الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ: مَا يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى بِشَرْطِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الْأُصُولِيَّةُ فِي قِيَامِ أَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ فِي التَّرَاكِيبِ، وَمِنْهُ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ: خَالَعْتُكِ أَوْ أَبَنْتُك وَنَحْوَهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ وَنَوَى الطَّلَاقَ صَحَّ الْخُلْعُ وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا (سَأَلَتْهُ) بِالصَّرِيحِ وَأَجَابَ بِالْكِنَايَةِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَهَا شَبَهٌ (بِمَا) لَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: اخْتَرْت وَنَوَتْ، وَلَوْ قَالَتْ: اخْتَلَعَنِي، فَقَالَ: طَلَّقْتُك، وَقُلْنَا: الْخُلْعُ فَسْخٌ، فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهَا مَا طَلَبَتْ وَزِيَادَةً، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ أَجَابَهَا إلَى غَيْرِ مَا طَلَبَتْ.
[التَّرْكُ فِعْلٌ إذَا قُصِدَ]
وَمِنْ ثَمَّ، لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ عَلَفَ دَابَّةِ الصَّبِيِّ حَتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ تَلْقِيحَ الثِّمَارِ، وَلَوْ تَرَكَ مَرَمَّةَ الْعَقَارِ حَتَّى خَرِبَ، أَوْ (إيجَارُهٌ) فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَجْهَيْنِ فِيمَا، إذَا تَرَكَ مَا خَالَعَ السَّفِيهَ عَلَيْهِ بِيَدِهِ حَتَّى تَلِفَ وَالْعَامِلُ فِي (الْمُزَارَعَةِ) الصَّحِيحَةِ، لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ السَّقْيِ فَفَسَدَ الزَّرْعُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ عَلَيْهِ حِفْظُهُ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ.
[التَّزَاحُمُ]
تَوَارُدُ الْحُقُوقِ، وَازْدِحَامُهَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ.
أَمَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ كُلُّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ جَمِيعَ الْحَقِّ فَيَتَزَاحَمُونَ بِهِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَأَمَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَقِّ (بِحِصَّتِهِ) خَاصَّةً، وَالْأَوَّلُ تَزَاحَمَ فِي (الْمَصْرِفِ) .
وَالثَّانِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَيَنْقَسِمَانِ بِاعْتِبَارِ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:(الْأَوَّلُ) : أَنْ يَكُونَ التَّزَاحُمُ فِي (الْمَصْرِفِ) لَا فِي الْمُسْتَحَقِّ قَطْعًا كَالدُّيُونِ الَّتِي عَلَى الْمُفْلِسِ الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ فَمَنْ لَهُ أَلْفٌ وَعَلَيْهِ سِتَّةُ آلَافٍ لِوَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ، وَلِآخَرَ أَلْفَانٍ وَلِآخَرَ أَلْفٌ (يُوَزَّعُ عَلَيْهِ) فِي (الْمَصْرِفِ) فَلِصَاحِبِ الْأَلْفِ سُدُسُ الْأَلْفِ (وَلِصَاحِبِ) الْأَلْفَيْنِ ثُلُثُهَا وَلِصَاحِبِ (الثَّلَاثَةِ) نِصْفُهَا فَلَوْ أَبْرَأَ صَاحِبَ الْأَلْفَيْنِ (وَالثَّلَاثَةِ) أَخَذَ صَاحِبُ الْأَلْفِ الْكُلَّ قَطْعًا، (وَمِنْهُ) : مَصْرِفُ الزَّكَاةِ الثَّمَانِيَةُ الْأَصْنَافِ حَتَّى لَوْ عَدِمَ بَعْضَهُمْ رُدَّ عَلَى (الْبَاقِينَ) قَطْعًا وَ [مِنْهُ] مَصْرِفُ الْغَنِيمَةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَعْرَضَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ صَحَّ (وَالْمُعْرِضُ كَمَنْ) لَمْ يَحْضُرْ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ احْتِمَالًا فِي رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِ الْخُمْسِ خَاصَّةً وَجَعَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَجْهًا، وَلَوْ اسْتَحَقَّ أَخَوَانِ حَدَّ الْقَذْفِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا اسْتَحَقَّ الْآخَرُ الْجَمِيعَ كَامِلًا.
وَمِنْهُ) : الشُّفَعَاءُ الْمُجْتَمِعُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ (يَسْتَحِقُّ) الشُّفْعَةَ بِكَمَالِهَا فَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمْ سَقَطَ حَقُّهُ وَيُخَيَّرُ الْآخَرُ بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكِهِ، (وَمِنْهُ) : أَوْلِيَاءُ النِّكَاحِ الْمُتَسَاوُونَ فِي الدَّرَجَةِ.
(الثَّانِي) : (التَّزَاحُمُ) فِي الِاسْتِحْقَاقِ قَطْعًا كَالْحُقُوقِ الْوَاقِعَةِ عَلَى جِهَةِ الشَّرِكَةِ ابْتِدَاءً كَالْمِيرَاثِ وَنَحْوِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ (عَفَا) بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ حَقِّهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يُرَدَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا حَقَّهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَا أَحَدُ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ عَنْ حَقِّهِ رُدَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَوْفُوا حَقَّهُمْ وَمِنْ ثَمَّ (قِيلَ) : لَيْسَ لِلْحَاكِمِ قِسْمَةُ الْمِيرَاثِ حَتَّى يُقِيمُوا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ سِوَاهُمْ بِخِلَافِ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ.
(وَمِنْهُ) : لَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ: بِعْتُكُمَا دَارِي بِأَلْفٍ فَإِنَّ الْخِطَابَ قَدْ تَوَجَّهَ لِاثْنَيْنِ فَالتَّوْزِيعُ بِالنِّصْفِ (فَلَا) خِلَافَ فِي مُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَالِكًا لِجَمِيعِ الْعَيْنِ.
(وَمِنْهُ) : الْقِصَاصُ الْمُسْتَحَقُّ لِجَمَاعَةٍ بِقَتْلِ مُوَرِّثِهِمْ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (بِحِصَّةِ) إرْثِهِ كَالْمَالِ (فَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) سَقَطَ حَقُّهُ وَسَقَطَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَا (تَبْعِيضَ) .
الثَّالِثُ) : مَا فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ (أَنَّهُ) فِي (الْمَصْرِفِ)، (فَمِنْهُ) : ذَوُو (الْفُرُوضِ) الْمُجْتَمِعُونَ فِي فَرْضٍ وَاحِدٍ كَالزَّوْجَاتِ وَالْجَدَّاتِ؛ وَلِهَذَا أَنَّ الْجَدَّتَيْنِ الْمُتَحَاذِيَتَيْنِ يَكُونُ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِقَوْلِ عُمَرَ (رضي الله عنه) هُوَ لَكُمَا، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ الْجَدَّةِ الَّتِي تُدْلِي بِالْأَبِ الْأَبُ وَحَجَبَهَا فَهَلْ تَسْتَقِلُّ الَّتِي تُدْلِي بِالْأُمِّ بِالسُّدُسِ نَظَرًا إلَى أَنَّ التَّزَاحُمَ فِي (الْمَصْرِفِ) لَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ نِصْفِ السُّدُسِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ.
(وَمِنْهُ) : أَوْصَى (لِحَمْلِ) فُلَانَةَ بِكَذَا فَأَتَتْ (بِاثْنَيْنِ) اسْتَحَقَّاهُ بِشَرْطِهِ، (وَفِي اسْتِحْقَاقِهِمَا الْوَجْهَانِ)(الْمَذْكُورَانِ وَيَظْهَرُ) أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَتَتْ بِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ انْفَرَدَ الْحَيُّ بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَى الثَّانِي لَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُ الْمُوصَى بِهِ.
(وَمِنْهُ) : لَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ (فَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِالْبَيْعِ وَنَفَذَ
الثَّمَنُ وَفَرَّعْنَا عَلَى النِّصْفِ فَهَلْ التَّنْصِيفُ فِي (الْمَصْرِفِ) لَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ؟ وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَرَدَّ الْآخَرُ، فَإِنْ (قُلْنَا: الْمَصْرِفُ) اسْتَرَدَّ الْآخَرُ كُلَّ (الْمَبِيعِ) بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِنْ قُلْنَا (بِالِاسْتِحْقَاقِ) فَلَيْسَ لِلْمُجِيزِ إلَّا النِّصْفُ.
(وَمِنْهُ) : لَوْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ لِصَاحِبِهِ، (وَالتَّزَاحُمُ فِي الْمَصْرِفِ) لَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ يُجْعَلُ (الْوَقْفُ) فِي نَصِيبِهِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَصْرِفِ الْمَنْقُولِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقَعْ هَذَا (الْبِنَاءُ) لِلرَّافِعِيِّ، فَقَالَ: الْقِيَاسُ جَعْلُهُ فِي نَصِيبِهِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْخِطَابَ تَوَجَّهَ إلَيْهِمَا كَتَوَجُّهِهِ إلَيْهِمَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ التَّزَاحُمِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَهَذَا نَظَرٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ خَرَجَ لِلَّهِ تَعَالَى (وَكَأَنَّهُ) قَالَ: خَرَجْت عَنْ هَذَا لِلَّهِ تَعَالَى فَصَارَ جِهَةً لِلْمَصْرِفِ فَأَشْبَهَ انْعِدَامَ بَعْضِ الْأَصْنَافِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى الْبَاقِي (كَذَلِكَ) فَكَذَلِكَ هَذَا.
(وَمِنْهُ) : لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهَا لِعَمْرٍو وَقُلْنَا: لَيْسَ بِرُجُوعٍ فَيَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا (مُسْتَحِقًّا) لِلْعَيْنِ وَيَقَعُ التَّزَاحُمُ فِيهَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ وَرَدَّ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْآخَرُ الْعَيْنَ بِكَمَالِهَا يَنْبَغِي تَخْرِيجِهَا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا.
(الرَّابِعُ) : فِي الِاسْتِحْقَاقِ (عَلَى) رَأْي الرَّافِعِيِّ فِي الْوَقْفِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ، وَلَوْ
اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي قَتْلِ (صَيْدٍ) .
(فَرْعٌ)، مِنْ فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ:(رَجُلٌ) مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِشَخْصَيْنِ وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْ دَيْنِهِمَا وَبِدَيْنِ أَحَدِهِمَا ضَامِنٌ قَالَ الَّذِي لَا ضَامِنَ لِدَيْنِهِ: لَا تُزَاحِمْنِي فَإِنَّك وَجَدْت مَحَلًّا آخَرَ يُمْكِنُك اسْتِيفَاءُ حَقِّك مِنْهُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (أَجَابَ) : لَهُ أَنْ يُزَاحِمَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (يَتَعَلَّقُ) بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الضَّامِنِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَخَذَ أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ الْحَقَّ مِنْ الضَّامِنِ وَهَلَكَتْ التَّرِكَةُ هَلْ لِلثَّانِي أَنْ يُزَاحِمَهُ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الضَّامِنِ؟ (أَجَابَ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ تَبَرَّعَ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِدَيْنِ أَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ رَهْنٌ (فَهُوَ) يَخْتَصُّ (بِثَمَنِهِ) دُونَ صَاحِبِهِ.
(قَاعِدَةٌ) : قَدْ يَقَعُ اللَّفْظُ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ (مِنْهُمَا) لِلِانْفِرَادِ (بِهِ) فَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْكُلُّ أَوْ الْقِسْطُ فَإِذَا قَالَا: ضَمِنَّا (الدَّيْنَ)
الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ) (وَكُلُّ) وَاحِدٍ لَوْ ضَمِنَهُ مُنْفَرِدًا لَصَحَّ وَلَوْ ضَمِنَ نِصْفَهُ لَصَحَّ فَإِذَا وُجِدَ اللَّفْظُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَهَلْ يَقَعُ الضَّمَانُ مُوَزَّعًا أَوْ يَقَعُ مُكَمَّلًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي وَصَحَّحَ أَنَّ كُلَّ (وَاحِدٍ يَكُونُ) ضَامِنًا لِكُلِّ الْأَلْفِ وَهُوَ غَيْرُ مَا يَتَبَادَرُ إلَى الْإِفْهَامِ مِنْ (التَّوْزِيعِ) وَوَجَّهَ الْمُتَوَلِّي (تَصْحِيحَهُ) بِمَسْأَلَةٍ نَفِيسَةٍ، وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ رَجُلَانِ شَرِيكَانِ فِي عَبْدٍ لِرَجُلٍ: رَهَنَّا عَبْدَنَا عَلَى دَيْنِك الَّذِي عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ أَلْفٌ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكُونُ رَاهِنًا نِصْفَهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَلْفِ، وَهَذَا إنْ سَلِمَ مِنْ نِزَاعٍ كَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَمَانٌ لِدَيْنِ الْغَيْرِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ (عَلَى) الْأَصَحِّ، وَقَدْ يَكُونُ الْخِطَابُ مُوَجَّهًا لِاثْنَيْنِ بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَثْبُتَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ:(أَوْصَيْتُكُمَا) عَلَى أَوْلَادِي فَإِنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ؛ لِكَوْنِ الْخِطَابِ (يَثْبُتُ) مُوَزَّعًا، (وَمِثْلُهُ) : فِي نَظَرِ الْوَقْفِ وَالْوَكَالَةِ (لَوْ) صَرَّحَ بِاسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ ثَبَتَ، وَأَلْحَقَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ مَا إذَا (ثَنَّى) الصِّفَةَ فَقَالَ:(إنَّهُمَا وَصِيَّايَ) مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ إشْعَارًا بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالصِّفَةِ بِخِلَافِ، أَوْصَيْتُكُمَا أَوْصَيْت إلَيْكُمَا وَلَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ.
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ (الْمُشْتَرِكَيْنِ) فِي ذَلِكَ نَصَّبَ الْحَاكِمُ بَدَلَ مَنْ مَاتَ وَلَا يَسْتَقِلُّ الْآخَرُ لِوُجُودِ الْخِطَابِ مُوَزَّعًا.
وَأَمَّا الْحُقُوقُ الثَّابِتَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَالْأُخُوَّةِ وَالْأَعْمَامِ (وَنَحْوِهِمَا) ، فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا قَطْعًا، وَلَا تَزَاحُمَ فِي اسْتِحْقَاقٍ وَلَا مَصْرِفٍ لَكِنْ لَوْ صَدَرَ الْإِذْنُ مَجْمُوعًا كَقَوْلِهَا: أَذِنْت لَكُمْ أَنْ تُزَوِّجُونِي (فَهَلْ) الْخِطَابُ مُنَزَّلٌ عَلَى الِاجْتِمَاعِ؟ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَلَا يَجُوزُ الِانْفِرَادُ أَوْ (نَقُولُ) : كُلُّ وَاحِدٍ (ثَبَتَ) لَهُ الْوِلَايَةُ مُسْتَقِلَّةً، (وَهَلْ يَجُوزُ) الْإِقْدَامُ بِشَرْطِ الْإِذْنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ، إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لَهُ اسْتِقْلَالًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ (الْإِذْنَ) شَرْطٌ، وَقَدْ وُجِدَ يُقَالُ عَلَيْهِ: لَمْ تَأْذَنْ لَهُ مُسْتَقِلًّا، وَإِنَّمَا أَذِنَتْ لَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَلْيَتَّبِعْ إذْنَهَا، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لِغَيْرِهِ دُونَهُ، وَالْوَلَاءُ يُشْبِهُ الْأَنْسَابَ (وَفِي) حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«الْوَلَاءُ لَحْمَةٌ كَلَحْمَةِ النَّسَبِ» ، فَإِنْ وَقَعَ مُبَعَّضًا، فَالِاسْتِحْقَاقُ لِلصِّنْفَيْنِ عَلَى طَرِيقِ التَّبْعِيضِ، فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّزْوِيجِ، وَإِنْ وَقَعَ مُكَمِّلًا لِوَاحِدٍ (فَعَصَبَتُهُ) يَنْزِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْزِلَتَهُ، فَاسْتِحْقَاقُ الْوَلَاءِ (فِي صُورَةِ التَّبْعِيضِ)
وَقَعَ مُوَزَّعًا، وَاسْتِحْقَاقُهُ فِي صُورَةِ الْكَامِلِ وَقَعَ مُكَمِّلًا، وَكُلٌّ مِنْ عَصَبَتِهِ كُلٌّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ (يَنْزِلُ) مَنْزِلَتَهُ.
فَلَوْ أَعْتَقَ (ثَلَاثَةٌ امْرَأَةً) وَمَاتُوا وَلِوَاحِدِ عَشَرَةُ أَبْنَاءَ وَآخَرَ (ثَلَاثَةٌ) وَآخَرَ اثْنَانِ (فَكُلُّ) وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ كَأَصْلِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ (الثَّلَاثَةِ) كَأَصْلِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ كَذَلِكَ، هَذَا فِي التَّزْوِيجِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلَ (وَنَحْوِهِمَا) ، أَمَّا فِي (الْوِرَاثَةِ) فَيَنْتَقِلُ الْمَالُ (لِعَصَبَةِ) الْجَمِيعِ (الْمُسْتَوِينَ) فِي الدَّرَجَةِ عَلَى حَسَبِ عِتْقِ أَصْلِهِ فَلِلْعَشَرَةِ الثُّلُثُ، وَلِلثَّلَاثَةِ الثُّلُثُ، وَلِلِاثْنَيْنِ الثُّلُثُ، إنْ كَانَ عِتْقُ (أُصُولِهِمْ) وَقَعَ بِالتَّثْلِيثِ، وَإِلَّا فَعَلَى حَسَبِ الْحِصَصِ، وَقَدْ يَقَعُ النَّظَرُ فِي الْوَلَاءِ فِي التَّرْتِيبِ، (فَيَخْرُجُ) مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ:.
(أَحَدُهَا) : كَانَ الْمُعْتِقُ حَيًّا، وَلَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ كَقَتْلٍ أَوْ كُفْرٍ (وَالْعِيَاذُ
بِاَللَّهِ) فَإِنَّ الْمَالَ يَنْتَقِلُ لِعَصَبَتِهِ فِي (حَيَاتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِ الدِّينِ (مِنْ) الْأُمِّ، وَخَالَفَ الْقَاضِيَ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ (وَيَقْتَضِي) إلْحَاقَ الْوَلَاءِ بِالنَّسَبِ وَكَانَ الْمُعْتِقُ لَمَّا (أَعْتَقَ) هَذَا الرَّقِيقَ ثَبَتَ الْوَلَاءُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَاتِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ (الْمُتَرَتِّبُ) عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَصُورَةُ (كَوْنِ) الْمُعْتِقِ قَائِلًا (مَذْكُورَةٌ) فِي الدَّوْرِيَّاتِ مِنْ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ فِي الْوَصَايَا، وَيَجِيءُ (فِيهَا) خِلَافُ (الْقَاضِي الْحُسَيْنِ) .
(الثَّانِيَةُ) : لَوْ مَاتَ (الْمُعْتِقُ) وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَأَخٌ كَبِيرٌ فَنَقَلَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ (رضي الله عنه) أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا الْأَخُ وَلَيْسَ بِالْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ، بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَخَ يُزَوِّجُ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَلَاءَ هَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ لَا يَثْبُتُ لِلثَّانِي، إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ فِي تَلَقِّي الْبُطُونِ، وَالْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ التَّلَقِّيَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً، وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ فِي (الْوَرَثَةِ)(وَشُرُوطُ الْوَقْفِ) .
(الثَّالِثَةُ) : تَنْبِيهٌ هَذَا كُلُّهُ فِي ازْدِحَامِ حُقُوقِ الْمُعَيَّنِينَ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فِي بَيْتِ الْمَالِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ، فَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ؛ وَلِهَذَا لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ غَنِيًّا (كَانَ) أَوْ فَقِيرًا لِلشُّبْهَةِ، نَعَمْ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ، وَلَا نَظَرَ لِنَفَقَةِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْفَاقٌ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ؛ وَلِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ الْقَطْعِ فِي الْمُسْلِمِ بِكَوْنِهِ خَاصًّا بِالْمُسْلِمِينَ، وَانْتِفَاعُ الذِّمِّيِّ بِالْقَنَاطِرِ وَنَحْوِهَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فِي الشَّوَارِعِ وَنَحْوِهَا، فَالْحَقُّ فِيهِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِوَاحِدٍ وَيَخْتَصُّ التَّصَرُّفُ الْكَامِلُ فِيهِ بِالْمُسْلِمِينَ (أَمَّا أَهْلُ) الذِّمَّةِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ إخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ إلَى شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ جَازَ لَهُمْ اسْتِطْرَاقُهَا؛ وَ (لِأَنَّهُ) كَإِعْلَائِهِمْ الْبِنَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَبْلَغُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ الشَّاشِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ.
قَاعِدَةٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ: لَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، إلَّا بِمُرَجِّحٍ، وَلَهُ أَسْبَابٌ:
الْأَوَّلُ: الْأَوَّلُ: (بِالسَّبْقِ) كَازْدِحَامِ الْخُصُومِ فِي الدَّعْوَى وَالِازْدِحَامِ فِي، الْأَحْيَاءِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهُ، إذَا مَاتَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ (وَهُنَاكَ) مَاءٌ يَكْفِي أَحَدَهُمَا، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ وَجَبَ عِنْدَ مَوْتِهِ فَلَا (يَتَغَيَّرُ) حُكْمُهُ بِمَوْتِ الْآخَرِ بَعْدَهُ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ: عَنْ (وَالِدِهِ)، قَالَ: وَلَوْ كَانَ وُجُودُ الْمَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ مِنْهَا، بَلْ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى مَعْرِفَةِ أَفْضَلِهِمَا وَأَوْرَعِهِمَا (فَيُقَدَّمُ) ، فَإِنْ تَسَاوَيَا (يُخَيَّرُ) .
وَمِنْهُ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ بِدَيْنٍ (آخَرَ)(لِغَيْرِهِ) وَالتَّرِكَةُ لَا تَفِي بِهِمَا، فَالدَّيْنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، قَالَهُ الْهَرَوِيُّ كَذَا قَالَهُ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي (مَجَالِسِ) النَّظَرِ وَقَالَ (أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ) فِي كِتَابِهِ: إنَّ الشَّافِعِيَّ (رضي الله عنه)
، قَالَ: التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ، وَالْمُوَرِّثُ لَوْ أَقَرَّ عَلَى التَّعَاقُبِ كَانَا (مِنْ) مَا لَهُ عَلَى السَّوَاءِ قَالَ: وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَمِنْهُ: لَوْ قَتَلَ جَمَاعَةً مُرَتَّبًا قُتِلَ بِالْأَوَّلِ (وَلِلْبَاقِينَ) الدِّيَاتُ، وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ الْأَبَ وَالْآخَرُ الْأُمَّ مُرَتَّبًا، وَلَا زَوْجِيَّةَ، فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ، أَمْ يُقْتَصُّ مِنْ الْمُبْتَدِي بِالْقَتْلِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي.
وَمِنْهُ الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُمَيِّزَةُ (الَّتِي) تَرَى الدَّمَ عَلَى نَوْعَيْنِ، فَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ، فَيُقَدَّمُ الْأَسْوَدُ، ثُمَّ الْأَحْمَرُ ثُمَّ الْأَشْقَرُ ثُمَّ الْأَصْفَرُ وَيُرَجَّحُ ذُو صِفَتَيْنِ عَلَى (ذِي) صِفَةٍ، فَإِنْ اسْتَوَيَا رُجِّحَ الْأَسْبَقُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي عِنْدَ انْفِرَادِ كُلِّ صِفَةٍ أَنْ (يُعَوِّلَ) عَلَى اللَّوْنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ.
(الْخَبَرُ الصَّحِيحُ) : وَمِنْهُ: لَوْ بَاعَ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي،
فَأَفْلَسَ) بِالثَّمَنِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي عَيْنِ مَالِهِ، فَأَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ، فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِالْبَيْعِ وَحَقُّ الْبَائِعِ ثَبَتَ بِالْإِفْلَاسِ (فَقُدِّمَ) الْأَسْبَقُ.
، وَمِنْهُ: لَوْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ وَوَجَدَ الْبَائِعُ عَيْنَ مَالِهِ وَهُوَ مَرْهُونٌ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ سَابِقٌ لِحَقِّهِ، (فَإِنَّهُ) تَعَلَّقَ (بِالْمَالِ) بِعَقْدِ الرَّهْنِ وَحَقُّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ بِنَفْسِ الْحَجْرِ، وَالرَّهْنُ سَابِقٌ (وَالْإِعْسَارُ) مُتَأَخِّرٌ.
وَمِنْهُ: لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَوَكَّلَ آخَرَ (بِعِتْقِهِ)، قَالَ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ: فَعِنْدَنَا مَنْ سَبَقَ فَلَهُ الْحُكْمُ، فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ (عَتَقَ) قَبْلَ الْبَيْعِ عَتَقَ، وَقَالَ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ: تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يُنَافِي الْبَيْعَ، فَإِنْ حَصَلَ (الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ) فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بَطَلَا جَمِيعًا وَإِنْ أَشْكَلَ أَقُرِعَ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْعِتْقِ نَفَذَ أَوْ عَلَى الْبَيْعِ فَقَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا (لَا يَصِحُّ) .
، وَمِنْهُ: لَوْ قَذَفَ امْرَأَةً فَقَالَ: يَا زَانِيَةُ يَا بِنْتَ الزَّانِيَةِ وَجَبَ حَدَّانِ وَيُحَدُّ لَهَا أَوَّلًا قَبْلَ أُمِّهَا لِسَبْقِهَا بِهِ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
وَمِنْهُ: لَوْ اُسْتُرِقَّ الْحَرْبِيُّ وَغُنِمَ مَالُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَفَّى الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ الْمَغْنُومِ (ثُمَّ) مَا فَضَلَ لِلْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِمَا لَهُ بَعْدَ شُغْلِهِ بِحَقِّ الْغَيْرِ.