الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - دراساته الأخرى:
لم تكن عناية المؤلف بتحصيل علوم السنة واختصاصه بها، مانعة له من دراسة بقية العلوم الإِسلامية، بل إن علوم السنة يَحتاجُ التمكنُ منها إلى دراسة العلوم الأخرى المساعدة على ضبطها، وفهمها، والإستنباط منها، فتكون أدوات معينة، ومكملة لشخصية المحدث العلمية.
ولذا جاء في مصادر الترجمة للمؤلف أنه بجانب اشتغاله المكثف بعلوم الحديث قد اشتغل بتحصيل عدة علوم أخرى مثل أصول الفقه، الذي تقدم قول ابن حجر إن ابن سيد الناس تخرج فيه على ابن دقيق العيد.
وذكر غير واحد ممن ترجمه أنه حفظ كتاب (التنبيه)(1) وهو أحد متون الفقه الشافعي، وقال الإسنوي وابن قاضي شهبة: إنه تفقه على مذهب الشافعي (2).
وسيأتي في دراستي عن شرحه للترمذي أنه يعبر عن الشافعية بقوله: أصحابنا. وقال الحافظ ابن حجر: إن ابن سيد الناس أخذ العربية عن بهاء الدين بن النحاس وكتب الخط المغربي، والمصري، فأتقنهما (3)، وقال الصفدي وابن شاكر: وكتب بالمغربي طبقة، كما كتب بالمشرقي طبقة (4) وقد قال للصفدي: لم أكتب على أحد (5) يعني لم يتعلمه على يد أحد الخطاطين، ومع ذلك وُصِف بأنه كان حسن الخط، سريع الكتابة (6) ولذا سيأتي عدُّ ذلك من مواهبه الشخصية، لكنا ننبه إلى أن أخذ أي علم أو فن عن أهله أولى وأفود، وأبعد عن الزلل.
(1) الدرر الكامنة 4/ 231 وطبقات الشافعية للإسنوي 2/ 511.
(2)
طبقات الشافعية للإسنوي 1/ 512 ولابن قاضي شهبة 2/ 390.
(3)
الدرر الكامنة 4/ 231 وانظر طبقات الشافعية للإسنوي 2/ 511.
(4)
الوافي بالوفيات 1/ 292، وتقدم أن الطبقة عبارة عن قائمة تكتب بأسماء من يحضرون سماع الحديث على أحد شيوخه، ثم يوقع لهم الشيخ عليها بإثبات سماعهم منه، وانظر مقدمة تحقيق (القلائد الجوهرية) 1/ 21، 22.
(5)
الوافي 1/ 292.
(6)
الدرر الكامنة 4/ 331 والوافي 1/ 290 والبداية والنهاية 14/ 147.
ومما درسه أيضًا بدون تلمذة على شيخ: علم العروض، فقد قال للصفدي: لم يكن لي في العروض شيخ، ونظرت فيه جُمعة، فوضعت فيه مصنفًا، ثم قال الصفدي: وقد رأيت هذا المصنف (1)، وإلى جانب تأليفه هذا، وُصِف بأنه: كان النظم عليه بلا كلفة، ولا يكاد يتكلم إلا بالوزن (2) وسيأتي عَدُّ ذلك من مواهبه أيضًا.
وذكر ابن كثير مما برع فيه ابن سيد الناس علم السِير والتواريخ (3) أقول: ويؤيد ذلك ما سيأتي من تأليفه في السيرة النبوية، وفي تراجم أَحفظ من لَقِي، كما سيأتي أن الصفدي استجازه بما عنده من تفسير كتاب الله، هذا وقد وصف ابن سيد الناس من أكثر من واحد بأنه أديب يجيد فنون الأدب نظمًا ونثرًا، وترسُّلًا، وذُكِرَ في مصادر ترجمته كثيرٌ من نظمه، ونماذج من نثره (4) ومع هذا لم أجد في مصادر ترجمته المتعددة أخذَه لعلوم الأدب عن أحد؛ غير أنه في مقدمة كتابه "بشرى اللبيب" ذكر أنه روى قصيدة كعب بن زهير:"بانت سعاد" في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يَذكُر من رَواها عنه من شيوخه (5)، وأيضًا تلميذُه الصفَدي لما طلب منه أنه يجيزه بمروياته، عَد منها كُتبَ الأدب، كما سيأتي، وذلك يدل على معرفته بوجود مرويات من كتب الأدب لدى شيخه، كما أن شيخه قد أجابه بالإجازة بكل ما طَلَب، ومنه كُتب الأدب كما سيأتي ذكره مع إشارته إلى تقدم الصفدي عليه فيه.
(1) الوافي بالوفيات 1/ 291.
(2)
الوافي 1/ 293.
(3)
البداية والنهاية 14/ 147.
(4)
انظر الوافي بالوفيات 1/ 293، 300 وفوات الوفيات لابن شاكر 3/ 288 - 292. والطبقات الكبرى لابن السبكي 9/ 270 - 272.
(5)
انظر المقدمة في فهرس معهد المخطوطات بالكويت 1/ 20.