المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مبحث النداء: هو طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف ناب مناب - المنهاج الواضح للبلاغة - جـ ٢

[حامد عونى]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌علم المعانى

- ‌مدخل

- ‌تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء

- ‌مدخل

- ‌صدق الخبر وكذبه:

- ‌ما يقصده المخبر بخبره:

- ‌اختبار- تمرين

- ‌أَضْرُبُ الخَبَرِ:

- ‌إخراج الكلام على غير مقتضى الظاهر:

- ‌تمرين:

- ‌أحوال المسند إليه

- ‌ذكر المسند إليه

- ‌حذف المسند إليه:

- ‌تعريف المسند إليه:

- ‌تنكير المسند إليه:

- ‌تقديم وتأخير المسند إليه:

- ‌أحوال المسند

- ‌ذكر المسند

- ‌حذف المسند:

- ‌تعريف المسند:

- ‌تنكير المسند:

- ‌تقديم وتأخير المسند:

- ‌تمرينات منوعة:

- ‌أحوال متعلقات بالفعل:

- ‌تمرينات متنوعة:

- ‌القصر:

- ‌تعريفه:

- ‌تقسيم القصر:

- ‌اختبار1:

- ‌تمرين:

- ‌طرق القصر:

- ‌مواقع القصر:

- ‌اختبار2:

- ‌تمرينات:

- ‌الإنشاء

- ‌مدخل

- ‌مبحث الأمر:

- ‌مبحث النهي:

- ‌اختبار- تمرين1:

- ‌مبحث الاستفهام:

- ‌اختبار- تمرين2:

- ‌مبحث التمني:

- ‌مبحث النداء:

- ‌اختبار- تمرين3:

- ‌الفصل والوصل

- ‌مدخل

- ‌مواضع الفصل والوصل:

- ‌مواضع الوصل:

- ‌محسنات الوصل:

- ‌اختبار- تمرين4:

- ‌المساواة والإيجاز والإطناب

- ‌مبحث المساواة

- ‌مبحث الإيجاز:

- ‌مبحث الإطناب:

- ‌اختبار

- ‌نصوص أسئلة لامتحانات رسمية:

- ‌موضوعات الكتاب:

الفصل: ‌ ‌مبحث النداء: هو طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف ناب مناب

‌مبحث النداء:

هو طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف ناب مناب أدعو" لفظنا كقوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} ، أو تقديرًا كقوله تعالى:{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} .

صيغ النداء:

للنداء صيغ ثمان هي: الهمزة، أي، يا، آ، آي، أيا، هيا، وا، وهي في الاستعمال قسمان:

الأول: الهمزة وأي، وهما موضوعتان لنداء القريب.

الثاني: باقي الأدوات، وهي موضوعة لنداء البعيد.

وقد ينزل البعيد منزلة القريب، فينادى "بالهمزة وأي" تنبيها على أنه في القلب حاضر، ولا يغيب عن الحاضر كما في قول الشاعر:

أسكان نعمان الأراك تيقنوا

بأنكمو في ربع قلبي سكان1

وقد يعكس فينزل القريب منزلة البعيد، فينادى بأدوات البعيد لغرض من الأغراض منها:

1-

الإشعار بأن المنادى رفيع القدر، عظيم الشأن، فينزل بعد المنزلة منزلة بعد المكان كما في قولك:"يا الله" وكقول العبد لسيده، وهو في حضرته:"يا مولاي".

2-

الإشارة إلى أن المنادى وضيع المنزلة، منحط المكانة، فكأنه بعيد عن ساحة عز الحضور كما في قولك:"من أنت يا هذا؟ " لمن هو بين يديك.

3-

الإشارة إلى أن السامع غافل لذهول، أو نوم، أو نحو ذلك، فيعتبر كأنه غير حاضر في مجلس الخطاب كقولك للساهي:"أيا فلان"، إلى غير ذلك.

استعمال الصيغة في غير معناها الحقيقي:

تخرج صيغة النداء عن معناها الأصلي الذي هو "طلب الإقبال" إلى معان أخر مجازية، تفهم من القرائن أشهرها:

الإغراء، وهو الحث على التزام الشيء، والتمسك به كقولك لمن أقبل يتظلم:"يا مظلوم"، فليس الغرض منه، حقيقة النداء الذي هو طلب الإقبال؛ لأن الإقبال حاصل، فلا معنى لطلبه، إنما المراد: إغراء المخاطب، وحثه على زيادة التظلم، وبث الشكوى، بقرينة الحال.

الاختصاص: هو هنا تخصيص الشيء من بين أمثاله بما نسب إليه كأن يقول إنسان: "أنا أكرم الضيف أيها الرجل" و"أنا أيها البطل أكشف الكروب" يريد في الأول أن يقول: أنا مختص من بين الرجال بإكرام الضيف، وفي الثاني يريد: أنا مختص من بين سائر الأبطال بكشف الكروب، والاختصاص على صور ثلاث:

1 نعمان الأراك: اسم مكان، والربع: المنزل.

ص: 111

"أ" أن يكون على صورة المنادى، إلا أنه لا يجوز فيه إظهار حرف النداء إذ لم يبق فيه معنى النداء أصلًا كما مثلنا -وكما في قولك:"علي أيها الكريم يعتمد" أي أنا مختص من بين سائر الكرام بالاعتماد علي.

"ب" أن يكون معرفًا "بأل" كقولهم: "نحن العرب أسخى الناس"، و"نحن الليبيين ننشد الحرية، ونأبى الضيم".

3-

أن يكون معرفًا بالإضافة كقولهم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" أو نحن "أبناء طرابلس" لا نرضى به بديلا.

4-

أن يكون معرفًا بالعلمية، وهو نادر الوقوع كقول الراجز العربي: بنا "تميم" يكشف الضباب.

فليس الغرض من النداء في هذه الصور: حقيقة الإقبال إذ ليس المراد "بالاسم الظاهر" في هذه المثل: المخاطب، بل المراد: المتكلم نفسه، وهو لا يطلب إقبال نفسه، لهذا حمل على معنى الاختصاص معونة المقام، كأن يكون الكلام في معرض الفخر والمباهاة كما في الأمثلة السابقة، أو في معرض التواضع والمسكنة كما في قولك:"أنا أيها العبد فقير إلى عفو ربي".

وقد يكون الحامل عليه: مجرد بيان الغرض من الضمير كقولهم: "اللهم اغفر لنا أيتها العصابة".

الاستغاثة والندبة: فالأول نحو: "يا لله للمسلمين"، والثاني نحو "واحسيناه" فمن الجلي أن ليس المراد حقيقة النداء، إنما الغرض: الاستغاثة بالمخاطب في الأول، والبكاء عليه في الثاني.

التحسر والتحزن: كما في نداء القبور، والأطلال، والمنازل الدارسة كقول الشاعر يرثي معن بن زائدة:

أيا قبر معن كيف واريت جوده

وقد كان منه البر والبحر مترعا

وكقول آخر:

أيا منزلي سلمي سلام عليكما

هل الأزمن اللاتي مضين رواجع

فليس المراد حقيقة النداء كما هو ظاهر إذ ليست هذه الأشياء مما ينادى بها ويطلب إقباله، وإنما الغرض التحسر والتفجع لفقدان الأحبة، وذهاب أيامهم، وما كانوا فيه من مجد وعز وحول وطول.

ص: 112