الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]
ٍ: (الْأَوَّلُ) : تَصَرُّفٌ بِالْوِلَايَةِ الْمَحْضَةِ، وَهُوَ (الْأَبُ) وَالْجَدُّ وَالْحَاكِمُ (ثَانِيهَا) تَصَرُّفٌ بِالنِّيَابَةِ الْمَحْضَةِ. إمَّا بِتَسْلِيطِ الْمَالِكِ وَهُوَ الْوَكِيلُ، أَوْ الشَّرْعُ كَالْحَاكِمِ فِي مَالِ الْغَائِبِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ وَحَكَى الْمُتَوَلِّي فِي بَابِ الْفَرَائِضِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَابَعَهُ الرَّافِعِيُّ (أَنَّ) وُقُوفَ الْمَسَاجِدِ وَالْقُرَى يَصْرِفُهَا صُلَحَاءُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ إلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَمَصَالِحِهِ، إذَا فُقِدَ مَنْ إلَيْهِ النَّظَرُ. (ثَالِثُهَا) : تُصْرَفُ بِنِيَابَةٍ (مَشُوبَةٍ) بِوِلَايَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ (مَشُوبَةٍ) بِنِيَابَةٍ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ حَيْثُ (إنَّهُ) يَتَصَرَّفُ (بِالتَّفْوِيضِ) يَكُونُ تَصَرُّفُهُ بِالنِّيَابَةِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَلِي التَّصَرُّفَ مِنْ نَفْسِهِ يَكُونُ بِالْوِلَايَةِ، ذَكَرَ هَذَا التَّقْسِيمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ تِجَارَةِ الْوَصِيِّ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَأَشَارَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَى خِلَافٍ فِي أَنَّ تَصَرُّفَ (الْوَصِيِّ) هَلْ هُوَ بِالنِّيَابَةِ أَوْ بِالْوِلَايَةِ وَبُنِيَ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا جُنَّ يَنْعَزِلُ فَإِذَا أَفَاقَ هَلْ تَعُودُ وِلَايَتُهُ: عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ غَلَّبْنَا النِّيَابَةَ لَا تَعُودُ، أَوْ الْوِلَايَةَ عَادَتْ، (وَيَخْرُجُ) مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافٌ فِي أَنَّ تَصَرُّفَ (الْوَصِيِّ) أَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِ
الْوَكِيلِ، أَوَّلًا، فَفِي الْأُمِّ عِنْدَ الْكَلَامِ (فِي) الْأَوْصِيَاءِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْوَصِيَّ أَضْعَفُ مِنْ الْوَكِيلِ، وَالْوَكِيلُ لَا يُوَكَّلُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فَالْوَصِيُّ أَوْلَى وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ: لَا يَبِيعُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ: (إنَّ) نِيَابَةَ الْوَصِيِّ أَقْوَى بِدَلِيلِ جَوَازِ تَوْكِيلِهِ فِيمَا يَقْدِرُ (عَلَيْهِ) عِنْدَ الْجُمْهُورِ، هَذَا كَلَامُهُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى (بِالْأَسْرَارِ) عَنْ الْقَفَّالِ: إنَّ عَقْدَ الْقَضَاءِ نِيَابَةٌ؛ وَلِهَذَا لَا يَسْتَخْلِفُ دُونَ الْإِذْنِ وَيَصِحُّ عَزْلُهُ، قَالَ الْقَاضِي: فَقُلْت لَهُ: لَوْ كَانَ لَبَطَلَ بِالْمَوْتِ وَلَمَّا نَفَذَ قَضَاؤُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: نَظَرًا لِلْمُسْلِمِينَ، (قُلْت) لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَلِلضَّرُورَةِ نَفَذَتْ قَضَايَاهُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَهُ حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ حُقُوقُهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ.
وَحَكَى الْإِمَامُ وَالرَّافِعِيُّ خِلَافًا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالنِّيَابَةِ. (رَابِعُهَا) تَصَرُّفٌ بِغَيْرِ مَا سَبَقَ وَهُوَ ضَرْبَانِ: (أَحَدُهُمَا) : أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالتَّصَدُّقِ بِمَالِ الْمَجْهُولِ الَّذِي انْقَطَعَ وَلَا يُعْرَفُ خَبَرُهُ عَلَى مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَكَاللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَوْ وَجَدَ حَيَوَانًا مُعَلَّمًا بِعَلَامَةِ الْهَدْيِ كَالْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فَإِنَّ لَهُ الْتِقَاطَهُ فِي الْأَصَحِّ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفَائِدَةُ الْتِقَاطِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالنَّحْرِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ كَمَا مَثَّلْنَا وَفِي الْأَبْضَاعِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الرُّفْقَةِ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا فَوَلَّتْ أَمْرَهَا رَجُلًا حَتَّى زَوَّجَهَا جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، بَلْ (تَحْكِيمًا) وَالْمُحَكَّمُ قَائِمٌ مَقَامَ الْحَاكِمِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ يَقْتَضِي
اشْتِرَاطَ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ؟ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا يَعْسُرُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ فَالْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ إذَا كَانَ عَدْلًا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَمِنْهُ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ عَلَى الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتُنْكَحُ. (الثَّانِي) : أَنْ لَا تَدْعُوَ حَاجَةٌ لِلتَّصَرُّفِ ابْتِدَاءً فَيَنْظُرُ إنْ دَعَتْ إلَى صِحَّتِهِ وَتَنْفِيذِهِ بِطُولِ مُدَّةِ التَّصَرُّفِ وَتَكَرُّرِهَا (وَتَعَذَّرَ) اسْتِرْدَادُ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمْوَالًا وَتَصَرَّفَ فِي (أَثْمَانِهَا) مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَطَرِيقَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ، وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ؛ (لِأَنَّ)(رَفْعَ) التَّصَرُّفِ الْكَثِيرِ بِالنَّقْضِ عُسْرٌ، وَإِنْ لَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا وَهُوَ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ، فَفِي بُطْلَانِهِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ وَقْفِهِ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَتَنْفِيذِهِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ.
وَاعْلَمْ: أَنَّ لِتَصَرُّفِ الشَّخْصِ فِي مَالِ غَيْرِهِ حَالَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) : أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ لِمَالِكِهِ فَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ، (وَثَانِيهِمَا) : أَنْ يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْغَاصِبُ فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقِ.
(خَامِسُهَا) : التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ فِيهِ مُخَالِفَةُ الْإِذْنِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ: (بِعْهُ) بِمِائَةٍ (فَبَاعَهُ) بِأَقَلَّ لَمْ يَصِحَّ، ثُمَّ لِلْوَكِيلِ فِي تَصَرُّفِهِ أَحْوَالٌ:(أَحَدُهَا) أَنْ يَقْصِدَ إيقَاعَهُ (عَنْ) مُوَكِّلِهِ فَوَاضِحٌ.
الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ نَفْسَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْعَيْنِ فَلَغْوٌ؛ وَلِهَذَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الصَّدَقَةِ بِمَالِهِ فَتَصَدَّقَ وَنَوَى نَفْسَهُ لَغَتْ نِيَّتُهُ، وَوَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَفِي (بَابِ) الدِّيَاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ، أَنَّ الْوَكِيلَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (إذَا قَالَ قَتَلْته لَا عَنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ، بَلْ لِغَرَضٍ نَفْسِيٍّ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ)، وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْمُوَكِّلِ (لِلتَّرِكَةِ) . الثَّالِثُ: أَنْ (لَا) يُطْلِقَ وَلَا يَقْصِدَ شَيْئًا، وَفِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ آخِرَ الطَّلَاقِ مِنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا طَلَّقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الِاسْتِذْكَارِ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا طَلَّقَ عَلَى الْمَوْلَى، (إنْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ فُلَانٍ، لَمْ يَقَعْ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَنَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ قَالَ: عَنْ فُلَانٍ، قَالَ (ابْنُ الْقَطَّانِ) يَصِحُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يُضِيفَ إلَى مُوَكِّلِهِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً، سَوَاءٌ طَلَّقَ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ. (سَادِسُهَا) : التَّصَرُّفُ (لِلْغَيْرِ) بِمَالِ الْمُتَصَرِّفِ كَمَنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ لِزَيْدٍ سِلْعَةً فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ، وَقَعَ الْعَقْدُ عَنْ الْمُبَاشِرِ، وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَغَتْ التَّسْمِيَةُ، وَهَلْ