الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[التَّقْلِيدُ]
ُ مُمْتَنِعٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْقَادِرِ عَلَى الدَّلِيلِ كَافٍ لِلْعَاجِزِ عَنْهُ، فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ الْقَطْعُ، وَالظَّنُّ كَافٍ فِي كُلِّ عِلْمٍ بِكَيْفِيَّةٍ أَوْ فِي عِلْمٍ لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ الْقَطْعُ وَالْيَقِينُ، وَبَيَانُهُ أَنْ يَقُولَ: كُلُّ مَسْأَلَةٍ يَتَعَلَّقُ بِهَا عَمَلٌ، فَإِنَّ الظَّنَّ فِيهَا كَافٍ، وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا عَمَلٌ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ.
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ إنْ كُلِّفَ فِيهَا بِالْعِلْمِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْأَخْذُ بِالظَّنِّ، وَإِلَّا جَازَ، كَالتَّفَاضُلِ بَيْنَ (فَاطِمَةَ)(وَخَدِيجَةَ) وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.
(وَاعْلَمْ) أَنَّ اكْتِفَاءَ الشَّرْعِ فِي الْفُرُوعِ بِالظَّنِّ لَيْسَ بِمُتَعَلِّقٍ لِلْعَمَلِ بِالظَّنِّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَمَارَةُ وُجُوبِ الْعَمَلِ، لَا مُسْتَنَدُ الْعَمَلِ وَإِنَّمَا اسْتَنَدَ الْعَمَلُ إلَى الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ وَالْإِجْمَاعِ، وَعَنْ هَذَا، قَالَ (الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ) لَيْسَ
فِي الشَّرِيعَةِ تَقْلِيدٌ إذْ حَقِيقَةُ التَّقْلِيدِ قَبُولُ الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ وَدَلِيلٍ، فَكَمَا أَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ مَقْبُولٌ لِقِيَامِ الْمُعْجِزَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ، كَذَلِكَ قَبُولُ أَخْبَارِ الْآحَادِ، وَأَقْوَالِ الْمُفْتِينَ وَالْحُكَّامِ مَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْأُمَّةِ الْمَعْصُومَةِ، فَنَزَلَتْ أَقْوَالُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَيْهِمْ بِالْإِجْمَاعِ مَنْزِلَةَ أَخْبَارَ الْآحَادِ وَالْأَقْيِسَةِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْمَصِيرِ إلَيْهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِمَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا خِلَافٌ، وَجَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِالْمَنْعِ، فَفِي فَتَاوِيهِ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَلْمِسَ امْرَأَةً ثُمَّ يُصَلِّيَ، وَلَا يَتَوَضَّأَ تَقْلِيدًا لِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّمْسَ لَا يُنْقِضُ لِأَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي هَذَا، فَلَا يَجُوزُ إنْ يُخَالِفَ اجْتِهَادَهُ.
كَمَا لَوْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ فَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى غَيْرِهَا انْتَهَى.
وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ حَيْثُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ: إنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ يَعْسُرُ تَفْرِيقُهَا عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا قِسْمَتَهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. فَائِدَةٌ إذَا أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِالْوَقْتِ عَنْ عِلْمٍ، عَمِلَ بِهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الْعِلْمُ أَمْ لَا كَمَا صَحَّحَهُ