الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
كل من كذب الله تعالى أو أشرك به أو وصفه بوصف لا يليق بجلاله فإنه لم يقدر الله حق قدره1.
2-
بيان تلاعب اليهود بكتاب الله في إبداء بعض أخباره وأحكامه وإخفاء بعض آخر وهو تصرف ناتج من الهوى واتباع الشهوات وإيثار الدنيا على الآخرة.
3-
بيان فضل الله على العرب بإنزال هذا الكتاب العظيم عليهم بلغتهم لهدايتهم.
4-
تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية الحجاج والرد على المجادلين والكاذبين.
5-
بيان علة ونزول الكتاب وهي الإيمان به وإنذار المكذبين والمشركين.
6-
الإيمان بالآخرة سبب لكل خير، والكفر به سبب لكل باطل وشر.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
(93)
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94)
شرح الكلمات:
افترى على الله كذباً: اختلق على الله كذباً قال عليه ما لم يقل، أو نسب له ما هو منه
1 أي لم يعرفه حق معرفته ولم يعرف جلاله وعظمته ولا رحمته وحكمته فلهذا قال ما قال من الباطل وهو نفيه إنزال الوحي الإلهي على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
براء.
أوحي إلي: الوحي: الإعلام السريع الخفي بواسطة الملك وبغيره.
غمرات الموت: شدائده عند نزع الروح.
باسطوا أيديهم: للضرب وإخراج الروح.
عذاب الهون: أي عذاب الذل والمهانة.
فرادى: واحداً واحداً ليس مع أحدكم مال ولا رجال.
ما خولناكم: ما أعطيناكم من مال ومتاع.
وراء ظهوركم: أي في دار الدنيا.
وضل عنكم: أي غاب.
تزعمون: تدعون كاذبين.
معنى الآيات:
مازال السياق مع المشركين والمفترين الكاذبين على الله تعالى بإتخاذ الأنداد والشركاء فقال تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً} بأن أدَّعى1 أن الله نبأه وأنه نبيه ورسوله كما ادعى سعد2 بن أبي سرح بمكة ومسيلمة3 في بني حنيفة بنجد والعنسى باليمن: اللهم لا أحد هو أظلم منه، وممن قال أوحى إلىّ شيء من عند الله، ولم يوح إليه شيء وممن قال:{سأنزل مثل ما أنزل الله} من الوحي والقرآن، ثم قال تعالى لرسوله:{ولو نرى} يا رسولنا {إذ الظالمون في غمرات الموت} أي في شدائد سكرات الموت، {والملائكة} ملك الموت وأعوانه {باسطوا أيديهم} بالضرب وإخراج الروح، وهم يقولون لأولئك المحتضرين تعجيزاً
1 قال القرطبي: ومن هذا النمط أي المدعي للوحي ولم يوح إليه من أعرض عن الفقه والسنن وما كان عليه السلف من السنن فيقول وقع في خاطري كذا أو أخبرني قلبي بكذا أو أخبرني قلبي عن ربي فيحكمون بما وقع في قلوبهم ويغلب عليهم من خواطرهم ويزعمون أن ذلك لصفائها من الأكدار وخلوها عن الأغيار فتنجلي لهم العلوم الإلهية والحقائق الربانية فيستغنون بذلك عن أحكام الشرع ويقولون هذه الأحكام الشرعية العامة إنما يحكم بها على الأغبياء والعامة وهي زندقة وكفر يقتل قائله ولا يستتاب ولا يحتاج معه إلى سؤال ولا جواب.
2 أدعى عبد الله بن سعد الوحي لما كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ولقد خلقنا الإنسان إلى قوله ثم أنشأناه خلقاً آخر فأعجبه تفصيل خلق الله تعالى للإنسان قال فتبارك الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت فشك عبد الله بن سعد حينئذ وارتد ولحق بالمشركين وأسلم عام الفتح وحسن إسلامه بشفاعة عثمان له إذ كان أخاً له من الرضاعة وهو فاتح أفريقيا ودعا ربه أن يموت وهو يصلي فمات في صلاة الصبح.
3 كانوا يسمونه رحمان اليمامة والعنسي هو الأسود العنسي ومنهم سجاح امرأة مسيلمة قال ابن عباس وقتادة نزلت هذه الآية في مسيلمة.
وتعذيباً لهم: {أخرجوا1 أنفسكم2، اليوم تجزون عذاب الهون} بسبب استكباركم3 في الأرض بغير الحق إذ الحامل للعذرة وأصله نطفة قذرة، ونهايته جيفة قذرة، استكباره في الأرض حقاً إنه استكبار باطل لا يصح من فاعله بحال من الأحوال. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (93) أما الآية الثانية (94) فإن الله تعالى يخبر عن حال المشركين المستكبرين يوم القيامة حيث يقول لهم {لقد جئتمونا فرادى4} أي واحد واحداً {كما خلقناكم} حفاة5 عراة غُزْلاً {وتركتم ما خولناكم} أي ما وهبناكم من مال وولد {وراء ظهوركم} أي في دار6 الدنيا، {وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء، وأنتم كاذبون في زعمكم مبطلون في اعتقادكم {لقد نقطع بينكم} أي انحل حبل الولاء بينكم، {وضل عنكم ما كنتم تزعمون} أي ما كنتم تكذبون به في الدنيا.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1-
قبح الكذب على الله تعالى في أي شكل، وأن صاحبه لا أظلم منه قط.
2-
تقرير عذاب القبر، وسكرات الموت وشدتها، وفي الحديث: أن للموت سكرات.
3-
قبح الاستكبار وعظم جرمه.
4-
تقرير عقيدة البعث الآخر والجزاء على الكسب في الدنيا.
5-
انعدام الشفعاء يوم القيامة إلا ما قضت السنة الصحيحة من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم والعلماء والشهداء بشروط هي: أن يأذن الله للشافع أن يشفع وأن يرضى عن المشفوع له.
إِنَّ اللهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ
1 الغمرة الشدة وأصلها من غمر الشيء إذا غطاه ومنه غمر الماء.
2 يقال لهم هذا توبيخاً لهم وتقريعاً أي خلصوها من هذا العذاب إن أمكنكم.
3 تستكبرون أي تتعظمون وتأنفون من قول الحق الذي هو توحيد الله تعالى وعبادته بما شرع لعباده المؤمنين.
4 هذا يوم القيامة يوم يحشرون إلى ربهم، وفرادى في موضع نصب على الحال.
5 روي أن عائشة رضي الله عنها قرأت قول الله تعالى {ولقد جئتمونا فرادى
…
الخ} فقالت يا رسول الله واسوأتاه الرجال والنساء يحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى سوءة بعض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل امريء منهم يومئذ شأن يغنيه لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال شُغل بعضهم عن بعض.
6 ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأثنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس.