المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هداية الآيات: من هداية الآيات: 1- بيان حقيقة وهي أن الكفر غير - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٢

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌(82)

- ‌(87)

- ‌(97)

- ‌(101)

- ‌(105)

- ‌(106)

- ‌(109)

- ‌(112)

- ‌(116)

- ‌ الأنعام

- ‌1

- ‌(12)

- ‌(20)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(46)

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(74)

- ‌(80)

- ‌(84)

- ‌(88)

- ‌(91)

- ‌(93)

- ‌(95)

- ‌(100)

- ‌(111)

- ‌(118)

- ‌(122)

- ‌(129)

- ‌(136)

- ‌(145)

- ‌(148)

- ‌(151)

- ‌(154)

- ‌(158)

- ‌(161)

- ‌ 1

- ‌(6)

- ‌(11)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(44)

- ‌(48)

- ‌(52)

- ‌(55)

- ‌(57)

- ‌(70)

- ‌(73)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(88)

- ‌(94)

- ‌(96)

- ‌(109)

- ‌(113)

- ‌(117)

- ‌(130)

- ‌(134)

- ‌(138)

- ‌(146)

- ‌(150)

- ‌(155)

- ‌(158)

- ‌(163)

- ‌(167)

- ‌(171)

- ‌(179)

- ‌(182)

- ‌(187)

- ‌(194)

- ‌(199)

- ‌الأنفال:

- ‌1

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌(15)

- ‌(27)

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(55)

- ‌(67)

- ‌(70)

- ‌ 1:

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(44)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(60)

- ‌(64)

- ‌(71)

- ‌(75)

- ‌(79)

- ‌(81)

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌(91)

- ‌(93)

- ‌(97)

- ‌(100)

- ‌(103)

- ‌(117)

- ‌(124)

- ‌1

- ‌ يونس

- ‌(7)

- ‌(11)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(31)

- ‌(40)

- ‌(45)

- ‌(49)

- ‌(54)

- ‌(59)

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(79)

- ‌(88)

- ‌(90)

- ‌(93)

- ‌(94)

- ‌(98)

- ‌(101)

- ‌(104)

- ‌(108)

- ‌ هود

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(18)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(40)

- ‌(50)

- ‌(58)

- ‌(61)

- ‌(69)

- ‌(74)

- ‌(77)

- ‌(81)

- ‌(84)

- ‌(87)

- ‌(91)

- ‌(100)

- ‌(103)

- ‌(114)

- ‌(120)

- ‌ يوسف

- ‌(1)

- ‌4

- ‌(7)

- ‌(11)

- ‌(19)

- ‌(26)

- ‌(39)

- ‌(43)

- ‌(47)

- ‌(53)

- ‌(58)

- ‌(73)

- ‌(101)

- ‌(102)

- ‌(110)

الفصل: هداية الآيات: من هداية الآيات: 1- بيان حقيقة وهي أن الكفر غير

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

بيان حقيقة وهي أن الكفر غير مانع من أن ينتج الكافر بحسب جهده من كسب يده فيحصد إذ زرع، ويربح إذا اتجر، وينتج إذا صنع.

2-

بيان أن الكافر لا ينتفع من عمله في الدنيا ولو كان صالحاً وأن الخسران لازم له.

3-

المسلمون على بينة من دينهم، وسائر أهل الأديان الأخرى لا بينة لهم وهم في ظلام التقليد وضلال الكفر والجهل.

5-

بيان سنة الله في الناس وهي أن أكثرهم لا يؤمنون.

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ‌

(18)

الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ (20)

شرح الكلمات:

ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً: أي لا أحد فالاستفهام للنفي.

يعرضون على ربهم: أي يوم القيامة.

الأشهاد: جمع شاهد وهم هنا الملائكة.

لعنة الله: أي طرده وإبعاده.

على الظالمين: أي المشركين.

ص: 531

سبيل الله: أي الإسلام.

عوجاً: أي معوجة.

معجزين في الأرض: أي الله عز وجل أي فائتين بل هو قادر على أخذهم في أيّة لحظة.

من أولياء: أي أنصار يمنعونهم من عذاب الله.

وما كانوا يبصرون: ذلك لفرط كراهيتهم للحق فلا يستطيعون سماعه، ولا رؤيته.

معنى الآيات:

بعد أن قرر تعالى مصير المكذبين بالقرآن ومن نزل عليه وما نزل به من الشرائع ذكر نوعاً من إجرام المجرمين الذين استوجبوا به النار فقال عز وجل {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً} أي لا أحد في الناس أعظم ظلماً من أحد افترى على الله كذباً ما من أنواع1 الكذب وإن قل وقوله {أولئك يعرضون على ربهم} أي أولئك الكذبة يعرضون يوم القيامة على ربهم جل جلاله في عرصات القيامة، ويقول الأشهاد من الملائكة شاهدين2 عليهم {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} ثم يُعْلِنُ مُعْلِنٌ قائلاً {ألا لعنة الله على3 الظالمين} أي ألا بعداً لهم من الجنة وطرداً لهم منها إلى نار جهنم.

ثم وضح تعالى نوع جناياتهم التي استوجبوا بها النار فقال {الذين يصدون عن سبيل الله} 4 أي يصرفون أنفسهم وغيرهم عن الدين الإسلامي، {ويبغونها} أي سبيل الله {عوجاً} أي معوجه كما يهوون ويشتهون فهم يريدون الإسلام أن يبيح لهم المحرمات من الربا والزنى والسفور، ويريدون من الإسلام أن يأذن لهم في عبادة القبور والأشجار والأحجار إلى غير ذلك، ويضاف إلى هذا ذنب أعظم وهو كفرهم بالدار الآخرة. قال تعالى {أولئك} أي المذكورون {لم يكونوا معجزين في الأرض} أي لم يكن من شأنهم

1 من أنواع كذبهم على الله تعالى: زعمهم أنّ له شريكاً وولداً، وقولهم في الأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وتحريمهم ما أحل الله ونسبة ذلك إليه تعالى.

2 ومن الأشهاد: الأنبياء والعلماء والمبلغون لدعوة الله تعالى لعباده وفي صحيح مسلم. "وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على ربّهم".

3 لعنة الله: أي: بعده وسخطه وإبعاده من رحمته على الذين وضعوا العبادة في غير موضعها.

4 يجوز أن يكون: {الذين} مجروراً لمحل نعتاً للظالمين، ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر، والمبتدأ محذوف. أي: هم الذين يصدّون.

ص: 532

ومهما رأوا أنفسهم أقوياء أن يعجزوا الله تعالى في الأرض فإنه مدركهم مهما حاولوا الهرب1 ومنزل بهم عذابه متى أراد ذلك لهم، وليس لهم من دون الله من أولياء أي أنصار يمنعونهم من العذاب متى أنزله بهم، وقوله تعالى {يضاعف لهم العذاب} إخبار منه بأن هؤلاء الظالمين يضاعف لهم العذاب يوم القيامة لأنهم صدوا غيرهم عن سبيل الله فيعذبون بصدهم أنفسهم عن الإسلام، وبصد غيرهم عنه، وهذا هو العدل وقوله تعالى فيهم {ما كانوا يستطيعون2 السمع وما كانوا يبصرون} إخبار بحالهم في الدنيا أنهم كانوا لشدة كراهيتهم للحق ولأهله من الداعين إليه لا يستطيعون سماعه ولا رؤيته ولا رؤية أهله القائمين عليه والداعين إليه.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

عظم ذنب من يكذب على الله تعالى بنسبة الولد أو الشريك إليه أو بالقول عليه بدون علم منه.

2-

عظم جرم من يصد عن الإسلام بلسانه أو بحاله، أو سلطانه.

3-

عظم ذنب من يريد إخضاع الشريعة الإسلامية لهواه وشهواته بالتأويلات الباطلة والفتاوى غير المسؤولة ممن باعوا آخرتهم بدنياهم.

4-

بيان أن من كره قولاً أو شخصاً لا يستطيع رؤيته ولا سماعه3.

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (21) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ (22) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ

1 قال ابن عباس رضي الله عنه: لم يعجزوني أن آمر الأرض فتنخسف بهم، وفي سورة سبأ {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء} .

2 {ما كانوا يستطيعون السمع..} قال القرطبي ما: في موضع نصب على أن يكون المعنى بما كانوا يستطيعون السمع. يُريد أن الباء المحذوفة سببية أي: يُضاعف لهم العذاب بسبب أنهم كانوا لا يستطيعون السمع لما ران على قلوبهم من الآثام فحجب الإثم أسماعهم وأبصارهم، وفي المثل: حبّك الشيء يعمي ويصم، فحبّهم للكفر والشرك والآثام عطّل حواسهم.

3 أقول: ما كنت أدرك المعنى الحقيقي لقوله تعالى: {ما كانوا يستطيعون السمع} حتى كان صوت العرب على عهد بطل الاشتراكية "عبد الناصر" وأخذ يسبّ ويشتم ويعيّر ويقبّح سلوك كل من لم يوال الاشتراكيين فكنت-والله-لا أستطيع سماع ما يذيعه، وثَمَّ فهمت معنى الآية على حقيقته.

ص: 533

الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24)

شرح الكلمات:

وضل عنهم ما كانوا يفترون: أي غاب عنهم ما كانوا يدعونه من شركاء الله تعالى.

لا جرم: أي حقاً وصدقاً أنهم في الآخرة هم الأخسرون.

وأخبتوا إلى ربهم: أي تطامنوا أو خشعوا لربهم بطاعته وخشيته.

مثل الفريقين: أي فريق المؤمنين وفريق الكافرين.

أفلا تذكرون: أي تتعظون، فتستغفروا ربكم ثم تتوبوا إليه.؟

معنى الآيات:

مازال السياق في تحديد المجرمين وبيان حالهم في الآخرة فقال تعالى {أولئك} أي البعداء {الذين خسروا أنفسهم} حيث استقروا في دار الشقاء فخسروا كل شيء حتى أنفسهم، {وضل عنهم ما كانوا يفترون} أي وغاب عنهم ما كانوا يزعمون أن لهم شركاء، وأنهم يشفعون لهم وينصرونهم قال تعالى:{لا جرم} 1 أي حقاً {أنهم في الآخرة} أي في دار الآخرة {هم الأخسرون} أي الأكثر خسراناً من غيرهم لأنهم أضافوا إلى جريمة كفرهم جريمة تكفير غيرهم ممن كانوا يدعونهم إلى الضلال، ويصدونهم عن الإسلام سبيل الهدى والنجاة من النار. ولما ذكر تعالى حال الكافرين وملأ انتهوا إليه من خسران. ذكر تعالى حال المؤمنين فقال {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} 2 أي آمنوا بالله وبوعده ووعيده. وآمنوا برسول الله وبما جاء به، وعملوا الصالحات التي شرعها الله

1 {لا جرم} كلمة: جزم ويقين، واختلف في تركيبها وأطهر أقوالهم فيها: أن تكون لا: حرف نفي، وجزم: بمعنى محالة. ويصح معنى الكلمة. لا محالة أو: لا بدّ أن يكون كذا وكذا، أو لتفسّر بحقاً، ولا محالة ولابد، إذ جرم مأخوذ من الجرم الذي هو القطع.

2 الموصول: اسم إنَّ، وآمنوا: صلة {وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربّهم} معطوفان على الاسم، والخبر:{أولئك أصحاب الجنة} وجملة {هم فيها خالدون} جملة بيانية أي مبيّنة لحال أهل الجنة.

ص: 534

تعالى لهم من صلاة وزكاة {وأخبتوا إلى ربهم} أي أسلموا له وجوههم وقلوبهم وانقادوا له بجوارحهم فتطامنوا وخشعوا أولئك أي السامون أصحاب الجنة أي أهلها {هم فيها خالدون} أي لا يبرحون منها ولا يتحولون عنها، هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث أما الآية الرابعة (24) وهي قوله تعالى {مثل الفريقين كالأعمى1 والأصم والسميع والبصير هل يستويان مثلا} ؟ فقد ذكر تعالى مقارنة بين أهل الشرك وأهل التوحيد توضيحاً للمعنى وتقريراً للحكم فقال {مثل الفريقين} أي صفة الفريقين الموضحة لهما هي كالأعمى والأصم وهذا فريق الكفر والظلم والسميع والبصير. وهذا فريق أهل الإيمان والتوحيد فهل يستويان مثلا أي صفة الجواب لا، لأن بين الأعمى والبصير تبايناً كما بين الأصم والسميع تبايناً فأي عاقل يرضى أن يكون العمى والصمم وصفاً له ولا يكون البصر والسمع وصفاً له؟ والجواب لا أحد إذاً {أفلا تذكرون} أي أفلا تتعظون بهذا المثل2 وتتوبوا إلى ربكم فتؤمنوا به وتوحدوا وتؤمنوا برسوله وتتبعوه، وبكتابه وتعملوا بما فيه؟

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

استحسان المقارنات بين الأشياء المتضادة للعبرة والاتعاظ.

2-

الكافر ميت موتاً معنوياً فلذا هو لا يسمع ولا يبصر، والمسلم حيُّ فلذا هو سميع بصير.

3-

بيان ورثة دار النعيم وهم أهل الإيمان والطاعة، وورثة دار الخسران وهم أهل الكفر والظلم.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) أَن لَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ اللهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَاّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَاّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ

1 فريق الإيمان وفريق الكفر والشرك.

2 المثل الذي كشف الحقيقة وبيّن أنّ الكفار عمي صم، وأنّ المؤمنين يبصرون ويسمعون، فأي عاقل يرضى أسوأ الوصفين؟!

ص: 535

الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)

شرح الكلمات:

نوحا: هو العبد الشكور أبو البشرية الثاني نوح عليه السلام.

إني لكم نذير مبين: أي مخوف لكم من عذاب الله بَيِّنُ النذارة.

عذاب يوم أليم: هو عذابه يوم القيامة.

الملأ: الأشراف وأهل الحل والعقد في البلاد.

أراذلنا 1: جمع أرذل وهو الأكبر خسة ودناءة.

بادي الرأي: أي ظاهر الرأي، لا عمق عندك في التفكير والتصور للأشياء.

معنى الآيات:

هذه بداية قصة نوح عليه السلام وهي بداية لخمس قصص2 جاءت في هذه السورة سورة هود عليه السلام قال تعالى {ولقد أرسلنا نوحاً3 إلى قومه إني لكم نذير4 مبين} أي قال لهم إني لكم نذير مبين أي بين النذارة أي أخوفكم عاقبة كفركم بالله وبرسوله وشرككم في عبادة ربكم الأوثان والأصنام. وقوله {أن لا تعبدوا5 إلا الله} أي نذير لكم بأن لا تعبدوا إلا الله، وتتركوا عبادة غيره من الأصنام والأوثان وقوله {إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم} علل لهم أمرهم بالتوحيد ونهيهم عن الشرك بأنه يخاف عليهم إن أصروا على كفرهم وتركهم عذاب يوم أليم6 وهو عذاب يوم القيامة {فقال الملأ الذين كفروا من قومه} أي فرد على نوح ملأ قومه اشرافهم وأهل الحل والعقد فيهم ممن كفروا بالله ورسوله فقالوا {ما نراك إلا بشراً مثلنا} 7 أي لا فضل لك علينا فكيف تكون رسولاً لنا ونحن مثلك هذا

1 الأرذل: اسم تفضيل والمفضّل عنه يقال له: رذْل ككلب ويجمع على أرذل كأكلب.

2 هذا العطف من باب عطف قصّة على قصّة: الواو: تسمى الواو الابتدائية.

3 كُسرت: إنّ لأنّ الإرسال فيه معنى القول وإن تكسر بعد القول.

4 الِقصّة: بكسر القاف والجمع: قصص كحجّة وحجج: الخبر يروى وتُتَتّبع أجزاؤه بعناية، والقصص بفتح القاف: مصدر قصّ الحديث يقصّه قصاً.

5 هذه الجملة مفسّرة لجملة {أرسلنا نوحاً} أو لقوله: {إني لكم نذير مبين} .

6 وجائز أن يكون {عذاب يوم أليم} في الدنيا وهو عذاب الطوفان وقد كان.

7 مثلنا: منصوب على الحال.

ص: 536

أولاً وثانياً {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا} أي سفلتنا من1 أهل المهن المحتقرة كالحياكة والحجامة والجزارة ونحوها وقولهم2 بادي الرأي أي ظاهر الرأي لا عمق في التفكير ولا سلامة في التصور عندك وقولهم {وما نرى لكم علينا من فضل} أي وما نرى لكم علينا من أي فضل تستحقون به أن نصبح أتباعاً لكم فنترك ديننا ونتبعكم على دينكم بل نظنكم كاذبين فيما تقولون.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

إن نوحاً واسمه عبد الغفار أول رسول إلى أهل الأرض بعد أن أشركوا بربهم وعبدوا غيره من الأوثان والآلهة الباطلة.

2-

قوله أن لا تعبدوا إلا الله هو معنى لا إله إلاّ الله

3-

التذكير بعذاب يوم القيامة.

4-

اتباع الرسل هم الفقراء والضعفاء وخَصُوُمهم الأغنياء والأشراف والكبراء.

5-

احتقار أهل الكبر لمن دونهم. وفي الحديث "الكبر3 بطر الحق وغمط الناس".

قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلَى اللهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلَا

1 قال القرطبي: اختلف في السفلة فقيل: هم الذين يتقلسون ويأتون أبواب القضاء والسلاطين يطلبون الشهادات، وقال مالك: السفلة: الذين يسبون الصحابة. وقال آخر: الذين يأكلون على حساب دينهم.

2 ومنه البادية وهي الأراضي الظاهرة لا تحوطها مبانٍ ولا بساتين ولا مصانع.

3 الحديث في الصحيح فقد قال صلى الله عليه وسلم "إنّ الله لا يدخل الجنة مَنّ كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر" فسئل عن الكبر فقال: الكبر: بطر الحق وغمط الناس" وبطر الحق: عدم قبوله، وغمط الناس: احتقارهم.

ص: 537

أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا اللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (31)

شرح الكلمات:

أرأيتم: أي أخبروني.

على بينة من ربي: أي على علم علمنيه الله فعلمت أنه لا إله إلا الله.

فعميت عليكم:. أي خفيت عليكم فلم تروها.

أنُلزِمُكمُوها: أي أجبركم على قبولها.

بطارد الذين آمنوا: أي بمبعدهم عني ومن حولي.

خزائن الله: التي فيها الفضل والمال.

تزدري أعينكم: تحتقر أعينكم.

معنى الآيات:

مازال السياق في قصة نوح مع قومه فأخبر تعالى أن نوحاً قال لقومه أرأيتم أي أخبروني إن كنت على بيَّنة من ربي أي على علم يقيني تعالى وبصفاته وبما أمرني به من عبادته وتوحيده والدعوة إلى ذلك. وقوله {وآتاني رحمة من عنده} وهي الوحي والنبوة والتوفيق لعبادته. {فعميت عليكم} أنتم1 فلم تروها. فماذا أصنع معكم {أنلزمكموها} أي2 أنجبركم أنا ومن آمن بي على رؤيتها والإيمان بها والعمل بهداها، {وانتم لها كارهون} 3 أي والحال أنكم كارهون لها والكاره للشيء لا يكاد يراه ولا يسمعه، هذا ما دلت عليه الآية الأولى (27) أما الآية الثانية فإن الله تعالى يخبر أيضاً عن قيل نوح لقومه:{ويا قوم لا أسألكم عليه مالا} أي لا أطلب منكم أجراً على إبلاغكم هذه الرحمة التي عميت عليكم فلم تروها. {إن أجري إلا على الله} أي ما أجري إلا على الله إذ هو الذي كلفنى

1 قرىء: {عميت} بتشديد الميم، وقرأ ورش بتخفيفها، ومعناه: إنّ الرسالة عميت عليكم فلم تفهموها. يقال: عميت عن كذا، وعمي عليّ كذا: أي: لم أفهمه.

2 {أنلزمكموها} أي: الرحمة التي هي عبادة الله وحده وترك عبادة سواه والاستفهام إنكاري. أي: ما كان لي ذلك والحال أنكم كارهون لها.

3 قال قتادة: والله لو استطاع نبي الله نوح عليه السلام لألزمها قومه. ولكنّه لم يملك ذلك.

ص: 538

بالعمل بها والدعوة إليها وواعدني بالأجر عليها. وقوله {وما أنا بطارد المؤمنين} أي وما أنا بمطيعكم في طرد المؤمنين من حولي كما اقترحتم عليّ، إنهم ملاقو ربهم، ومحاسبهم ومجازيهم على أعمالهم فكيف يصح مني ابعادهم عن سماع الحق وتعلمه والأخذ به ليكملوا ويسعدوا إذ العبرة بزكاة النفوس وطهارة الأرواح بواسطة الإيمان والعمل الصالح لا بالشرف والمال والجاه كما تتصورون ولذا فإني أراكم قوما تجهلون هذا ما دلت عليه الآية الثانية (28) ثم قال لهم في الآية الثالثة {ويا قوم من ينصرني1 من الله إن طردتهم} أي من هو الذي يرد عنى عذاب الله ويمنعني منه إن أنا عصيته فطردت أي أقصيت وأبعدت عباده المؤمنين عن سماع الهدى وتعلم الخير ولا علة لذلك إلا لأنهم فقراء ضعفاء تزدريهم أعينكم المريضة التي لا تقدر على رؤية الحق وأهله والداعين إليه. ثم قال لهم {أفلا تذكرون2} أي تتفكرون فتعلمون خطأكم وجهلكم فتثوبوا إلى رشدكم. وتتوبوا إلى ربكم فتؤمنوا به وبرسوله وتعبدوه وحده لا شريك له ثم قال لهم في الآية الأخيرة (31) {ولا أقول لكم عندي خزائن الله3} رداً على قولهم:{وما نرى لكم علينا من فضل} {ولا أعلم الغيب} فأعرف ما تخفيه صدور الناس فأطرد هذا وأبقي هذا، ولا أقول إني ملك حتى تقولوا ما نراك إلا بشراً مثلنا {ولا أقول للذين تزدري أعينكم} 4 لفقرهم وضعفهم {لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم} أي من صدق أو نفاق ومن حب لي أو بغض كأنهم طعنوا في المؤمنين واتهموهم بأنهم ينافقون أولهم أغراض فاسدة أو أطماع مادية من أجلها التفوا حول نوح، وقوله {إني إذاً لمن الظالمين} أي إني إذا قلت للمؤمنين من الضعفاء لن يؤتيكم الله خيراً كنت بعد ذلك من الظالمين5 الذين يعتدون على الناس بهضمهم حقوقهم وامتهان كرامتهم.

هداية الآيات:

1 أي: مَنْ يرد عنّي عذابه أن استوجبته بطرد عباده المؤمنين؟ والجواب: لا أحد فكيف إذاً يسوغ لي أن أطردهم كما ترغبون.

2 {أفلا تذكرون} قرىء: تذكرون بحذف إحدى التائين وقرىء تذّكرون: بتشديد الذال، بإدغام إحدى التائين في الأخرى. والاستفهام للإنكار أي: ينكر عليهم غفلتهم وجهلهم وعدم تذكرهم ليتّعظوا.

3 اخبر عليه السلام بتذلله وتواضعه لربّه عز وجل فنفى عن نفسه القدرة على امتلاك خزائن الفضل والمال كما نفي عن نفسه علم الغيب وأن يكون ملكاً من الملائكة.

4 أي: تحتقر أعينكم. والأصل: تزدريهم، حذفت الهاء والميم لطول الاسم، والازدراء: افتعال من الزري الذي هو الاحتقار، وإلصاق العيب فالازدراء أصله الازتراء فقلبت فيه التاء دالاً فصار: الازدراء كما قلبت في: الازدياد.

5 في قوله: {من الظالمين} : تعريض بقومه، فوصفهم بالظلم من حيث لا يشعرون.

ص: 539