الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقَعُ عَنْهُ أَمْ يَبْطُلُ؟ وَجْهَانِ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَهَلْ تَلْغُو التَّسْمِيَةُ؟ وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا، وَقَعَ عَنْ الْإِذْنِ، وَهَلْ يَكُونُ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا أَوْ هِبَةً، وَجْهَانِ.
[تَصَرُّفُ الْحَاكِمِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ]
ٌ حَتَّى إذَا عَقَدَ نِكَاحًا أَوْ بَيْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ هَلْ يَسْتَلْزِمُ صُدُورُهُ مِنْهُ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهِ حَتَّى لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ كَمَا لَوْ عَقَدَهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ حَكَمَ هُوَ بِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ: إنَّ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ بِالْقَاضِي فَقِسْمَتُهُ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ، وَفِي بَابِ الْقِسْمَةِ، إذَا اعْتَرَفُوا بِالِاشْتِرَاكِ فِي مِلْكٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِمِلْكِهِمْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِئَلَّا يَتَمَسَّكُوا بِقِسْمَتِهِ عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُمْ، وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ مُصَرِّحَةٌ بِهِ، حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ أَرَدْتُمْ (قَسْمِي) ، فَأْتُوا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَصْلِ حُقُوقِكُمْ فِيهَا وَذَلِكَ أَنِّي (إنْ) قَسَمْت بِلَا بَيِّنَةٍ فَجِئْتُمْ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ (أَنِّي) قَسَمْت بَيْنَكُمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَى حَاكِمٍ غَيْرِي، كَانَ (بِسَبَبِهَا) أَنْ يَجْعَلَهَا حُكْمًا مِنِّي لَكُمْ انْتَهَى.
وَكَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، (فَإِنَّهُ) عَلَّلَ مَنْعَ إجَابَةِ الْحَاكِمِ الشُّرَكَاءَ، إذَا طَلَبُوا مِنْهُ الْقِسْمَةَ (بِأَنَّ) مِنْ النَّاسِ مَنْ يَرَى قِسْمَةَ الْحَاكِمِ حُكْمًا مِنْهُ بِالْمِلْكِ فَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِمَا فَيَرْفَعُ إلَى حَاكِمٍ بَعْدَهُ فَيَحْكُمُ لَهُمَا بِالْمِلْكِ، فَقَوْلُهُ: مِنْ النَّاسِ صَرِيحٌ فِي أَنَّا لَا نَقُولُ بِهِ، وَنَبَّهَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَا مُنَازِعَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْحُكْمُ بِالْيَدِ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ يَشْهَدُ لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْحَاكِمِ إثْبَاتٌ لِمِلْكِهَا، وَالْيَدُ تُوجِبُ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ.
وَنَبَّهَ الدَّارِمِيُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلِمْهُ لَهَا، فَإِنْ عَلِمَ قَضَى (لَهُ) قَطْعًا.
وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: لَا يُقَسَّمُ فَقُسِّمَ وَلَا بَيِّنَةَ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ، أَنَّهُ لَوْ (كَانَ عَقَارٌ) بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَرَأَيْنَا نَصِيبَهُ فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَادَّعَى الْحَاضِرُ أَنَّك اشْتَرَيْته وَلِي فِيهِ الشُّفْعَةُ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْغَائِبِ، فَهَلْ لِلْمُدَّعِي أَخْذُهُ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ، وَيَكْتُبُ الْقَاضِي فِي السِّجِلِّ أَنَّهُ أَثْبَتَ الشُّفْعَةَ بِإِقْرَارِهِمَا، فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ، وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِيَانِ الْحُسَيْنُ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْمُفْلِسَ (إنْ) تَوَلَّى بَيْعَ أَمْوَالِهِ فَذَاكَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْحَاكِمَ، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى تَشْهَدَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِهِ لَهَا، وَلَا (تَكْفِي) فِيهَا يَدُهُ وَاعْتِرَافُهُ، وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ بِالْمَسْتُورِينَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْعَاقِدُ غَيْرَ حَاكِمٍ، فَإِنْ بَاشَرَهُ (الْحَاكِمُ لَمْ) يَنْعَقِدْ (بِهِمَا) قَطْعًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ (لَا يَجُوزُ بِمَسْتُورِينَ) ، لَكِنْ هَذِهِ طَرِيقَةٌ حَكَاهَا الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ: الصَّحِيحُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ (رحمه الله) ذَكَرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَا يُوهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يُزَوِّجُ الَّتِي تَدَّعِي غَيْبَةَ وَلِيِّهَا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ (خَاصٌّ) حَاضِرٌ، وَأَنَّهَا خَلِيَّةٌ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ:(إنَّهُ وَاجِبٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ) : يُسْتَحَبُّ، فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِي الْعُقُودِ
إلَى (قَوْلِ أَرْبَابِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ،: وَالْأَصَحُّ الثَّانِي، وَهَذَا يَقْتَضِي) أَنَّ تَصَرُّفَهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ فِي الْعُقُودِ وَالْأَمْلَاكِ (وَنَحْوِهِمَا) بِمُجَرَّدِ قَوْلِ أَرْبَابِهَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْعِلْمِ بِهِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمَفْقُودِ: وَإِذَا ضَرَبَ الْقَاضِي الْمُدَّةَ فَمَضَتْ، فَهَلْ يَكُونُ حُكْمًا بِوَفَاتِهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ حُكْمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَفِي حَاشِيَةِ الْكِفَايَةِ: الْحَنَفِيُّ يُجَوِّزُ الْعَقْدَ بِحُضُورِ (فَاسِقَيْنِ) ، فَإِذَا رَفَعَ عَقَدَهُ لِحَاكِمٍ شَافِعِيٍّ (وَقَدْ كَانَ) بَاشَرَ الْعَقْدَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ، فَهَلْ مُبَاشَرَتُهُ لِلْعَقْدِ حُكْمٌ مِنْهُ بِصِحَّتِهِ حَتَّى يَكُونَ فِي نَقْضِهِ مَا فِي نَقْضِ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ أَوْ لَا يَكُونُ حُكْمًا مِنْهُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَكَذَا فِي كُلِّ (مَا يُبَاشِرُهُ) الْحُكْمُ مِنْ الْعُقُودِ؟ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ إذْ فِي الشَّامِلِ أَيْ وَالْبَحْرِ فِيمَا إذَا قَسَّمَ مَالُ الْمُفْلِسِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ لَهُ حِصَّتَهُ، إنْ قِيلَ:(فَقَدْ) نَقَضْتُمْ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِالْقِسْمَةِ، قُلْنَا: لَيْسَ ذَلِكَ (بِحُكْمٍ) مِنْهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ (الْإِمَامُ) الشَّافِعِيُّ (رضي الله عنه) ؛ لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهُ، وَلَوْ حَكَمَ فِيهِ (حَاكِمٌ آخَرُ بَعْدَ التَّزْوِيجِ) نَفَذَ، وَالْمَاوَرْدِيُّ أَجَابَ عَنْ السُّؤَالِ، بِأَنَّ ذَلِكَ وِزَانُ وِجْدَانِ النَّصِّ بِخِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ وَأَنَّهُ نَصٌّ فِي هَذَا، وَهَذَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَ أَنَّهُ حُكْمٌ.
وَأَنَا أَقُولُ: إنْ تُخُيِّلَ ذَلِكَ فِي قِسْمَتِهِ جَبْرًا، (فَلَا يُتَخَيَّلُ) فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، إذَا تَقَدَّمَ مِنْهُ (شِقُّ) الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَسْبِقَ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ وُجُودُ أَحَدِ شِقَّيْ الْعَقْدِ وَالْحُكْمُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ.
نَعَمْ (إذَا) تَقَدَّمَ شِقُّ الْقَبُولِ عَلَى شِقِّ الْإِيجَابِ فِيهِ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ فِيهِ (أَنَّهُ حُكْمٌ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى. وَحَصَلَ خِلَافٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ حُكْمًا لَاسْتَدْعَى تَقَدُّمَ دَعْوَى فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي ذَلِكَ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا. الثَّانِي: أَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا لَهُ وَعَلَيْهِ وَبِهِ، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ ظَهَرَ مَا بَاعَهُ مُسْتَحَقًّا بَطَلَ، وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يَبْطُلْ، ثُمَّ إنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي تَخْرِيجُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ، هَلْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ أَمْ لَا. الرَّابِعُ: أَنَّ (مُسْتَنَدَ) الْحُكْمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا، وَالْإِلْزَامُ الَّذِي هُوَ إنْفَاذُ
الْحُكْمِ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمُسْتَنَدِ السَّابِقِ وَقَوْلُ الْقَاضِي: بِعْت (أَوْ زَوَّجْت) ، (وَنَحْوُهُمَا) لَيْسَ (كَذَلِكَ) ؛ وَلِأَنَّ (الْإِلْزَامَ) يَكُونُ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ وَالْعَقْدُ إلَى الْآنَ لَمْ يَقَعْ، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ (رحمه الله) فِي الرِّسَالَةِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي تَرْجَمَةِ الْحُجَّةِ فِي (ثَبْتِ) خَبَرِ الْوَاحِدِ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي عَلَى الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ، إنَّمَا هُوَ خَبَرٌ يُخْبِرُ بِهِ عَنْ بَيِّنَةٍ، ثَبَتَتْ عِنْدَهُ أَوْ إقْرَارٌ مِنْ خَصْمٍ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ، فَأَنْفَذَ الْحُكْمَ فِيهِ انْتَهَى.
وَالْأَحْسَنُ فِي الضَّبْطِ، أَنْ يُقَالَ: تَصَرُّفُ الْحَاكِمِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: مَا هُوَ حُكْمٌ قَطْعًا، وَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْمُوجِبِ. (الثَّانِي) : مَا لَيْسَ بِحُكْمٍ قَطْعًا، كَسَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَالْبَيِّنَةِ (وَنَحْوِهِ) . الثَّالِثُ: مَا فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، كَمَا إذَا بَاعَ أَوْ زَوَّجَ وَنَحْوُهُ الرَّابِعُ: مَا فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ حُكْمٌ كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ خَصْمَيْنِ فَسْخُ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٌ. (فَفَسَخَ) الْقَاضِي، كَانَ ذَلِكَ (حُكْمًا مِنْهُ) بِالْفَسْخِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ حَتَّى يَحْكُمَ بِصِحَّةِ الْفَسْخِ أَوْ بِمُوجَبِهِ.