الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 - باب: مَنْ أَجَابَ الْفُتْيَا بإِشَارَةِ الْيَدِ وَالرَّأْسِ
84 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ في حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ فَقَالَ: وَلَا حَرَجَ. فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: وَلَا حَرَجَ.
قَوْلُهُ: (باب من أجابَ الفتيا بإشارة اليد والرأس) الإشارة باليد مستفادة من الحديثين المذكورين في الباب أولًا، وهُمَا مرفوعان. وبالرأس مستفادة من حديث أسماء فقط، وهو من فعل عائشة فيكون موقوفًا، لكن له حكم المرفوع؛ لأنها كانت تصلي خلف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ في الصلاة يرى من خلفه، فيدخل في التقرير.
قوْلُهُ: (وهيب) بالتصغير [141 / ب] هو ابن خالد.
و(أيوب) هو السَّخْتياني.
و(عكرمة) هو مولى ابن عباس، والإسناد كله بصريون.
قَوْلُهُ: (سئل) هو بضم أوله.
(فَقَالَ) أي: السائل. (ذبحت قبل أن أرمي)، أي: فهل عليَّ شيء؟
قَوْلُهُ: (فأومأ بيده فَقَالَ: لا حرج) أي: عليك.
وَقَوْلُهُ: (فَقَالَ) يحتمل أن يكون بيانًا لقوله: "أومأ"، ويكون من إطلاق القول عَلى الفعل، كما في الحديث الَّذِي بعده:"فَقَالَ هكذا بيده"، ويحتمل أن يكون حالًا، والتقدير: فأومأ بيده قائلًا: لا حرج، فجمع بين الإشارة والنطق، والأول اللائق بترجمة المصنف.
قوْلُهُ: (وَقَالَ حلقت) يحتمل أن السائل هو الأول، ويحتمل أن يكون غيره ويكون التقدير: فَقَالَ سائل: كذا، وَقَالَ آخر: كذا، وهو الأظهر ليوافق الرواية الَّتِي قبلها حيث
قَالَ: "فجاء آخر".
قَوْلُهُ: (فأومأ بيده ولا حرج) كذا ثبتت الواو في قَوْلِهِ: "ولا حرج"، وليست عند أبي ذر في الجواب الأول.
قَالَ الكرماني: لأن الأول كَانَ في ابتداء الحكم، والثاني عطف عَلى المذكور أولًا، انتهى.
وقد ثبتت الواو في الأول أيضًا في رواية الأَصيلي وغيره.
85 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يُقْبَضُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ". قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَمَا الْهَرْجُ؟ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْقَتْلَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا المكي) هو اسم وليس بنسب، وهو من كبار شيوخ البُخَاريّ كما سنذكره في "باب: إثم من كذب" (1).
قَوْلُهُ: (أنا حنظلة) هو ابن أبي سُفيان بن عبد الرحمن الجُمحي المدني.
قوْلُهُ: (عن سالِم) هو ابن عبد الله بن عُمر بن الخطاب، وفِي رواية الإسماعيلي من طريق إسحاق بن سُليمان الرازي عن حَنْظلة قَالَ:"سمعت سالِمًا"، وزاد فيه:"لا أدري كم رأيت أبا هريرة قائمًا في السوق يقول: يُقبض العلم"(2). فذكره موقوفًا، لكن ظهر في آخره أنه مرفوع (3).
قَوْلُهُ: (يُقبض العلم) يفسر المراد بقوله قبل هذا: "يُرفع العلم"(4)، والقبضُ يفسره حديث عبد الله بن عمرو الآتي بعدُ: أنه يقع بموت العلماء (5).
قَوْلُهُ: (ويظهر الجهل) هو من لازم ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (والفتن) في رواية الأصيلي وغيره: "وتظهر الفتن".
قوْلُهُ: (الْهَرج) هو بفتح الهاء وسكون الراء بعدها جيم.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ هكذا بيده) هو من إطلاق القول عَلى الفعل.
قَوْلُهُ: (فحرفها)[142 / أ](6) الفاء فيه تفسيرية، كأن الراوي بيَّن أن الإيماء كَانَ محرفًا.
(1)(كتاب العلم) الحديث رقم (109).
(2)
أخرجه أحْمَد في "مسنده"(2/ 288).
(3)
وتمام الحديث: "وتظهر الفتن ويكثر الهرج، قَالَ: قيل: يا رسول الله! وما الهرج؟ قَالَ بيده هكذا وحرفها".
(4)
(كتاب العلم، باب: رفع العلم. . . .) برقم (80).
(5)
"صحيح البُخَاريّ"(كتاب العلم، باب: كيف يقبض العلم؟ ) برقم (100).
(6)
وقع سقط في الأصل من هنا قدر ورقة مخطوط، وقد استدركناه من "فتح الباري"، وقد نبهنا =
قَوْلُهُ: (كأنه يريد القتل) كأن ذَلِكَ فُهم من تَحريف اليد وحركتها كالضارب، لكن هذه الزيادة لَم أرها في معظم الروايات، وكأنها من تفسير الراوي عن حنظلة، فإن أبا عوانة رَوَاهُ عن عباس الدُّوري، عن أبي عاصم، عن حنظلة، وَقَالَ في آخره:"وأرانا أبو عاصم كأنه يضرب عُنق الإنسان".
وَقَالَ الكرماني: الهرج هو الفتنة، فإرادة القتل من لفظه عَلى طريق التجوز، إذ هو لازم معنى الهرج، قَالَ: إلا أن يثبت ورود الهرج بمعنى القتل لغة.
قُلْت: وهي غفلة عما في البُخَاريّ في كتاب الفتن (1)، والهرج: القتل بلسان الحبشة، وسيأتي بقية مباحث هذا الحديث هناك إن شاء الله تعالَى.
= في المقدمة إلَى ذَلِكَ السقط. .
(1)
"صحيح البُخَاريّ"(كتاب الفتن، باب: ظهور الفتن) برقم (7061)، وفيه:"قالوا: يا رسول الله، أيُّم هو؟ قَالَ: القتل القتل".
86 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ الله. قُلْتُ: آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا، أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى عَلانِي الْغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي الْمَاءَ، فَحَمِدَ الله عز وجل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ في مَقَامِي حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ، مِثْلَ -أَوْ قَرِيبًا لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ -أَوِ الْمُوْقِنُ لَا أَدْرِي بِأيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ: هو مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هو مُحَمَّدٌ. ثَلَاثًا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا، قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ -أَوِ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ".
قَوْلُهُ: (هشام) هو ابن عروة بن الزبير.
(عن فاطمة) هِيَ بنت المنذر بن الزبير، وهي زوجة هشام وبنت عمه.
قَوْلُهُ: (عن أسماء) هِيَ بنت أبي بكر الصديق زوج الزبير بن العوام، وهي جدة هشام وفاطمة جميعًا.
قَوْلُهُ (فقلت: ما شأن الناس) أي: لما رأيت من اضطرابهم.
قوْلُهُ: (فأشارت) أي: عائشة.
(إلَى السماء) أي: انكسفت الشمس.
قَوْلُهُ: (فإذا الناس قيام) كأنها التفتت من حجرة عائشة إلَى من في المسجد فوجدتهم قيامًا في صلاة الكسوف، ففيه إطلاق الناس عَلى البعض.
قَوْلُهُ: (فقالت: سبحان الله) أي: أشارت قائلة: سبحان الله.
قَوْلُهُ: (قُلْت آية) هو بالرفع خبر مبتدأ مَحذوف، أي: هذه آية، أي: علامة، ويَجوز
حذف هَمزة الاستفهام وإثباتها.
قَوْلُهُ: (فقمت) أي: في الصلاة.
قَوْلُهُ: (حَتَّى علاني) كذا للأكثر بالعين المهملة وتَخفيف اللام، وفِي رواية كَريمة:"تجلاني" بمثناة وجيم ولام مشددة، وجلال الشيء ما غطي به.
و(الغَشْي) بفتح الغين وإسكان الشين المعجمتين وتَخفيف الياء، وبكسر الشين وتشديد الياء أيضًا: هو طرف من الإغماء، والمراد به هنا الحالة القريبة منه، فأطلقته مَجازًا، ولِهذا قالت:"فجعلت أصب عَلى رأسي الماء"، أي: في تلك الحال ليذهب.
ووهم من قَالَ بأن صبها كَانَ بعد الإفاقة، وسيأتي تقرير ذلِكَ في كتاب الطهارة، ويأتي الكلام عَلى هذا الحديث أيضًا في صلاة الكسوف إن شاء الله تعالَى.
قَوْلُهُ: (أُريته) هو بضم الهمزة.
قَوْلُهُ: (حَتَّى الْجَنَّة والنَّار) رويناه بالحركات الثلاث فيهما.
قَوْلُهُ: (مثلَ أو قريبًا) كذا هو بترك التنوين في الأول وإثباته في الثاني، قَالَ ابن مالك: توجيهه أن أصله: مثل فتنة الدجال أو قريبًا من فتنة الدجال، فحذف ما أضيف إلى مثل وترك عَلى هيئته قبل الحذف، وجاز الحذف لدلالة ما بعده عليه، وهذا كقول الشاعر:
* بين ذراعي وجبهة الأسد *
تقديره: بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد.
وقال الآخر:
أمام وخلف المرء من لطف ربه
…
كوالئ تزوي عنه ما هو يحذر
وفِي رواية بترك التنوين في الثاني أيضًا، وتوجيهه أنه مضاف إلى فتنة أيضًا، وإظهار حرف الجر بين المضاف والمضاف إليه جائز عند قوم.
وقَوْلُهُ: (لا أدري أي ذَلِكَ قالت أسماء) جملة معترضة بَيَّن بِها الراوي أن الشك منه هل قالت له أسماء مثل أو قالت قريبًا، وستأتي مباحث هذا المتن في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالَى.
* تنبيه:
وقع في نسخة الصغاني هنا: قَالَ ابن عباس: مرقدنا: مَخرجنا، وفِي ثبوت ذَلِكَ نظر؛ لأنه لَم يقع في الحديث لذلك ذكر وإن كَانَ قد يظهر له مناسبة، وقد ذكر ذَلِكَ في موضعه من سورة يس.