الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- عز وجل أن يجعلنا من عباده المخصوصين برحمته، وفضله في الدنيا والآخرة.
النظرة الثانية والعشرون
تفسير: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
.
قال ابن عباس رضي الله عنه: هو الشكر والاستخذاء (1)، لله والإقرار بنعمته، وهدايته وابتدائه وغير ذلك (2)، ومعناه: الشكر خالصاً لله جل ثناؤه دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ولا يحيط بعددها غيره أحد سبحانه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق، وغذاهم به من نعيم العيش، من غير استحقاق منهم ذلك عليه سبحانه، فصحح فيهم الآلات لطاعته، ومكن جوارح وأجسام المكلفين من أداء فرائضه، مع ما نبههم عليه ودعاهم إليه، من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم، فلربنا الحمد على ذلك كله أولاً وآخرا، ومن هنا جاءت (الحمد) معرفة بالألف واللام؛ لأن لها معنى لا يؤديه قول القائل:(حمدا) بإسقاط الألف واللام وذلك أن دخولهما في (الحمد) لاستغراق الجنس من
(1) فيه معنى الانكسار والاسترخاء والذل، والخضوع والانقياد، انظر (اللسان 14/ 225 ـ 226 وترتيب القاموس 2/ 25).
(2)
أسند أبو جعفر الطبري (جامع البيان 14/ 135) وتكلم في إسناده.
جميع المحامد، والشكر الكامل لله عز وجل، فهو وحده يستحق الحمد بأجمعه، إذ له الأسماء الحسنى والصفات العلى، فله الحمد أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا على الوجه الذي يرضيه سبحانه، ولهذا العموم في معنى الحمد تتابعت قراءات القراء، وعلماء الأمة على رفع {الْحَمْدُ} دون نصبها، الذي يحيل المعنى (1)، وقد تقدم القول في معنى لفظ الجلالة {اللَّهِ} .
{رَبِّ} : له معان كثيرة، والمراد به هنا: الخالق المالك الرازق، قال ابن عباس رضي الله عنه: يقول ــ يعني جبريل عليه السلام ــ: قل الحمد لله، الذي له الخلق كله، السماوات كلهن ومن فيهن، الأرضون كلهن من فيهن، وما بينهن، مما يعلم ومما لا يعلم (2).
{الْعَالَمِينَ} جميع المخلوقات مما تقدم بيانه، مماعلم ومما لا يعلم، مالكهم الله عز وجل، وكل من ملك شيئاً فهو ربه، والرب: اسم من أسماء الله عز وجل، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة، ومن العلماء من قال: إنه الاسم
(1) انظر توثيقه في (جامع البيان 1/ 135، 128 ـ والجامع لأحكام القرآن 1/ 133) بتصرف.
(2)
انظر (جامع البيان 1/ 142، 143) في إسناده بشر بن عمارة: ضعيف، ومعناه صحيح.