الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تَعَارُضِ الْخِصَالِ]
إذَا اجْتَمَعَ فِي الصَّلَاةِ حُرٌّ غَيْرُ فَقِيهٍ وَعَبْدٌ فَقِيهٌ، فَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْحُرِّ وَقِيلَ: الرَّقِيقُ وَمَالَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيُّ إلَى التَّسْوِيَةِ وَقَالُوا فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ: إنَّ النَّقِيصَةَ لَا تَجْبُرُهَا الْفَضِيلَةُ وَلَا يُقَابَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَلَا تُزَوَّجُ سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيَّةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ.
وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ حُرًّا ذِمِّيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْأَصَحُّ الْقِصَاصُ.
[تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]
وَفِيهِ نَظَرَانِ: (أَحَدُهُمَا) : إنْ (تَعَاطَاهَا) مَعَ الْجَهْلِ بِالتَّحْرِيمِ كَانَ لَهُ حُرْمَةٌ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ (بِالتَّحْرِيمِ) فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَلَوْ رَهَنَ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْهُ، فَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ فَاسِدَانِ، فَلَوْ كَانَ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ بَنَى قَبْلَ (حُلُولِ) وَقْتِ الْبَيْعِ قَلَعَ مَجَّانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ غَرَسَ بَعْدَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ جَاهِلًا، بِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ النَّصِّ، وَأَشَارَ إلَى احْتِمَالٍ بِخِلَافِهِ؛ (لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا لَوْ بَاعَهُ أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا) ، ثُمَّ غَرَسَهَا الْمُشْتَرِي مَعَ عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ فَهَلْ يَقْلَعُ مَجَّانًا أَوْ لَا لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى الِانْتِفَاعِ؟ قَالَ
ابْنُ أَبِي الدَّمِ: لَا نَقْلَ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قُلْت: تُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهَا وَفِي الْحِلْيَةِ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا، أَوْ بَنَى لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ قَلْعُ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، إلَّا (بِشَرْطِ) ضَمَانِ النَّقْصِ، وَلَهُ أَنْ يَبْذُلَ الْقِيمَةَ وَيَتَمَلَّكَهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (رحمه الله) : لَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ الْأَرْضِ وَلَا أَخْذُ قِيمَتِهَا، (وَكَانَ)(أَبُو يُوسُفَ) ، (وَمُحَمَّدٌ)(رَحِمَهُمَا اللَّهُ) يَنْقُضُ الْبِنَاءَ وَيَقْلَعَ الْغِرَاسَ وَيَرُدُّ الْأَرْضَ عَلَى الْبَائِعِ، (قَالَ) الشَّاشِيُّ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا وَالْأَوَّلُ حَكَاهُ فِي الْحَاوِي.
وَمِثْلُهُ: لَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، لَا يَجِبُ الْمَهْرُ، كَمَا لَوْ بِيعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَتْلَفَهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَهْرَ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ، وَقَدْ تَزَوَّجَ وَلَا شُعُورَ لَهَا بِحَالِ الزَّوْجِ فَكَيْفَ يَبْطُلُ حَقُّهَا؟ وَهَذَا بَنَاهُ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِأَعَمِّ مِنْ عِلْمِهَا بِحَالِهِ (أَمْ) لَا، وَفِيهِ خِلَافٌ تَعَرَّضَ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
النَّظَرُ الثَّانِي: فِي كَوْنِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ (حَرَامًا) أَمْ لَا؟ لَيْسَ مَشْهُورًا فِي النَّقْلِ وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَبْحَثُ فِيهِ وَتَلَقَّاهُ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، (وَذَكَرَ) ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ الْفَقِيهِ (جَمَالِ الدِّينِ الْوَجِيزِيِّ) حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ فِيهِ، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْأُمِّ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَفِي التَّنْبِيهِ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يُزَوِّجَ (غَيْرَهُ)، فَإِنْ فَعَلَ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مَا كَانَ مِنْ الْعُقُودِ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَمَا كَانَ فَسَادُهُ بِالِاجْتِهَادِ فَقَدْ (يُقَالُ) : لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِ يَرَى فَسَادَهُ وَالْأَغْرَبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ (إنْ) قَصَدَ تَحْقِيقَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَهُوَ حَرَامٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَانَ بِالِاجْتِهَادِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ قَصَدَ (إجْرَاءَ) اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ مَعْنَاهُ فَهَذَا لَغْوٌ، وَلَيْسَ بِعَقْدٍ وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ (مَحْمَلٌ) مِنْ (مُلَاعَنَةِ) الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهِ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: بِعْتُك نَفْسَك فَلَا (يُحَرَّمُ) ، وَإِلَّا حُرِّمَ إذْ لَا (مَحْمَلَ) لَهُ غَيْرُ الْمَعْنَى (الشَّرْعِيِّ) أَوْ (الْمُلَاعَنَةِ) وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ، وَقَدْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِلضَّرُورَةِ