الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن قاضي شهبة أن المؤلف دُفِن بالقَرافَة (1) عند ابن أبي جمرة (2) اهـ. رحم الله الجميع، وألحقني بهم على خير حال.
17 - رثاؤه:
مما يصور مكانة الشخص، وأثره في النفوس المحيطة به، والوفاء له، أن تُذكَر محاسنه ويثنى عليه بعد موته بما هو أهله، وهذا ما حدث بالنسبة لابن سيد الناس، فقد قال الصفدي: ولما بلغتني وفاته، قلت أَرثيه:
…
وساق قصيدة بلغت واحدًا وأربعين بيتًا، ومحتواها يدل على أن ما أشار إليه ابن فضل الله العمري من انحراف الصفدي عن شيخه كما تقدم، قد زال، ولله الحمد، وفي مطلع المرثية يقول الصفدي:
ما بَعْدَ فَقدِك لي أُنس أُرجِّيهِ
…
ولا سرور من الدنيا أُقضِّيه (3)
ومما يناسب المقام منها تلك الأبيات التي اخترتها وهي:
يا حافظًا ضاع (4) نشر العلم منه إلى
…
أن كاد يعرفه من لا يُسمِّيه
صان الرواية بالإسناد فامتنعت
…
ثغورها حين حاطتها عواليه
ويقول:
حفظتَ سنة خير المرسلين فما
…
أراك تُمسي مُضاعًا عند باريه
لله سعيك من حبر تبحر في
…
علم الحديث فما خابت مساعيه
وهل يخيب معاذ الله سعيُ فتَى
…
في سنة المصطفى أَفنى لياليه
(1) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 392 وشذرات الذهب 6/ 109 والقَرافة بفتح القاف وراء مخففة، مقبرة مصر، مشهورة، وهي منسوبة إلى قبيلة من المغافر يقال لهم:(بنو قَرافة) وفوقها من شرقيها جبل المقطم، وتنقسم قسمين: القرافة الكبرى، والصغرى وهي التي بها قبر الإمام الشافعي رحمه الله / خطط المقريزي 2/ 443 - 445 بتصرف.
(2)
يعني عند قبر ابن أبي جمرة، وهو أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة الاندلسي المتوفى سنة 699 هـ.
(3)
انظر الوافي 1/ 300 - 302.
(4)
أي فَاحَ؛ والمراد: انتشر.
ويقول:
عَزِّ البخاري فيما قد أصيب به
…
مات الذي كان بين الناس يَدريه
كأنه ما تحلى سمعُ حاضره
…
بلفظِه عند ما يُروى لآليه
رواية زانها منه بمعرفة
…
ما كل من قام بين الناس يرويه
يا رحمتاه لشرح الترمذي فمن
…
يضم غربته فينا ويؤيه
لو كان أمهله داعي المنون إلى
…
أن تنتهي في أماليه أمانيه
لكان أهداه روضًا كله زهر
…
أنامل الفكر في معناه تجنيه
ثم انتقل إلى بيان مكانته في علم الأدب فقال:
من للقريض فلم أعرف له أحدا
…
سواه رقت به فينا حواشيه
ثم قال:
ومن يمر على القرطاس راحته
…
فينبت الزهر غضًا في نواحيه
ما كل من خط في طرس وسوده
…
بالحبر تغدو به بيضًا لياليه
ولا تَخَل كل من في كفه قلم
…
إذا دعاه إلى معنى يُلَبيه (1)
ثم انتقل إلى ذكر أخلاقه الحسنة، فقال:
هيهات ما كان فتح الدين حين مضى
…
والله إلا فريدًا في معاليه
كم حاز فضلًا يقول القائلون له
…
لو حازك الليلُ لابيضت دياجيه
لا تسأل الناس، سلني عن خلائقه
…
لتأخذ الماء عني من مجاريه
ماذا أقول وما للناس من صفة
…
محمودة إلا رُكِّبت فيه
كالشمس كل الورى يَدِري محاسنَها
…
والكاف زائدة، لا كاف تشبيه
سقى الغمام ضريحًا قد تضمنه
…
صوبًا إذا انهلَّ لا ترقى غواديه
وباكرته تحيات نوافحها
…
من الجنان تحييه فتحييه (2)
ولعلّي بذلك قد استوفيت مقاصد التعريف بالمؤلف رحمه الله، لأنتقل إلى الغرض الثاني من تلك الدراسة، وهو دراسة عن الكتاب.
…
(1) انظر الوافي 1/ 301.
(2)
انظر الوافي 1/ 302.