الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النظرة الثالثة عشرة
جواز الزيادة على الفاتحة من القرآن:
ليعلم القارئ الكريم، أنه لا تجزيء صلاة من يحسن فاتحة الكتاب إلا بها، ولا يجزئ أن ينقص حرفا منها؛ لأن ذلك تحريف وإحالة للمعنى إلي غير المراد منه، فإن لم يقرأها المصلي أو نقص منها حرفا أعاد صلاته، وإن قرأ بغيرها، وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى.
وقد أجمع العلماء على أنه لا صلاة إلا بقراءة، وأنه لا توقيت في ذلك بعد الفاتحة، عن النبي صلى الله عليه وسلم (1)، ومستند جواز الزيادة في القراءة على الفاتحة حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي:(إقرأ ما تيسر معك من القرآن)(2)، أي: ما زاد على الفاتحة، وهو تفسير قوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (3)، والآية ذاتها {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ولو أراد الفاتحة لما خير لأن قراءتها واجبة، كما في حديث عبادة أيضا:
(1) الجامع لأحكام القرآن (1/ 124).
(2)
أخرجه الإمام مسلم، حديث (45).
(3)
الآية 20 من سورة المزمل.
(لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)(1)، وزاد في رواية (فصاعدا)(2)، وقوله صلى الله عليه وسلم:(هي خداج ــ ثلاثاـ غير تمام) أي غير مجزئة، والخداج النقص والفساد (3)، والصريح في ذلك أيضا رواية أبي داوود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:(أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر)(4) وهذا تفسير لمراده صلى الله عليه وسلم بقوله للأعرابي: (اقرأ ما تيسر معك من القرآن) قال القرطبي رحمه الله: والنظر يوجب في النقصان أن لا تجوز معه الصلاة، لأنها صلاة لم تتم، ومن خرج من صلاته وهي لم تتم فعليه إعادتها، كما أمر على حسب حكمها، ومن ادعى أنها تجوز مع إقراره بنقصها فعليه الدليل، ولا سبيل إليه من وجه يلزم، والله أعلم (5).
(1) أخرجه الإمام مسلم، حديث (34) وما بعده.
(2)
صحيح مسلم، حديث (37).
(3)
قال الأخفش: خدجت الناقة: إذا ألقت ولدها لغير تمام، وأخدجت: إذا قذفت به قبل وقت الولادة، وإن كان تام الخلقة (الجامع لأحكام القرآن 1/ 123) كذلك انظر (النهاية 2/ 12).
قلت: وفي كلتا الحالتين هو تالف لا حياة له، وانظر لسان العرب 2/ 248).
(4)
سنن أبي داوود، حديث (818).
(5)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 123).