الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُهَا: مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ، وَلَهُ سَبَبَانِ: السَّفَرُ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً. الثَّانِي: مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ: الْمَرَضُ، الْخَوْفُ، وَشِدَّةُ الْخَوْفِ. الثَّالِثُ: مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ، وَهُوَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ وَتَأْخِيرُهَا لِلْجَمْعِ، وَلَهُ سَبَبَانِ: السَّفَرُ وَالْمَطَرُ. وَيَجِيءُ ثَالِثٌ عَلَى رَأْيٍ وَهُوَ الْمَرَضُ.
[التَّخْيِيرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]
: الْأَوَّلُ: مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّبْعِيضُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ، وَرَضِيَ؛ وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَا يَجُوزُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَيُطْعِمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَلَا أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَ عَبْدٍ، وَيَصُومَ شَهْرًا بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَجُوزُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَكْسُوَ خَمْسَةً، وَلَا يُجْزِي فِي الْفِطْرَةِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ صَاعٌ مِنْ جِنْسَيْنِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ فَضَلَ صَاعٌ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَهُ وَلَدَانِ يُخْرِجُهُ عَنْ أَيِّهِمَا
شَاءَ، وَلَا يُخْرِجُ نِصْفَ صَاعٍ عَنْ هَذَا وَالنِّصْفَ الْآخَرَ عَنْ الْآخَرِ.
وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ، فَلَوْ أَدَّى ثُلُثَ شَاةٍ، وَأَطْعَمَ بِقَدْرِ ثُلُثِ شَاةٍ وَصَامَ الْبَاقِيَ مِنْهَا فَفِي الْبَحْرِ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، قَالَ الْقَفَّالُ: فِيهِ وَجْهَانِ (وَوَجْهُ) الْجَوَازِ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ الثُّلُثُ فِيهِ ابْتِدَاءً دُونَ الْكُلِّ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ قَالَ: وَهَذَا أَقْيَسُ عِنْدِي (وَأَشْبَهُ) بِالْمَذْهَبِ، وَفِي الْفُرُوقِ لِلشَّيْخِ (أَبِي مُحَمَّدٍ) ، لَوْ فَضَلَ فِي الْفِطْرَةِ عَنْ قُوتِ الرَّجُلِ بَعْضُ صَاعٍ لَزِمَهُ؛ لِإِمْكَانِ تَصَوُّرِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ، كَمَا فِي مَالِكِي الْعَبْدِ، فَإِنْ تَصَوَّرَ مِثْلَهُ فِي الْكَفَّارَةِ أَلْحَقْنَاهَا بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَذَلِكَ مِثْلُ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيُتَصَوَّرُ وُجُوبُ بَعْضِهِ بِتَلَفِ الصَّيْدِ أَوْ جَرْحِهِ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاءُ صَيْدٍ جَازَ أَنْ يَحْصُلَ بَعْضُهُ مِنْ النَّعَمِ وَبَعْضُهُ مِنْ الطَّعَامِ.
قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ: وَالشَّفِيعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَالتَّرْكِ، فَلَوْ أَرَادَ أَخْذَ بَعْضِ الشِّقْصِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً تَخَيَّرَ بَيْنَ رَدِّهِمَا، أَوْ تَرْكِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَتَرْكُ الْآخَرِ. قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَشْرَةً، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أُقِرُّ بِخَمْسَةٍ، وَأَحْلِفُ بِخَمْسَةٍ، لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَحْلِفُ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَرُدُّ الْيَمِينَ فِي خَمْسَةٍ
فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
وَالْفَرْقُ، أَنَّهُ فِي (الْأُولَى) حَصَلَ مَقْصُودُ الْمُدَّعِي فِي الْقَبْضِ، وَفِي الثَّانِيَةِ خِلَافُهُ وَمِنْهَا أَنَّ الشَّرْعَ، خَيَّرَ الْمُتَوَضِّئَ بَيْنَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْسِلَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ، وَيَمْسَحَ عَلَى الْأُخْرَى لَمْ يُجْزِ، جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَمِنْهَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، إذَا خَيَّرْنَاهُ بَيْنَ الْأَجْنَاسِ، فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ جِنْسَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ، كَمَا إذَا وَجَبَ الشَّعِيرُ وَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ، وَنِصْفَ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ تَجْوِيزَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الدَّافِعِ، فَلَوْ تَعَدَّدَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُمَا عَبْدٌ وَهُمَا مُخْتَلِفَا الْقُوتِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَعِّضْ مَا عَلَيْهِ، وَطَرَدَ ابْنُ سُرَيْجٍ الْمَنْعَ، وَقَالَ: الْمُخْرَجُ عَنْهُ وَاحِدٌ، فَلَا يُبَعَّضُ وَاجِبُهُ، وَمِثْلُهُ، لَوْ قَتَلَ ثَلَاثَةٌ مَحْرُومُونَ ظَبْيَةً فَعَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ شَاةٍ، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ إطْعَامٍ، فَلَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ شَاةٍ وَأَطْعَمَ الثَّانِي بِقِيمَةِ شَاةٍ، وَصَامَ الْآخَرُ عَدْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهَا وَاحِدًا لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ مَمْنُوعٌ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَجْهًا فِيمَنْ مَلَكَ عِشْرِينَ مِنْ الضَّأْنِ وَآخَرَ عِشْرِينَ مِنْ الْمَعْزِ وَخَلَطَا ذَلِكَ حَتَّى وَجَبَتْ فِيهِمَا الزَّكَاةُ أَنَّ لِمَالِك الضَّأْنِ أَنْ يُخْرِجَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ مِنْ جِنْسِ مَا يَمْلِكُ، فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِمَاءٍ بَعْضُهُ عَذْبٌ وَبَعْضُهُ مِلْحٌ فَقَدْ جَازَ التَّبْعِيضُ فِي التَّخْيِيرِ، قِيلَ الْكُلُّ مَاءٌ وَاحِدٌ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ الْإِطْلَاقُ فَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْئَانِ وَيَجُوزُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنْ يُتِمَّ إحْدَاهُمَا وَيُقْصِرَ الْأُخْرَى لِمَا ذَكَرْنَا وَأَنْ يَجْمَعَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ، وَلِهَذَا حَصَرَهُ (الْجِيلِيُّ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَوْنَ الْحَجَرِ نَجِسًا.
(تَنْبِيهَاتٌ) .: (الْأَوَّلُ) : احْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا إلَّا إذَا كَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ عَنْ (الْجُبْرَانِ) فِي الزَّكَاةِ فَلَوْ لَزِمَهُ
بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَدِمَهَا، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ دَفَعَهَا وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ حِقَّةٌ دَفَعَهَا وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا وَلَا تُجْزِئُ شَاةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَنْ جُبْرَانٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ خَيَّرَ بَيْنَ شَاتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَامْتَنَعَ التَّبْعِيضُ، فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الْآخِذَ وَرَضِيَ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ إسْقَاطَ حَقِّهِ كُلِّهِ وَهُوَ مُعَيَّنٌ بِخِلَافِ السَّاعِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْفُقَرَاءِ وَهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفُقَرَاءُ مَحْصُورِينَ وَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَهَذَا عَارِضٌ، وَكَمَا لَوْ وَجَبَ لَهُ قِصَاصٌ عَلَى جَمَاعَةٍ، فَيَجُوزُ قَتْلُ الْجَمِيعِ أَوْ أَخْذُ الدِّيَةِ مِنْهُمْ، فَلَوْ قَتَلَ بَعْضَهُمْ وَأَخَذَ الدِّيَةَ مِنْ الْبَعْضِ جَازَ.
وَلَوْ وَجَدَ بَعْضَ الْإِبِلِ فِي الدِّيَةِ أَخَذَهُ وَقِيمَةَ الْبَاقِي. نَعَمْ، الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي الْأَسِيرِ بَيْنَ الْإِرْقَاقِ وَالْمَنِّ، فَلَوْ أَرَقَّ بَعْضَهُ قَالَ الْبَغَوِيّ: رَقَّ كُلُّهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَا يُرَقُّ شَيْءٌ وَهَذَا الْبَحْثُ يَتَأَيَّدُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
(الثَّانِي) : مَا جَازَ عَلَى الْبَدَلِ لَا يَدْخُلُهُ تَبْعِيضٌ فِيهِمَا أَيْضًا؛ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَدَدِ: الْوَاجِبُ الْوَاحِدُ لَا يَتَأَدَّى بِبَعْضِ الْأَصْلِ وَبَعْضِ الْبَدَلِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَكَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ، أَمَّا فِي أَحَدِهِمَا فَنَعَمْ، كَمَا لَوْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ وَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْبَاقِي.
الثَّالِثُ) : مَنْ أَمَرَ بِشَيْءٍ وَعَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ جُمْلَةً وَأَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِنِصْفَيْهِ مَعًا هَلْ يُجْزِيهِ؟ ، نَنْظُرُ إنْ كَمَّلَ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ فِيمَا الشَّرْعُ مُتَشَوِّفٌ لِتَكْمِيلِهِ أَجْزَأَهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُعْسِرُ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْهِ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَكَانَ بَاقِيهمَا حُرًّا أَجْزَأَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ امْتَنَعَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ فِي الزَّكَاةِ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ وَقِيلَ: يَجُوزُ إنْ كَانَ بَاقِيهِمَا لِلْفُقَرَاءِ حَكَاهُ الْجُرْجَانِيُّ (وَكَالتَّضْحِيَةِ بِنِصْفَيْ شَاتَيْنِ) وَإِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ صَاعًا مِنْ جِنْسَيْنِ.
(الْبَحْثُ الثَّانِي) : مَا دَخَلَهُ التَّخْيِيرُ مِنْ الْحُقُوقِ إنْ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ كَانَتْ الْخِيَرَةُ لِلدَّافِعِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَكَمَا فِي الزَّكَاةِ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ لِلْمَالِكِ وَكَمَا لَوْ غَصَبَ مِثْلِيًّا وَخَلَطَهُ فَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ كَانَ الْخِيَارُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ كَمَا لَوْ مَلَكَ مِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ وَوَجَدَ الْفَرْضَيْنِ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ لِلشَّافِعِيِّ (رضي الله عنه) أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْأَغْبَطِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ، وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ تَخْيِيرَهُ كَالصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِكِ فَكَانَ التَّخْيِيرُ لِمُسْتَحِقِّهِ.
وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ فَقَطْ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالرَّافِعِيِّ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ وَعَلَيْهِ
الْجُمْهُورُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ صُوَرٌ: (أَحَدُهَا) : الْعَيْنُ الْمُقْتَرَضَةُ إذَا طَلَبَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُقْتَرِضُ دَفْعَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُجَابُ الْمَالِكُ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْقَرْضَ بِالْقَبْضِ وَيَثْبُتُ بَدَلُهُ فِي (ذِمَّتِهِ) . (الثَّانِيَةُ) : لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ. (الثَّالِثَةُ) : لَوْ تَمَلَّكَ اللُّقَطَةَ ثُمَّ ظَهَرَ مَالِكُهَا، فَإِنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ رُجُوعِهِ فِي عَيْنِهَا مَعَ أَنَّ بَدَلَهَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ بِمُجَرَّدِ التَّمَلُّكِ وَانْتَقَلَتْ الْعَيْنُ إلَى صَاحِبِهَا بِمُجَرَّدِ ظُهُورِهِ بَلْ حَقُّهُ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَنْ تَظْهَرَ الْعَيْنُ بِخُصُوصِهَا أَوْ بَدَلِهَا حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ الْمُلْتَقِطَ فَتَصِحُّ وَلَوْ تَعَيَّبَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، ثُمَّ ظَهَرَ مَالِكُهَا وَطَلَبَ بَدَلَهَا سَلِيمًا، وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ دَفْعَهَا مَعَ الْأَرْشِ فَإِنَّهُ يُجَابُ فِي الْأَصَحِّ.
(الْبَحْثُ الثَّالِثُ) : مَا يُخَيَّرُ فِيهِ إذَا اخْتَارَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ ثُمَّ اخْتَارَ الْآخَرَ قَدْ يَلْزَمَانِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَاهُمَا، يُخَيَّرُ، وَفِي الْأَصَحِّ فَمَا اخْتَارَهُ لَزِمَهُ، فَلَوْ اخْتَارَ الطَّلَاقَ ثُمَّ الظِّهَارَ نَفَذَا كَمَا لَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَلُقَتَا
وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ اخْتَارَ إحْدَى خِصَالِ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ رَجَعَ، وَاخْتَارَ غَيْرَهَا أَوْ اخْتَارَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ فِي الْمِائَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ وَاخْتَارَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ أَوْ أَخَذَ مُحْتَمَلَ الْحَدَثَيْنِ بِالْوُضُوءِ، ثُمَّ اخْتَارَ الْغُسْلَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ هُوَ تَعْيِينُ إيقَاعٍ فَلَمْ يَقْبَلْ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ.
وَإِذَا اخْتَارَ الْمُمَيِّزُ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ دُفِعَ إلَيْهِ فَلَوْ اخْتَارَ الْآخَرَ حُوِّلَ إلَيْهِ، وَلَوْ اخْتَارَ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَوُجِّهَتْ الدِّيَةُ وَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: عَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ قَالَ: اخْتَرْت الْقِصَاصَ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الدِّيَةِ لِأَنَّهَا أَخَفُّ أَمْ لَا كَعَكْسِهِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي قَالَ الْبَغَوِيّ.
(الرَّابِعُ) : مَنْ ثَبَتَ لَهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ حَقَّيْنِ فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا سَقَطَ الْآخَرُ، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي امْتِنَاعِهِ ضَرَرٌ عَلَى غَيْرِهِ تُرِكَ، وَإِنْ كَانَ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمَ فِي اخْتِيَارِ الْأَحَظِّ إنْ كَانَ مَالِيًّا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَالِيٍّ أُلْزِمَ بِالِاخْتِيَارِ وَيَتَّضِحُ بِصُوَرٍ:(وَمِنْهَا) لَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَنْهُ، وَقُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ تَعَيَّنَ لَهُ الْمَالُ، وَلَوْ عَفَا عَنْ الْمَالِ ثَبَتَ لَهُ الْقَوَدُ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ أَوْ الْعَفْوِ إذْ لَا ضَرَر عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ، وَإِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ مُطَالَبَةُ وَرَثَتِهِ بِالْعُقُوبَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
(وَمِنْهَا) : لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَظَهَرَ مَعِيبًا ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ، دَلَّ عَلَى الرِّضَا، وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْأَرْشِ، وَكَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إمَّا الرَّدُّ، وَإِمَّا الْأَرْشُ، فَإِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ، (وَمِنْهَا) : إذَا أَتَاهُ الْمَدْيُون بِالدَّيْنِ، وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ أُمِرَ بِقَبْضِهِ، فَإِنْ
امْتَنَعَ قَبَضَهُ الْحَاكِمُ وَبَرِئَ.
(وَمِنْهَا) : لَوْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا وَطَالَتْ مُدَّتُهُ وَلَمْ يُحْيِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ (عَنْهُ) قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ: أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ. (وَمِنْهَا) : لَوْ أَبَى الْمَوْلَى بَعْدَ الْمُدَّةِ أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ (وَمِنْهَا) : لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ فَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ فَنَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَجُعِلَ مُقِرًّا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بَدَلٌ مِنْ الْإِقْرَارِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْبَدَلِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْأَصْلِ.
(الْخَامِسُ) : إنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ جِنْسَيْنِ كَوَاجِبَيْنِ أَوْ مَنْدُوبَيْنِ، لَا بَيْنَ مُبَاحٍ وَحَرَامٍ، وَأَوْرَدَ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْخَمْرِ وَاللَّبَنِ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَيْنَ مُبَاحَيْنِ، فَإِنَّ الْخَمْرَ إنَّمَا حُرِّمَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ فِي السَّمَاءِ وَلَا تَكْلِيفَ فِيهَا وَبِذَلِكَ أُجِيبَ أَيْضًا عَنْ احْتِجَاجِ آدَمَ عليه السلام بِالْقَدْرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ