الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ
(95)
فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)
شرح الكلمات:
فالق الحب والنوى: شاق الحب كحب البر ليخرج منه الزرع، والنوى واحده نواة وشقها ليخرج منها الفسيلة (النخلة الصغيرة) .
يخرج الحي من الميت: الدجاجة من البيضة.
ومخرج الميت من الحي:: البيضة من الدجاجة.
فأنى تؤفكون: كيف تصرفون عن توحيد الله الذي هذه قدرته إلى عبادة الجمادات.
فالق الإصباح: الإصباح: بمعنى الصبح وفلقه: شقه ليتفجر منه النور والضياء.
سكنا: يسكن فيه الناس ويخلدون للراحة.
حسباناً: أي حسابا بهما تعرف الأوقات الأيام والليالي والشهور والسنون.
تقدير العزيز العليم: إيجاد وتنظيم العزيز الغالب على أمره العليم بأحوال وأفعال عباده.
لتهتدوا بها: أي ليهتدي بها المسافرون في معرفة طرقهم في البر والبحر.
من نفس واحدة: هي آدم أبو البشر عليه السلام.
فمستقر: أي في الأرحام.
ومستودع: أي في أصلاب الرجال.
يفقهون: أسرار ألأشياء وعلل الأفعال فيهتدوا لما هو حق وخير.
خضراً: هو أول ما يخرج من الزرع ويقال له القصيل الأخضر.
متراكبا: أي بعضه فوق بعض وهو ظاهر في السنبلة.
طلع النخل: زهرها.
قنوان: واحده قنو وهو العِذْق وهو العُرْجون بلغة أهل المغرب.
مشتبهاً وغير متشابه: في اللون وغير مشتبه في الطعم.
وينعه: أي نضجه واستوائه.
معنى الآيات:
ما زال السياق في بيان الدليل على وجوب توحيد الله تعالى وبطلان عبادة غيره فقال تعالى واصفاً نفسه بأفعاله العظيمة الحكيمة التي تثبت ربوبيته وتقرر ألوهيته وتبطل ربوبية وألوهية غيره مما زعم المشركون أنها أرباب لهم وآلهة: {إن الله فالق الحب والنوى} أي هو الذي يفلق الحب ويخرج منه الزرع لا غيره وهو الذي يفلق النوى، ويخرج منه الشجر والنخل لا غيره فهو الإله الحق إذا وما عداه باطل، وقال:{يخرج الحيّ من الميت} فيخرج الزرع الحيّ من الحب الميت {ويخرج الميت1 من الحيّ} فيخرج الحب من الزرع الحيّ، والنخلة والشجرة من النواة الميتة ثم يقول:{ذلكم الله} أي المستحق للإلهية أي العبادة وحده {فأنى
1 أي يخرج النطفة الميتة من الحي وهو الإنسان ويخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة.
تؤفكون} أي فكيف يا للعجب تصرفون عن عبادته وتأليهه إلى تأليه وعبادة غيره. ويقول: {فالق، الإصباح1} أي هو الله الذي يفلق ظلام الليل فيخرج منه ضياء النهار {وجعل الليل سكناً} : أي ظرف سكن وسكون وراحة تسكن فيه الأحياء من تعب النهار والعمل فيه ليستريحوا، وقوله:{والشمس والقمر2 حسباناً} أي وجعل الشمس والقمر يدوران في فلكيهما بحساب تقدير لا يقدر عليه إلا هو، وبذلك يعرف الناس الأوقات وما يتوقف عليها من عبادات وأعمال وآجال وحقوق ثم يشير إلى فعله ذلك فيقول:{ذلك تقدير العزيز} الغالب على أمره {العليم} بسائر خلقه وأحوالهم وحاجاتهم وقد فعل ذلك لأجلهم فكيف إذاً لا يستحق عبادتهم وتأليههم؟ عجباً لحال بني آدم ما أضلهم؟!
ويقول تعالى في الآية الثالثة (97){وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر} هذه منة أخرى من مننه على الناس ومظهراً آخر من مظاهر قدرته حيث جعل لنا النجوم لمهتدي به مسافرونا في البر والبحر حتى لا يضلوا طريقهم فيهلكوا فهي نعمة لا يقدر على الإنعام بها إلا الله، فلم إذاً يكفر به ويعبد سواه؟ وقوله:{قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون} يخبر به تعالى على نعمة أخرى وهي تفصيله تعالى للآيات وإظهارها لينتفع بها العلماء الذين يميزون بنور العلم بين الحق والباطل والضار والنافع ويقول في الآية الرابعة (98){وهو الذي أنشأكم -أي خلقكم- من نفس واحدة} هي آدم عليه السلام، فبعضكم مستقر في الأرحام وبعضنا3 مستودع في الأصلاب وهو مظهر من مظاهر إنعامه وقدرته ولطفه وإحسانه، ويختم الآية بقوله {قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون} لتقوم لهم الحجة على ألوهيته تعالى دون ألوهية ما عداه من سائر المخلوقات لفهمهم أسرار الكلام وعلل الحديث ومغزاه.
ويقول في الآية (99){وهو الذي أنزل من السماء ماءً} وهو ماء المطر ويقول {فأخرجنا
1 الإصباح مصدر أصبح يصبح إصباحاً أي يخرج النور من الظلام إذ نور الفجر يشق ظلمة الليل ويخرج عنها الصبح والإصباح أول النهار ويجمع الإصباح على أصباح بفتح الهمزة وقرىء به.
2 حسباناً أي بحساب يتعلق به مصالح العباد، والحسبان جمع حساب مثل شهاب وشهبان أي جعل الله سير الشمس والقمر بحساب ولا يزيد ولا ينقص ويطلق الحسبان على النار كما في قوله تعالى ويرسل عليها حسباناً من السماء أي ناراً.
3 قال عبد الله بن مسعود لها مستقر في الرحم ومستودع في الأرض التي تموت فيها وهذا على قراءة مستقر بفتح القاف بمعنى لها مستقر وأكثر المفسرين على ما جاء في التفسير أن المستقر ما كان في الرحم والمستودع ما كان في الصلب قال سعيد بن جبير قال لي ابن عباس هل تزوجت فقلت لا. قال فإن الله عز وجل يستخرج من ظهرك ما استودعه فيه. أما قوله تعالى {ولكم في الأرض مستقر ومستودع إلي حين} ف المستقر هو القبر مودع فيه الإنسان إلى يوم القيامة.
به نبات كل شيء} أي ينبت أي قابل للإنبات من سائر الزروع والنباتات ويقول فأخرجنا من ذلك النبات خضراً وهو1 القصيل للقمح والشعير، ومن الخضر2 يخرج حباً متراكباً في سنابله، ويقول عز وجل:{ومن النخْل من طلعها قنوان دانية} أي ويخرج بإذن الله تعالى من طلع النخل قنوان جمع قنو العذق دانية متدلية وقريبة لا يتكلف مشقة كبيرة من أراد جنيها والحصول عليها3 وقوله {وجنات من أعناب} يقول وأخرجنا به بساتين من نخيل وأعناب، وأخرجنا به كذلك الزيتون والرمان حال كونه مشتبهاً في اللون وغير متشابه في الطعم، كلوا من ثمره إذا أثمر وينعه ينبت لديكم ذلك التشابه وعدمه، وختم الآية بقوله: إن في ذلكم المذكور كله {لآيات} علامات ظاهرات تدل على وجوب ألوهية الله تعالى وبطلان ألوهية غيره {لقوم يؤمنون} لأنهم أحياء يفعلون ويفكرون ويفهمون أما غيرهم من أهل الكفر فهم أموات القلوب لما ران عليها من أوضار الشرك والمعاصي فهم لا يعقلون ولا يفقهون فأنى لهم أن يجدوا في تلك الآيات ما يدلهم على توحيد الله عز وجل؟
هداية الآيات
هن هداية الآيات:
1-
الله خالق كل شيء فهو رب كل شيء ولذا وجب أن يؤله وحده دون ما سواه.
2-
تقرير قدرة الله على كل شيء وعلمه بكل شيء وحكمته في كل شيء.
3-
فائدة خلق النجوم وهي الاهتداء بها في السير في الليل في البر والبحر.
4-
يتم إدراك ظواهر الأمور وبواطنها بالعقل.
5-
يتم إدراك أسرار الأشياء بالفقه.
6-
الإيمان بمثابة الحياة، والكفر بمثابة الموت في إدراك الأمور.
وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
1 خضر بمعنى أخضر كمطرة بمعنى ماطرة ومنه قولهم: أرنها نمرة أركها مطر أي أرني سحابة كأنها نمرة في شكلها أركها ماطرة يتصبب منها الماء الغزير.
2 قال ابن عباس رضي الله عنه يريد القمح والشعير والسلت والذرة والأرز وسائر الحبوب.
3 هذا قصار النخل إذ يجنى ثمارها لمدة عشر سنوات والمرء يتناول منها بيديه هو واقف عندها وبعد ذلك ترتفع وتطول فيرقى إليها.