الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زارني صلاح الدين، الدينار خير من الدرهم، أحمد تحن الطيور لسماع صوته، أسعاد ابنة جارنا؟ أم سعاد صديقة ابنته؟. إن الذي تخلص إليه وتفنى في حبه لا يرغب فيك ولا يود لقاءك، أذاع سرك من أوصيته بكتمانه، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} ، إن من لا يرحم الصغير ولا يوقر الكبير مبغض ممقوت، {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ، مر بي رجل وسأل عنك، أخو السارق قادم، نبأ روع البلاد، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} ، إن لنا لضياعًا وإن لنا لخدما، طلاب المعهد رحلوا إلى بلادهم، {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ} ، الله وكيلي ومحمد كفيلي.
تقديم وتأخير المسند إليه:
اعلم أن مرتبة المسند إليه التقديم؛ لأنه المحكوم عليه، فمدلوله يخطئ أولًا بالذهن، ولكن تقديمه مع ذلك ليس واجبًا، بل يجوز تقديمه وتأخيره، وإنما يؤتى به مقدمًا لأسباب شتى، نذكر لك أهمها فيما يلي:
1-
كون التقديم هو الأصل فيه، لأنه المحكوم عليه "كما عرفت" غير أن ذلك مشروط بألا توجد نكتة أخرى تقتضي تأخيره في اعتبار المتكلم كقولك:"محمد رسول الله" فقد قدم المسند إليه لأن الأصل فيه أن يقدم إذ هو المحكوم عليه بالرسالة، فينبغي ذكره أولًا، وإنما شرطنا عدم وجود نكتة أخرى تقتضي التأخير؛ لأن الأصالة وحدها نكتة ضعيفة لا تنهض سببًا مرجحًا للتقديم، مع وجود المقتضى للتأخير1 كما في الفعل مثلًا، فإن الأصل فيه التقديم أيضًا؛ لأنه الذات المحكوم عليها، غير أن الأصالة عارضتها نكتة أخرى تقتضي تأخيره، وهي أن الفعل عامل في الفاعل الرفع، ومرتبة العامل التقديم على المعمول، فرجح جانبه عليه.
2-
تعجيل المسرة للتفاؤل، أو المساءة للتطير، مثال الأول قولك:"العفو عنك صدر به الأمر"، ومثال الثاني قولك:"القصاص من الجاني حكم به القاضي"، قدم المسند إليه في المثالين لقصد المبادرة بإدخال السرور على قلب السامع ليتفاءل بحصول الخير، أو المسارعة بإدخال الغم على قلبه ليتشاءم بحصول الشر.
3 التعجيل بإظهار تعظيمه أو تحقيره إذا كان اللفظ مشعرًا بما يدل
1 سبق مثل هذا الكلام عند البحث في ذكر المسند إليه.
عليهما. تقول في الأول: "أبو الفضل عندنا"، وفي الثاني:"أبو الجهل غادرنا".
4-
تعجيل التبرك بذكره، أو التلذذ، كقولك في الأول:"اسم الله اهتديت به"، وكقولك في الثاني:"ليلى رأيتها"، و"سلمى تحدثت إليها"، قدم المسجد في الموضعين تبركًا في الأول، وتلذذًا في الثاني.
5-
التشويق إلى الخبر إذا كان في المسند إليه ما يوجب الدهشة والاستغراب، مما يجعل النفس في لهفة إلى سماع الخبر كقول أبي العلاء:
والذي حارت البرية فيه
…
حيوان مستحدث من جماد
وقد سبق القول فيه عند الكلام في تعريف المسند إليه بالموصولية، فارجع إليه إن شئت، ومثله قول الشاعر:
ثلاثة1 تشرق الدنيا ببهجتها
…
شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
فقد قدم فيه المسند إليه، وهو "ثلاثة"؛ لأن فيه تشويقًا إلى الخبر لاتصافه بما يدعو إلى المعجب، وهو قوله:"تشرق الدنيا ببهجتها"، فإن إشراق الدنيا بأسرها لما يشوق النفس إلى أن تعرف ذلك الذي جعل العالم أجمع يتألق ويضيء، فإذا عرفت ذلك تمكن منها أي تمكن.
6-
إفادة تعميم النفي، وشموله للأفراد، إذا كان المسند إليه أداة عموم2 تقدمت على أداة النفي، ولم تكن معمولة للفعل المنفي، كما تراه في نحو قولك:"كل طالب لم يقص" أي إنهم جميعًا لم يقصروا، فقد قدم المسند إليه -وهو أداة عموم- على أداة نفي الفعل غير عامل3 فيها لقصد إفادة عموم النفي أي نفي الحكم -وهو التقصير في هذا المثال- عن كل فرد من أفراد الطلاب، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم:"كل ذلك لم يكن" جوابًا عن سؤال ذي اليدين: "أقصرت الصلاة، أم نسيت يا رسول الله؟ "، ومعنى القول الكريم: لم يقع واحد من القصر
1 على اعتبار أنه المبتدأ، وأن ما بعده هو الخبر ويصح العكس ولكن لا يكون فيه شاهد.
2 كلفظ كل وجميع، وكل ما يدل على العموم.
3 إذ هو منها في موضع الخبر ولا عمل للخبر في المبتدأ.
والنسيان فالنفي شمل الأمرين جميعًا، ومنه قول أبي النجم:
قد أصبحت أم الخيار تدعي
…
علي ذنبا كله لم أصنع
برفع: "كل" على أنه مبتدأ، والجملة المنفية بعده خبر، والمعني: لم أصنع شيئًا مما يدعيه على من الذنوب ولإفادة هذا المعنى عدل عن نصب "كل" إلى رفعها حتى لا تقع معمولة للفعل المنفي، وذلك شرط في إفادة العموم.
فإن تقدم النفي على أداة العموم، أو كانت هي معمولة للفعل المنفي لم يكن النفي عامًّا شاملًا، بل أفاد الكلام: نفي الحكم عن بعض الأفراد دون بعض.
فمثال ما إذا تقدم النفي على أداة العموم قول المتنبى:
ما كل ما يتمنى المرأ يدركه
…
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن
يريد: أن الإنسان لا يدرك كل ما يتمنى، وإنما يدرك بعضه، دون بعض، ومثله قولك: ما كل الطلاب نجحوا "وما نجح كل الطلاب"، "وما نجح الطلاب كلهم" فالمعنى في هذه الأمثلة: أن النجاح منفي عن بعضهم دون الآخر.
ومثال ما إذا كانت أداة العموم معمولة للفعل المنفي قولك: "كل الصفحات لم أطالع"، و"الصفحات كلها لم أطالع" بنصب "كل" على المفعولية، والمعنى في المثالين: أن المطالعة منفية عن بعض الصفحات دون بعضها، فالنفي في كل هذه المثل ليس عامًّا، وإنما هو منصوب على بعض الأفراد، دون بعض لوقوع أداة العموم في حيز النفي في الصورتين؛ تحقيقًا في الأولى1 وتقديرًا في الثانية2، يشهد بذلك الذوق السليم، ويدل عليه الاستعمال.
1 وهي صورة تقدم النفي على أداة العموم كما في بيت المتنبي والأمثلة الثلاثة بعده.
2 هي صورة ما إذا كانت أداة العموم معمولة للفعل المنفي، كما في المثالين الأخيرين.
فإذا جاء من هذا القبيل1 ما يفيد: عموم النفي أي سلب الحكم عن كل فرد كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ، قوله تعالى:{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} ، فليس ذلك من أصل وضعه، بل من قرينة خارجية، هي تحريم الاختيال والكفر، وأما التركيب في ذاته فلا يفيد العموم اطرادًا للقاعدة.
7-
تقوية الحكم في ذهن السامع إذا كان المسند فعلا رافعًا لضمير المسند إليه كما تقول: "محمد يعطي الجزيل"، "وهو يحب الثناء"، قدم المسند إليه في المثالين لإفادة تقوى الحكم، وسر التقوية: أن في مثل هذا التركيب تكرارًا للإسناد: من حيث أن الفعل، وهو "يعطي" في المثال الأول أسند مرتين، أسند أولًا إلى الضمير المستتر فيه العائد على "محمد"، ثم أسند ثانيًا إلى الاسم الظاهر، فهو بمثابة قولك:"يعطي محمد الجزيل"، وهكذا يقال في المثال الثاني، وبتكرار الإسناد يتقوى الحكم، ويتقرر في ذهن السامع.
قيل2 ويقرب من هذا في تقوية الحكم: ما كان المسند فيه وصفًا رافعًا لضمير المسند إليه كما في قولك: محمد معطي الجزيل، وذلك لتكرار الإسناد فيه كما في الفعل، "فمعطي" في المثال المذكور مسند مرتين كذلك- مرة إلى الضمير المستتر فيه، ومرة إلى الاسم الظاهر، وتكرار الإسناد هو عماد التقوى "كما عرفت".
غير أن الوصف -مع هذا- لم يبلغ مبلغ الفعل في إفادة التقوى؛ لأن فيه جهة ضعف، تلك هي شبهة بالاسم الجامد في أنه يلزم صورة واحدة في المتكلم، والخطاب، والغيبة. فتقول:"أنا قادم"، و"هو قادم" فلفظ "قادم" لم يتحول عن صورته في الأصول الثلاثة، كما هو الحال في الاسم الجامد الخالي من الضمير "كرجل" إذ تقول فيه:"أنا رجل"، وأنت رجل و"هو رجل"، فرجل كذلك لم يتغير في الأحوال الثلاثة.
وقصارى القول: أن الوصف لاشتماله على الضمير كان كالفعل في إفادة التنويه لتكرار الإسناد، ولكن: صورته لا تتغير بتقدير الأحوال.
1 أي من وقوع أداة العموم في حيز النفي المفيد بحسب الوضع لسلب العموم أي في نفي الحكم عن بعض الأفراد دون بعض.
2 قاله السكاكي.
الثلاثة "كالاسم الجامد" كان دون الفعل في هذه التقوية.
إلى غير ذلك من دواعي التقييم كإيهام أن المسند إليه لا يزول عن الخاطر نحو: "رحمة الله ترجى"، وغير ذلك.
تنبيه:
ورد في أساليب العرب قولهم: "مثلك لا يخون"، و"غيرك لا يفي" ويريدون: إثبات عدم الخيانة للمخاطب "في الأول"، وإثبات الوفاء له "في الثاني" من طريق الكناية قصدًا إلى الأبلغية في الحكم.
وبيان الكناية في الأول، هو أن قولهم:"مثلك لا يخون" معناه: إثبات عدم الخيانة لمثل المخاطب أي للماثل له في صفاته، والمماثل معنى كلي يشمل المخاطب وغيره ممن يماثله، فإذا ثبت عدم الخيانة للماثل لزم ثبوته للمخاطب باعتباره أحد أفراد المعنى الكلي، فقد أطلق الملزوم، وهو إثبات عدم الخيانة للماثل، وأريد اللازم، وهو إثباته للمخاطب.
وبيان الكناية في الثاني: هو أن قولهم: "غيرك لا يفي"، معناه: نفي الوفاء عن غير المخاطب، والوفاء صفة وجودية، لا بد لها من محل تقوم به، وهذا المحل منحصر في أمرين: المخاطب، وغير المخاطب، وقد نفيت صفة الوفاء عن غير المخاطب، فلزم قيامها بالمخاطب، فقد أطلق الملزوم، وهو نفي الوفاء عن كل من عدا المخاطب، وأريد اللازم، وهو إثباته للمخاطب.
ولما كان الغرض من التعبير الكنائي في "مثل وغير": إثبات الحكم من الطريق الأبلغ، وكان تقديمها حينئذ أعون على تحقيق هذا الغرض لما علمت من أن تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي يفيد تقوية الحكم، وتقريره بسبب تكرار الإسناد، لما كان الأمر كذلك كان لهما الصدارة في الكلام؛ ولهذا لم يردا في استعمالات العرب إلا مقدمين "كما رأيت". ا. هـ.
ووجه الأبلغية في "مثل وغير": هو أن الحكم فيها مصحوب بالدليل فقولك: "مثلك لا يخون" ينحل إلى جملتين هما: أنت لا تخون، لأن مثلك لا يخون، والأولى هي الدعوى، والثانية هي الدليل، وكذا قولك:"وغيرك لا يفي" إذ معناه أنت تفي لأن غيرك لا يفي، والحكم المؤيد بدليل أبلغ في إثباته مما لم يؤيد بدليل، كما في مبحث "الكفاية".
تأخير المسند إليه:
يؤخر المسند إليه حيث يقتضي الحال تقديم المسند، كما سيأتي بعد:
تمرين:
بين دواعي تقديم المسند إليه في الأمثلة الآتية:
ثلاثة ليس لها أياب: الوقت والجمال والشباب، النار وعدها الله الذين كفروا، محمد سيد الأنام، كل ظالم لا يفلح، نجاحك في الامتحان تأكد، مثلك يرعى الحرمة، وغيرك لا يصل، الثقيل رحل عنا، قائد الثورة قادم اليوم، عباس يصل الرحم، ويعطف على الفقراء، محمد شفيعنا، سعاد وصلتني بعد هجر، رضا الرحمن بغيتي ومناوي.
الجواب:
تمرين يطلب جوابه:
ثلاثة يذهبن الحزن: الماء، والخضرة، والوجه الحسن، محمد يود لقاءك، بكاء وعويل في بيتك، كل مجد لا يخيب، أبو المجد يعتزم زيارتك، مثلك يعم فضله، وغيرك لا يفيد، هو يجيد التفكير، ويحسن التدبير، فتاة أنيقة أعدت هذه المائدة، الله ولي المؤمنين، عطفك عليّ لا أنساه، كل أستاذ لا يود الإخفاق لأحد تلاميذه.