المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ح) بيان المباحث الأصولية المتعلقة بالحديث: - النفح الشذي في شرح جامع الترمذي - جـ ١

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌ تقديم

- ‌ خطة الدراسة والتحقيق والتعليق

- ‌القسم الأول

- ‌أولًا: التعريف بالمؤلف

- ‌1 - اسمه ونسبه:

- ‌2 - نسبته:

- ‌3 - لقبه، وكنيته:

- ‌4 - تمييزه عمن يشاركه في كنيته:

- ‌5 - تحقيق تاريخ مولده:

- ‌6 - بيئته ونشأته العلمية بعناية والده:

- ‌7 - طلبه للحديث ورحلته فيه:

- ‌8 - ملازمته وتَخَرُّجه:

- ‌9 - دراساته الأخرى:

- ‌10 - شيوخ المؤلف وشَيخَتُه

- ‌(أ) تعريف عام:

- ‌(ب) تعريف بنماذج متميزة من شيوخه

- ‌11 - توثيق المؤلف، والجواب عما انتُقِد به:

- ‌(أ) عقيدته:

- ‌(ب) أخلاقه ومواهبه:

- ‌(ج) الانتقادات الموجهة إليه، والجواب عنها:

- ‌12 - نشاطه العلمي، وألقابه، ومكانته الحديثية:

- ‌13 - وظائفه العلمية، وآثارها في خدمة السنة:

- ‌(أ) وظيفة الإِعادة:

- ‌(ب) مشيخة الحديث بالمدرسة الظاهرية بالقاهرة

- ‌(ج) تدريس الحديث بمدرسة أى حُلَيقة أو المهذَّبِية:

- ‌(د) تدريس الحديث بجامع الصالح:

- ‌(هـ) تدريس الحديث بمسجد الرَّصْد:

- ‌(و) الخطابة بجامع الخندق:

- ‌(ز) التوقيع بديوان الإِنشاء:

- ‌(ح) جهات أخرى:

- ‌14 - من تلاميذ المؤلف وتلميذاته وتأثيره فيهم:

- ‌(أ) تعريف عام:

- ‌(ب) نموذجان من تلاميذه:

- ‌15 - مؤلفات ابن سيد الناس، وما نُسب إليه خطأ:

- ‌أولًا - مؤلفاته:

- ‌ثانيًا - ما نُسِب خطأ إليه:

- ‌تعقيب:

- ‌16 - وفاة المؤلف، وتشييع جنازته، ومدفنه:

- ‌17 - رثاؤه:

- ‌ثانيًا: دراسة عن الكتاب

- ‌1 - تسميته:

- ‌2 - تحقيق نسبة الكتاب إلى المؤلف وإسناده إليه:

- ‌3 - زمن تأليف هذا الشرح، وتحقيق القول فيما أنجزه المؤلف منه، وما وُجِد منه حاليًا:

- ‌4 - مكانة الكتاب بين أهم شروح الترمذي:

- ‌5 - منهج المؤلف في الشرح، وموازنته إجمالًا بمناهج أهم الشروح لجامع الترمذي:

- ‌(أ) أهم مناهج الشروح عمومًا:

- ‌(ب) تفصيل منهج المؤلف مع موازنته بغيره من أهم شروح الترمذي:

- ‌أولًا - مصادر الشرح:

- ‌1 - فمن كتب متون السنة

- ‌2 - ومن المختصرات:

- ‌3 - ومن كتب مصطلح الحديث:

- ‌4 - ومن كتب غريب الحديث:

- ‌5 - ومن كتب اللغة:

- ‌6 - ومن كتب الرجال:

- ‌7 - ومن كتب شروح الحديث:

- ‌8 - من كتب العلل:

- ‌9 - ومن كتب الأطراف:

- ‌10 - ومن كتب الفقه:

- ‌11 - وأما المصادر الشفاهية:

- ‌ثانيًا - تقديمه للشرح ببيان أهمية الاشتغال بخدمة السنة

- ‌ثالثًا - عناصر شرحه للأحاديث:

- ‌(أ) ذكر نص الباب المراد شرح أحاديثه:

- ‌(ب) عنونة شرح الباب، ومباحثه التفصيلية:

- ‌(ج) تخريج الأحاديث:

- ‌(د) بيان درجة الحديث وغيره من الصناعة الحديثية:

- ‌(هـ) دراسة الأسانيد:

- ‌(و) معاني الألفاظ وضبطها وإعرابها:

- ‌(ز) بيان الأحكام المستفادة من الحديث وحكمة تشريعها:

- ‌(ح) بيان المباحث الأصولية المتعلقة بالحديث:

- ‌(ط) آراء المؤلف، وإضافاته العلمية:

- ‌أهم مميزات هذا الشرح:

- ‌بعض الملحوظات على الشرح:

- ‌أثر الكتاب فيما بعده:

- ‌القسم الثاني

- ‌أولًا: عملى في التحقيق والتعليق

- ‌1 - التعريف بما اعتمدت عليه من نسخ الكتاب:

- ‌(أ) نسخة تركيا:

- ‌(ب) نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة:

- ‌(أ) كتبت النص من نسخة الأصل:

- ‌(ب) قابلت نسخة الأصل بنسخة (م):

- ‌(ج) ما وجدته في الأصل من سقط أو تحريف أو خطأ مؤكد:

- ‌(د) وضع عناوين توضيحية للشرح، ولمباحثه التفصيلية:

- ‌(هـ) توثيق النص:

- ‌(و) التعليق على النص:

- ‌(ز) دراسة الأسانيد:

- ‌(ح) عرفت بالأعلام والأماكن الواردة في النص

- ‌(ط) أما الفهارس فقد عملت منها ما هو ضروري

- ‌3 - بعض صعوبات تحقيق هذا القسم من الشرح:

- ‌ تعقيب:

- ‌ثانيًا: النص محققًا معلقًا عليه

- ‌1 - باب ما جاء: لا تُقْبلُ صلاةٌ بغير طَهور

- ‌2 - باب ما جاء في فضل الطهور

- ‌4 - باب ما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌5 - بابُ ما يقولُ إذا خَرَجَ من الخَلاء

- ‌6 - بابٌ في النَّهْي عن استقبالِ القِبْلَةِ، بِغائِطٍ، أو بَوْل

الفصل: ‌(ح) بيان المباحث الأصولية المتعلقة بالحديث:

أقول: وابن المنير الذي بيّن استنباط البخاري لهذا الحكم من حديث ابن عمر وغيره، قد يكون هو ناصر الدين المتوفى سنة 683 هـ، وقد يكون الأخ الأصغر للأول، ويلقب بزين الدين وتوفي سنة 695 هـ، لأن لكل منهما تأليفًا في مناسبات تراجم البخاري، وكلاهما معاصر لابن سيد الناس، وتُوفِّيا في حياته، فكان يمكنه استفادة هذا الحكم من تأليفيهما المشار إليهما، ولكن يبدو عدم تمكنه من ذلك، حيث لم يتعرض لذكره، في حين تعرض له غيره كالحافظ ابن حجر كما أشرت.

ومن الجدير بالذكر هنا أن الإِمام الشوكاني قد نقل عن شرح المؤلف هذا، بيان معنى كلمة "رَقِيتُ" وقال في آخره:"قاله ابن سيد الناس في شرح الترمذي" ثم نقل عقبه مباشرة جواب الحافظ ابن حجر في الفتح عن إضافة البيت لحفصة رضي الله عنها ولكنه لم ينسب ذلك إلى ابن حجر (1) فجاء المباركفوري فحذف الهاء من قول الشوكاني: "قاله ابن سيد الناس" فصارت: "قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي

" وبذلك صار جواب ابن حجر المذكور بعدها، منسوبًا إلى ابن سيد الناس في شرح الترمذي (2) وهو خطأ حيث لم يتعرض ابن سيد الناس لذلك في شرحه للحديث كما أوضحته، فليتنبه لذلك من يقف على كلام المباركفوري في شرح هذا الحديث.

(ح) بيان المباحث الأصولية المتعلقة بالحديث:

تقدم أن ابن العربي جعل من منهجه في الشرح تخصيص مبحث لما يتعلق بالحديث الذي يشرحه من علمي أصول الفقه، وأصول الدين، وهي المسائل الاعتقادية، وأنه يعنون له بعنوان (الأصول) أو (أصوله) يعني الحديث، أما الحافظ العراقي فإنه في كثير من الأحيان يخصص لذلك وجهًا من الوجوه التي يقسم شرح الحديث إليها، وإن لم يضع لها عنوانًا غير الرقم المسلسل للوجه الذي يوردها فيه كان يقول: الثامن في كذا.

(1) نيل الأوطار 1/ 98.

(2)

تحفة الأحوذي 1/ 65.

ص: 117

وقد وجدت ابن سيد الناس يتناول في شرحه أيضًا ما يتعلق بالحديث من مباحث علم أصول الفقه وأصول الدين، لكن تعرضه لهما أقل بصفة عامة، من تعرض كل من العراقي وابن العربي، كما أني لم أجده خصص لأي منهما مبحثًا مستقلًا معنونًا بعنوان خاص كما فعل في العناصر الأخرى في بعض الأبواب، كما تقدم، ولكنه يذكر ذلك خلال مبحث الأحكام المستفادة من الحديث، ففي باب "ما يقول إذا خرج من الخلاء" أخرج الترمذي فيه حديث عائشة "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء قال: غُفرانك" فعقد ابن العربي في شرحه مبحثًا عنونه بقوله: (الأصول)، وقال فيه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلب المغفرة من ربه قبل أن يُعلِمه أنه قد غَفر له، وكان لايسألها بعد ذلك؛ لأنه قد غفر له، بشرط استغفاره، ورُفع إلى شرف المنزلة بشرط أن يجتهد في الأعمال الصالحة، والكل له حاصل بفضل الله، ثم قال: في طلب المغفرة هنا محملان: الأول: أنه سأل المغفرة من تركه ذكر الله في ذلك الوقت في تلك الحالة

الخ (1) ويلاحظ أن ما ذكره ابن العربي هنا تحت عنوان (الأصول) متعلق بأصول الدين الاعتقادية لا بأصول الفقه، أما ابن سيد الناس فإنه في شرح هذا الحديث، ذكر معنى الغفران وإعرابه بنحو ما ذكره ابن العربي، بحيث يفهم من ذلك اطلاعه على شرح ابن العربي للحديث، ومع ذلك لم يتعرض لمسألة استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم ربَّه قبل أن يُعلمه أنه قد غفر له، ثم كان لا يسألها بعد إعلامه بذلك، بل تجاوز المؤلف ذلك إلى ما بعده من وجه سؤاله صلى الله عليه وسلم المغفرة في تلك الحالة، وذكر نحو ما ذكره في هذا ابن العربي، مع زيادة وتفصيل استفاد فيه من شرح النووي لهذا الحديث من صحيح مسلم، كما أثبَتُّ ذلك في توثيق النص (2).

وفي باب (ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور) أخرج الترمذي حديث علي رضي الله عنه (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلُها التسليم)

(1) العارضة 1/ 22، 23.

(2)

انظر الشرح/ ق 26 ب.

ص: 118

وقد ذكر المؤلف ضمن بيانه للأحكام المستفادة من الحديث، أن أبا حنيفة والأوزاعي والثوري وغيرهم يجيزون الانصراف من الصلاة بغير التسليم، ثم ذكر أنه يُستَدل لأبي حنيفة بما روى البيهقي عن علي رضي الله عنه قال:"إذا جلس -يعني المصلى- مقدار التشهد، ثم أحدث فقد تمت صلاته". وعقَّب على ذلك بقوله: وهذا -يعني الاستدلال بقول علي رضي الله عنه جار على أصولهم -يعني الحنفية- وأما عندنا -يعني الشافعية- فالحجة فيما روى، لا فيما رأى (1)، وتوضيح ذلك أن الترمذي أخرج رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ تحليل الصلاة التسليم - والبيهقي روى عن علي أيضًا قوله السابق ذكرُه، وهو مخالف لمارواه بنفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن أصول الفقه عند الحنفية أنه عند اختلاف رأي الصحابي عما يرويه بنفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم يُعمَل بما رآه، لا بما رواه؛ لأنه بمشاهدته للرسول صلى الله عليه وسلم يكون أعرف بمقصوده صلى الله عليه وسلم من الحديث الذي رواه عنه، ولهم في ذلك تفاصيل أخرى، وأما الشافعية ومن يوافقهم فمن أصولهم: أن العبرة بما رواه الصحابي عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا برأيه هو؛ لأن الحديث حجة على راويه وعلى غيره، ولهم في ذلك تفاصيل أيضًا (2).

وهذه المسألة التي تعرض لها المؤلف عندما تُراجع شرح ابن العربي للحديث لا تجده تعرض لها (3) وهي مسألة أصولية مُختَلف فيها كما ترى ومتعلقة بالحديث. ويلاحظ أيضًا أن المؤلف ذكر ذلك خلال بيان الأحكام المتعلقة بالحديث، ولم يخصص لها مبحثًا.

ومن المباحث الأصولية التي اتفق المؤلف مع غيره في تناولها، ما جاء في باب الرخصة في استقبال القبلة بالبول أو الغائط، فقد أخرج الترمذي فيه

(1) انظر الشرح/ ق 23 ب.

(2)

انظر الشرح/ ق 23 مع التعليق والمعتمد 2/ 670، 671 والمنخول للغزالي 175، 176. وفتح الباري 3/ 513، 514 باب الجمع بين الصلاتين بعرفة.

(3)

العارضة 1/ 15 - 19.

ص: 119

حديث ابن عمر أنه (رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة).

وقد ذكر المؤلف في الأحكام المستفادة من الحديث، وخلافَ العلماء فيها، نقلًا عن أبي العباس القرطبي: أن من العلماء من منع استقبال القبلة واستدبارها مطلقًا، لأنه يرى أن حديث ابن عمر المذكور لا يصلح مُخصصًا لحديث أبي أيوب في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الاستقبال والاستدبار؛ لأن حديث ابن عمر فعل له صلى الله عليه وسلم في خلوة فيحتمل أنه مختص به، وحديث أبي أيوب، قول قُعِّدَت به القاعدة، فبقاؤه على عمومه أولى، ثم نقل جواب القرطبي عن ذلك، وأقره، وخلاصته: أن الفعل أقل مَراتبه الدلالة على الجواز، وأن الأصل فيه عدم الخصوصية بالرسول صلى الله عليه وسلم.

وبهذا أقر المؤلف القرطبي على أن الحديث الفعلي يصلح مخصصًا للحديث القولي (1) ومسألة الاستدلال بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم على الأحكام بمفرده، سواء كانت تخصيصًا أو نسخًا أو غيرهما، مسألة أصولية طال فيها كلام الأصوليين وخلافهم، كما أشرت إلى ذلك في التعليق على هذا الموضع من الشرح، وحققت القول فيها بقدر الإمكان فتراجع من هناك (2).

وفي شرح ابن العربي للحديث تعرض أيضًا للمسألة، دون أن يضع لها عنوانًا كعادته في عنونة مبحث الأصول وغيره في شرحه كما قدمت، وإنما تعرض لها ضمن مبحث الأحكام المستفادة من الحديث، حيث ذكر خلاف العلماء في جواز الاستقبال والاستدبار وعدمه، ثم قال: والمختار والله الموفق؛ أنه لا يجوز الاستقبال ولا الاستدبار في الصحراء، ولا في البنيان؛ وذكر في تدليله على ذلك: أن حديث أبي أيوب قول، وحديث ابن عمر وحديث جابر الذي أخرجه الترمذي في الباب أيضًا، كلاهما فعلان، ولا معارضة بين القول والفعل، وأن

(1) الشرح/ ق 35 أ، ب.

(2)

انظر الموضع السابق من الشرح.

ص: 120