الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ج) محمد بن علي بن وهب المعروف بابن دقيق العيد، وهو من أشهر شيوخه، قال في بعض المواضع: وسمعت شيخنا الحافظ أبا الفتح محمد بن علي القشيري
…
إلخ (1).
ثانيًا - تقديمه للشرح ببيان أهمية الاشتغال بخدمة السنة
، فذكر أنها أولى ما صرِفَت العناية إليه، ووجب الاعتماد عليه بعد القرآن الكريم (2)، ثم أشار إلى سبب تأليفه لهذا الشرح، وهو حفظ المادة العلمية التي توفرت له عنه، والأفكار الشخصية التي ظهرت له حين تدارسه مع غيره، وصيانتها من الضياع والتفلت؛ لأن من قيّد العلم بالكتاب أمن من اللبس والارتياب (3).
ثم انتقل من ذلك إلى ذكر مقدمتين للشرح.
إحداهما: في التعريف بالإِمام الترمذي، وبرجال إسناد المؤلف بجامع الترمذي.
والثانية: في التعريف بجامعه، وبهذا أغناني عن التعرض لهذين المبحثين في مقدمتي هذه للشرح، واكتفيت بالتعليق على ما ذكره.
وقد اختلف ابن سيد الناس في هذا عن سلفه ابن العربي؛ حيث إن ابن العربي استهل شرحه ببيان سبب تأليف الشرح (4)، ثم انتقل إلى ذكر مقدمة واحدة بيّن فيها منزلة جامع الترمذي بين كتب السنة، وبين اشتماله على أربعة عشر علمًا من فنون الحديث، وذكر عناصر منهجه في الشرح، وسنده بجامع الترمذي كما قدمت ذكره، ثم انتقل إلى الشرح.
أما ابن سيد الناس فضمَّن المقدمة الأولى التعريف بالإمام الترمذي من حيث بيان اسمه ونسبه وطلبه للحديث، وتوثيقه فيه، وذلك بذكر ثناء العلماء
(1) الشرح ق/ 29 ب.
(2)
الشرح/ ق 2 أ.
(3)
الشرح/ الموضع السابق.
(4)
العارضة 1/ 1 - 5.
عليه وشهادتهم بحفظه وفهمه للحديث، ثم بيان مكانته في علم الحديث وتبحره فيه رواية ودراية حتى سمع منه شيخه البخاري بعض الأحاديث، ثم ذكر وفاته وبين مكان دفنه، ثم بين رجال جامع الترمذي ابتداء من شيوخه وحتى المحبوبي أحد رواة جامع الترمذي عنه.
وفي المقدمة الثانية: عرف بجامع الترمذي موضوع الشرح، فبين عناية الترمذي بتأليفه، ثم عرضه على عدد من أئمة عصره فاستحسنوه وأقروه عليه، ثم بين مكانة هذا الجامع عند العلماء، بثناء عدد منهم عليه، ووصفه بالصحة باعتبار الأغلب من أحاديثه.
وبين أنه لا يوجد في الجامع حديث ثلاثي إلا حديثًا واحدًا، كما بين أقسام الحديث في الجامع، من حيث الصحة وغيرها، وشرط الترمذي في هذا الجامع، وذكر بعض من وصفه بالصحة كما ذكر عدد علوم الحديث التي تضمنها الجامع حسبما ذكر ابن العربي (1)، وضم إلى ذلك ما ذكره ابن رُشَيْد، ثم أضاف هو خمسة أنواع، مع إشارته لدخول بعضها فيما ذكره من سبقه إلى تعديد علوم جامع الترمذي.
ثم تصدى لتعريف الحديث الحسن والغريب عند علماء الحديث، وبيان مراد الترمذي بهما، وبيان شروطه في الحديث الحسن (2). وتوسع في ذلك لكثرة ورود هذين اللفظين في الجامع، وتركيب الترمذي لهما مع الصحيح في الحكم على الحديث، وقد تضمن توسعه هذا مسائل متعددة من دقائق علم الحديث، منها تقرير أن عبارة الترمذي في تعريف الحديث الحسن تقتضي أنه اصطلاح خاص به في جامعه، وأنه لم يسبق الترمذي أحد في مراده بالحسن، كما تعقب ابن الصلاح في جعله سنن أبي داود مَظِنَّة للحديث الحسن، وذكر أن كلام أبي داود في شرطه في السنن لا يدل على ذلك؛ بل إن عبارته عن شرطه مثل عبارة مسلم عن شرطه، فلو أُلزِم بأن سننه من مظان الحسن، لأُلزم مسلم أيضًا
(1) العارضة 1/ 5 - 7.
(2)
الشرح/ ق 8 أ.
بذلك، لأن معنى كلامهما واحد في نظر المؤلف؛ غير أن مسلمًا اشترط الصحة، وأبو داود لم يشترطها (1)، فأخرج الصحيح وغيره.
ولم يُسلَّم للمؤلف هذا، بل عورض فيه من غير واحد من العلماء كما بينته في التعليق على هذا الموضع من الشرح، كما بين وجه اختلاف حكم الترمذي على السند الواحد، وأن ذلك بحسب المتابعات وعدمها، وبالتالي لا يُعترض على الترمذي في هذا (2) وبين أيضًا انقسام الحديث إلى ثلاثة أقسام هي: المقبول، والمردود، والمتردَّد بينهما، وأرجع ذلك إلى انقسام أحوال الرواة إلى عدل، ومجروح، ومستور، ثم بين أنه بناء على هذا التقسيم اعتُرض على الترمذي لجمعه في الحكم على حديث واحد بين الصحة والحسن، ثم ذكر خمسة أجوبة عن ذلك، ورد منها أربعة، وارتضى واحدًا حيث لم يتعقبه بشيء (3)، وقد تعقبتُه من جانبي فيه، ضمن التعليق على هذا الموضع.
وذكر أيضًا أنه اعترض على الترمذي في جمعه في وصف الحديث بين الحُسن والغرابة وصدَّر جوابه عن هذا ببيان أنواع الغريب، وعلى ضوئها قرر: أن الغرابة لا تنافي الحسن أو الصحة، وبالتالي لا حَرج في جمعهما في الحكم على حديث واحد (4). ثم عقد المؤلف فصلًا لبيان مُراد الترمذي بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان، وفائدة ذلك، كما بين طريقة الترمذي فيما يورده بسنده، وما يشير إليه من الأحاديث بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان (5) وبذلك أنهى تلك المقدمة الثانية، وشرع بعدها في الشرح.
وبمقارنة تلك المقدمة الثانية بكُلٍّ من مقدمة عارضة الأحوذي لابن العربب، ومقدمة تحفة الأحوذي للمباركفوري، نجد أن مقدمة المؤلف
(1) انظر الشرح/ ق 7 أ، ب.
(2)
انظر الشرح/ ق 8 ب، 9 أ.
(3)
الشرح/ ق 9 ب، 10 أ، ب.
(4)
انظر الشرح/ ق 10 ب - 12 أ.
(5)
انظر الشرح/ ق 12 أ.