وكان آلى أن لا يرى أسيرًا إلا افتكّه1.
ومن شيم الرجال العفو عند المقدرة والحلم والصفح عن المسيء، وكان من عاداتهم في غفران الذنب، حفر بئر، ثم ينادي من يريد غفران الذنب والعفو عن المذنب: اشهدوا أني جعلت ذنبه في هذه البئر. ثم يرد فيها ترابها، وبذلك يغفر الذنب2. وقد ضرب العرب المثل بحلم "قيس بن عاصم"، وب "الأحنف بن قيس" و "قيس بن عاصم"، هو من بني منقر من تميم. وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية، وذكر أنه كان أول من وأد، لأنه خشي أن يخلف على بناته من هو غير كفء لهن. وكان قد وأد ثماني بنات، ووفد في وفد
1 الاشتقاق "193".
2 شرح ديوان حسان. للبرقوقي "107".
"بني تميم" على الرسول فأسلم. وقد قال له الرسول لما دنا منه: "هذا سيد أهل الوبر"1.
وأما "الأحنف بن قيس"، فهو تميمي كذلك. أدرك النبي ولم يجتمع به. وكان يضرب بحلمه المثل. وله قصص مع الخلفاء. وسكن البصرة، وبها مات سنة سبع وستين2.
وقد رجّح الجاحظ "الأحنف" على كل من عرف عند العرب واشتهر بينهم بالحلم، حتى رجحه على لقمان ولقيم وقيس بن عاصم ومعاوية بن أبي سفيان. وله قصص مع معاوية3. ونسبوا له حكمًا وشعرًا4. وذكر أنه هو القائل:"لا تزال العرب بخير ما لبست العمائم، وتقلدت السيوف، وركبت الخيل، ولم تأخذها حميّة الأوغاد. قيل: وما حمية الأوغاد؟ قال: أن يروا الحلم ذلًّا، والتواهب ضيمًا"5. وقيل للأحنف بن قيس: بماذا سدت؟ فقال: بثلاث، بذل الندى، وكف الأذى، ونصر المولى. وقال: إنما تعلمت الحلم من قيس بن عاصم: أُتي بقاتل ابنه فقال: رعبتم الفتى. وأقبل عليه فقال: يا بني لقد نقصت عددك، وأوهنت ركنك، وفتت في عضدك، وأشمتَّ عدوك، وأسأت بقومك، خلوا سبيله، وما حل حبوته، ولا تغير وجهه6.
وللعرب كلمة تقولها عند طلب العفو والحلم وفي مواطن الغضب والتشاجر، هي:"إذا ملكت فاسجح"، يقصد بها طلب العفو والحلم عند ثوران الغضب. ولهم كلمات أخرى كثيرة في الحث على التحلي بالحلم والصبر7.
ومن خصال السادة: النخوة. وقد عرف بها العرب حتى ضرب بها المثل، فقيل: نخوة العرب، وورد:"لؤم النبيط ونخوة العرب". وهم ينتخون لمن
1 الإصابة "3/ 242"، "رقم 7196"، أمالي المرتضى "1/ 112".
2 الإصابة "1/ 110"، "رقم 429"، أمالي المرتضى "1/ 112".
3 الثعالبي، ثمار "89". أمالي المرتضى "1/ 273، 275، 292، 298".
4 كتاب فصل ما بين العداوة والحسد، ومن رسائل الجاحظ "1/ 344، 361، 381"، عيون الأخبار "4/ 9"، أدب الدنيا والدين "135".
5 كتاب فصل ما بين العداوة "1/ 361".
6 أمالي المرتضى: "1/ 113 وما بعدها".
7 بلوغ الأرب "1/ 101 وما بعدها".