المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الإكراه يتعلق به مباحث] - المنثور في القواعد الفقهية - جـ ١

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْنَى الْفِقْه وَأَنْوَاعه]

- ‌[فَائِدَةٌ فِيمَا نضج مِنْ الْعُلُوم وَمَا احترق أولم ينضج وَلَمْ يحترق]

- ‌[حَرْفُ الْأَلِفِ] [

- ‌الْإِبَاحَةُ]

- ‌[الْإِبْرَاءُ]

- ‌[الْأَبْنِيَةُ]

- ‌[الْأُبُوَّةُ وَالْبُنُوَّةُ مُتَضَايِفَانِ]

- ‌[اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ يَمْتَنِعُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ يَمْتَنِعُ إلَّا فِي صُوَرٍ]

- ‌[الْإِثْبَاتُ]

- ‌[الْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ إلَّا فِي وُجُوبِ التَّأْقِيتِ وَالِانْفِسَاخِ]

- ‌[الْأَجَلُ لَا يَحِلُّ بِغَيْرِ وَقْتِهِ إلَّا فِي صُوَرٍ]

- ‌[الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِوَاحِدٍ]

- ‌[إدْرَاكُ بَعْضِ وَقْتِ الْعِبَادَةِ نَوْعَانِ]

- ‌[أَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ عَلَى أَضْرُبٍ]

- ‌[الْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ إذْنٌ فِيمَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الشَّيْءُ إيجَابَهُ]

- ‌[الْإِذْنُ فِي تَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ هَلْ يَتَعَدَّى مَا وَجَبَ بِسَبَبِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مُخَالَفَةَ الْإِذْن]

- ‌[تَكْرَار الْأَذَان]

- ‌[إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ هَلْ يَبْقَى الْعُمُومُ]

- ‌[الْبَدَلِ الْمَأْخُوذِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ]

- ‌[إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ]

- ‌[إذَا اتَّسَعَ الْأَمْرُ ضَاقَ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ فِي الْعِبَادَةِ جَانِبُ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ غَلَّبْنَا جَانِبَ الْحَضَرِ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ أَوْ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ أَوْ الْغُرُورُ وَالْمُبَاشَرَةُ قُدِّمَتْ الْمُبَاشَرَةُ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَ الْمُمْسِكُ وَالْقَاتِلُ]

- ‌[إذَا عُلِّقَ الْحُكْمُ بِعَدَدٍ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالْآخَرِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْقَابِضُ وَالدَّافِعُ فِي الْجِهَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْغَارِمُ وَالْمَغْرُومُ لَهُ فِي الْقِيمَةِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا إلَى دَفْعِ الْعَقْدِ وَالْآخَرُ إلَى إمْسَاكِهِ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ]

- ‌[إذَا أَنْفَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ هَلْ يَرْجِعُ]

- ‌[إرَاقَةُ الدَّمِ الْوَاجِبَةُ بِسَبَبِ النُّسُكِ تَتَعَيَّنُ بِالْحَرَمِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ]

- ‌[الْأَسْبَابُ الْمُطْلَقَةُ أَحْكَامُهَا تَتَعَقَّبُهَا]

- ‌[اسْتِدَامَةُ بَقِيَّةِ الْفِعْلِ]

- ‌[الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ هَلْ هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ اللَّفْظِيِّ]

- ‌[إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَعِبَارَةِ النَّاطِقِ فِي الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَالدَّعَاوَى وَالْأَقَارِيرِ]

- ‌[إشَارَةُ النَّاطِقِ الْقَادِرِ عَلَى الْعِبَارَةِ لَغْوٌ إلَّا فِي صُوَرٍ]

- ‌[إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ وَاخْتَلَفَ مُوجِبُهُمَا]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ بِنَاؤُهَا عَلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا]

- ‌[الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ أَوْ التَّحْرِيمُ أَوْ الْوَقْفُ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ]

- ‌[الْأَصْلِيُّ لَا يُعْتَدُّ مَعَهُ بِالْمُعَارِضِ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ أَنْ تَتَقَدَّمَ عَلَى الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْعِوَضِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ]

- ‌[الْأُصُولُ الَّتِي لَهَا أَبْدَالٌ تَنْتَقِلُ إلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ]

- ‌[الِاصْطِلَاحُ الْخَاصُّ هَلْ يَرْفَعُ الِاصْطِلَاحَ الْعَامَّ]

- ‌[الْأَصَابِعُ فِي الصَّلَاةِ لَهَا سِتُّ حَالَاتٍ]

- ‌[إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ]

- ‌[الْإِعْرَاضُ عَنْ الْمِلْكِ أَوْ حَقِّ الْمِلْكِ]

- ‌[الْإِقْرَارُ]

- ‌[إقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْإِمَامُ هَلْ يَلْحَقُ بِالْوَلِيِّ الْخَاصِّ]

- ‌[إمْكَانُ الْأَدَاءِ شَرْطٌ فِي اسْتِقْرَارِ الْوَاجِبَاتِ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[الِانْعِطَافُ عَلَى مَا قَبْلَهُ إنْ كَانَ فِي حُكْمِ الْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ]

- ‌[الْإِنْشَاءُ]

- ‌[أَوَائِلُ الْعُقُودِ تُؤَكَّدُ بِمَا لَا يُؤَكَّدُ بِهِ أَوَاخِرُهَا]

- ‌[الِائْتِمَانُ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْإِيثَارُ ضربان]

- ‌[حَرْفُ الْبَاءِ] [

- ‌الْبِدْعَةُ]

- ‌[الْبَدَلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْبَعْضُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ هَلْ يَجِبُ]

- ‌[حَرْفُ التَّاءِ] [

- ‌التَّابِعُ لَا يُفْرَدُ]

- ‌[التَّابِعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ]

- ‌[التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ]

- ‌[التَّابِعُ هَلْ يَكُونُ لَهُ تَابِعٌ]

- ‌[التَّبَعِيَّةُ ضَرْبَانِ]

- ‌[التَّبْعِيضُ وَالتَّجْزِئَة إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَالثَّلَاثَةِ]

- ‌[التَّأْقِيتُ]

- ‌[التَّتَابُعُ]

- ‌[تَحَمُّلُ الْمُؤْنَةِ بِمَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[التَّحَمُّلُ مَرَاتِبُ]

- ‌[التَّحِيَّاتُ ثَمَانٍ]

- ‌[التَّحْرِيمُ الْمُتَوَقَّعُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِ عَدَمُ الْحِلِّ]

- ‌[التَّحْرِيمُ يَتَعَدَّدُ وَتَتَعَدَّدُ أَسْبَابُهُ]

- ‌[التَّخْفِيفُ فِي الشَّرْعِ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[التَّخْيِيرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[تَخْصِيصُ جِهَةِ الِانْتِفَاعِ هَلْ تَتَعَيَّنُ إذَا عَيَّنَهَا الدَّافِعُ]

- ‌[تَخَلُّلُ الْمَانِعِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لَا أَثَرَ لَهُ غَالِبًا فِي صُوَرٍ]

- ‌[التَّدْلِيسُ حَرَامٌ]

- ‌[التَّدَاخُلُ يَدْخُلُ فِي ضُرُوبٍ]

- ‌[مَا يَجِب فِيهِ التَّرْتِيب]

- ‌[التَّرْتِيبُ الذِّهْنِيُّ]

- ‌[التَّرْجَمَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أَقْسَامٌ]

- ‌[التَّرَادُفُ أَقْسَامٌ]

- ‌[التَّرْكُ فِعْلٌ إذَا قُصِدَ]

- ‌[التَّزَاحُمُ]

- ‌[التَّسْمِيَةُ]

- ‌[تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[تَصَرُّفُ الْحَاكِمِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ]

- ‌[تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ]

- ‌[التَّصْرِيحُ بِبَعْضِ مَا يَقْتَضِيه الْإِطْلَاقُ هَلْ يَكُونُ مُفْسِدًا]

- ‌[فُصُولُ التَّعَارُضِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْأَصْلَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَاجِبِ وَالْمَحْظُورِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَاجِبَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ السُّنَّتَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ فَضِيلَتَيْنِ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْمَسْنُونِ وَالْمَمْنُوعِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي]

- ‌[تَعَارُضُ الْمَفْسَدَتَيْنِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْمُوجِبِ وَالْمُسْقِطِ]

- ‌[تَعَارُضِ الْخِصَالِ]

- ‌[تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[تَعَدِّي مَحَلِّ الْحَقِّ إلَى غَيْرِهِ هَلْ يَبْطُلُ بِهِ الْمُسْتَحَقُّ أَوْ يَبْقَى]

- ‌[قَصْدُ النُّقْصَانِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[التَّعْدِيلُ فِي الْبَيِّنَةِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ]

- ‌[التَّعْرِيضُ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَنْ تَصَرَّفَ فِي عَيْنٍ فِيهَا عُلْقَةٌ لِغَيْرِهِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالْعَبْدِ]

- ‌[التَّعْلِيقُ]

- ‌[تَعْلِيقُ النِّيَّةِ]

- ‌[تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ]

- ‌[التَّقْدِيمُ]

- ‌[التَّقَاصُّ]

- ‌[فُرُوعٌ مِنْ التَّقَاصِّ]

- ‌[التَّقْلِيدُ]

- ‌[التَّقْوِيمُ]

- ‌[التَّمَنِّي]

- ‌[التَّنْكِيرُ يَقْتَضِي التَّوْحِيدَ]

- ‌[التَّوَاطُؤُ قَبْلَ الْعَقْدِ]

- ‌[التَّوْبَةُ]

- ‌[التَّيَمُّنُ]

الفصل: ‌[الإكراه يتعلق به مباحث]

اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا إنْ قَالَ بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِقَبْضِهِ وَإِنْ قَالَ قَدْ أَبْرَأْتُك فَلَيْسَ فِيهِ إقْرَارٌ بِقَبْضٍ وَهُوَ إبْرَاءٌ. وَهَاتَانِ اللَّفْظَتَانِ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ مُخْتَلِفَتَانِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا الْمَطْلُوبُ قَدْ بَرِئَ إلَيَّ كَانَ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ أَبْرَأْتُك لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْمَالِ.

[الْإِكْرَاهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

ُ (الْأَوَّلُ) أَنَّهُ يُسْقِطُ أَثَرَ التَّصَرُّفِ

رُخْصَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَلِهَذَا يُبَاحُ لَهُ التَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَالْإِفْطَارُ وَإِتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ وَالْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يَنْعَقِدُ يَمِينُ الْمُكْرَهِ وَلَا يَحْنَثُ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدَ عَقْدِهَا اخْتِيَارًا فِي الْأَظْهَرِ. وَحَيْثُ أُبِيحَ التَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ الْبَقَاءَ عَلَى الْإِيمَانٍ حَالَةَ التَّلَفُّظِ بِالْكُفْرِ أَوْ يَكْفِي اسْتِصْحَابُ الْحُكْمِ؟ وَجْهَانِ.

وَقَدْ اسْتَثْنَى فِي الْبَسِيطِ خَمْسَ مَسَائِلَ: (إحْدَاهَا) : الْإِكْرَاهُ عَلَى الْقَتْلِ لَا يُبِيحُهُ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ

ص: 188

(الثَّانِيَةُ) : الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَى إنْ قُلْنَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِهِ وَإِنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلِمَةِ الْكُفْرِ أَنَّ التَّلَفُّظَ بِالْكُفْرِ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ مَفْسَدَةِ الْكُفْرِ إذْ الْكُفْرُ الَّذِي يُوجِبُ الْمَفْسَدَةَ إنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بِالْقَلْبِ بِخِلَافِ الزِّنَى وَالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْمَفْسَدَةَ.

(الثَّالِثَةُ) : الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِرْضَاعِ يُثْبِتُ التَّحْرِيمَ.

(الرَّابِعَةُ) : إكْرَاهُ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ عَلَى الْإِسْلَامِ يَصِحُّ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ.

(الْخَامِسَةُ) : تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فِي وَجْهٍ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ يَرْجِعُ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَطْ، وَإِلَى الْقَتْلِ عَلَى قَوْلٍ وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَيُشْبِهُ عَدَمَ تَصَوُّرِ الْإِكْرَاهِ أَوْ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ إكْرَاهَ الصَّائِمِ عَلَى الْأَكْلِ لَا يُفْطِرُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِكْرَاهَ الْمُصَلِّي عَلَى الْكَلَامِ يُبْطِلُ فِي الْأَصَحِّ وَإِكْرَاهَ الْمُصَلِّي حَتَّى فَعَلَ أَفْعَالًا كَثِيرَةً تُبْطِلُ صَلَاتَهُ قَطْعًا وَالْإِكْرَاهُ عَلَى التَّحَوُّلِ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى تَرْكِ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ مَعَ الْقَدْرِ فَصَلَّى قَاعِدًا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ.

ص: 189

قُلْت: وَكَذَا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْحَدَثِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ (الْحَنَّاطِيِّ) وَجْهَيْنِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الذَّكَرِ نَاسِيًا فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِجَرَيَانِهِمَا مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فِي الضَّابِطِ: لَا أَثَرَ لِقَوْلِ الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَلَى طَلَاقِ زَوْجَةِ الْمُكْرِهِ (بِالْكَسْرِ) أَوْ بَيْعِ مَالِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ فَفَعَلَ صَحَّ.

قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْأَذَانِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْإِحْرَامِ.

وَلَوْ قَالَ اقْذِفْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَفَعَلَ لَا يُحَدُّ كَمَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَيَّ قَالَ فِي " التَّهْذِيبِ " وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهُ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِغَيْرِهِ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ أَوْ قَطْعِهِ وَلَا يُسْتَعَانُ بِالْغَيْرِ فِي الْقَذْفِ فَيُجْعَلُ الْقَاذِفُ مُتَعَدِّيًا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالصَّوَابُ لَا حَدَّ وَلَا أَثَرَ لِفِعْلِهِ إلَّا فِي الرَّضَاعِ وَالْحَدَثِ وَالتَّحَوُّلِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَالْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ. وَكَذَا الْقَتْلُ فِي الْأَصَحِّ. وَكَذَا الْإِكْرَاهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ أَكَلَهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا الْمُودِع يُكْرَهُ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُهَا فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ أَكْرَهَ مَجُوسِيٌّ

ص: 190

مُسْلِمًا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ أَوْ مُحْرِمٌ حَلَالًا عَلَى ذَبْحِ صَيْدٍ فَذَبَحَاهُ حَلَّ. وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الرَّمْيِ إلَى الصَّيْدِ فَفَعَلَ. وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ تَفَقُّهًا أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا عَلَى الذَّبْحِ إنْ اعْتَبَرْنَا فِعْلَهُ وَعَلَّقْنَا بِهِ الْقِصَاصَ حَلَّتْ الذَّبِيحَةُ. قَالَ: وَكَذَا إنْ جَعَلْنَاهُ آلَةً لَهُ أَيْضًا. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّا إذَا جَعَلْنَاهُ آلَةً لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ صُورَتَيْ إكْرَاهِ الْمَجُوسِيِّ الْمُسْلِمَ وَالْمُحْرِمِ الْحَلَالَ.

وَفِي الْبِنَاءِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ نَظَرٌ وَالْمَأْخَذُ مُخْتَلِفٌ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُكْرِهُ الْمَجُوسِيُّ وَالْمُحْرِمُ عَجَمِيًّا يَرَى طَاعَةَ أَمْرِهِ حَتْمًا أَنْ لَا تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ قَطْعًا لِأَنَّهُ آلَةٌ لَا مَحَالَةَ.

(وَمِنْهَا) لَوْ أُكْرِهَ الْمُحْرِمُ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِهِ أَوْ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَنَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَمِنْهَا) لَوْ أُكْرِهَ عَلَى غَشَيَانِ أَمَتِهِ، فَأَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَحِقَهُ النَّسَبُ وَكَذَا عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ حَصَلَ الْإِحْصَانُ وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْمَهْرُ وَأَحَلَّهَا لِلْمُطَلِّقِ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، أَوْ عَلَى الزِّنَا وَقُلْنَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ فِيهِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَلُحُوقُ النَّسَبِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ ابْنِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي الْمَجْنُونِ يَطَأُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ.

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَحْبَلَهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِشَرِيكِهِ الْمُكْرِهِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ الْحَامِلُ لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ

ص: 191

(وَمِنْهَا) : الْإِكْرَاهُ عَلَى فَرَوْضِ الْكِفَايَاتِ فَلَوْ أُكْرِهْ عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ صَحَّ أَشَارَ إلَيْهِ (الْفُورَانِيُّ) فِي الْعَمْدِ فِي كِتَابِ السِّيَرِ قَالَ وَلَا أُجْرَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي فَرْضَهُ، وَذَكَرَ فِي (زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ) فِي آخِرِ بَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ الْإِمَامُ عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّ غُسْلَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا فَعَلَهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ وَلَوْ أَكْرَهَهُ بَعْضُ الرَّعِيَّةِ فَلَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْإِمَامُ أَحَدَ الرَّعِيَّةِ لِدَفْنِ مَيِّتٍ وَتَجْهِيزِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مُتَّسَعٌ فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُسْلِمُ عَلَى الْجِهَادِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ يَسْتَحِقُّ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ إلَى حِينِ حُضُورِ الصَّفِّ وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ.

وَلَوْ أُكْرِهَ الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ الْأُجْرَةُ مِنْ يَوْمِ الْإِخْرَاجِ إلَى يَوْمِ رُجُوعِهِ إلَى سَيِّدِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ أَمْ لَا، إنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ الْتَحَقَ

ص: 192

بِالْحُرِّ. وَلَوْ أُكْرِهَ ذِمِّيٌّ عَلَى الْجِهَادِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنْ حَضَرَ وَلَمْ يُقَاتِلْ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَحْصُلْ وَلَوْ خَلَّى الْإِمَامُ سُبُلَ الْمَقْهُورِينَ مِنْ قَبْلِ الصَّفِّ فَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ فِي الْأَصَحِّ لِلْمُضِيِّ وَلَا لِلْعَوْدَةِ، وَإِنْ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُمْ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ إنَّمَا تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ وَالِاسْتِيفَاءِ.

(وَمِنْهَا) : لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى غَسْلِ نَجَاسَةٍ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ طَهُرَ لَا مَحَالَةَ، وَكَذَا تَخْلِيلُ الْخَمْرِ بِلَا عَيْنٍ.

(وَمِنْهَا) : لَوْ أُكْرِهَ الْمَعْذُورُ بِتَرْكِ الْجِهَادِ عَلَى الْخُرُوجِ فَخَرَجَ مُكْرَهًا وَحَضَرَ الْوَقْعَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ أَوْ يُرْضَخُ.

(وَمِنْهَا) : لَوْ أُكْرِهَ الْمُتَصَارِفَانِ عَلَى التَّفَرُّقِ قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْعَقْدُ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي (الْإِيضَاحِ) وَقِيَاسُهُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ كَذَلِكَ، وَهَذَا بِخِلَافِ إكْرَاهِ، أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ مِنْ مَجْلِسِ الْخِيَارِ لَا يَنْقَطِعُ فِي الْأَصَحِّ.

(الثَّانِي) : هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ وَأَتَى بِهِ لِدَاعِيَةِ الْإِكْرَاهِ قَالَ (الْمَحَامِلِيُّ) فِي

ص: 193

الْمَجْمُوعِ الْإِكْرَاهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ مَعَ الْإِكْرَاهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ أَرَادَ اللَّفْظَ فَيَقَعُ إطْلَاقُهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْإِيقَاعَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ إرَادَةُ اللَّفْظِ فَقَطْ وَحَكَى الْأَصْحَابُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ الْمُكْرَهُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ قِيلَ لَا يَقَعُ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ أَسْقَطَ أَثَرَ اللَّفْظِ وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا تَدُلُّ وَالْأَصَحُّ الْوُقُوعُ إذْ لَا يَبْعُدُ اخْتِيَارُ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ، فَعَلَى هَذَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ عِنْد الْإِكْرَاهِ كَالْكِنَايَةِ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ إنْ نَوَى وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا.

(الثَّالِثُ) : مَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ فِي حَالِ الطَّوَاعِيَةِ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَمَا لَا فَلَا وَإِنْ شِئْت فَقُلْ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بِحَقٍّ صَحَّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا.

وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ إكْرَاهُ الْإِمَامِ بَعْضَ الْمُكَلَّفِينَ لِلْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ وَيَقَعُ الْمَوْقِعَ وَصَحَّ إكْرَاهُ الْحَرْبِيِّ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَصِحَّ إكْرَاهُ الذِّمِّيِّ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ بِالْجِزْيَةِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا نَطَقَ الْحَرْبِيُّ بِالشَّهَادَتَيْنِ تَحْتَ السَّيْفِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ. اُتُّفِقَ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْغُمُوضِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى فَإِنَّ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ نَازِلَتَانِ فِي الْإِعْرَابِ عَنْ الضَّمِيرِ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ

ص: 194

وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا بِالسَّيْفِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إخْبَارِهِ.

قَالَ صَاحِبُ " الْبَحْرِ " لَوْ أُكْرِهَ الذِّمِّيُّ أَوْ الْحَرْبِيُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْإِسْلَامِ فَأَقَرَّ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ إكْرَاهُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا يَجِبُ إكْرَاهُ الْحَرْبِيِّ عَلَى إنْشَاءِ الْإِسْلَامِ.

انْتَهَى.

وَمِنْ هَذَا لَا يَصِحُّ أَمَانُ الْأَسِيرِ لِمَنْ أَسَرَهُ وَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ مَعَهُمْ وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ أَمَانُ الْمُكْرَهِ عَلَيْنَا فَفِي نُفُوذِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَجْهَانِ: قَالَ الْغَزَالِيُّ: نَعَمْ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ اغْتِيَالُهُمْ كَمَا لَوْ دَخَلَ تَاجِرًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا وَالْأَصَحُّ فِي " الرَّوْضَةِ " الْمَنْعُ، لِأَنَّ التَّاجِرَ يُخَلَّى مِنْ أَيْدِيهِمْ بِخِلَافِ هَذَا. وَيُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ فِي صُوَرٍ غَيْرِ مَا سَبَقَ.

(مِنْهَا) مَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ إعْتَاقِهِ فَأُكْرِهَ حَتَّى أَعْتَقَهُ نَفَذَ عِتْقُهُ قَالَهُ فِي (الْبَحْرِ) وَجَعَلَهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ. وَمِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَقُلْنَا: الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى.

(وَمِنْهَا) الْمَوْلَى إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ وَالطَّلَاقِ وَقُلْنَا الْقَاضِي لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ فَأَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَعَ، لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ طَلْقَةٌ فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الثَّلَاثِ وَقُلْنَا الْإِمَامُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَحُكْمُ الزَّائِدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَيْ فَيَلْغُو وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي أَكْرَهَهُ

ص: 195

فَهُوَ كَمَنْ أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ، (لِأَنَّ) إكْرَاهَهُ إنَّمَا لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ مَا دَامَ بِالْحَقِّ فَإِذَا انْعَزَلَ لَمْ تَبْقَ لَهُ وِلَايَةٌ.

وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ هَذِهِ الصُّورَةَ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمَوْلَى إكْرَاهٌ يَمْنَعُ مِثْلَهُ الطَّلَاقَ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ عَلَى التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ.

(وَمِنْهَا) إذَا امْتَنَعَ الْمَدِينُ مِنْ الْوَفَاءِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَقَدْ يَنْفُذُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفَ كَمَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ زَوْجَتِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَطَلَّقَهَا وَقَعَ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ لِسُقُوطِ حُكْمِ اللَّفْظِ بِالْإِكْرَاهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِمَجْنُونٍ طَلِّقْهَا فَطَلَّقَهَا.

الرَّابِعُ: الْإِكْرَاهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْمُبَاحِ وَكَذَلِكَ عَلَى تَرْكِ الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمَنْدُوبِ وَإِنَّمَا يَجِيءُ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ وَفِي فِعْلِ الْحَرَامِ كَالْكُفْرِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَى وَالشُّرْبِ. وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي إيقَاعِ الْوَاجِبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أُكْرِهَ حَتَّى وَطِئَ زَوْجَتَهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كُلُّ الْمَهْرِ

ص: 196

وَيَسْقُطُ بِهِ الْوُجُوبُ إذَا قُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ مَرَّةً وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُضْطَرُّ حَتَّى أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ. وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ حَتَّى بَاعَ مَالَهُ لِيَتَقَوَّى بِهِ أَوْ أُكْرِهَ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي نَذَرَ عِتْقَهُ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَشْرُوطُ عِتْقُهُ فِي الْبَيْعِ.

الْخَامِسُ: كُلُّ قَرِينَةٍ إذَا ادَّعَاهَا الْمُخْتَار يُدَيَّنُ بِهَا فِي الْبَاطِنِ، إذَا ادَّعَاهَا الْمُكْرَهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا.

فَمِنْهُ: إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ وَشَرَطْنَا الْفَوْرِيَّةَ فَقَالَ: فَاطِمَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت فَاطِمَةَ أُخْرَى غَيْرَ زَوْجَتِي أَوْ نَوَى طَلَاقًا مِنْ وَثَاقٍ لَمْ يَقَعْ ظَاهِرًا قَطْعًا بِخِلَافِ الْمُخْتَارِ يَنْوِي ذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ.

وَمِنْهُ: أَنَّ الْمُخْتَارَ إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ بَاطِنًا.

وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا صُدِّقَ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْإِقْرَارِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فِي دَعْوَى الْكَذِبِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى نَظَرٍ، وَهِيَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا الْمُكْرَهُ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ الْمُخْتَارِ بَلْ يَقَعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

ص: 197

السَّادِسُ:

قَطَعَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُكْرَهِ عَقْدٌ وَلَا حَلٌّ فِي الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ وَنَحْوِهَا وَيَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرًا فِي الطَّلَاقِ وَالْأَيْمَانِ وَغَيْرِهِمَا فِيهِ قَوْلَا الْمُكْرَهِ. وَهَذَا غَيْرُ مَا جَزَمُوا فِيهِ. وَمَوْضِعُ الْجَزْمِ مَا يُوقِعُهُ الْمُكْرَهُ تَنْجِيزًا حَالَةَ الْإِكْرَاهِ وَمَوْضِعُ الْقَوْلِ الْإِكْرَاهُ عَلَى إيقَاعِ فِعْلٍ سَبَقَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ كَأَنْ يَقُولَ فِي حَالَةِ اخْتِيَارِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ يُكْرَهُ عَلَى دُخُولِهَا.

السَّابِعُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْرَهِ فِعْلٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ قَطْعًا غَالِبًا وَإِنْ كَانَ لَهُ فِعْلٌ فَقَوْلَانِ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَوْجَرَ الصَّائِمُ الطَّعَامَ لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا وَأَغْرَبَ الْحَنَّاطِيُّ بِحِكَايَةِ خِلَافٍ، وَإِنْ أُكْرِهَ حَتَّى أَكَلَ فَقَوْلَانِ. وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَمْكِينِهَا لَمْ تُفْطِرْ وَإِنْ ضَرَبَهَا حَتَّى مَكَّنَتْ فَقَوْلَانِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ ضُرِبَ حَتَّى دَخَلَهَا فَقَوْلَانِ: وَلَوْ أَكْرَهَ الْمُودِعُ لِصٌّ مُتَغَلِّبٌ عَلَى دَفْعِ الْوَدِيعَةِ وَأَخَذَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى تَنَاوُلِهَا وَدَفْعِهَا إلَيْهِ أَوْ دَلَّهُ عَلَيْهَا فَوَجْهَانِ: بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إكْرَاهِ الصَّائِمِ عَلَى تَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ بِنَفْسِهِ قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ فِي (الْمُقْنِعِ) وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي (الْحَاوِي) وَغَيْرِهِمَا.

ص: 198

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ فَأُوجِرَ فِي حَلْقِهِ حَتَّى صَارَ فِي جَوْفِهِ لَمْ يَحْنَثْ قَطَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ أُكْرِهَ حَتَّى تَنَاوَلَهُ فَقَوْلَانِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَطْعِ فِيمَا لَا فِعْلَ لَهُ فِيهِ صُورَتَانِ:

(إحْدَاهُمَا) إذَا تَعَلَّقَ بِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ فَأُوجِرَ مُعَالَجَةً وَإِصْلَاحًا لَهُ وَقُلْنَا لَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِالْإِغْمَاءِ فَفِي بُطْلَانِهِ بِهَذَا الْإِيجَارِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا يُفْطِرُ. قَالَ: الرَّافِعِيُّ وَنَظِيرُهُ إذَا عُولِجَ الْمُحْرِمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ هَلْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ؟ .

(الثَّانِيَةُ) لَوْ أَوْجَرَ الْمَالِكُ طَعَامَهُ الْمُضْطَرَّ قَهْرًا أَوْ أَوْجَرَهُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ عَلَيْهِ؟ ؟ وَجْهَانِ: أَحْسَنُهُمَا عِنْدَ الرَّافِعِيِّ نَعَمْ، لِأَنَّهُ خَصَّهُ مِنْ الْهَلَاكِ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ.

الثَّامِنُ: إيجَابُ الشَّرْعِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا لَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ.

وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَصُومِي غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ فَوُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُكْرَهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.

نَعَمْ لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً فَوَجَبَ عَلَيْهِ يَمِينٌ، وَقُلْنَا بِوُجُودِ التَّغْلِيظِ حَلَفَ وَحَنِثَ

وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ مُقَيَّدٌ فَحَلَفَ بِعِتْقِهِ أَنَّ فِي قَيْدِهِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ وَحَلَفَ بِعِتْقِهِ لَا يَحُلُّهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ فَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي شَاهِدَانِ أَنَّ قَيْدَهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِعِتْقِهِ ثُمَّ حَلَّ الْقَيْدَ فَوَجَدَ فِيهِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، لِأَنَّ

ص: 199

الْعِتْقَ حَصَلَ بِحَلِّ الْقَيْدِ دُونَ الشَّهَادَةِ لِتَحَقُّقِ كَذِبِهِمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ (كِتَابِ) الْعِتْقِ.

التَّاسِعُ الْإِكْرَاهُ هَلْ يَكُونُ إذْنًا مُؤَكَّدًا أَوْ لَا؟ قَالُوا فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَةِ الْمُكْرِهِ فَطَلَّقَ وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ إذْنٌ وَزِيَادَةٌ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ صَحَّ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ أُكْرِهَ الْوَكِيلُ عَلَى الْإِيقَاعِ فَفِي (الْبَحْرِ) فِيهِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا: يَقَعُ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُخْتَارٌ (وَأَصَحُّهُمَا) لَا، لِعَدَمِ اخْتِيَارِ الْمُبَاشِرِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّلَاقِ عَنْ (أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ) لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَخْرَجَهَا هُوَ هَلْ يَكُونُ إذْنًا؟ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا أَخْرَجَهَا وَهِيَ مُخْتَارَةٌ: وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْإِذْنَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ

ص: 200