الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي) : قَالَ (الْقَرَافِيُّ)(فِي) تَقْدِيمِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ نَادِرَةٌ فِيمَا يَغْلِبُ نَجَاسَتُهُ، (وَإِذَا) كَانَ الْغَالِبُ النَّجَاسَةَ، فَتَرْكُهُ وَرَعٌ، وَأَمَّا عِنْدَ اسْتِوَاءِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَتَرْجِيحِ جَانِبِ الطَّهَارَةِ فَتَرْكُهُ وَسْوَاسٌ.
[تَعَارُضُ الْأَصْلَيْنِ]
ِ يَخْرُجُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي كُلِّ صُورَةٍ. قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ: وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ النَّظَرِ (فَلَا يُظَنُّ) أَنَّ تَقَابُلَ الْأَصْلَيْنِ يَمْنَعُ الْمُجْتَهِدَ مِنْ إخْرَاجِ الْحُكْمِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَخَلَتْ الْوَاقِعَةُ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ (تَعَالَى) ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، (وَقَالَ) الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا تَعَارَضَا (أَخَذْنَا) بِالْأَحْوَطِ؛ وَلِهَذَا لَوْ شَكَّ وَهُوَ فِي الْجُمُعَةِ هَلْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَمْ لَا أَتَمَّ الْجُمُعَةَ عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ، وَلَوْ شَكَّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فِي بَقَاءِ الْوَقْتِ لَمْ يَجْمَعْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الظُّهْرِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ، وَلَوْ رَمَى بِحَصَاةٍ وَشَكَّ أَنَّ حُصُولَهَا فِي الْمَرْمَى (بِالْأَسْبَابِ) أَوْ بِحَرَكَةِ
الْمَحَلِّ) فَهَلْ (يُحْسَبُ) ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى تَقَابُلِ (الْأَصْلَيْنِ) قَالَهُ فِي (الْمُهَذَّبِ) ، وَلَوْ قُدَّ مَلْفُوفًا وَزُعِمَ مَوْتُهُ تَجِبُ الدِّيَةُ، وَإِنَّمَا (سَقَطَ) الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ، وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ (الْإِمَامَ) وَهُوَ رَاكِعٌ وَشَكَّ فِي إدْرَاكِ حَدِّ الْإِجْزَاءِ، فَهَلْ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرُّكُوعِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
وَلَوْ اتَّفَقَ الْمُتَرَاهِنَانِ عَلَى الْإِذْنِ وَالرُّجُوعِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: تَصَرَّفْت قَبْلَ الرُّجُوعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ تَقَابُلُ الْأَصْلَيْنِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَرَجَّحَ الْبَغَوِيّ السَّابِقَ لِلدَّعْوَى.
وَلَوْ قَبَضَ (عِوَضًا) مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ تَنَازَعَا فِي عَيْبٍ (يُمْكِنُ) الْحُدُوثُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ أَيِّهِمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِتَقَابُلِ أَصْلَيْنِ السَّلَامَةِ وَاشْتِغَالِ الذِّمَّةِ قَالَهُ الْإِمَامُ فِي بَابِ (الْخَرَاجِ)
، وَلَوْ رَأَى طَائِرًا فَقَالَ: إنْ لَمْ آخُذْ هَذَا الطَّائِرُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ: ثُمَّ اصْطَادَ طَائِرًا، وَزَعَمَ أَنَّهُ ذَلِكَ الطَّائِرُ، وَالنَّاسُ لَا يَعْرِفُونَ الْحَالَ، يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَدَّعِيه مُحْتَمَلٌ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ نِكَاحِهِ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ أَنَا ذَلِكَ (أَيْضًا) وَاحْتَمَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَالَ: وَاَلَّذِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ الطَّائِرَ (وَأَنَّهُ
لَمْ تَبَرَّ) يَمِينُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقَعَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ (بَقَاءُ) النِّكَاحِ، (وَهَكَذَا) لَوْ قَالَ: فَعَبْدِي حُرٌّ هَلْ يُعْتَقُ عَلَى هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ؟
وَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ وَشَكَّ فِي بُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ، فَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ، أَوْ بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ؟ وَجْهَانِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ الثَّانِيَ، وَيُعَضِّدُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ أَصْلَ الْمَاءِ الْقِلَّةُ كَمَا إذَا كَانَ كَثِيرًا ثُمَّ نَقَصَ، وَشَكَّ فِي قَدْرِ الْبَاقِي مِنْهُ.
(وَمِنْهَا) : لَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ الْمُبْرِي.
(تَنْبِيهَاتٌ) : (الْأَوَّلُ) : قَدْ يَتَعَارَضُ أَصْلَانِ وَلَا (يَتَقَدَّمُ) أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، بَلْ يُعْمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَالْعَبْدِ الْمُنْقَطِعِ الْخَبَرِ تَجِبُ فِطْرَتُهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ (يُجْزِئُهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ الذِّمَّةِ فَلَا (تَبْرَأُ) إلَّا بِيَقِينٍ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ، وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ (رضي الله عنه) فِيمَا إذَا أَرَادَ جَمَاعَةٌ إنْشَاءَ قَرْيَةٍ لَا لِلسَّكَنِ - فَأُقِيمَ فِيهَا الْجُمُعَةُ لَمْ يَجُزْ، وَنَصٌّ فِيمَا إذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ وَانْهَدَمَتْ وَأَقَامَ أَهْلُهَا لِبِنَائِهَا وَأُقِيمَ فِيهَا الْجُمُعَةُ صَحَّ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَنَظِيرُهُ، إذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ الْخُفَّ، وَأَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِ الْقَدَمِ إلَى مُسْتَقَرِّهَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَنَصٌّ فِيمَا إذَا أَخْرَجَهَا إلَى السَّاقِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا أَنَّهُ لَا (يَضُرُّ) ، فَلَهُ الْمَسْحُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
(وَلَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَتَوَضَّأَ، وَقَالَ: إنْ كُنْت مُحْدِثًا فَهَذَا يَرْفَعُهُ وَإِلَّا فَتَبَرُّدٌ صَحَّ، وَلَوْ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَتَوَضَّأَ وَقَالَ: ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، قَالَهُ الدَّارِمِيُّ)، (وَإِذَا قُلْنَا: الْحَامِلُ تَحِيضُ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَالْمُتَحَيِّرَةُ تُجْعَلُ فِي الصَّلَاةِ طَاهِرًا وَفِي الْوَطْءِ حَائِضًا) .
وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ عَاشَرَهَا وَمَضَتْ (ثَلَاثَةُ) أَقْرَاءٍ انْقَضَتْ (عِدَّتُهَا) فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ دُونَ الرَّجْعِيِّ عَلَى أَشْبَهِ الْأَوْجُهِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْبَغَوِيُّ: وَلَا رَجْعَةَ لَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ بِهَا (أَخَذْنَا) بِالِاحْتِيَاطِ (مِنْ الْجَانِبَيْنِ)
، وَلَوْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ (حَالَ) سَحَابٌ (فَلَمْ) يَدْرِ هَلْ انْجَلَتْ أَمْ لَا، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُسُوفِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَعَلَى عَكْسِهِ لَوْ كَانَ تَحْتَ (الْغَيْمِ)(فَظَنَّ) الْكُسُوفَ لَمْ (يُصَلِّ) حَتَّى يَسْتَيْقِنَ.
وَمِمَّا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْأَصْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ:
إذَا أَكَلْت الْهِرَّةُ فَأْرَةً، أَوْ نَجَاسَةً، ثُمَّ غَابَتْ، وَاحْتُمِلَ وُلُوغُهَا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ جَارٍ، ثُمَّ وَلَغَتْ فِي إنَاءٍ، لَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ فَمِهَا اسْتِصْحَابًا - لِلْأَصْلِ (فِيهَا) .
(وَمِنْهَا) : لَوْ وَجَدَ (شَعْرًا)(مُلْقًى) فِي خِرْقَةٍ، وَشَكَّ هَلْ هُوَ (مِنْ مُذَكَّاةٍ أَوْ مَيْتَةٍ)، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ، فَهُوَ طَاهِرٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ، فَنَجِسٌ، وَإِنْ شَكَّ فَوَجْهَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ (الْإِبَاحَةُ أَوْ الْحَظْرُ) ، (وَأَبْدَى) صَاحِبُ الْبَحْرِ احْتِمَالًا فِي نَجَاسَةِ الْمَأْكُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ فَصَلَ فِي حَيَاتِهِ أَمْ لَا (قَالَ)، النَّوَوِيُّ: وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا طَهَارَتَهُ فِي الْحَيَاةِ، وَلَمْ يُعَارِضْهَا أَصْلٌ وَلَا ظَاهِرٌ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ لَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ مُلْقَاةً، وَفِي الْبَلَدِ مَجُوسٌ وَمُسْلِمُونَ، فَنَجِسَةٌ، أَوْ مُسْلِمُونَ خَاصَّةً، فَإِنْ وَجَدَهَا فِي خِرْقَةٍ أَوْ مِكْتَلٍ، فَطَاهِرَةٌ، أَوْ مُلْقَاةٍ عَلَى الْأَرْضِ، فَنَجِسَةٌ (انْتَهَى) ، وَيَنْبَغِي مَجِيءُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُخِذَ مِنْ مُذَكَّى الْمَجُوسِ كَانَ نَجِسًا، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ، لَا بُدَّ مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الثَّالِثِ - فِيمَا قَطَعُوا فِيهِ بِالْأَصْلِ - مَسْأَلَةُ اللَّحْمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ: هُوَ مَيْتَةٌ، وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: مُذَكًّى يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ فِي الْحَيَاةِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ، وَهَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّنْجِيسُ فِي اللَّحْمِ الْمُلْقَى فِي (مِكْتَلٍ) ، أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ (لَا) تَتَحَقَّقُ، وَالْأَصْلُ الْحُرْمَةُ (وَالِاعْتِمَادُ) فِي الطَّهَارَةِ عَلَى رَبْطِهِ بِخِرْقَةٍ، أَوْ وَضْعِهِ
فِي مِكْتَلٍ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَدَعْوَاهُ الطَّهَارَةَ، هَذَا الْفَرْعُ لَا يُعَكِّرُ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّعْرِ، فَإِنَّ الشَّعْرَ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ، طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، فَاسْتُصْحِبَ لَهُ هَذَا الْأَصْلُ، كَمَا اُسْتُصْحِبَ لِلَّحْمِ أَصْلُ التَّحْرِيمِ
وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ أَنَّا، لَوْ وَجَدْنَا جِلْدًا مَدْبُوغًا وَلَمْ نَدْرِ هَلْ هُوَ جِلْدُ كَلْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَوْ دَرَيْنَاهُ وَشَكَكْنَا فِي أَنَّهُ دُبِغَ أَمْ لَا فَوَجْهَانِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّا إذَا تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ جِلْدُ مَيْتَةٍ، وَشَكَكْنَا فِي (دَبْغِهِ) كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ تَحَقَّقْنَا الدَّبْغَ وَشَكَكْنَا فِي (آلَتِهِ) فَالظَّاهِرُ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الدَّبْغَ يَقَعُ بِالْأَشْيَاءِ (الْحِرِّيفَةِ) الْقَالِعَةِ.
الثَّانِي: لَوْ كَانَ فِي جِهَةِ أَصْلٌ وَفِي جِهَةٍ أَصْلَانِ (فَمَالَ) ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى الْقَطْعِ (بِتَقْدِيمِ) ذِي الْأَصْلَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ شَكَّ، هَلْ رَضَعَ (فِي حَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا تَحْرِيمَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ رَضَعَ) خَمْسَ رَضَعَاتٍ، أَوْ أَقَلَّ، فَلَا تَحْرِيمَ قَطْعًا، وَمَا ذَاكَ إلَّا؛ لِأَنَّ لِلْأُولَى (أَصْلًا)(وَهُوَ الْإِبَاحَةُ) فَلَا يُزَالُ بِالشَّكِّ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَوْلَيْنِ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، فَلَهَا أَصْلٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ، فَلَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ (فِيهِ) ، لَكِنَّ فِي إجْرَاء هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظَرٌ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِي تَرْجِيحِ ذِي الْأَصْلَيْنِ، أَمَّا الْجَزْمُ فَلَا، أَلَا تَرَى (إلَى صُوَرٍ) تَعَارَضَ فِيهَا أَصْلَانِ مَعَ أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَجَرَى فِيهَا الْخِلَافُ
مِنْهَا) أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي بَيْعِ (الْمَرْهُونِ) فَبَاعَهُ (الرَّاهِنُ) ، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ بَيْعِهِ، فَالْأَصْلُ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وَيُعَارِضُهُ أَصْلَانِ: عَدَمُ الْبَيْعِ وَاسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ وَقَدْ سَبَقَتْ.
وَمِنْهَا: لَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ، لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ، هَذَا إذَا لَمْ يَزِدْ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي، فَلَوْ زَادَ بِاضْطِرَابِهِ.
فَلَا غُرْمَ (وَلَوْ) قَالَ: تَوَلَّدَتْ الزِّيَادَةُ بِاضْطِرَابِك فَلَا غُرْمَ، فَأَنْكَرَ، فَفِي الْمُصَدَّقِ وَجْهَانِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلَ عَدَمُ الِاضْطِرَابِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَكَانَ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِتَصْدِيقِ الْمَشْجُوجِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي حَقِّهِ أَصْلَانِ، أَحَدُهُمَا: مَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِعَاشِهِ أَيْضًا، وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الشَّاجِّ، (إلَّا أَصْلٌ) وَاحِدٌ، وَالْأَصْلَانِ مُقَدَّمَانِ عَلَى أَصْلٍ (وَاحِدٍ)، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: كَوْنُ الْأَصْلِ عَدَمَ ارْتِعَاشِ الْمَشْجُوجِ لَا يَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ، فَإِنَّهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ (مُتَعَمِّدٌ) لِلْفِعْلِ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْأَصْلِ، فَلَا يُرَجَّحُ بِهَذَا الْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْأَرْشِ، وَقَدْ نُوزِعَ فِي قَوْلِهِ: فِي الْمَشْجُوجِ أَصْلَانِ، بَلْ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ عَدَمُ اضْطِرَابِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُنَازَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ (مَسَّتْهُ) آلَةُ الْقِصَاصِ، (يَتَحَرَّكُ) بِالطَّبْعِ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمُدْيَةِ يُحَرِّكُهَا، وَالْبَهِيمَةُ تُحَرِّكُ حَلْقَهَا، فَحَصَلَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ بِتَحَامُلِهَا وَتَحْرِيكِ يَدِهِ، فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ؛ لِاشْتِرَاكِ الْبَهِيمَةِ وَالذَّابِحِ.
الثَّالِثُ: إذَا ثَبَتَ حُكْمٌ وَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ وَأَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عَلَى