الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا يعنون مباحث شرحه إلا بأرقام مسلسلة، فبعد قوله في عنوان الشرح: (الكلام عليه من وجوه، يقول: الأول .. الثاني .. الثالث .. وهكذا. ويمكن تقسيم عناصر شرح المؤلف هذا وترتيبها على النحو التالي:
(ج) تخريج الأحاديث:
وفي الأبواب التي عنون المؤلف مباحثها، قد عنون لذلك بعنوان (الإِسناد) وقد أشبه في هذا ابن العربي، كما تقدم في ذكر منهجه، وقد اشتمل التخريج عند المؤلف على ثلاثة جوانب.
أحدها: بيان من أخرج حديث أو أحاديث الباب غير الترمذي، سواء من نفس الطريق التي أخرجه الترمذي منها أو غيرها (1).
وثانيها: تخريج الأحاديث التي يشير إليها الترمذي بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان (2).
وقد تقدم أن هذا الجانب من الشرح يعتبر من الجوانب البارزة التي أشاد بذكرها العلماء، كالحافظ العراقي في أول تكملته، والشوكاني في (البدر الطالع) خلال ترجمتيه للمؤلف وللعراقي.
وقد أشار العراقي عقب إشادته بهذا الجانب إلى أن المؤلف ربما وقف عليه أحاديث بعض من ذُكِر، فلم يتيسر له تخريجها (3).
وقد لاحظت ذلك فِعْلًا في القسم الذي حققته، في باب الرخصة في استقبال القبلة بالبول والغائط، حيث قال الترمذي:"وفي الباب عن أبي قتادة، وعائشة وعمار" ثم ساق الترمذي رواية أبي قتادة، وبقى حديث عائشة وحديث عمار، فأخرج المؤلف حديث عائشة بالعزو إلى بعض المصادر، ولم يخرج حديث عمار، ولا بَين أنه لم يجده. وقد أخرج حديث عمار، المباركفوري في التحفة،
(1) انظر الشرح/ ق 16 ب، 21 أ، 23 ب.
(2)
انظر الشرح/ ق 14 أ.
(3)
تكملة العراقي/ ق 2 أمن نسخة الإسكوريال.
بالعزو إلى الطبراني في الكبير وبيّن ضعفه (1) كما أشرت إلى ذلك في التعليق على هذا الوضع من الشرح.
لكن من الجدير بالذكر أن هذا ليس شأن المؤلف وحده، بل إن العراقي نفسه في شرحه للباب الأول من تكملته قال: وحديث عبد الله بن عمرو، لم أقف له على أصل، فإن كان تصحف على بعض الرواة، وإنما هو عبد الله بن عُمَر -بضم العين- فسيجيء في الوجه الذي يليه إن شاء الله؛ ولكن ذكره المصنف أيضًا في السِّيَر وقال: عبد الله بن عمرو -بفتح العين-، ولم أقف عليه (2) وكذلك المباركفوري في كثير من المواضع التي يقول الترمذي فيها: وفي الباب عن فلان وفلان، يُخَرج ما تيسر له، وما لا يتيسر له يقول عنه: وأما حديث فلان فلينظر من أخرجه (3)، ومنها ما قال: لم أجده، وقد وفقني الله تعالى للوقوف عليه وتخريجه في تعليقي على الشرح (4).
وثالثها: تخريج أحاديث يرى المؤلف أنها متعلقة بالباب، ولم يخرجها الترمذي ولم يشر إليها بقوله: وفي الباب عن فلان، فيستدرِكُ المؤلف ذلك بقوله: وفي الباب مما لم يذكره كذا وكذا (5) وقد يكون بعض من تقدم على المؤلف ذكر ما يتعلق بالباب زيادة على ما عند الترمذي فينقل المؤلف عنه ذلك، ثم يضيف إليه من جانبه، ففي باب "ما يقول إذا خرج من الخلاء" قال الترمذي: ولا نَعرِف في الباب إلا حديث عائشة، فنقل المؤلف ما استدركه المنذري حيث قال:"وفي الباب" وساق ثلاثة أحاديث، وعقب عليها المؤلف بأنها ضعيفة، ثم قال: وفي الباب أيضًا مما لم يذكره الترمذي ولا المُنذري
…
وذكر حديثين آخرين (6).
(1) تحفة الأحوذي 1/ 63.
(2)
انظر تكملة العراقي لشرح الترمذي 1/ 2 ب.
(3)
تحفة الأحوذي 6/ 13، 17، 18.
(4)
انظر الشرح/ ق 19 ب مع التعليق.
(5)
انظر الشرح/ ق 27 أ.
(6)
انظر الشرح 26 أ، ب.
وقد يترك المؤلف تخريج ما لم يذكره الترمذي ولم يشر إليه، حتى لو كان متيسرًا عليه، وذلك أنه في الباب السابق ذِكْرُهُ، أخرج في استدراكه على الترمذي وعلى المنذري حديث طاوس:"إذا أتى أحدكم الخلاء فليكرم قبلة الله" وهذا القدر من الحديث كما ترى، متعلق بالنهي عن استقبال القبلة، ولكن المؤلف لما شرح هذا الباب، لم يستدرك على الترمذي هذا الحديث، مع تعلقه بالباب، ومعرفته له، ولهذا فإننا لا نجزم بأن المواضع التي لم يستدرك المؤلف فيها شيئًا على الترمذي، يكون قد تعذر عليه ذلك.
وقد جاء بهامش نسخة الأصل استدراك عليه في باب فضل الطهور، ونصه: قلت: وفي الباب مما لم يذكره الترمذي ولا الشارح
…
وذكر عدة أحاديث (1).
وقد يشير المؤلف إلى ما روي في الباب فقط، ولكن لا يعزوه إلى مصدر (2) وهذا قليل، وقد تقدم أن ابن العربي يفعل ذلك أيضًا.
وقد جرى المؤلف في تلك الجوانب الثلاثة على التخريج بالعزو الإجمالي إلى المصادر أو إلى مؤلفيها أو إليهما معًا كقوله: أخرجه ابن حبان في صحيحه، وأبو يعلى في مسنده، وقد يحدد موضع الحديث في المصدر بذكر اسم الباب الوارد فيه من المصدر المعزو إليه كقوله: رواه أبو داود في الطهارة، والبخاري في الطهارة وفي الدعوات، وذكره ابن عدي في باب حفص من كتابه، أما الجزء والصفحة ورقم الحديث فلا يذكرها لعدم وجود الطباعة آنذاك.
وقد يسوق لفظ الحديث في المصدر المعزو إليه، وذلك قليل، والأكثر أنه يكتفي بالعزو فقط كما في العبارات السابق ذكرها، وقد يعزو الحديث إلى المصدر ويسوقه منه، بكامل سنده ومتنه، كقوله: وقال ابن أبي شيبة: ثنا عفان، ثنا
(1) انظر الشرح/ ق 14 ب مع التعليق، 19 ب مع التعليق.
(2)
انظر الشرح/ ق 14 ب.
وهيب
…
الخ (1) وقوله: قال الترمذي في كتاب العلل: حدثنا محمد بن بشار (2).
وقد يخرج الحدبث بسنده هو عن شيوخَه فَمن فوقهم، مثل قوله في "باب فصل الطهور": وقد وجدنا مما لم يذكره الترمذي في الباب ما أخبرنا به أبو المعالي أحمد بن إسحق
…
الخ. وساق سنده بالحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم (3) ومثل هذا يفعل ابن العربي في شرحه، وكذا الحافظ العراقي في تكملته لشرح المؤلف هذا.
وقد يقوم المؤلف في تخريجه بجمع طرق الحديث على مدارها الذي تفرعت عنه، فتتضح بذلك المتابعات التامة والناقصة (4) كما أنه في العزو إلى المصدر بيّن الطرق التي روي بها الحديث في تلك المصادر، كقوله: رواه ابن ماجه من حديث ابن إسحق (5).
هذا .. وعبارة المؤلف عن عزو الحديث إلى مصدره الأصلي متعددة، وأكثرها قوله:"أخرجه فلان" ورواه فلان، وقد يقول: ذكره فلان، أو هو عند فلان، مع كون المصدر المعزو إليه أصليًا، أي رُوي الحديث فيه بسند مؤلفه، ولكن تعبيره بهذين اللفظين أقل من لَفظَيْ: أخرجه ورواه، وذلك خلاف الأصل المتعارف عليه بين علماء التخريج من أن العزو إلى المصدر الأصلي يكون بلفظ: أخرجه أو رواه، وإلى غير الأصلية بعبارتي:"ذكره"، أو "أورده" ونحو ذلك. وقد يقول:"خَرَّجه" وهذه العبارة هي التي استعملها ابن العربي، وابن رجب في شرحيهما، أما العراقي فيتفق مع المؤلف في استعمال باقي العبارات السابقة، وعندما نقارن بين منهج المؤلف وبين منهج غيره من أهم الشراح في
(1) انظر الشرح/ ق 14 ب.
(2)
انظر الشرح/ ق 24 ب.
(3)
انظر الشرح/ ق 14 أ.
(4)
انظر الشرح/ ق 24 أ.
(5)
انظر الشرح/ ق 14 أ.