المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[التَّعْدِيلُ فِي الْبَيِّنَةِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَشْهُودِ - المنثور في القواعد الفقهية - جـ ١

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْنَى الْفِقْه وَأَنْوَاعه]

- ‌[فَائِدَةٌ فِيمَا نضج مِنْ الْعُلُوم وَمَا احترق أولم ينضج وَلَمْ يحترق]

- ‌[حَرْفُ الْأَلِفِ] [

- ‌الْإِبَاحَةُ]

- ‌[الْإِبْرَاءُ]

- ‌[الْأَبْنِيَةُ]

- ‌[الْأُبُوَّةُ وَالْبُنُوَّةُ مُتَضَايِفَانِ]

- ‌[اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ يَمْتَنِعُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ يَمْتَنِعُ إلَّا فِي صُوَرٍ]

- ‌[الْإِثْبَاتُ]

- ‌[الْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ إلَّا فِي وُجُوبِ التَّأْقِيتِ وَالِانْفِسَاخِ]

- ‌[الْأَجَلُ لَا يَحِلُّ بِغَيْرِ وَقْتِهِ إلَّا فِي صُوَرٍ]

- ‌[الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِوَاحِدٍ]

- ‌[إدْرَاكُ بَعْضِ وَقْتِ الْعِبَادَةِ نَوْعَانِ]

- ‌[أَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ عَلَى أَضْرُبٍ]

- ‌[الْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ إذْنٌ فِيمَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الشَّيْءُ إيجَابَهُ]

- ‌[الْإِذْنُ فِي تَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ هَلْ يَتَعَدَّى مَا وَجَبَ بِسَبَبِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مُخَالَفَةَ الْإِذْن]

- ‌[تَكْرَار الْأَذَان]

- ‌[إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ هَلْ يَبْقَى الْعُمُومُ]

- ‌[الْبَدَلِ الْمَأْخُوذِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ]

- ‌[إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ]

- ‌[إذَا اتَّسَعَ الْأَمْرُ ضَاقَ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ فِي الْعِبَادَةِ جَانِبُ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ غَلَّبْنَا جَانِبَ الْحَضَرِ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ أَوْ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ أَوْ الْغُرُورُ وَالْمُبَاشَرَةُ قُدِّمَتْ الْمُبَاشَرَةُ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ الْمُمْسِكُ وَالْقَاتِلُ]

- ‌[إذَا عُلِّقَ الْحُكْمُ بِعَدَدٍ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالْآخَرِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْقَابِضُ وَالدَّافِعُ فِي الْجِهَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْغَارِمُ وَالْمَغْرُومُ لَهُ فِي الْقِيمَةِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا إلَى دَفْعِ الْعَقْدِ وَالْآخَرُ إلَى إمْسَاكِهِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ]

- ‌[إذَا أَنْفَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ هَلْ يَرْجِعُ]

- ‌[إرَاقَةُ الدَّمِ الْوَاجِبَةُ بِسَبَبِ النُّسُكِ تَتَعَيَّنُ بِالْحَرَمِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ]

- ‌[الْأَسْبَابُ الْمُطْلَقَةُ أَحْكَامُهَا تَتَعَقَّبُهَا]

- ‌[اسْتِدَامَةُ بَقِيَّةِ الْفِعْلِ]

- ‌[الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ هَلْ هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ اللَّفْظِيِّ]

- ‌[إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَعِبَارَةِ النَّاطِقِ فِي الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَالدَّعَاوَى وَالْأَقَارِيرِ]

- ‌[إشَارَةُ النَّاطِقِ الْقَادِرِ عَلَى الْعِبَارَةِ لَغْوٌ إلَّا فِي صُوَرٍ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ وَاخْتَلَفَ مُوجِبُهُمَا]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ بِنَاؤُهَا عَلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا]

- ‌[الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ أَوْ التَّحْرِيمُ أَوْ الْوَقْفُ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ]

- ‌[الْأَصْلِيُّ لَا يُعْتَدُّ مَعَهُ بِالْمُعَارِضِ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ أَنْ تَتَقَدَّمَ عَلَى الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْعِوَضِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ]

- ‌[الْأُصُولُ الَّتِي لَهَا أَبْدَالٌ تَنْتَقِلُ إلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ]

- ‌[الِاصْطِلَاحُ الْخَاصُّ هَلْ يَرْفَعُ الِاصْطِلَاحَ الْعَامَّ]

- ‌[الْأَصَابِعُ فِي الصَّلَاةِ لَهَا سِتُّ حَالَاتٍ]

- ‌[إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ]

- ‌[الْإِعْرَاضُ عَنْ الْمِلْكِ أَوْ حَقِّ الْمِلْكِ]

- ‌[الْإِقْرَارُ]

- ‌[إقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْإِمَامُ هَلْ يَلْحَقُ بِالْوَلِيِّ الْخَاصِّ]

- ‌[إمْكَانُ الْأَدَاءِ شَرْطٌ فِي اسْتِقْرَارِ الْوَاجِبَاتِ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[الِانْعِطَافُ عَلَى مَا قَبْلَهُ إنْ كَانَ فِي حُكْمِ الْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ]

- ‌[الْإِنْشَاءُ]

- ‌[أَوَائِلُ الْعُقُودِ تُؤَكَّدُ بِمَا لَا يُؤَكَّدُ بِهِ أَوَاخِرُهَا]

- ‌[الِائْتِمَانُ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْإِيثَارُ ضربان]

- ‌[حَرْفُ الْبَاءِ] [

- ‌الْبِدْعَةُ]

- ‌[الْبَدَلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْبَعْضُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ هَلْ يَجِبُ]

- ‌[حَرْفُ التَّاءِ] [

- ‌التَّابِعُ لَا يُفْرَدُ]

- ‌[التَّابِعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ]

- ‌[التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ]

- ‌[التَّابِعُ هَلْ يَكُونُ لَهُ تَابِعٌ]

- ‌[التَّبَعِيَّةُ ضَرْبَانِ]

- ‌[التَّبْعِيضُ وَالتَّجْزِئَة إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَالثَّلَاثَةِ]

- ‌[التَّأْقِيتُ]

- ‌[التَّتَابُعُ]

- ‌[تَحَمُّلُ الْمُؤْنَةِ بِمَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[التَّحَمُّلُ مَرَاتِبُ]

- ‌[التَّحِيَّاتُ ثَمَانٍ]

- ‌[التَّحْرِيمُ الْمُتَوَقَّعُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِ عَدَمُ الْحِلِّ]

- ‌[التَّحْرِيمُ يَتَعَدَّدُ وَتَتَعَدَّدُ أَسْبَابُهُ]

- ‌[التَّخْفِيفُ فِي الشَّرْعِ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[التَّخْيِيرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[تَخْصِيصُ جِهَةِ الِانْتِفَاعِ هَلْ تَتَعَيَّنُ إذَا عَيَّنَهَا الدَّافِعُ]

- ‌[تَخَلُّلُ الْمَانِعِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لَا أَثَرَ لَهُ غَالِبًا فِي صُوَرٍ]

- ‌[التَّدْلِيسُ حَرَامٌ]

- ‌[التَّدَاخُلُ يَدْخُلُ فِي ضُرُوبٍ]

- ‌[مَا يَجِب فِيهِ التَّرْتِيب]

- ‌[التَّرْتِيبُ الذِّهْنِيُّ]

- ‌[التَّرْجَمَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أَقْسَامٌ]

- ‌[التَّرَادُفُ أَقْسَامٌ]

- ‌[التَّرْكُ فِعْلٌ إذَا قُصِدَ]

- ‌[التَّزَاحُمُ]

- ‌[التَّسْمِيَةُ]

- ‌[تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[تَصَرُّفُ الْحَاكِمِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ]

- ‌[تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ]

- ‌[التَّصْرِيحُ بِبَعْضِ مَا يَقْتَضِيه الْإِطْلَاقُ هَلْ يَكُونُ مُفْسِدًا]

- ‌[فُصُولُ التَّعَارُضِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْأَصْلَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَاجِبِ وَالْمَحْظُورِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَاجِبَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ السُّنَّتَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ فَضِيلَتَيْنِ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْمَسْنُونِ وَالْمَمْنُوعِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي]

- ‌[تَعَارُضُ الْمَفْسَدَتَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْمُوجِبِ وَالْمُسْقِطِ]

- ‌[تَعَارُضِ الْخِصَالِ]

- ‌[تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[تَعَدِّي مَحَلِّ الْحَقِّ إلَى غَيْرِهِ هَلْ يَبْطُلُ بِهِ الْمُسْتَحَقُّ أَوْ يَبْقَى]

- ‌[قَصْدُ النُّقْصَانِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[التَّعْدِيلُ فِي الْبَيِّنَةِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ]

- ‌[التَّعْرِيضُ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَنْ تَصَرَّفَ فِي عَيْنٍ فِيهَا عُلْقَةٌ لِغَيْرِهِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالْعَبْدِ]

- ‌[التَّعْلِيقُ]

- ‌[تَعْلِيقُ النِّيَّةِ]

- ‌[تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ]

- ‌[التَّقْدِيمُ]

- ‌[التَّقَاصُّ]

- ‌[فُرُوعٌ مِنْ التَّقَاصِّ]

- ‌[التَّقْلِيدُ]

- ‌[التَّقْوِيمُ]

- ‌[التَّمَنِّي]

- ‌[التَّنْكِيرُ يَقْتَضِي التَّوْحِيدَ]

- ‌[التَّوَاطُؤُ قَبْلَ الْعَقْدِ]

- ‌[التَّوْبَةُ]

- ‌[التَّيَمُّنُ]

الفصل: ‌ ‌[التَّعْدِيلُ فِي الْبَيِّنَةِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَشْهُودِ

[التَّعْدِيلُ فِي الْبَيِّنَةِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ]

ِ يَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِ وَجْهَانِ مَأْخَذُهُمَا مَا ذَكَرْنَا.

وَلِهَذَا الْفَرْعِ أَصْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْدِيلِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِالْعَدَالَةِ، فَإِنْ كَانَ تَعْدِيلًا لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يُقْبَلُ قَطْعًا.

[التَّعْرِيضُ]

" التَّعْرِيضُ قَالَ (السَّكَّاكِيُّ) فِي الْمِفْتَاحِ نَوْعٌ مِنْ الْكِنَايَةِ يَكُونُ (مَسُوقًا لِمَوْصُوفٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ)(كَمَا)(يُقَالُ) فِي عَرْضِ مَنْ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ، الْمُؤْمِنُ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي وَيُزَكِّي، وَلَا يُؤْذِي أَخَاهُ (الْمُسْلِمَ) وَيُتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى (نَفْيِ) الْإِيمَانِ عَنْ الْمُؤْذِي. وَقَالَ فِي (الْكَشَّافِ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ، (أَنَّ) الْكِنَايَةَ أَنْ

ص: 360

يَذْكُرَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَالتَّعْرِيضَ أَنْ يَذْكُرَ شَيْئًا يَدُلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَذْكُرْهُ، كَمَا يَقُولُ الْمُحْتَاجُ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ جِئْتُك لِأُسَلِّمَ عَلَيْك وَلِأَنْظُرَ إلَى وَجْهِك الْكَرِيمِ فَكَأَنَّهُ إمَالَةُ الْكَلَامِ إلَى غَرَضٍ يَدُلُّ عَلَى الْغَرَضِ وَيُسَمَّى التَّلْوِيحَ، لِأَنَّهُ يَلُوحُ مِنْهُ مَا يُرِيدُهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ عِنْدَنَا فِي الْأَحْكَامِ، إلَّا فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ (كَقَوْلِهِ يَا ابْنَ الْحَلَالِ وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ، فَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ عِنْدَنَا، وَإِنْ نَفَاهُ) خِلَافًا لِمَالِكٍ.

قَالَ (ابْنُ الْعَرَبِيِّ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَا عُذْرَ لَهُ، لِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ فَصِيحٌ، لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مَا فِي الْكِنَايَةِ مِنْ الْإِبْهَامِ.

قُلْت إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ بِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ لَا يُوجِبُهُ، وَلَمْ يُخَالَفْ فِيهِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي حَالَةِ التَّخَاصُمِ مَعَ الْغَيْرِ نِسْبَةُ صَاحِبِهِ إلَى شَيْءٍ وَتَزْكِيَةُ نَفْسِهِ لَا قَذْفُهُ، وَهُوَ وَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ فَهُوَ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، وَلِأَنَّهُ لَا إشْعَارَ لِلَّفْظِ بِهِ وَإِنَّمَا يُظَنُّ مِنْ خَارِجٍ وَالْحُدُودُ يُحْتَاطُ فِيهَا، فَلَا يَثْبُتُ مُوجِبُهَا إلَّا بِاللَّفْظِ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ.

وَمِنْ فُرُوعِهِ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْهَجْوِ، قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ، لَا يَكُونُ هَجْوًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَجْوًا، كَالصَّرِيحِ، وَقَدْ يَزِيدُ بَعْضُ التَّعْرِيضِ عَلَى التَّصْرِيحِ.

ص: 361

وَمِنْهَا تَعْرِيضُ أَهْلِ الْبَغْيِ بِسَبِّ الْإِمَامِ لَا يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ فِي الْأَصَحِّ.

وَمِنْهَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ: كُلُّ مَا حَرُمَ التَّصْرِيحُ بِهِ لِعَيْنِهِ (فَالتَّعْرِيضُ بِهِ حَرَامٌ أَيْضًا كَالْقَذْفِ وَالْكُفْرِ وَمَا حَلَّ التَّصْرِيحُ بِهِ أَوْ حَرُمَ لَا لِعَيْنِهِ، بَلْ لِعَارِضٍ) فَالتَّعْرِيضُ بِهِ جَائِزٌ كَخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ.

وَمِنْهَا التَّعْرِيضُ بِالْقَتْلِ لِمَنْ رَدَدْنَاهُ إلَى الْكُفَّارِ، إذَا شُرِطَ فِي الْهُدْنَةِ، كَقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِينَ رُدَّ لِأَبِيهِ: إنَّ دَمَ أَحَدِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ.

وَلَيْسَ لَنَا التَّصْرِيحُ بِهِ بِعَيْنِهِ وَمِنْهَا تَعْرِيضُ الْقَاضِي لِمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرُّجُوعِ «لِقَوْلِهِ عليه السلام لِمَاعِزٍ لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ لَمَسْت» وَلَا يَقُولُ لَهُ ارْجِعْ

ص: 362

بِالتَّصْرِيحِ، لِأَنَّهُ يَكُونُ أَمْرًا بِالْكَذِبِ.

وَلِلتَّعْرِيضِ قُيُودٌ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ بِالْحَدِّ مِثْلَ قُرْبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَلَا تَعْرِيضَ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَتَابِعُوهُ وَعَجِبَ مِنْ إسْقَاطِهِ مِنْ الرَّوْضَةِ مَعَ تَعَرُّضِ الرَّافِعِيِّ لَهُ.

الثَّانِي: أَنْ لَا يُقِرَّ صَرِيحًا، فَإِنْ صَرَّحَ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ، لِأَنَّهُ يَكُونُ تَكْذِيبًا لِنَفْسِهِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَثْبُتَ بِإِقْرَارِهِ، فَلَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ، لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ أَيْضًا.

وَمِنْهَا، قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَوْ شَهِدَ

ص: 363

الشَّاهِدُ بِمَجْهُولٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِمِثْلِهِ، فَالْقَاضِي لَا يُرْشِدُهُ إلَى الْإِعْلَامِ بِالْمَسْأَلَةِ وَالْبَحْثِ، فَإِنَّ هَذَا تَلْقِينُ الْحُجَّةِ، وَلَوْ نَسَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا، لَمْ يُنَبِّهْهُ الْقَاضِي، بَلْ يَتْرُكُهُ يَسْتَرْسِلُ، ثُمَّ يَقْضِي بِمُوجَبِ قَوْلِهِ.

وَالْمُدَّعِي إذَا ذَكَرَ دَعْوَى مَجْهُولَةً لَا تَصِحُّ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا مَعْلُومَةً وَجْهَانِ: وَظَاهِرُ النَّصِّ: نَعَمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ أَنَّ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ، فَلَا يَضُرُّ الْإِرْشَادُ فِيهَا.

تَعَلُّقُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ لَهُ مَرَاتِبُ تَعَرَّضَ لَهَا الْإِمَامُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأُولَى: وَهِيَ أَعْلَاهَا تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ فَإِنَّ الْوَثَائِقَ تَتَأَكَّدُ فِي الْأَعْيَانِ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ الدُّيُونِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَصْدُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي تَحْقِيقِ التَّوَثُّقِ مِنْ حَيْثُ إنْشَاءُ الرَّهْنِ فَلَمَّا تَأَكَّدَتْ الْوَثِيقَةُ امْتَنَعَ تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ فِي الْمَرْهُونِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ.

الثَّانِيَةُ: تَلِي مَا قَبْلَهَا تَعَلُّقُ الْأَرْشِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي قَبْلَ فِدَائِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي امْتِنَاعِ بَيْعِ الْمَرْهُونِ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ.

ص: 364

وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي حَقُّ الرَّهْنِ وَحَقُّ الْجِنَايَةِ قُدِّمَ حَقُّ الرَّهْنِ. قُلْت كَذَا قَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْمَرْهُونَ إذَا جَنَى يُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُ سِوَى الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ، وَقَالُوا إذَا أَدَّى بَعْضَ الدَّيْنِ الْمُرْتَهَنِ عَلَيْهِ لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ.

وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي دَوْرِيَّاتِ الْوَصَايَا أَنَّهُ لَوْ أَدَّى بَعْضَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ انْفَكَّ مِنْ الْعَبْدِ بِقِسْطِهَا فِي الْأَصَحِّ فَلْيُنْظَرْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

الثَّالِثَةُ: تَعَلُّقُ مُؤَنِ النِّكَاحِ بِكَسْبِ الْعَبْدِ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ. وَسَبَبُ تَأْخِيرِهَا عَمَّا قَبْلَهَا أَنَّ الْأَكْسَابَ مُتَوَقَّعَةٌ وَلَيْسَتْ بِنَاجِزَةٍ حَاصِلَةٍ وَالْوَثَائِقُ يَكْتَفِي بِشَيْءٍ كَائِنٍ حَاصِلٍ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ.

وَيَلْتَحِقُ بِهِ أُخَرُ: (أَحَدُهَا) : الدَّيْنُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقَ الْمَرْهُونِ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَمُرَاعَاةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي لِثُبُوتِهِ بِغَيْرِ رِضَاءِ الْمَالِكِ، وَقَالَ الْفُورَانِيُّ: (هُوَ كَتَعَلُّقِ

ص: 365