الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَنَافِلَةٌ لَمْ يَجْزِهِ.
وَلَوْ نَوَى (لَيْلَةَ) الثَّلَاثِينَ مِنْ الصَّوْمِ إنْ كَانَ غَدًا مِنْهُ فَعَنْ فَرْضٍ أَوْ (عَنْ) نَافِلَةٍ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَنَافِلَةٌ جَازَ.
(وَاعْلَمْ) : أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَشَارَ إلَيْهَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ وَنَازَعَهُ فِيهَا (الشَّاشِيُّ) فِي كِتَابِ الصَّوْمِ مِنْ (الْمُعْتَمَدِ)
[تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ]
ِ ثَلَاثَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَفِي الِانْتِهَاءِ وَفِي الْأَحْكَامِ.
وَصُورَةُ الِابْتِدَاءِ أَنْ يَتَصَرَّفَ (فِيمَا) يَصِحُّ مَعَ مَا يَصِحُّ، وَفِيهَا قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ فِيمَا يَصِحُّ وَالْبُطْلَانُ فِيمَا يَبْطُلُ (وَالثَّانِي الْبُطْلَانُ فِي الْكُلِّ) وَفِي تَعْلِيلِهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ جَهَالَةُ مَا يَخُصُّ مِلْكَهُ مِنْ الْعِوَضِ.
وَلِلْخِلَافِ فَوَائِدُ وَلِلْقَاعِدَةِ شُرُوطٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْعِبَادَاتِ فَإِنْ كَانَتْ صَحَّ فِيمَا يَصِحُّ (مِنْهُ) قَطْعًا.
وَلِهَذَا
لَوْ تَيَمَّمَ لِفَرْضَيْنِ صَحَّ لِوَاحِدٍ قَطْعًا وَفِي الْآخَرِ خِلَافٌ) ثُمَّ الْمَشْهُورُ يُصَلِّي أَيَّهُمَا أَرَادَ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ (يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ) .
وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ عَامَيْنِ وَمَنَعْنَا تَعْجِيلَ مَا زَادَ عَلَى سَنَةٍ أَجْزَأَ مَا يَقَعُ لِسَنَةٍ وَلَوْ نَوَى حَجَّتَيْنِ انْعَقَدَ بِحَجَّةٍ وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ قَارِنًا.
وَلَوْ نَوَى الْمُتَنَفِّلُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَتَيْنِ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَتَكْبِيرَةٍ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ زَمَنٍ بِصَوْمٍ وَآخَرَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ كَالْعِيدِ اعْتَكَفَهُ وَلَا صَوْمَ عَلَيْهِ.
نَعَمْ لَوْ نَوَى فِي (رَمَضَانِهِ) صَوْمَ جَمِيعِ الشَّهْرِ هَلْ يَصِحُّ صَوْمُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ.
وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت الصَّلَاةَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَمْوَاتِ وَظَنَّ أَنَّهُمْ عَشَرَةٌ فَبَانُوا أَحَدَ عَشَرَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَى الْحَادِيَ عَشَرَ لَا بِعَيْنِهِ وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.
وَلَوْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْنِ أَعْلَاهُمَا ضَعِيفٌ وَوَصَلَ الْبَلَلُ إلَى الْأَسْفَلِ وَقَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ، جَازَ فِي الْأَصَحِّ.
وَمِنْ نَظَائِرهَا أَنْ يَقْصِدَ الْجُنُبُ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا وَالْمُصَلِّي الْقِرَاءَةَ وَالذِّكْرَ لِمُجَرَّدِ التَّفْهِيمِ وَنَحْوِهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى السِّرَايَةِ وَالتَّغْلِيبِ، فَإِنْ كَانَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَزَوْجَةَ غَيْرِهِ، أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ فِي الَّذِي يَمْلِكُهُ إجْمَاعًا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْهَا الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّهَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ صَحَّ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ تَخْرِيجٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ، أَنَّهَا تُبْطِلُ الثُّلُثَ، لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ حَكَيَا وَجْهًا فِيمَا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ وَأَبْطَلْنَاهَا لِلْوَارِثِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْآخَرِ تَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِمُبَعَّضٍ وَمَالِكُ الْبَعْضِ وَارِثُهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَتْ وَقُلْنَا لَا يَدْخُلُ الْكَسْبُ النَّادِرُ الْمُهَايَأَةَ فَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ، فَإِنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِهَا بَطَلَتْ، وَلَمْ يُخْرِجُوا نَصِيبَ الْمُبَعَّضِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَفِي التَّتِمَّةِ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ، لَوْ وَهَبَهُ عَبْدًا فَخَرَجَ نِصْفُهُ مُسْتَحَقًّا فَهَلْ يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ فِي الْكُلِّ أَمْ لَا يَبْنِي عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَبْطُلُ فِيهِ مُعَيَّنًا إمَّا بِالشَّخْصِ أَوْ بِالْجُزْئِيَّةِ، لِيَخْرُجَ صُورَتَانِ وَهُمْ مَنْ خَرَّجَهُمَا عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
إحْدَاهُمَا) ، إذَا عَقَدَ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ (وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي أَرْبَعٍ وَيَبْطُلُ فِي وَاحِدَةٍ) ، لِأَنَّهُ لَيْسَتْ هَذِهِ بِأَوْلَى مِنْ هَذِهِ وَغَلِطَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ بِتَخْرِيجِهَا.
(الثَّانِيَةُ) ، إذَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، (فَسَدَ الْبَيْعُ) ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ (يَبْطُلُ فِي وَاحِدٍ وَيَصِحُّ فِي ثَلَاثَةٍ) لِمَا ذَكَرْنَا، وَغَلِطَ الْبَالِسِيُّ فِي (شَرْحِ التَّنْبِيهِ) بِتَخْرِيجِهَا. وَلَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَرْضٌ مُنَاصَفَةً، فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فِيهَا قِطْعَةً مُدَوَّرَةً، وَبَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، قَالَ الْبَغَوِيّ، لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي غَيْرِهَا.
وَلَوْ قَالَ، ضَمِنْت لَك الدَّرَاهِمَ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا فَهَلْ يَصِحُّ فِي ثَلَاثَةٍ: وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ أَجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، هَلْ يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ؟ وَجْهَانِ، وَيَجْرِيَانِ فِي الْإِقْرَارِ بِهَا، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ.
نَعَمْ، يُسْتَثْنَى صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ عَقَدَ الْمُسَابَقَةَ، ثُمَّ ظَهَرَ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ فِيهِ، وَيَسْقُطُ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ وَاحِدٌ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ تَحَجَّرَ الشَّخْصُ أَكْثَرَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَى إحْيَائِهِ، فَقِيلَ: يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي، يَصِحُّ فِيمَا مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ قَوِيٌّ.
الرَّابِعُ: إمْكَانُ التَّوْزِيعِ، فَيَخْرُجُ مَا إذَا بَاعَ مَجْهُولًا وَمَعْلُومًا.
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَبْطُلُ فِيهِ مَعْلُومًا، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَمْ يَصِحَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُخْبِرُ بِالْقِسْطِ. وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ، لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: فِي الْأَرْضِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ.
نَعَمْ، قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ
إحْيَاءِ الْمَوَاتِ لَوْ بَاعَ الْمَاءَ فِي قَرَارِهِ، فَإِنْ كَانَ جَارِيًا، (فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا) ، وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ.
السَّادِسُ: أَنْ لَا يُخَالِفَ الْإِذْنَ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ عَلَى عَشَرَةٍ فَرَهَنَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ، بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِمُخَالَفَةِ الْإِذْنِ، كَذَا عَلَّلَهُ فِي الرَّافِعِيِّ، وَقَضِيَّتُهُ جَرَيَانُهُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، إذَا ضَمَّ إلَيْهِ غَيْرَ الْمَأْذُونِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ، لِيَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا طُولُهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضٍ مُعَيَّنٍ، فَنَسَجَ أَحَدَ عَشَرَ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ (وَإِنْ جَاءَ بِهِ وَطُولُهُ تِسْعَةٌ، فَإِنْ كَانَ طُولُ السَّدَى عَشَرَةً اسْتَحَقَّ مِنْ الْأُجْرَةِ) بِقَدْرِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْسِجَ عَشَرَةً لَتَمَكَّنَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ طُولُهُ تِسْعَةً لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ.