الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[التَّدَاخُلُ يَدْخُلُ فِي ضُرُوبٍ]
أَحَدُهَا الْعِبَادَاتُ وَهِيَ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ فِي وَاجِبٍ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، وَمَقْصُودُهُمَا مُخْتَلِفٌ، فَلَا تَدَاخُلَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: طَوَافُ الْوَدَاعِ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى، ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ عَقِبَهُ لَمْ يَكْفِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ تَدَاخُلٌ كَغُسْلِ الْحَيْضِ مَعَ الْجَنَابَةِ، فَإِذَا أَجْنَبَتْ ثُمَّ حَاضَتْ كَفَى لَهُمَا غُسْلٌ وَاحِدٌ.
وَمِثْلُهُ الْمُحْدِثُ بِعُضْوِهِ نَجَاسَةً تَزُولُ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ تَكْفِي فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، وَقَدْ يَجِبُ الْأَصْغَرُ ثُمَّ الْأَكْبَرُ، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ فَيَكْفِي الْغُسْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِيهِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالتَّدَاخُلِ لِشِدَّةِ الْعِلَاقَةِ بَيْنَ الْحَدَثَيْنِ، وَلَوْ جَامَعَ بِلَا حَائِلٍ، فَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ غَيْرَ الْجَنَابَةِ، وَاللَّمْسُ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ يَصِيرُ مَغْمُورًا بِهِ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ الْإِنْزَالُ، وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ بِالْجِمَاعِ يَحْصُلُ الْحَدَثَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ يَسْبِقُ حَقِيقَةَ الْجِمَاعِ، بِخِلَافِ الْخُرُوجِ، فَإِنَّهُ مَعَ الْإِنْزَالِ.
وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ فِي مَسْنُونٍ فَيُنْظَرُ: إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَفْعُولِ دَخَلَ تَحْتَ الْفَرْضِ
كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَعَ صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَالْإِحْرَامِ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ؛ لِدُخُولِ مَكَّةَ مَعَ حَجِّ الْفَرْضِ، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ سُنَّةٌ، فَلَوْ صَلَّى فَرِيضَةً بَعْدَ الطَّوَافِ حُسِبَتْ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، اعْتِبَارًا بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى احْتِمَالٍ فِيهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ شَاذٌّ وَالْمَذْهَبُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ.
وَلَوْ طَافَ الْقَادِمُ مَكَّةَ عَنْ الْفَرْضِ أَوْ النَّذْرِ دَخَلَ طَوَافُ الْقُدُومِ فِيهِ، وَمِنْهُ جُبْرَانَاتُ الصَّلَاةِ تَتَدَاخَلُ، فَسُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ تَعَدَّدَ سَجْدَتَانِ، بِخِلَافِ جُبْرَانَاتِ الْإِحْرَامِ فَلَا تَتَدَاخَلُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ جَبْرُ النُّسُكِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ، إلَّا بِالتَّعَدُّدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَفْعُولِ لَمْ يَدْخُلْ، كَمَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَوَجَدَهُمْ يُصَلُّونَ جَمَاعَةً صَلَّاهَا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ أَعْنِي الطَّوَافَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ طَافَ وَصَلَّى بَعْدَهُ فَرِيضَةً كَفَتْ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ نَصَّ عَلَيْهِ.
الثَّانِي الْعُقُوبَاتُ: فَإِنْ كَانَتْ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، تَدَاخَلَتْ، كَمَا لَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الزِّنَى وَهُوَ بِكْرٌ يُحَدُّ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ أَوْ شَرِبَ مِرَارًا، وَهَلْ يُقَالُ: يَجِبُ لَهَا حُدُودٌ ثُمَّ يَعُودُ إلَى حَدٍّ وَاحِدٍ، أَمْ لَا يَجِبُ إلَّا حَدٌّ وَتُجْعَلُ الزَّنَيَاتُ كَالْحَرَكَاتِ فِي زَنْيَةٍ
وَاحِدَةٍ؟ ذَكَرُوا فِيهِ احْتِمَالَيْنِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ زَنَى وَهُوَ ثَيِّبٌ دَخَلَ حَدُّ الْبِكْرِ فِي حَدِّ الثَّيِّبِ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَخَلَّلَ عِلْمَ الْمَالِكِ وَإِعَادَةَ الْحِرْزِ، فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى.
وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ، كَأَنْ سَرَقَ وَزَنَى وَهُوَ بِكْرٌ وَشَرِبَ، وَلَزِمَهُ قَتْلٌ بِرِدَّةٍ قُدِّمَ الْأَخَفُّ فَالْأَخَفُّ فَيُقَدَّمُ الشُّرْبُ، ثُمَّ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْرَأَ، ثُمَّ يُجْلَدُ الزَّانِي وَيُمْهَلُ، ثُمَّ يُقْطَعُ، ثُمَّ يُقْتَلُ، وَهَكَذَا الْكَفَّارَاتُ وَالْغَرَامَاتُ، فَإِذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِرَارًا، لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى أَصْلِ الْحَنَابِلَةِ، تَعَدَّدَ الْمُوجِبُ وَتَدَاخَلَ مُوجَبُهُ، وَعَلَى رَأْيِ الْأَكْثَرِينَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ بِغَيْرِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ فَسَدَ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ، فَجَامَعَ نَاسِيًا قَبْلَ أَنْ يَفْدِيَ عَنْ الْأَوَّلِ، فَلَا تَدَاخُلَ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِمُصَادَفَتِهِ إحْرَامًا لَمْ يَحِلَّ مِنْهُ، فَوَجَبَ بِهِ، كَالْأَوَّلِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِفْسَادِ خَرَجَ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ بِالْأَوَّلِ فِدْيَةٌ وَبِالثَّانِي شَاةٌ.
وَلَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ عَمْدًا لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ، فَلَوْ جَامَعَ فَهَلْ تَدْخُلُ الشَّاةُ فِي الْفِدْيَةِ أَمْ تَجِبَانِ مَعًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ، وَبَنَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْمُحْدِثَ، إذَا أَجْنَبَ هَلْ يَنْدَرِجُ الْحَدَثُ فِي الْجَنَابَةِ وَيَكْفِيهِ الْغُسْلُ.
وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا، فَرَجَّحَ الرَّافِعِيُّ لُزُومَ فَدِيَتَيْنِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَاحِدَةٌ لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ وَتَبَعِيَّةِ الطِّيبِ.
وَلَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ تَطَيَّبَ، أَوْ لَبِسَ ثُمَّ لَبِسَ، فَإِنْ فَعَلَهُ عَلَى التَّوَالِي لَمْ تَتَعَدَّدْ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ تَخَلَّلَ فَصْلٌ أَوْ فَعَلَهُ فِي مَكَانَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ التَّكْفِيرَ، وَجَبَ لِلثَّانِي فَدِيَةٌ أُخْرَى عَلَى الْجَدِيدِ، وَإِنْ تَخَلَّلَ تَعَدَّدَتْ بِلَا خِلَافٍ، فَإِنْ كَانَ نَوَى بِمَا أَخْرَجَهُ الْمَاضِيَ وَالْمُسْتَقْبَلَ مَعًا بَنَى عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ الْمَحْذُورِ إنْ مَنَعْنَا، فَلَا أَثَرَ لِهَذِهِ النِّيَّةِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
وَلَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ الْمُطَيَّبَ، لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ لِلُّبْسِ دُونَ الطِّيبِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ.
الثَّالِثُ: الْإِتْلَافَاتُ. فَلَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فِي (الْحَرَمِ) لَزِمَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَتَدَاخَلَتْ الْحُرْمَتَانِ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْقَارِنِ، إذَا قَتَلَ صَيْدًا لَزِمَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ هَتَكَ بِهِ حُرْمَةَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
، وَلَوْ كَشَطَ الْمُحْرِمُ جِلْدَةَ الرَّأْسِ، فَلَا فَدِيَةَ وَالشَّعْرُ تَابِعٌ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَشَبَّهُوهُ بِمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أُمُّ الزَّوْجَةِ يَجِبُ الْمَهْرُ، وَلَوْ قَبَّلَهَا لَمْ يَجِبْ.
وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَضُرُوبٌ:
الْأَوَّلُ: جِنَايَةُ الْوَطْءِ
تَتَكَرَّرُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، يَجِبُ مَهْرٌ فِي أَعْلَى الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ وَاحِدَةٌ شَامِلَةٌ لِلْجَمِيعِ.
وَعَنْ الْمُزَنِيِّ الْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ لِكُلٍّ وَطْءٍ مَهْرًا وَرَدَّ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ وَطْءِ الْمَرَّةِ وَمِرَارًا، وَفِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَهْرَ قَبْلَ الْوَطْءِ الثَّانِي، فَيَجِبُ مَهْرٌ جَدِيدٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَسَبَقَ نَظِيرَهُ فِي تَطَيُّبِ الْمُحْرِمِ، أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَتْ الشُّبْهَةُ بِأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، ثُمَّ انْكَشَفَ الْحَالُ، ثُمَّ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ ثَانِيًا، وَوَطِئَهَا تَعَدَّدَ الْمَهْرُ؛ لِتَعَدُّدِ سَبَبِهِ.
وَلَوْ كَرَّرَ وَطْءَ مَغْصُوبَةٍ، أَوْ مُكْرَهَةٍ عَلَى الزِّنَى، وَجَبَ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ هُنَا بِالْإِتْلَافِ، وَقَدْ تَعَدَّدَ، وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ أَبِيهِ تَرَدُّدًا فِي التَّعَدُّدِ فِيمَا إذَا أَكْرَهَهَا، أَوْ طَاوَعَتْهُ، وَقِيلَ بِالْمَهْرِ، قَالَ: وَلَا مَعْنَى لِلتَّرَدُّدِ، وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ
بِالتَّعَدُّدِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْمَهْرِ إتْلَافُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ.
، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اتِّحَادِ الْمَهْرِ عِنْدَ تَكَرُّرِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ (إذَا كَانَ الْحَالُ عِنْدَ عَدَمِ الشُّبْهَةِ لَا مَهْرَ مَعَهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَ عَدَمِهَا يَجِبُ الْمَهْرُ) مُتَعَدِّدًا، فَالْحَالُ مُسْتَمِرٌّ، وَلَا أَثَرَ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا وَطِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ مِرَارًا عَلَى ظَنِّ الْحِلِّ، فَإِنَّ الشُّبْهَةَ مُتَّحِدَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْغَصْبِ، بِأَنَّهُ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ، قَالَ: وَإِنَّمَا يَتَّحِدُ عِنْدَ اتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، إذَا كَانَتْ الشُّبْهَةُ هِيَ الْمُوجِبَةَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَهْرُ يَجِبُ عِنْدَ عَدَمِهَا، فَلَا أَثَرَ لَهَا فِي الِاتِّحَادِ، وَقَالَ: إنَّ هَذَا مِمَّا يَقْضِي الْفَقِيهُ فِيهِ بِالْعَجَبِ انْتَهَى.
وَحَيْثُ وَجَبَ الْمَهْرُ، فَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا، هَلْ يَدْخُلُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فِيهِ، أَمْ يُفْرَدُ؟ فِيهِ اضْطِرَابٌ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْغَصْبِ وَالْجِرَاحِ، فَرَجَّحُوا فِي الْجِرَاحِ مَهْرَ مِثْلٍ ثَيِّبٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَرْشَ؛ " لِإِزَالَةِ " الْجَلْدِ، وَالْجِهَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَيَنْفَرِدُ مُوجِبُ كُلٍّ، وَقِيلَ: مَهْرٌ يَثْبُتُ فَقَطْ لِحُصُولِ إزَالَةِ الْجَلْدِ ضِمْنًا، وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ ضَمَانِ النَّقْصِ، وَقِيلَ: مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَبِهِ أَجَابَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَفِي النِّهَايَةِ، قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ (رحمه الله) : يَغْرَمُ مَهْرَ مِثْلِ الْبِكْرِ وَأَرْشَ الْبَكَارَةِ، قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضْعِيفًا لِلْغُرْمِ.
الثَّانِي: الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ وَتَتَدَاخَلُ فِي صُوَرٍ:
(إحْدَاهَا) : دُخُولُ دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ، إذَا سَرَتْ الْجِرَاحَةُ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.
الثَّانِيَةُ: قَطْعُ أَجْفَانِ شَخْصٍ وَعَلَيْهَا أَهْدَابٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ فِي الدِّيَةِ فِي الْأَصَحِّ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ أَوْضَحَهُ فَزَالَ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى الْمُوضِحَةِ دَخَلَ فِي أَرْشِ الْمُوضِحَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ الْوَجْهَانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
الرَّابِعَةُ: قَلْعُ السِّنِّ مَعَ السِّنْخِ، لَا تَجِبُ زِيَادَةٌ عَلَى أَرْشِ السِّنِّ وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ السِّنْخِ فِيهِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ.
الْخَامِسَةُ: قَطْعُ يَدِهِ، لَا يُوجِبُ فِي الشَّعْرِ حُكُومَةً.
السَّادِسَةُ: تَدْخُلُ حُكُومَةُ الْأَظْفَارِ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ.
السَّابِعَةُ: تَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفَّيْنِ فِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ لَا تَدَاخُلَ فِيهَا مِنْهَا، لَوْ اسْتَأْصَلَ أُذُنَهُ، وَأَوْضَحَ مَعَ ذَلِكَ الْعَظْمَ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي دِيَةِ الْأُذُنَيْنِ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْأُذُنِ مُقَدَّرٌ، فَلَا يَتْبَعُ مُقَدَّرًا.
وَمِنْهَا، لَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَسْنَانِ فِي دِيَةِ اللَّحْيَيْنِ فِي الْأَصَحِّ.
وَمِنْهَا فِي الْعَقْلِ دِيَةٌ، فَلَوْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ.
الثَّالِثُ: فِي (الْجِنَايَةِ عَلَى الْعِرْضِ)، كَمَا لَوْ قَذَفَهُ بِزِنًى فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهُ بِزِنًى آخَرَ فَفِي حَدِّهِ ثَانِيًا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللِّعَانِ الْمَنْعُ، بَلْ يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ كَذِبُهُ فِي حَقِّهِ مَرَّةً بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إظْهَارِهِ ثَانِيًا، وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ، الْحَدَّ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يَجِبُ حَدٌّ وَاحِدٌ، كَمَا لَوْ زَنَى مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ حَدٌّ وَاحِدٌ.
الرَّابِعُ: الْعِدَّتَانِ، وَاخْتُلِفَ فِي التَّدَاخُلِ فِيهِمَا هَلْ هُوَ سُقُوطُ الْأَوَّلِ وَالِاكْتِفَاءُ بِالثَّانِي، أَوْ انْضِمَامُ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي فَيُؤَدَّيَانِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَجْهَانِ