الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} (1)، وأخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد)(2)، نسأل الله تعالى عفوه ورحمته، ونعوذ به من عذابه وسخطه.
النظرة الرابعة والعشرون
تفسير: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
.
اعلم أنه لا يجوز لأحد أن يتسمى بهذا الاسم، ولا يدعى به إلا الله تعالى، فله الملك المطلق في الدنيا والآخرة، لذلك جاءت هذه الآية تذكر جميع الخلق الإنس والجن، أن الله عز وجل هو المتفرد مالك يوم الدين، وحده لا شريك له، فكما أن الله تعالى صاحب الملك المطلق في الدنيا، لكنه خول بعض عباده شيئا من صفة الملك في الدنيا، فمنهم سابق بالخيرات، ومنهم مقتصد، ومنهم ظالم لنفسه، اقتضت حكمته تعالى هذا الإيجاد في الحياة
(1) الآيتان (49، 50) من سورة الحجر.
(2)
صحيح الإمام مسلم، حديث (23) وانظر (الجامع لأحكام القرآن 1/ 139).
الدنيا، للابتلاء والامتحان، فكان الملك له خالصا يوم الدين، كما قال الله سبحانه وتعالى:{يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (1).
أخرج الشيخان (2)، البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يقبض الله الأرض، ويطوي السماوات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض).
ولما كانت الآخرة دار جزاء وخلود اختص الله عز وجل بالملك، لينال العباد جزاء سعيهم في الدنيا، ملوكاً وأمماً، على حد سواء، وسواءً كانوا إنساً أم جناً، وفي الآية والحديث من تنبيه الغافل، وتحريض النابه ما يجعلهما في غاية الحذر والتحسب لهذا الموقف العظيم، وليعلم العبد أنه في قبضة خالقه ينادى على رؤوس الأشهاد، لمن الملك اليوم؟ ، فيدفعه هذا إلى محاسبة النفس في الدنيا، إن كان من ذوي الألباب الموفقين.
(1) الآية (16) من سورة غافر.
(2)
البخاري، حديث (4812) ومسلم، حديث (23).