الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - بابُ ما يقولُ إذا خَرَجَ من الخَلاء
حدثنا محمدُ بن إسماعيل (1)، ثنا مالك بن إسماعيل عن إسرائيل [بن يونس](2). عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بُردة، وأبو بردة بن أبي موسى، اسمه: عامر بن عبد الله بن قيس. ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة.
(1) وقع في النسخ المطبوعة بالهند ومع معارف السنن: محمد بن إسماعيل بن حميد، وفي طبعة بولاق سنة 1291 هـ، ومع العارضة: محمد بن إسماعيل نا حميد، والصواب ما بالأصل/ انظر ط. شاكر 1/ 12 أصل وهامش، ومعارف السنن 1/ 82، 83.
(2)
من ط شاكر 1/ 12.
[الكلام عليه]
[التخريج والصناعة الحديثية]:
الحديث أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2) وابن ماجه (3) من حديث يحيى [بن أبي بكير عن](4) اسرائيل.
كما أخرجه أبو داود، عن عمرو الناقد عن هاشم بن القاسم (5)، والنسائي، عن أحمد بن نصر النيسابوري (6)، وابن ماجه، عن أبي بكر (بن أبي شيبة)(7)
(1) بلفظ (الغائط) بدل "الخلاء" كتاب الطهارة - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء/ أبو داود مع عون المعبود 1/ 152.
(2)
بلفظ: "ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط إلا قال غفرانك/ عمل اليوم والليلة - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء/ ص 172 ح 79.
(3)
بلفظ "الغائط" بدل "الخلاء"، وأخرجه أبو الحسن بن سلمة من زوائده على سنن ابن ماجه، فساق سنده به إلى أبي غسان النهدي عن إسرائيل، وأحال بالمتن على رواية ابن ماجه، فقال: نحوه، أي نحو المتن الأول - كتاب الطهارة - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء/ سنن ابن ماجه 1/ 110 ح 300.
أقول: وقد ذكر صاحب المهذب حديث عائشة بلفظ "الخلاء" فتعقبه النووي بأن لفظ من أخرجوه كلهم "الغائط" بدل "الخلاء" وقال: إن بين اللفظين تفاوت لا يخفى، لكن المقصود يحصل (يعني بأحد اللفظين) / المجموع للنووي 2/ 76 وتلاحظ أن رواية الترمذي بلفظ "الخلاء" وعليه يكون تعقب النووي لصاحب المهذب غير وارد، أو لعله اطلع على نسخة من الترمذي فيها لفظ "الغائط" كبقية من أخرجه من الأئمة السابق ذكرهم.
(4)
ليست بالأصل وأثبتها من سياق أسانيد الحديث في مصادره السابقة.
(5)
انظر مواضع تخريج الحديث من تلك المصادر في التعليقات المتقدمة على هذا التعليق.
(6)
انظر مواضع تخريج الحديث من تلك المصادر في التعليقات المتقدمة على هذا التعليق.
(7)
انظر مواضع تخريج الحديث من تلك المصادر في التعليقات المتقدمة على هذا التعليق.
كلاهما (1) عن يحيى بن أبي بكير (2) كلاهما (3) عن إسرائيل، به.
وقوله: "حسن غريب"(4) لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل
…
إلى آخره. ثم قال: ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة
…
أَثبتَ له غرابة السند، بِتَفرد إسرائيل فَمن فَوقه به (5)، لكونه لا يعرف في الباب إلا حديث عائشة (6) ثم وصفه بعد ذلك، بأنه
(1) أي أحمد بن نصر، وأبو بكر بن أبي شيبة/ انظر سند الحديث في مصادره السابقة.
(2)
بالأصل "بكر" مكبر وما أثبته من مصادر تخريج الحديث السابقة، والخلاصة/ 421 والتقريب 2/ 344 ترجمة 28.
(3)
أي يحيى بن أبي بكير وهاشم بن القاسم/ انظر مصادر تخريج الحديث السابقة.
(4)
جاء في بعض النسخ "غريب حسن" انظر ط شاكر 1/ 12 هامش 6 وهكذا يقع في مواضع أخرى تقديم الغرابة على الحسن، وقد نقل صاحب معارف السنن عن ابن سيد الناس تعليلًا لهذا بأن الترمذي يقدم في كل موضع ما هو الأعنى/ المعارف 1/ 86، لكني لم أجد ذلك في شرح المؤلف لهذا الحديث مع أنه أول موضع يرد فيه ذلك فلعل صاحب المعارف نقله من موضع آخر أو من مصدر آخر.
(5)
قال الدارقطني: تفرد به إسرائيل عن يوسف، ويوسف عن أبيه، وأبوه عن عائشة/ الفتوحات الربانية على الأذكار النووية لمحمد بن عِلان 1/ 403.
(6)
سيأتي للحديث من المتابعات والشواهد ما يقتضي أن تكون الغرابة في كلام الترمذي راجعة الى الإِسناد فقط، ومقيدة بالطريق التي أخرجه هو منها، وهي طريق إسماعيل عن يوسف عن عائشة، كما تقدم تقرير الدارقطني ذلك، وقد صرح المؤلف نفسه كما سيأتي/ ص 433، 434 بأن للحديث شواهد: وكان مقتضى ذلك أن لا يفسر عبارة الترمذي هنا بأنها تثبت غرابة المتن، ولذا قال الحافظ =
حسن، ولو لم يكن إلا الغرابة الراجعة إلى الإسناد، لما عارضتُ في ذلك.
وأما أنه لا يعرف في الباب إلا حديث عائشة، مع قوله في "الحسن": إنه يروي مثل ذلك الحديث، أو نحوه، من وجه آخر، فهذا قد يوهم منافاة الحُسن الذي وصفه به، على شرطه، فيحتاج إلى الجواب عن ذلك، فنقول:-
لا يشترط في كل حسن أن يكون كذلك، بل الذي يحتاج فيه
= ابن حجر تعليقًا على قول الترمذي هذا: "إن أراد هذا اللفظ بخصوصه ورد عليه حديث علي و (عبد الله بن) بُريدة (يعني ما أخرجه ابن عدي في ترجمة حفص بن عمر العدني عنهما معًا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس (الحديث) وفيه: وإذا خرج قال: غفرانك ربنا وإليك المصير" وضعفه ابن عدي بحفص الذكور/ الكامل ل 102 نسخة الظاهرية) - قال ابن حجر: كان أراد (أي الترمذي) أعم من ذلك وردت عليه أحاديث أبي ذر وأنس (كما ستأتي ص 433، 435، 438) وشواهدها، فلعله أراد: مما يَثْبُت/ الفتوحات الربانية 1/ 3، 4، وعليه يكون تقدير عبارة الترمذي: ولا نعرف في هذا الباب مما يثبت إلا حديث عائشة. وسيأتي نحو ذلك عن النووي ص 433 هامش رقم 4، إلا أنه سيأتي عن ابن حجر نفسه تحسين حديث أبي ذر من طريق النسائي، ص 437 ت ومقتضى ذلك أن يكون تقدير عبارة الترمذي: لا نعرف في هذا الباب أقوى من حديث عاثشة، ويؤيد ذلك ما ذكره المؤلف عن أبي حاتم الرازي أنه قال: أصح حديث في هذا الباب حديث عائشة، قال ابن علان: فيه إشارة إلى أنه ورد فيه غيره، وحديث أبي ذر حسن/ الفتوحات الربانية 1/ 402، أقول: وسيأتي بيان أن بقية الأحاديث غير حديث أبي ذر فيها مقال، وبذلك يصدق أنه ليس في الباب أقوى من حديث عائشة. فقد حسنه الترمذي وقرر المؤلف أنه يرتقى بالشواهد -كما ستأتي- لدرجة الصحيح لغيره.
إلى أن يروي نحوه من وجه آخر، هو: ما كان راويه في درجة المستور، ومن لم تثبت عدالته، ولا ارتقى إلى أن تدخل في "الصحيح" مع المتابعة، روايته. فهناك يحتاج إلى تقويته بالمتابعات والشواهد؛ ليصل بمجموع ذلك إلى تلك الدرجة.
وأما هذا، فقد كان من شأنه أن يكون من الصحيح؛ فإن إسرائيل المنفرد به، متفق على إخراج حديثه عند الشيخين (1) وقد تقدم في الكلام على الشذوذ، والمنفردات، ما يوضح أن ما انفرد به الثقة، ولم يتابَع عليه، لا يرتقي إلى درجة الصحيح، حتى يكون -مع الثقة- في المرتبة العليا من الحفظ والإتقان، وإن لم يتجاوز الثقة، فحديثه هناك حسن (2) كما أن المستور، مع التفرد، لا يرتقي إلى درجة الحسن، بل تفرده مردود (3) فكذلك هذا الحديث، لو وَجَد شاهدًا له، لما وقف [به](4) عند مرتبة الحسن، وربما لم يقف عندها (5) فقد أخرجه أبو حاتم بن حبان، في صحيحه، كما يأتي بيانه (6).
(1) لكن من الأئمة السابقين عليهم واللاحقين لهم من ضعفه، وتخريجهما لحديثه لا يرفع هذا الخلاف، وإنما يفيد رجحان توثيقه عندهما، أو انتقاءهما من حديثه ما يريانه صحيحًا أوله عاضد/ انظر قواعد في علوم الحديث للتهانوي/ 467.
(2)
ص 249، 252 وقد عارضت هناك المؤلف في هذا بما استقر عليه رأي الجمهور من تصحيح حديث الثقة المنفرد لما لم يعارضه من هو أوثق منه أو أكثر عددًا.
(3)
تقدم أيضًا ص 228، 229 أن هذا ليس على إطلاقه وانظر شرح ابن حجر لنخبته ص 278 ضمن المجموعة الكمالية.
(4)
زيادة منى لتوضيح المعنى.
(5)
أي عند درجة الحسن.
(6)
ص 432.
وأكثر ما في الباب، أن الترمذي، في الموضع الذي شرط فيه، في الحسن، تقويته بالمتابعات، عرف بنوع منه، وهو أكثره وقوعًا عنده، لا بكل أنواعه. وهذا نوع آخر منه، مستفاد من كلامه (1) وكلام الحاكم والخليلي وغيرهم، من أئمة هذا الشأن، في الغرائب، والشذوذ، والانفرادات، كما قلنا (2).
وقد بقي علينا أن نعرف محل رواته من الثقة، ليتبين ما قررناه، فنقول:-
1 -
محمد بن إسماعيل الذي، رواه عنه، هو: ابن يوسف السُّلَمي، أبو إسماعيل، الترمذي (3) سكن بغداد، سمع محمد بن عبد الله الأنصاري، وأبا نعيم، الفضل بن دكين، والحسن بن سوار [البغوي](4) وعبد الله بن الزبير الحميدي، وإسحق الفَروي (5)
(1) أي من وصفه لعدد من الأحاديث في جامعه بالحسن مع الغرابة وقد تقدم أن هذا الكلام من المؤلف يعتبر مكملًا لكلامه السابق في الرد على ابن المواق في اعتراضه على تعريف الترمذي للحديث الحسن ص 292 - 294 ت وانظر التقييد والإيضاح 61.
(2)
ص 243، 246 - 249، 252.
(3)
وهذا خلف ما قرره الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: أن هذا محمد بن اسماعيل البخاري صاحب الصحيح/ انظر سنن الترمذي بتحقيق الشيخ شاكر 1/ 12 هامش 4، وكذا صاحب معارف السنن 1/ 82، 83 وصاحب تحفة الأحوذي، وأيد ذلك بما جاء في كتاب الدُّر الغالي أن البخاري قد روى الحديث المذكور في كتابه الأدب المفرد وأن الترمذي رواه عنه، وذكر صاحب الدُّر رواية الترمذي هذه بسندها ومتنها/ تحفة الأحوذي 1/ 48.
(4)
بالأصل "العنبري" وما أثبته من تاريخ بغداد 2/ 42 وتهذيب التهذيب 2/ 281.
(5)
بالأصل "القروي" بالقاف وما أثبته من المصدرين السابقين.
وقَبِيصةُ بن عقبة، في خَلْقٍ يطول ذكرهم (1).
روى عنه أبو داود، والترمذي، والنسائي وأبو بكر بن أبي الدنيا، وموسى بن هارون الحمال، وجعفر الفِرْيَابِي، وأبو علي الصواف، ويحيى بن صاعد، والمحاملي، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل ألصفار، ومحمد بن عمرو بن البَختري (2) وأبو عمرو بن السماك، وأحمد بن سليمان (3) النَّجاد، وأبو سهل بن زياد القطان، وأبو علي بن خُزيمة، وأبو بكر الشافعي، وآخرون (4).
قال النسائي: ثقة، وقال الخلال: رجل معروف، ثقة، كثير العلم، متفقه (5) وأثنى عليه الخطيب (6) وأبو العباس بن عقدة (7) وغيرهم (8) قال ابن
(1) وذكر الخطيب عددًا منهم/ تاريخ بغداد 2/ 42 وكذا ابن حجر/ تهذيب التهذيب 9/ 62.
(2)
في تاريخ بغداد "محمد بن عمرو الرزاز" 2/ 41 وفي تهذيب التهذيب "أبو جعفر بن البختري" 9/ 62.
(3)
في تاريخ بغداد "سَلْمان".
(4)
ذكر بعضهم في تاريخ بغداد وتهذيب التهذيب/ الموضعين السابقين.
(5)
تاريخ بغداد 2/ 44 وتهذيب التهذيب 9/ 62.
(6)
فقال: كان فَهِمًا متقنًا مشهورًا بمذاهب السنة 2/ 42.
(7)
فقال: سمعت عمر بن إبراهيم يقول: أبو إسماعيل الترمذي صدوق مشهور بالطلب/ تاريخ بغداد 2/ 44 وتهذيب التهذيب 9/ 62.
(8)
كالدارقطني، والحاكم، ومسلمة، وتكلم فيه أبو حاتم وغيره/ تهذيب التهذيب 9/ 62، 63.
شجرة (1): مات في رمضان سنة ثمانين ومائتين، ودفن عند قبر أحمد ابن حنبل (2).
ومالك أبو غَسَّان، هو: مالك بن إسماعيل بن دِرْهَم، ويقال: ابن زياد بن دِرْهَم، النَّهْدِي (3) الكوفي، سمع من حماد بن زيد، واسرائيل، وغيرهما (4). أخرج له الجماعة كلهم.
وأثنى عليه الأئمة ثناء حسنًا: قال أبو حاتم: متقن ثقة، له فضل، وصلاح وعبادة، وصحة حديث، واستقامة، في ثناء أكثر من هذا (5) وقال ابن نمير: محدث من أئمة المحدثين (6).
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صحيح الكتاب، وكان من
(1) هو أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة بن منصور، الشجري، القاضي البغدادي.
قال ابن حجر مشهور وقال الخطيب: كان من العلماء بالأحكام وعلوم القرآن والنحو والشعر وأيام الناس، وتواريخ أصحاب الحديث، وله مصنفات في أكثر ذلك، وقال الدارقطني: أملى كتابًا في السير، وتكلم على الأخبار، وتوفي في يوم الأربعاء 8 محرم سنة 350 هـ/ انظر تبصير المنتبه لابن حجر 2/ 728 وتاريخ بغداد 2/ 44 و 4/ 357 - 359.
(2)
تاريخ بغداد 2/ 44 وذكر رواية أخرى عن ابن المنادي بتحديد اليوم من الشهر بقوله: لأيام بقين من رمضان/ تاريخ بغداد، الموضع السابق.
(3)
بفتح النون وسكون الهاء، وبعدها دال مهملة/ اللباب 3/ 336.
(4)
بالأصل "غيرهم" وما أثبته هو الصواب، لأنه لم يذكر من شيوخه غير اثنتين فقط، وذكر الحافظ بن حجر عددًا آخر منهم/ تهذيب التهذيب 3/ 10.
(5)
انظر الجرح والتعديل جـ 4 قسم 1/ 206.
(6)
تهذيب التهذيب 10/ 4.
العابدين (1) وقال ابن معين: ليس بالكوفة أتقن من أبي غسان (2) وهو أجود كتابًا من أبي نعيم (3) وقال مرة أخرى لأحمد بن حنبل: إن سَرَّك أن تكتب عن رجل ليس في [قلبي](4) منه شيء فاكتب عن أبي غسان (5) قال البخاري: مات سنة تسع عشرة ومائتين (6).
وأما إسرائيل -وهو المنفرد بالحديث- فهو: ابن يونس بن أبي إسحق السَّبِيعي، سمع جده، وعبد الملك بن عمير، والمِقْدام بن شريح، وغيرهم. روى عنه وكيع، وابن مهدي، وابن أبي زائدة، وغيرهم (7).
وثقه أحمد، ويحيى (8) وأبو حاتم (9) ولد سنة مائة، ومات سنة
(1) المصدر السابق وزاد: وقال مرة: كان ثقة متقنًا.
(2)
بالأصل "عَتَّاب" وما أثبته من الجرح والتعديل جـ 4 قسم 1/ 206 ويحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 543.
(3)
المصدر السابق.
(4)
بالأصل "قليل" وما أثبته هو الصواب كما في تهذيب التهذيب 10/ 3.
(5)
تهذيب التهذيب 10/ 3، وذكر أقوالًا أخرى في توثيقه، وقولين بنسبته الى التشيع.
(6)
وحدد ابن سعد يوم الوفاة وشهره فقال: في غرة ربيع الأول/ تهذيب التهذيب 10/ 4 وطبقات ابن سعد 6/ 405.
(7)
انظر عددًا من شيوخه وتلاميذه، آخرين في تهذيب التهذيب 1/ 261.
(8)
يعني ابن معين؛ لأن يحيى القطان كان يحمل عليه في حال أبي يحيى القَتَّات/ تهذيب التهذيب 1/ 262 والكامل لابن عدي ل/ 31 نسخة الظاهرية.
(9)
انظر تهذيب التهذيب 1/ 262 والكاشف 1/ 116 وقال: وضعفه ابن المديني =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وكذا في تهذيب التهذيب 1/ 263 وقد اقتصر المؤلف -كما ترى- على ذكر من وثق إسرائيل مطلقًا، والإطلاق ينصرف إلى الكمال فيفيد ذلك كمال توثيق إسرائيل؛ لكن المؤلف ترك عددًا غير قليل من أقوال الأئمة فيه: فمنهم من حكى الخلاف في توثيقه وتضعيفه كما ذكرته عن الذهبي في الكاشف، ومن قبل الذهبي قال ابن سعد: كان ثقة، وحدث عنه الناس حديثًا كثيرًا، ومنهم من يستضعفه/ طبقات ابن سعد 6/ 374 وتهذيب التهذيب 1/ 263.
ومنهم من ضعفه مطلقًا كقول ابن المديني: إنه ضعيف، وقول ابن مهدي: يسرق الحديث، وضعفه أيضًا ابن حزم/ تهذيب التهذيب 1/ 263.
وتعدد قول يعقوب ابن شيبة فيه، فمرة قال: صالح الحديث، وفي حديثه لِين، وقال في موضع آخر: ثقة صدوق، وليس في الحديث بالقوى ولا بالساقط/ تهذيب التهذيب 1/ 262، وعن يحيى بن سعيد القطان أنه كان لا يعبأ به، وعنه أيضًا أنه ثقة/ الكامل لابن عدي ل/ 31 نسخة الظاهرية.
ومن العلماء من توسط في توثيقه: فقال النسائي: ليس به بأس/ تهذيب التهذيب 1/ 263.
وقال ابن عدي هو: مستقيم الحديث في حديث أبي إسحق -أي السبيعي- وغيره، وما تفرد به فكله محتمل وعامته مستقيم، وحديثه الغالب عليه الاستقامة وهو ممن يكتب حديثه ويحتج به/ الكامل ل 32 ملخصًا.
وقال العجلي: ثقة صدوق متوسط/ هدى الساري 2/ 150 وقال أيضًا: كوفي ثقة ومرة أخرى قال: جائز الحديث/ تهذيب التهذيب 1/ 262، وهدى الساري 2/ 150 وترتيب الثقات للهيثمي ل/ 24.
فمن مجموع الأقوال في إسرائيل يتضح أنه إما مختلَف في توثيقه وتجريحه بدون ترجيح، واما ثقة متوسط، فيقل عن مرتبة التوثيق الكامل قليلًا، وبهذا يتجه اقتصار الترمذي على تحسين حديثه هنا لذاته، لأن هاتين هما مرتبتا الحسن لذاته كما تقدم ص 252 ت - 255 ت، وقد سبق للمؤلف الإشارة إلى تحسين حديث =
ستين ومائة (1) روى له الجماعة.
ويوسف بن أبي بردة، يروى عن أبيه، يُعَدُّ في أهل الكوفة، روى عنه إسرائيل بن يونس، وسعيد بن مسروق ذكره أبو حاتم بن حبان في الثقات (2).
وأبو بردة: اسمه عامر (3) وقيل غير ذلك (4)، ولي قضاء الكوفة (5) فعزله الحجاج وجعل أخاه أبا بكر مكانه.
روى عن (6) الزُّبير بن العوام، وعوف بن مالك، وسمع أباه،
= المختلف فيه بدون ترجيح ص 388، فلو مشى على ذلك هنا كان أولى من اقتصاره على التوثيق ثم تعليل تحسين الترمذي للحديث بتفرد الثقة كما سيأتي قريبًا مع أن الجمهور على خلافه كما قدمت بيانه من قبل ص 249 ت - 253 ت.
(1)
وقيل سنة 161 هـ وقال خليفة وابن سعد سنة 167 هـ، وعليه مشى الذهبي/ تهذيب التهذيب 1/ 263 والكاشف 1/ 116.
(2)
7/ 638 وقال العجلي أيضًا: كوفي ثقة/ ترتيب الثقات للهيثمي/ ل 59، وتبعهما الذهبي/ الكاشف 2/ 297 لكن قال ابن حجر في التقريب، مقبول 2/ 379.
(3)
وعليه مشى ابن أبي حاتم/ الجرح والتعديل 3/ 325 وابن سعد في الطبقات 6/ 268 وقال ابن حبان أنه صحيح/ الثقات 5/ 187، 188.
(4)
قال الذهبي وابن حجر: اسمه الحارث وقيل عامر؛ زاد ابن حجر: وقيل اسمه كنيته/ الكاشف 3/ 312 وتهذيب التهذيب 12/ 18.
(5)
الكاشف 3/ 312.
(6)
بالأصل "عنه" وما أثبته هو الصواب الموافق لمصادر الترجمة/ الكاشف 3/ 312 وتهذيب التهذيب 12/ 18.
وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، والأغر المزني، وعبد الله بن سَلام (1) وعائشة، روى عنه الشعبي، وأبو اسحق السَّبِيعي، وعبد الملك بن عُمير (2) وعمر بن عبد العزيز، وثابت البناني، ومحمد بن المنكدر وقتادة، والقاسم بن مُخَيْمَرة، وأبو حَصِين (3) عثمان بن عاصم، وسالم أبو النصر، وعَدِي بن ثابت، وبُكَيْر بن عبد الله بن الأشَج، وحُمَيد بن هلال، وعاصم بن بَهدَلة/، وأبو إسحق الشيباني، وأبو جَنَاب (4) يحيى بن [أبي](5) حَيَّة، وجابر بن يزيد الجُعْفي، ومحمد بن واصل، وعمرو بن مُرَّة، وموسى الجُهني، وأبو حَرِيز (6) قاضي سِجْسِتان، وطلحة بن مُصرِّف، وسيار أبو الحكم، وإبراهيم السَّكْسِكِي، وأبو مِجْلَز (7). وجماعة يطول ذكرهم.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: أبو بردة، وأبو بكر،
(1) بفتح السين المهملة وتخفيف اللام/ تبصير المنتبه 2/ 702 وقد أرسله أبوه إلى ابن سلام ليتعلم منه/ طبقات ابن سعد 6/ 268.
(2)
في تهذيب التهذيب "نُمير" وما في الأصل هو الصواب المطابق للمصادر/ الكاشف 2/ 212 وتهذيب التهذيب 6/ 411.
(3)
بفتح المهلمة (في أوله) / التقريب 2/ 412.
(4)
بتخفيف النون/ التقريب 2/ 407.
(5)
من التهذيب 11/ 201 والتقريب 2/ 417.
(6)
بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وآخره زاي/ التقريب 2/ 411 وانظر تهذيب التهذيب 5/ 187.
(7)
بكسر الميم، وسكون الجيم، وفتح اللام، بعدها زاي/ التقريب 2/ 340.
ابنا أبي موسى، تابعيان ثقتان، كوفيان (1)، وقال ابن سعد: توفي بالكوفة، سنة ثلاث [ومائة](2) وكان ثقة، كثير الحديث (3) ويقال: سنة أربع (4).
رَوى له الجماعة. وذكره ابن حبان أيضًا في "الثقات"(5).
فرواته إذن كلهم موثوقون، فلم يقصر به عن درجة التصحيح إلا التفرد الذي أشار إليه بالغرابة، فثبت بذلك كونه حسنًا غريبًا (6).
وقد أخرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه، من هذا الوجه، قال: ثنا عمران بن موسى [بن مُجَاشِع](7). ثنا عثمان بن أبي شيبة،
(1) ترتيب الثقات/ ل 61 ب، 62 أ.
(2)
بالأصل "وأربعين" وما أثبته من طبقات ابن سعد 6/ 269 وهو الموافق لبعض المصادر/ انظر المعارف لابن قتيبة/ 266 وتهذيب التهذيب 12/ 18.
(3)
لم أجد هذا التوثيق في الطبقات لابن سعد 6/ 268، 269.
(4)
يعني: "ومائة" كما في الطبقات لابن سعد 6/ 269 وتهذيب التهذيب 12/ 18، وزاد ابن حبان قولا ثالثًا وهو أنه مات سنة 107 هـ. وقد نيف على الثمانين/ الثقات 5/ 187، 188، واعتمد ابن حجر سنة 104 هـ/ التقريب 2/ 394.
(5)
5/ 187، 188.
(6)
تقدمت الاشارة إلى أن هذه النتيجة غير مسلمة للمؤلف؛ فإسرائيل النفرد بالحديث ليس متفقًا على كمال توثيقه، كما أن تفرد كامل التوثيق بالحديث لا ينزل عن درجة الصحة إلى درجة الحسن لذاته كما قدمت بيانه ص 249 ت وما بعدها و 252 أصل، والإشارة إليه قريبًا ص 429.
(7)
ليست بالأصل وأثبتها من الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان لعلي بن بَلبَان الفارسي كتاب الطهارة - باب الاستطابة - ذكر ما يستحب للمرء أن يسأل الله جل وعلا المغفرة عند خروجه من الخلاء 2/ 307.
ثنا يحيى بن زياد (1) ثنا إسرائيل (2).
فثبت بذلك ثقة رواته لما ذكرناه.
ولا يُعتَرضُ على الترمذي بتصحيح ابن حبان، فقد يكون ابن حبان عشر من متابعته على مالو [عَثُر] عليه (3) الترمذي، لصححه به (4). وقد ذكرنا في الباب أحاديث تأتي بعد هذا، وهي
(1) كذا الأصل، والذي في سند ابن حبان، كما في الإحسان "يحيى بن أبي كثير" الإحسان/ الموضع السابق، وهكذا جاء في نسختين من عمل اليوم والليلة للنسائي، إحداهما نسخة الخزانة الملكية بالرباط ذات الرقم (1067)، والثانية جزء من إحدى نسخ السنن الكبرى للنسائي، وكلا النسختين ترجعان لأصل واحد، وهما متأخرتان، والأولى منهما ليس عليها علامة توثيق، والثانية أصوب وأدق منها؛ ولكن ناسخهما واحد/ انظر مقدمة تحقيق عمل اليوم والليلة للنسائي بقلم د. فاروق حمادة 123 - 126 وعمل اليوم والليلة/ 172 هامش 79.
غير أن النسخة الأوثق من هاتين النسختين جاء فيها "يحيى بن أبي بكير"/ انظر عمل اليوم والليلة/ 172 ح 79، وهكذا جاء في سنن ابن ماجه 1/ 110 / ح 300 وجاء أيضًا في ترجمة ابن بكير هذا أن من شيوخه: إسرائيل بن يونس، وهو شيخه في هذا الحديث كما ترى/ انظر تهذيب التهذيب 11/ 190، وتاريخ بغداد 1/ 155، 156 فلعل ما في الإحسان "يحيى بن بكير" وتحرف من الناسخ "بكير" إلى "كثير".
(2)
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان -لابن بلبان- كتاب الطهارة - باب الاستطابة - ذكر ما يُستحب للمرء أن يسأل الله جل وعلا المغفرة عند خروجه من الخلاء 2/ 307 ب.
(3)
بالأصل "عدّ" وما أثبته هو المستقيم عليه المعنى.
(4)
لعل الأولى في الجواب أن يقال: لا يعترض على الترمذي بتصحيح ابن حبان؛ لأن ابن حبان يُسَمِي الحسن صحيحًا أيضًا فلا يرى التفرقة بين الصحيح =
شواهد له، ولو كانت ضعيفة، والأولى أن يكون الحديث صحيحًا لذلك، والله أعلم.
= والحسن/ الإفصاح 12 أوالتدريب/ 53 وبذلك أجاب ابن حجر عما حسنه الترمذي وصححه ابن حبان/ انظر الإِفصاح 52 أ، ولعل المؤلف أجاب بما ذكر أخذًا من ظاهر قول الترمذي: ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة، لكن من العلماء من قيد قول الترمذي هذا، كما قدمته عن ابن حجر، وقال النووي: وجاء في الذي يقال عقب الخروج (أي من الخلاء)، أحاديث كثيرة ليس فيها شيء ثابت إلا حديث عائشة المذكور، وهذا مراد الترمذي بقوله: لا نعرف في الباب إلا حديث عائشة/ المجموع 2/ 76، وقد قدمت أن الأولى أن يقال عما عدا حديث عائشة: ليس منها شيء أقوى منه، لأن من تلك الأحاديث كما سيأتي ما يرقى لدرجة الحسن لذاته، ثم يرقى ببقية المتابعات والشواهد لدرجة الصحيح لغيره، وهكذا شأن حديث عائشة، كما ذكر المؤلف. لكن صاحب معارف السنن يرى أن تُحمَل عبارة الترمذي "لا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة" على ظاهرها وهو النفي المطلق، وأيد ذلك بقوله: إذ دَأْبُ الترمذي عندما يقول: وفي الباب عن فلان" الخ "يشير إلى جميع ما يكون في الباب من ضعيف وقوي، فإذن يعم قوله عند النفي أيضًا/ معارف السنن 1/ 89. فهذا يؤيد ما ذهب إليه المؤلف من أن عبارة الترمذي تفيد أنه لم يَعثر لهذا الحديث على متابعة؛ غير أن ذلك لا يمنع في نظري وجاهة جواب ابن حجر السابق عن تصحيح ابن حبان لمثل هذا الحديث مما يحسنه الترمذي؛ لأن هذا الجواب يجعل تحسين الترمذي للحديث موافقًا لتصحيح ابن حبان له، وإن اختلفت التسمية عند ابن حبان، فيرتفع بذلك الاعتراض على الترمذي بتصحيح ابن حبان، وأما جواب المؤلف فيفيد أن تصحيح ابن حبان للحديث أرفع من تحسين الترمذي له، ولذلك احتاج إلى الاعتذار عن الترمذي بأنه لم يعثر على متابعة للحديث ترفعه إلى الصحة، وأما ابن حبان فعثر له على متابعة فرفعه بها إلى الصحة، ومما يعكر على ذلك أنه ليس من شروط الصحة عند ابن حبان تعدد طرق الحديث/ انظر التدريب 53.
قال الترمذي: وأبو بُردة: اسمه عامر بن عبد الله بن قيس، وكذا قال الإمام أحمد (1)، وقال يحيى بن معين: اسمه الحارث (2)، حكاه عنهما أبو أحمد الحاكم.
قال [الترمذي]: "ولا نعرف في الباب إلا حديث عائشة"، قال الحافظ المنذري (3): وفي الباب حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أَذهَب عني الأذى، وعافاني (4). وحديث أنس بن
(1) الأسامي والكنى لأحمد/ 79 ترجمة 214 وكذا قال مسلم/ الكنى له 1/ 149 نرجمة 431.
(2)
يحيى بن معين وتاريخه 2/ 694، 3/ 426.
(3)
في مختصر سنن أبي داود له، مع معالم السنن 1/ 32، 33.
(4)
عزاه النووي إلى النسائي في عمل اليوم والليلة - وذكر أنه أخرجه من طرق بعضها مرفوع وبعضها موقوف على أبي ذر، كما قال إنه حديث ضعيف، إسناده مضطرب غير قوي/ المجموع 2/ 75 ولكني لم أجده في عمل اليوم والليلة المطبوع محققًا، وإثباته هو الصواب، فقد أخرجه ابن السني من طريق النسائي عن شعبة مرفوعًا/ عمل اليوم والليلة لابن السني باب ما يقول إذا خرج من الخلاء/ 19 وفي تحفة الأشراف عزاه المزي إلى النسائي في عمل اليوم والليلة، بطرقه التي أشار إليها النووي.
فأولى هذه الطرق عن شيخ النسائي: حسين بن منصور عن يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن منصور عن أبي الفيضن عن أبي ذر مرفوعًا. وهذه هي الطريق التي أخرجه ابن السني منها كما قدمت.
وثانيهما عن بُندار عن غُندر عن شعبة عن منصور قال: سمعت رجلًا يرفع الحديث إلى أبي ذر قوله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وثالثهما ورابعهما: عن بُندار عن ابن مهدي، وعن أحمد بن سليمان عن محمد بن بشر كلاهما - (أي ابن مهدي وابن بشر) عن سفيان عن منصور عن أبي علي الأزدي عن أبي ذر قوله.
فنلاحظ أن الطريقين الأولى والثانية تلتقيان في شعبة، وأولاهما مرفوعة وثانيتهما موقوفة على أبي ذر.
أما الطريقين الثالثة والرابعة فتلتقيان في سفيان، وهما موقوفتان على أبي ذر.
ثم نلاحظ أن شيخ منصور قد اختلفت الروايات فيه، ففي الطريق الأولى عن شعبة ذكر مكنى بأبي الفيض، وفي الثانية ذكر مبهمًا بعبارة "رجُل" وفي الطريقين الثالث والرابع عن سفيان، ذكر فكْنى "بأبي علي".
ولعل هذا ما جعل النووي يحكم باضطراب سند الحديث، كما تقدم.
ولكن الدارقطني قد سئل عن هذا الحديث من طريق سهل بن أبي حَثْمة عن أبي ذر مرفوعًا فقال: يرويه شعبة، واختُلِفَ عنه:
يرويه عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن شعبة عن منصور عن أبي الفيض عن سهل بن أبي حَثمة وأبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هذا القول بمحفوظ.
أقول: وعبد الله بن أبي جعفر المذكور قال عنه الذهبي: وثق، وفيه شيء/ الكاشف 2/ 78.
قال الدارقطني: وغيره (أي غير عبد الله بن أبي جعفر) يرويه عن شعبة عن منصور عن رجل يقال له "الفيض" عن ابن أبي حثمة عن أبي ذر، موقوفًا، وهو أصح/ العلل للدارقطني 2 / ل 73.
وبهذا رجح الدارقطني الرواية الموقوفة عن شعبة بالسند المذكور.
ويلاحظ أن طريقي شعبة المرفوع والموقوف المذكورين عند النسائي يختلفان عن طريق رواية شعبة هذه التي رجحها الدارقطني، حيث يوجد بها زيادة "سهل بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبي حثمة" بين شيخ منصور وبين أبي ذر.
وسيأتي في كلام المؤلف في الأصل: ص 442، 443، أن أبا زرعة الرازي سئل عن رواية شعبة هذه بالسند الذي رجحه الدارقطني فقال: وَهِم شعبة في هذا الحديث، ورواه الثوري فقال: عن منصور عن أبي علي عبيد بن علي عن أبى ذر، وهذا الصحيح، العلل لابن أبي حاتم 1/ 27.
وبهذا رجح أبو زرعة رواية سفيان الموقوفة بإسناد النسائي السابق ذكره، وأقره الحافظ ابن حجر/ النكت الظراف مع تحفة الأشراف 9/ 194، 195، وسيأتي تأييد ذلك أيضًا ص 443 ت.
وقد أخرجها أيضًا ابن أبي شيبة من طريق عبدة بن سليمان ووكيع -كلاهما- عن سفيان؛ بسند النسائي/ مصنف ابن أبي شيبة 1/ 2، وقال أبو حاتم الرازي: الثوري أحفظ/ العلل لابن أبي حاتم 1/ 27.
فبهذا الترجيح لرواية سفيان الموقوفة يرتفع الاضطراب الظاهري للحديث الذي ذكره النووي، ثم إن مدار طرق الحديث مرفوعًا وموقوفًا على أبي علي الأزدي، وقد قال عنه: الحافظ في التقريب: مقبول من الثالثة 2/ 453، غير أنه فيما نقل ابن علان عنه قال: أبو علي الأزدي ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، فَقَوِي، ويزداد قوة بشاهده، وبناء على ذلك حكم على الحديث بأنه حسن من طريق سفيان موقوفًا/ الفتوحات الربانية 1/ 403، 404، وبهذا يرتفع إطلاق الحكم بضعفه كما عبر النووي.
ومن شواهده التي أشار إليها ابن حجر ما أخرجه ابن أبي شيبة عن حذيفة موقوفًا بلفظه، ومن حديث أبي الدرداء أيضًا موقوفًا بلفظ "أماط" بدل "أذهب"، وأخرج ابن أبي شيبة أيضًا عن ابراهيم التيمي أن نوحا النبي عليه السلام كان إذا خرج من الغائط قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني/ المصنف - كتاب الطهارة - باب ما يقول إذا خرج من المخرج 1/ 2 ومن شواهده أيضًا ما سيأتي في الأصل من أحاديث أنس وابن عمر وطاوس.
مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (1).
وفي لفظ: الحمد لله الذي أحسن إليَّ في أوله وآخره (2). وحديث عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم يعني، كان إذا خرج- قال: الحمد لله الذي أذاقني لذَّتَه، وأبْقى فيّ قُوَّتَه، وأذهب عني أَذاه (3).
(1) أخرجه ابن ماجه - كتاب الطهارة - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء 1/ 110 ح 301، وفي سنده إسماعيل بن مسلم، قال الذهبي: ضعفوه وتركه النسائي/ الكاشف 1/ 129.
وقال أبو زرعة: ضعيف/ العلل للرازي 1/ 17، وقال البوصيري بها زوائد ابن ماجه: متفق على ضعفه، والحديث بهذا اللفظ غير ثابت/ هامش سنن ابن ماجه 1/ 110.
(2)
أخرجه ابن السني بها عمل اليوم والليلة - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء/ ص 19، وفي سنده الوليد بن بكير، أبو جناب -بفتح الجيم ثم نون- الكوفي، قال ابن حجر: لَيِّن الحديث من الثامنة/ التقريب 2/ 332 وفيه أيضًا عبد الله بن محمد العدوي ضعيف رمى بالكذب/ تهذيب التهذيب 6/ 20، 21.
(3)
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة، بها آخر حديث/ عمل اليوم والليلة الوضع السابق، وفي سنده إسماعيل بن رافع، أبو رافع المدني القاص، وقال الذهبي: ضعيف واه/ الكاشف 1/ 122 وما في تهذيب التهذيب من أقوال الأئمة فيه يؤيد هذا/ تهذيب التهذيب 1/ 294 - 296.
وقال الحافظ بن حجر: الحديث غريب، وأخرجه المُعمَّري بها اليوم والليلة وابن السني وبها سنده ضعيفان، وانقطاع؛ لكن للحديث شواهد، منها: عن عائشة مرفوعًا: أن نوحًا عليه السلام لم يَقُم عن خلاء قط إلا قال: الحمد لله الذي أذاقني لذته، -وأبقى منفعته في جسدي، وأخرج عني أذاه، قال الحافظ: =
غير أن هذه الأحاديث، أسانيدها ضعيفة (1).
ولهذا قال أبو حاتم [الرازي](2): أصح ما فيه حديث عائشة (3).
= حديث غريب، أخرجه المُعَمَّري والخرائطي في فضيلة الشكر، وفي سنده الحارث بن شِبْل، وهو ضعيف، وأخرجه العقيلي (الضعفاء 1/ 214 ترجمة 260) وابن عدي (ولم أجد الحديث في ترجمته/ الكامل 2/ 612، ونسخة الظاهرية / ل 65) فيما استُنكِر من حديثه.
وأخرج عبد الرازق عن ابن جريج عن بعض أهل المدينة قال: حُدِّثت أن نوحًا كان يقول: -فذكر نحوه، وأخرجه ابن أبي شيبة عن هشيم عن العوام بن حوشب قال: حُدِّثت أن نوحًا
…
فذكره/ المصنف - كتاب الطهارة - باب ما يقول إذا خرج من المخرج 1/ 2، ومنها حديث أنس المتقدم، وحديث طاوس الآتي في الأصل/ انظر الفتوحات الربانية 1/ 405، ونتائج الأفكار للحافظ ابن حجر، بتحقيق الشيخ حمدي السلفي 1/ 221.
(1)
تقدم ص 437 ت تحسين ابن حجر لحديث أبي ذر موقوفًا، بإسناد النسائي في عمل اليوم والليلة، من طريق سفيان فيكون خارجًا عن هذا التعميم، كما أن ضعف أسانيد الباقي باعتبار كل إسناد على حدة كما قدمت توضيحه عقب تخريج الأحاديث المتقدمة؛ ولكن مجموع هذه الأسانيد -غير طريق عبد الله بن محمد العدوي- يرقى الحديث إلى الحسن لغيره، وبضم إسنادي حديث عائشة عند الترمذي وحديث أبي ذر عند النسائي يرتقي الحديث إلى درجة الصحيح لغيره، لكون الإسنادين المذكورين حسنين كما تقدم/ وانظر الفتوحات الربانية 1/ 400.
(2)
ليست بالأصل وأثبتها من مختصر السنن للمنذري - كتاب الطهارة - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء 1/ 33 واعتمادًا على ما في العلل لابن أبي حاتم 1/ 43.
(3)
نسب الشيخ أحمد شاكر رحمه الله وغيره الى أبي حاتم تصحيح حديث عائشة هذا/ انظر جامع الترمذي بتحقيق الشيخ شاكر 1/ 12 هامش 5، وتخريج سنن =
قلت: وفي الباب أيضًا مما لم يذكره الترمذي، ولا المنذري:
حديث طاوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتى أحدكم البُرَاز فليكرم قبلة الله -الحديث- وسيأتي في "باب الاستنجاء بالحجارة" وفيه: ثم ليقل الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني، وأمسك على ما ينفعني. رواه الدارقطني مرسلًا، وبعضه مرفوعًا (1)
= الدارمي للسيد عبد الله اليماني، بهامش سنن الدارمي 1/ 139 حديث 686، مع أن عبارة أبي حاتم هذه لا يلزم منها صحة الحديث الموصوف بها وقد تقدم ذكر المؤلف نفسه لذلك ص 319 وقال الإمام النووي: لا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث؛ فإنهم يقولون: هذا أصح ما جاء في الباب، وإن كان ضعيفًا، ومرادهم أرجحه، أو أقله ضعفًا/ التدريب ص 39، ومنهج ذوي النظر شرح منظومة علم الأثر للسيوطي - تأليف الشيخ محمد محفوظ الترمسي 17 والأذكار للنووي - باب أذكار صلاة التسبيح ص 168، وانظر الجوهر النقي بهامش سنن البيهقي 3/ 286 وقد قيد ابن أبي حاتم حكم أبيه هذا بسند واحد للحديث لا بمجموع طرق شواهده التي تقدمت، فقد قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أصح حديث في هذا الباب -يعني في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء- حديث عائشة -يعني حديث اسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة/ علل الحديث لابن أبي حاتم- أحاديث الطهارة - 1/ 43. وقد تقدم 429 ت أن إسرائيل الذي عليه مدار الحديث مختلف في توثيقه وتجريحه وأن أوسطَ أحواله أن يكون حسن الحديث، كما حكم الترمذي على حديث عائشة هذا من طريقه، فيكون الأولى حمل عبارة "أصح حديث" في كلام أبي حاتم على "أقوى حديث"، حيث لم يُعْرَف من طرق متابعاته وشواهده ما يزيد على درجة الحَسَنَ هذه التي بلغها سند حديث عائشة المذكور، والله أعلم.
(1)
أي وبعض طرقه مرفوعًا/ انظر سنن الدارقطني - كتاب الطهارة - باب الاستنجاء 1/ 57، 58.
عن ابن عباس، وضَعّفَ من [رفعه](1).
(1) بالأصل "من وثقة" وما أثبته هو الذي يستقيم المعنى عليه ويفيده كلام الدارقطني عن الحديث حيث قال بعد سياق الرواية المرفوعة من طريق أحمد بن الحسن المضري: لم يسنده غير المضري، وهو كذاب متروك، وغيره يرويه عن أبي عاصم عن زمعة عن سلمة بن وهرام عن طاوس مرسلًا، ليس فيه:"عن ابن عباس"، ثم ذكر تلك الروايات المرسلة، وذكر رواية عن سفيان موقوفة، وفي سند الروايات المرفوعة والمرسلة "زَمْعة بن صالح" ضعيف "تهذيب التهذيب" 3/ 338، 339.
وقد ذكر الدارقطني عقب رواية سفيان الموقوفة أن علي (بن المديني) قال: قلت لسفيان أكان زمعة يرفعه؟ قال نعم، فسألت سلمة عنه فلم يعرفه، يعني لم يرفعه/ سنن الدارقطني، الموضع السابق.
ومن طريق الدارقطني أخرج البيهقي الروايات السابقة، ثم روى بسنده عن الشافعي قال: حديث طاوس هذا مرسل
…
الخ/ معرفة السنن والآثار للبيهقي- كتاب الطهارة - باب الاستطابة 1/ 267، 268، وانظر اختلاف الحديث للشافعي بهامش كتاب الأم 7/ 271.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا من طريق زَمعة، عن طاوس مرسلًا - المصنف - كتاب الطهارة - باب ما يقول إذا خرج من المخرج 1/ 2.
وأخرجه الطبراني أيضًا، وقال: لم نجد من وصل هذا الحديث/ الفتوحات الربانية 1/ 405، يعني غيرَ شيخه أحمد بن الحسن المُضَرى؛ لأنه شيخ للطبراني، وقد تقدم قول الدارقطني: إنه لم يُسند الحديث غير المُضَرى هذا/ وانظر المجروحين لابن حبان 1/ 145، ولسان الميزان 1/ 150 وتبصير المنتبه 4/ 1368.
ومع إرسال رواية طاوس ففيها أيضًا ضعف لوجود "زَمعَة بن صالح" في سندها كما تقدم، وقد قرر ذلك الحافظ ابن حجر أيضًا/ الفتوحات الربانية 1/ 405.
وحديث أبي ذر، ذكر ابن أبي حاتم: أنه سأل أباه وأبا زرعة، عنه، وقال: قد روى شعبة عن منصور عن الفيض (1). [عن](2) ابن أبي حثمة عن أبي ذر (3) -الحديث-.
فقال أبو زرعة: وَهِم شعبة/ في هذا الحديث. ورواه الثوري فقال: عن منصور عن أبي علي، عُبيد بن علي [عن أبي ذر](4)
(1) كذا بالأصل، وبالعلل لابن أبي حاتم الرازي 1/ 27 وفي سند الحديث عند ابن السني/ عمل اليوم والليلة -له- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء/ 19، وكلها من طريق شعبة، والموجود في سند الحديث عند النسائي من طريق يحيى بن أبي بكير عن شعبة "أبو الفيض" / تحفة الأشراف 9/ 195 وهكذا جاء في تهذيب التهذيب 12/ 174، 203 وفي التقريب 2/ 453 لكن قال ابن حجر: إن الأصح في كنيته "أبو علي" وذكر أن اسمه: عُبَيد بن علي.
أقول: وبهذه الكنية والاسم ذكر في إسناد سفيان الذي رجحه أبو زرعة/ العلل لابن المديني 1/ 27، وأما في إسناد سفيان عند النسائي فذكر بالكنية والنسبة وهما "أبو علي الأزدي" تحفة الأشراف 9/ 195.
وقد رجح الدارقطني من روايات الحديث عن شعبة الطريق التي ذكر فيها أبو علي هذا بعبارة "رجل يقال له الفيض" كما تقدم ص 436 ت، فلعل هذا لقب له، وعليه يكون هذا الراوي اسمه: عبيد بن علي وكنيته "أبو علي" على الصحيح، ونسبته "الأزدي" و"الفيض" لقب له.
(2)
ليس بالأصل ولا بالعلل لابن أبي حاتم 1/ 27، وأثبتُه من روايات الحديث في العلل للدارقطني/ الموضع السابق. ويؤيده ما تقدم من أن الفيض اسمه: عبيد بن علي، وكذا ما جاء في علل الدارقطني: أنه سئل عن حديث سهل بن أبي حثمة عن أبي ذر (الحديث) العلل للدارقطني 2 / ل 73.
(3)
موقوفًا، كما يفهم من سياق الحديث في علل ابن أبي حاتم 1/ 27.
(4)
ليس بالأصل وأثبته من العلل لابن أبي حاتم 1/ 27 وتحفة الأشراف 9/ 195، والمراد: عن أبي ذر موقوفًا عليه كما قرره في التحفة/ الموضع السابق.
وهذا الصحيح، وكان أكثر وَهْم شعبة في أسماء الرجال. وقال أبي: كذا قال سفيان، وكذا قال شعبة، والله أعلم أيهما [الصحيح](1)، والثوري أحفظ، وشعبة ربما أخطا في أسماء الرجال، ولا يُدرَى هذا منه أم لا (2)؟.
وفي الباب مما لم يذكراه معًا: حديث سَهْل بن أبي حَثمة، ذكره
(1) بالأصل "الصواب" وما أثبته من العلل لابن أبي حاتم 1/ 27، والمراد بقوله:"أيهما" أي رواية شعبة، ورواية سفيان الموقوفتان على أبي ذر، أما الروايات المرفوعة من طريق شعبة فقد تقدم ترجيح الدارقطني للموقوف من طريق شعبة أيضًا عليها ص 436 ت.
(2)
قوله: "ولا يُدرَى هذا" يعني الاختلاف فيما ذكر به شيخ منصور في إسناد شعبة، حيث ذكر مرة "الفيض" ومرة "أبو علي" عبيد بن علي، ومرة "رجل" على الإبهام، كما تقدم في طرق الحديث عند النسائي، والضمير في قوله "منه" يعود إلى الخطا في أسماء الرجال المفهوم من قوله:"كان شعبة ربما أخطأ في أسماء الرجال".
فتقدير العبارة: ولا يُدرى هل الاختلاف فيما ذُكِر به شيخ منصور يُعد من أخطاء شعبة في أسماء الرجال أم لا؟ وقد ذكر أبو داود أن خطا شعبة في أسماء الرجال لا يضره، ولا يُعاب عليه/ تهذيب التهذيب 4/ 345.
ومع أن أبا حاتم لم يقطع بترجيح أي من الروايتين على الأخرى، إلا أن قوله:"سفيان أحفظ" يشير إلى ترجيح روايته على رواية شعبة، ويؤيد هذا ما جاء عنه أنه قال عن سفيان: هو أحفظ من شعبة، وإذا اختلف شعبة والثوري، فالثوري/ الجرح والتعديل 2 قسم 1/ 225.
وأيضًا هذا الحديث عن منصور، وقد قال ابن معين: لم يكن أحد أعلم بحديث منصور من سفيان الثوري/ المصدر السابق. وقد تقدم أيضًا اعتماد أبي زرعة وابن حجر لرواية سفيان/ ص 437 ت.
ابن الجوزي، في كتاب العلل المتناهية (1).
وهذه الأحاديث كلها، تضمنت حمد الله تعالى على خروج الأذى.
وحديث الباب عند الترمذي، تضمن الدعاء بالمغفرة، وهو غير الأول؛ غير أن التبويب تضمن ما يقول إذا خرج من الخلاء، فهي داخلة تحت التبويب، وإن لم تَكن في معنى حديث الباب.
[المعاني والأحكام]:
"والغُفْران" مصدر، كالمغَفرة، وإنما نصبه بإضمار "الطلب" و"المسألة" كأنه يقول: اللهم إني أسألك غفرانك (2) وقد قيل في تأويل
(1) لابن الجوزي كتاب الطهارة -حديث فيما يقال عند الخروج (من الخلاء) 1/ 329، 330، وقد وقع فيه بدل "حثمة""خيثمة" فلعله خطأ نسخ أو طباعة، وظاهر عبارة المؤلف أن ابن الجوزي أخرج الحديث عن سهل وحده، والواقع أنه أخرجه من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن شعبة عن منصور عن أبي الفيض عن سهل بن أبي حئمة وأبي ذر -معًا- عن النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث) وهذه هي رواية الدارقطني في العلل كما تقدم ذكره ص 436 ت، وقد نقل ابن الجوزي ترجيح الدارقطني السابق ذكره لرواية شعبة عن الفيض عن سهل بن أبي حثمة عن أبي ذر موقوفًا، على هذه الرواية المرفوعة، وأقر ذلك/ العلل المتناهية 1/ 330.
(2)
فيكون "غفرانك" مفعولًا به، وقيل: يجوز أن يكون منصوبًا على المفعولية المطلقة، والتقدير:"اغفر غفرانك". وقيل غير ذلك/ انظر الفتوحات الربانية 1/ 401، 402.
والوجه الأول الذي اقتصر عليه الخطابي، قال النووي: هو الأجود، واختاره الخطابي وغيره/ المجموع 2/ 76 واقتصر عليه الحافظ في هدى الساري =
ذلك، وفي تعقيبه الخروج من الخلاء بهذا الدعاء قولان:
أحدهما: أنه قد استغفر مِن تَرك ذكر الله سبحانه وتعالى مُدة لُبثه على الخلاء، كان صلى الله عليه وسلم لا يهجر ذكر الله سبحانه وتعالى إلا عند الحاجة، فكأنه رأى هجران الذكر في تلك الحال، تقصيرًا، وعدّة على نَفسه دَيْنًا، فتداركه بالاستغفار (1).
[ثانيهما](2): وقيل معناه: التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه: فأطعمه، ثم هضمه، ثم سهَّل خروج الأذى
= / 182؛ لكن نقل البَنُورِي عن شيخه الكشميري: أن المتعين الثاني، وهو كونه مفعولًا مطلقًا/ معارف السنن 1/ 83.
والغفران مأخوذ من الغَفْر وهو الستر، فكان العبد يسأل الله تمام المِنَّة بتسهيل الأذى، وعدم حَبسه لئلا يفضي إلى شهرته وانكشافه/ الفتوحات الربانية 1/ 401.
وقيل في توجيه الاستغفار في هذه الحالة غير ذلك، كمأ سيأتي.
(1)
انتقد هذا الوجه بأن ترك الذكر حينئذ هو المشروع: فكيف يكون تركه تقصيرًا؟ وأجيب عن ذلك بأن فيه تقصيرًا من حيث إن القائل تعاطى لأجل شهوته ما اقتضى ترك الذكر، فكان شهود التقصير حينئذ من إجلال الله تعالى، والاعتراف بعدم الوفاء بشكر نعمته، مما لا يخفى عِظَم وَقْعِه/ الفتوحات الربانية 1/ 401.
أقول: ولعل هذا ما جعل الإمام العيني يعتبر هذا الوجه هو أحسن وجوه حكمة الاستغفار في هذه الحالة/ عمدة القاري في شرح صحيح البخاري - كتاب الوضوء - باب ما يقول عند الخلاء 2/ 255، وقال الشيخ البنوري: إنه المشهور/ معارف السنن 1/ 85، مع أنه رجح غيره كما سيأتي.
(2)
زيادة منى للتوضيح وكذا عبارة "وجه ثالث" الآتية بعد.
منه، فرأى شكره قاصرًا عن بلوغ حق هذه النعم، ففزع إلى الاستغفار منه. والله أعلم. قاله الخطابي (1).
[وجه ثالث] ويَحتَمِلُ وجهًا ثالثًا: أن يكون هذا خرج منه عليه السلام مَخرِج التشريع والتعليم، في حالتي الدخول، والخروج، فَحق مَن خرج سالمًا، مُعاذًا مما استعاذ منه، من الخُبثُ، والخبائث، أن يؤدي شكر نعمة الله عليه، في إعاذته، وإجابة سؤاله، وأن يستغفر الله تعالى، خوفًا أن لا يؤدي شكر تلك النعم حقها (2).
وهو قريب من تحميد العاطِس على سلامه، مما قد كان يَخْشى
(1) معالم السنن 1/ 32 مع مختصر سنن أبي داود، ونقله عنه النووي/ المجموع 2/ 76.
ونقل ابن عِلّان عن شرح العباب أن بعضهم قال: إن أصح الوجوه هو هذا الوجه الثاني/ الفتوحات الربانية 1/ 401، مع أنه تقدم عن العيني استحسان الأول، وسيأتي عن البنوري ذكر وجه آخر وترجيحه له، وعمومًا فإن المسألة اجتهادية.
(2)
ذكر الشيخ البنوري نحوًا من هذا الوجه، واعتبره المآل النهائي لتشريع الاستغفار في هذه الحالة، أما غيره من الأوجه فاعتبرها لأصل المشروعية، وهو فعل الرسول نفسه لهذا الاستغفار، وقد عَزى لغيره ذكر ثلاثة أوجه في حكمة فعل الرسول لهذا الاستغفار، ومنها الوجه الأول المذكور في الأصل، وقد وصفه البنوري بأنه هو المشهور كما قدمت، لكنه ذكر وجهًا رابعًا من عنده وخلاصته أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان لا يخلو عن مراقبة الله جل جلاله، وهي في مثل هذا الوقت، وهو وقت الخروج من الخلاء، مما ينافي جلال الله تعالى ويوجب الخجل طبعًا، فاستغفر الرسول صلى الله عليه وسلم ربه، لأجل وقوع مراقبته صلى الله عليه وسلم لمولاه في وقت لا يليق بجلاله، ثم قال: وهذا ألطف عندي - والله أعلم، فكأنه لعدم انقطاع الذكر القلبي -والحالة هذه- استغفر الله تعالى/ معارف السنن 1/ 85.
منه، حالة العُطاس، ولما كانت حالة التخلي لقضاء الحاجة، محظورًا فيها الذكر، والتوجه إلى الله تعالى، حَسُن أن يكون الذكر والاستغفار، أول ما يصدر منه عند الخروج، كما كان ذلك آخر ما خَتَم به عند الدخول.
ونحوٌ من هذا ما مرَّ بي عند بعض أهل العلم (1) في الأدعية المأثورة عند النوم إلى جنبه، والبداءة عند اليقظة يقول المستيقظ: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النُّشُور (2).
(1) لعله يقصد الإمام النووي حيث ذكر نحو ما ذكر المؤلف عازيًا إياه للعلماء دون تحديد لكن لم يذكر بيت الشعر التالي.
/ انظر شرح النووي على مسلم 35/ 17.
(2)
هذا حديث لم يتعرض المؤلف لتخريجه حتى من الترمذي الذي هو بصدد شرحه، وقد أخرجه البخاري عن حذيفة في الدعوات - باب ما يقول إذا نام - بلفظه مع زيادة في أوله/ البخاري 7/ 147، وباب وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمن/ بلفظه مع زيادة في أوله 7/ 147، وباب ما يقول إذا أصبح - بلفظه أيضًا مع زيادة 7/ 150.
وأخرجه في التوحيد من حديث حذيفة ومن حديث أبي ذر -باب السؤال
بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها- بلفظه مع زيادة في أوله/ البخاري 8/ 169.
وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث البراء بلفظه مع زيادة في أوله- كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار- باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 4/ 2083 ح 59.
وأخرجه الترمذي - أبواب الدعوات - باب منه رقم 28 من حديث حذيفة بلفظ "الحمد لله الذي أحيا نفسي بعدما أماتها، وإليه النشور" وفي أوله زيادة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح/ الترمذي مع التحفة 9/ 362، 363 ح 3477. أقول: وفي سند الترمذي عمر بن إسماعيل بن مُجالد، قال في =
وقال: فيه استحباب ختم الأعمال بالدعاء والتوجه، وافتتاحها بمثله.
وأنشد هذا القائل متمثلًا:
وآخر شيء أنت آخر (1) هجعه
…
وأول شيء أنت، عند هبوبِ
…
= التقريب: متروك 2/ 52 فتصحيح الترمذي له باعتبار مجيئه من طرق أخرى صحيحة كما تقدم في تخريجه/ وانظر تحفة الأحوذي 9/ 363.
وأخرجه أبو داود في سننه - كتاب الأدب - أبواب النوم/ باب ما يقول عند النوم - وذلك من حديث حذيفة بلفظه مع زيادة في أوله - السنن مع عون المعبود 13/ 391 ح 5028.
وأخرجه النسائي في اليوم والليلة بنحوه، ولم أجده في النسخة المطبوعة ولكن المزي عزاه إليه من حديث أبي ذر/ تحفة الأشراف 9/ 160 ح 11910، وكذا عزاه الحافظ ابن حجر إلى النسائي في الكبرى من حديث أبي ذر ومن حديث حذيفة/ الفتوحات الربانية 1/ 284.
وأخرجه ابن ماجه من حديث حذيفة بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتبه من الليل قال الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور/ سنن ابن ماجه - كتاب الدعاء - باب ما يدعو إذا انتبه من الليل 2/ 277 ح 3880.
(1)
في الفتوحات "أول" / الفتوحات الربانية 1/ 287.