الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قومك الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم وعندئذ لا ينفعهم إيمانهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
تقرير نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
2-
سؤال من لا يعلم من يعلم.
3-
التكذيب بآيات الله كفر وصاحبه من الخاسرين.
4-
الشك والافتراء في أصول الدين وفروعه كفر.
5-
تقرير عقيدة القضاء والقدر، وإن الشقي من شقي في كتاب المقادير1 والسعيد من سعد فيه.
6-
عدم قبول توبة من عاين العذاب في الدنيا بأن رأى ملك الموت وفي الآخرة بعد أن يبعث ويشاهد أهوال القيامة.
فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ
(98)
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَاّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100)
شرح الكلمات:
فلولا: أداة تحضيض هنا بمعنى هلاّ وفيها معنى التوبيخ والنفي.
1 طالع النهر، فقد أوردنا سؤالاً عن هذه المسألة وأجبنا عنه تحت رقم (3) بما يكفي ويغني بإذن الله تعالى.
قرية آمنت: أي أهل قرية آمنوا.
يونس: هو يونس بن مَتَّى نبي الله ورسوله1.
إلى حين: أي إلى وقت انقضاء آجالهم.
أفأنت تكره الناس: أي إنك لا تستطيع ذلك.
إلا بإذن الله.: أي بإرادته وقضائه.
الرجس: أي العذاب
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى في الآيات السابقة أن الخسران لازم لمن كذب بآيات الله، وأن الذين وجب لهم العذاب لإحاطة ذنوبهم بهم لا يؤمنون لفقدهم الاستعداد للإيمان ذكر هنا ما يحض به أهل مكة على الإيمان وعدم الإصرار على الكفر والتكذيب فقال:{فلولا2 كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها} أي فهلا أهل قرية آمنوا فانتفعوا بإيمانهم فنجوا من العذاب اللازم لمن لم يؤمن أي لِمَ لا يؤمنون وما المانع من إيمانهم وهذا توبيخ لهم.
وقوله {إلا قوم3 يونس4 لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا} فلم نهلكهم بعذاب استئصال وإبادة شاملة لأنهم لما رأوا أمارات العذاب بادروا إلى التوبة قبل نزوله بهم فكشف الله تعالى عنهم العذاب، ومتعهم بالحياة إلى حين انقضاء آجالهم فما لأهل أم القرى لا يتوبون كما تاب أهل نَيْنَوى من أرض الموصل وهم قوم يونس عليه السلام.
وقوله تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً} يحمل دلالتين الأولى أن عرض الله تعالى الإيمان على أهل مكة وحضهم عليه وتوبيخهم على تركه لا ينبغي
1 احد أنبياء بني إسرائيل.
2 لولا حرت الأصل فيها أنها للتحضيض، وهو طلب الفعل بحثّ، ولكن إذا دخلت على ماض لم تصبح للتحضيض قطعاً بل للتغليط والتنديم والتوبيخ، وهي هنا لتغليط أهل مكة وتوبيخهم وتنديمهم على إصرارهم على الكفر وعدم توبتهم كما تاب قوم يونس حتى ينجوا من العذاب كما نجوا.
3 كان هؤلاء القوم خليطاً من الأشوريين واليهود الذين كانوا في أسر ملوك بابل بعد بختنصر، وكانت بعثة يونس عليه السلام إليهم في بداية القرن الثامن قبل المسيح عليه السلام.
4 إن قوم يونس كانوا بقرية تسمّى نينوي من أرض الموصل وكانوا يعبدون الأصنام، أقام في قومه يدعوهم إلى التوحيد وترك الشرك تسع سنين فيئس من إيمانهم فتوعدهم بالعذاب وخرج من بين أظهرهم وتركهم فلمّا رأوا ذلك خافوا نزول العذاب بهم فجأروا إلى الله تعالى بالاستغفار والدعاء والضراعة يا حي حين لا حي يا حي محيي الموتى يا حي لا إله إلا أنت ارفع عنا العذاب وقد ظهرت أماراته، فكشف الله عنهم العذاب كما قال تعالى:{إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} .
أن يفهم منه أن الله تعالى عاجز عن جعلهم يؤمنون بل لو شاء إيمانهم لآمنوا كما لو شاء إيمان أهل الأرض جميعاً لآمنوا والثانية تسلية الرسول والتخفيف عنه من ألم وحزن عدم إيمان قومه وهو يدعوهم بجد وحرص ليل نهار فأعلمه ربه أنه لو شاء إيمان كل من في الأرض لآمنوا، ولكنه التكليف المترتب عليه الجزاء فيعرض الإيمان على الناس عرضاً لا إجبار معه فمن آمن نجا، ومن لم يؤمن هلك وبدل على هذا قوله له {أفأنت تكره1 الناس حتى يكونوا مؤمنين} أي إن هذا ليس لك، ولا كلفت به، وقوله تعالى:{وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله} تقرير وتأكيد لما تضمنه الكلام السابق من أن الإيمان لا يتم لأحد إلا بإرادة الله وقضائه، وقوله تعالى:{ويجعل الرجس2 على الذين لا يعقلون} أي إلا أنه تعالى يدعو الناس إلى الإيمان مبيناً لهم ثمراته الطيبة ويحذرهم من التكذيب مبيناً لهم آثاره السيئة فمن آمن نجاه وأسعده ومن لم يؤمن جعل الرجس الذي هو العذاب عليه محيطاً به جزاء له لأنه لا يعقل إذ لو عقل لما كذب ربه وكفر به وعصاه وتمرد عليه وهو خالقه ومالك أمره.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده دعوته إياهم إلى الإيمان به وحضهم عليه.
2-
قبول التوبة قبل معاينة العذاب، ورؤية العلامات لا تمنع من التربة.
3-
إرادة الله الكونية التي يكون بها الأشياء لا تتخلف أبداً، وإرادته الشرعية التكليفية جائزة التخلف.
لا إيمان إلا بإذن الله وقضائه فلذا لا ينبغي للداعي أن يحزن على عدم إيمان الناس إذا دعاهم ولم يؤمنوا لأن الله تعالى كتب عذابهم أزلاً وقضى به.
1 الاستفهام: إنكاري ينكر تعالى على رسوله شدّة حرصه على إيمان قومه، حتى لكأنه يريد إكراههم على الإيمان به وبما جاء به من التوحيد.
2 الرجس: بضم الراء وكسرها: العذاب.